انتخابات تايوان: لماذا يترقب العالم النتائج؟

موظفون  يقومون بفرز الأصوات خلال الانتخابات العامة لعام 2024 في تايوان (إ.ب.أ)
موظفون يقومون بفرز الأصوات خلال الانتخابات العامة لعام 2024 في تايوان (إ.ب.أ)
TT

انتخابات تايوان: لماذا يترقب العالم النتائج؟

موظفون  يقومون بفرز الأصوات خلال الانتخابات العامة لعام 2024 في تايوان (إ.ب.أ)
موظفون يقومون بفرز الأصوات خلال الانتخابات العامة لعام 2024 في تايوان (إ.ب.أ)

تتجه كل الأنظار نحو تايوان مع توافد الناخبين في الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي والتي يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة إلى صناديق الاقتراع اليوم (السبت)، وفقاً لـ«هيئة الإذاعة البريطانية - بي بي سي».

يصوت نحو 19.5 مليون تايواني لانتخاب رئيس ومجلس تشريعي جديدين.

ويتنافس ثلاثة رجال على أن يصبحوا الزعيم القادم للجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي، وهم ويليام لاي تشينغ تي من الحزب التقدمي الديمقراطي الحاكم، وهو يو إيه من حزب الكومينتانغ المعارض الرئيسي، وكو وين جي من حزب الشعب التايواني (TPP).

المرشح الرئاسي لحزب الكومينتانغ هو يو-إيه يلوح لدى وصوله إلى مركز اقتراع في مدينة تايبيه الجديدة (أ.ب)

وأياً كان الرئيس المنتخب، فهو الذي سيشكل العلاقات مع كل من بكين وواشنطن، حيث إن تايوان هي نقطة خلاف رئيسية في صراعهما على السلطة في هذه المنطقة.

كما ستكون للنتائج آثار حاسمة على جيران الجزيرة وكذلك على حلفائها مثل اليابان، الذين يشعرون بالقلق من تحركات بكين العدوانية في بحر الصين الجنوبي.

العامل الصيني

تعد الصين من بين أهم المخاوف في هذه الانتخابات، نظرا لأن جيش التحرير الشعبي الصيني زاد من ضغوطه على الجزيرة خلال العام الماضي بعدد قياسي من التوغلات. وأوضحت بكين المرشح الرئاسي الذي تعارضه، وهو لاي الذي يحاول منح حزبه فترة حكم ثالثة على التوالي غير مسبوقة.

نائب رئيسة تايوان والمرشح الرئاسي للحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم لاي تشينغ تي (أ.ف.ب)

وقال جيش التحرير الشعبي أمس (الجمعة) إنه «سيسحق» أي «مؤامرات» لاستقلال تايوان، وإنه «سيظل في حالة تأهب قصوى في جميع الأوقات». كما حذر مكتب شؤون تايوان الصيني الناخبين بضرورة اتخاذ «الاختيار الصحيح»، زاعماً أن لاي سيعزز الأنشطة الانفصالية إذا تم انتخابه.

وأوضحت الصين في بيان ردد التحذيرات التي صدرت في وقت سابق «سيواصل اتباع الطريق الشرير المتمثل في إثارة الاستقلال و... سيأخذ تايوان بعيدا عن السلام والازدهار ويقترب أكثر من أي وقت مضى من الحرب والانحدار».

وتطالب بكين بالجزيرة منذ فترة طويلة، لكن العلاقات توترت بشكل خاص في السنوات الأخيرة في عهد الرئيسة تساي إنغ وين وحزبها الديمقراطي التقدمي.

أدى دفاعها الحذر والثابت عن الوضع السيادي للجزيرة إلى قيام الصين بتعليق الاتصالات الرسمية مع تايوان - وقالت بكين إن ذلك كان بسبب رفض تايوان قبول مبدأ الصين الواحدة، وهو الاعتقاد بأن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين وسيتم توحيدها معها ذات يوم.

وازدادت الأمور سوءا في عام 2022، عندما زارت رئيسة مجلس النواب الأميركي آنذاك نانسي بيلوسي تايبيه. وأجرت بكين الغاضبة تدريبات عسكرية متقنة في مضيق تايوان أشبه بحصار شبه كامل للجزيرة. وفي وقت لاحق من ذلك العام، قالت الولايات المتحدة إن الرئيس الصيني شي جينبينغ قام بتسريع الجدول الزمني للتوحيد.

خلال هذا الوقت، أصبحت تايوان أقرب إلى الولايات المتحدة، وحصلت على أسلحة جديدة بمليارات الدولارات من واشنطن.

ويمكن لبكين أن تزيد من حجم الضغوط العسكرية في مضيق تايوان. ويمكنها أيضاً قطع كابلات الإنترنت أو طرق الإمداد إلى الجزر التايوانية النائية.

وحذر الرئيس الصيني شي جينبينغ ووزير خارجيته وانغ يي مرارا من أن الجيش الصيني مستعد للسيطرة على تايوان بالقوة إذا لزم الأمر. لكن العديد من الخبراء يعتقدون أن احتمالات نشوب حرب شاملة منخفضة، على الأقل في الوقت الحالي، نظراً للتكلفة التي ستتكبدها الصين.

ما وراء الصين

وأي تصعيد بين الصين وتايوان ينطوي على خطر التحول إلى أزمة أكبر وأكثر خطورة - فالولايات المتحدة لديها وجود بحري كبير في المنطقة، وقواعد تمتد من أستراليا في الجنوب إلى اليابان في الشمال.

ولم توضح واشنطن بعد الشكل الدقيق لدعمها في حالة وقوع هجوم صيني، وليس من الواضح ما إذا كانت اليابان، التي تستضيف أكبر تجمع للقوات الأميركية في المنطقة، ستقاتل بنفسها.

تأمل واشنطن أن يؤدي احتمال مشاركتها إلى ردع العدوان الصيني. ويقول العديد من المحللين إن بكين تريد أيضاً تجنب الصراع.

وإدارة هذه الاحتمالات والتحالفات العديدة ــ وخاصة العلاقة مع الولايات المتحدة، والتي قد تتغير إذا فاز دونالد ترمب بالرئاسة ــ ستقع على عاتق رئيس تايوان المقبل.

مسؤولة في مركز اقتراع تحمل بطاقة مع بدء فرز الأصوات وسط الانتخابات الرئاسية بمدرسة ثانوية في مدينة تايبيه الجديدة (أ.ف.ب)

وقالت الولايات المتحدة إن فوز حزب الكومينتانغ قد يزيد من نفوذ الصين على تايوان. لكن محللين يقولون إن رئاسة لاي تثير قلق واشنطن أيضا.

وإذا حدثت، فإن الحرب في تايوان ستكون مدمرة، سواء من حيث الخسائر البشرية أو باعتبارها ضربة للديمقراطية في الجزيرة. ومن شأن الأزمة أيضا أن تدمر الاقتصاد العالمي. ويمر ما يقرب من نصف سفن الحاويات في العالم عبر مضيق تايوان كل عام، مما يجعله مركزاً بالغ الأهمية للتجارة الدولية.

وتصنع تايوان أيضاً معظم أشباه الموصلات التي تشغل الحياة الحديثة، من السيارات إلى الثلاجات إلى الهواتف. وأي تعطيل لهذا الأمر من شأنه أن يشل سلسلة التوريد العالمية. كما أن أي عقوبات تفرض على الصين لن تؤدي إلا إلى تفاقم الأضرار التي تلحق بالاقتصاد العالمي.

وفقاً لتقديرات عديدة، فإن التعطيل الكامل للتجارة الصينية من شأنه أن يقلل التجارة العالمية ذات القيمة المضافة بمقدار 2.6 تريليون دولار، أو 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وإصلاح العلاقات مع الصين أكبر تهديد لتايوان ولكن أيضاً أكبر شريك تجاري لها هو على رأس جدول أعمال أي شخص يحكم الجزيرة.

وتعد تكلفة المعيشة والوظائف من القضايا المحلية الرئيسية المطروحة أيضاً.

ويتوقع المحللون حكومة منقسمة، حيث ستسيطر أحزاب مختلفة على السلطتين التنفيذية والتشريعية. وعلى الرغم من احتمال حدوث جمود سياسي، يأمل البعض أن يتمكن الحزب الديمقراطي التقدمي الأكثر خبرة وحزب الكومينتانغ الأقل قوة من تحقيق التوازن الصحيح بين تحفيز الاقتصاد والحفاظ على السلام مع الصين.


مقالات ذات صلة

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

العالم القراصنة قاموا بعمليات استطلاع وفحص محدودة لمواقع إلكترونية متعددة مرتبطة بالانتخابات الأميركية (أرشيفية - رويترز)

مسؤول: قراصنة إلكترونيون صينيون يستعدون لصدام مع أميركا

قال مسؤول كبير في مجال الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة إن قراصنة إلكترونيين صينيين يتخذون مواطئ قدم في بنية تحتية خاصة بشبكات حيوية أميركية.

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
شؤون إقليمية مدخل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في 3 مارس 2011 (رويترز)

الصين تدعو «الجنائية الدولية» لاتخاذ موقف «موضوعي» بشأن مذكرة توقيف نتنياهو

دعت الصين، اليوم (الجمعة)، المحكمة الجنائية الدولية إلى الحفاظ على «موقف موضوعي وعادل» بعدما أصدرت مذكرة توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (بكين)
أوروبا لين جيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية (موقع الخارجية الصينية)

الصين تدعو إلى «الهدوء» بعد توسيع بوتين إمكانية استخدام الأسلحة النووية

دعت الصين، الأربعاء، إلى «الهدوء» و«ضبط النفس»، غداة إصدار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً يوسع إمكانية استخدام الأسلحة النووية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الخليج م. وليد الخريجي ترأس الجانب السعودي في الجولة الثانية من المشاورات السياسية مع «الخارجية الصينية» (واس)

مشاورات سعودية – صينية تعزز التنسيق المشترك

بحثت الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية السعودية والصينية في الرياض، الاثنين، تطوير العلاقات الثنائية، وأهمية تعزيز التنسيق المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

اليابان وأميركا تعدان خطة عسكرية تحسباً لحالة طوارئ في تايوان

TT

اليابان وأميركا تعدان خطة عسكرية تحسباً لحالة طوارئ في تايوان

زوارق عسكرية تايوانية في ميناء كيلوناغ العسكري أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
زوارق عسكرية تايوانية في ميناء كيلوناغ العسكري أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)

ذكرت وكالة «كيودو» للأنباء اليابانية، الأحد، أن اليابان والولايات المتحدة تهدفان إلى إعداد خطة عسكرية تشمل نشر صواريخ تحسباً لحالة طوارئ محتملة في تايوان.

ونقلت الوكالة عن مصادر أميركية ويابانية لم تسمها أن الخطة التي من المتوقع الانتهاء منها الشهر المقبل تنص على نشر الولايات المتحدة وحدات صاروخية في جزر نانسي في مقاطعتي كاجوشيما وأوكيناوا بجنوب غربي اليابان، إلى جانب الفلبين، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقالت كيودو إن الخطة تتضمن أيضاً نشر كتيبة في جزر نانسي من مشاة البحرية الأمريكية، مزودة بمنظومة «هيمارس» الصاروخية المدفعية الخفيفة فضلاً عن أسلحة أخرى.

وجاء في التقرير أن وحدة أميركية متخصصة في شؤون الفضاء والفضاء الإلكتروني والموجات الكهرومغناطيسية ستتمركز في الفلبين.

ولم ترد وزارة الدفاع اليابانية وسفارتا الولايات المتحدة والفلبين في طوكيو على اتصالات للتعليق على ما ورد في التقرير، الأحد.