أفغانستان: تفاقم القمع بعد عامين من حكم «طالبان»

مقاتل من «طالبان» يقف حراسة بينما تمر امرأة في العاصمة كابل في 26 ديسمبر 2022. وشجب مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة القيود المتزايدة على حقوق المرأة في أفغانستان (أ.ب)
مقاتل من «طالبان» يقف حراسة بينما تمر امرأة في العاصمة كابل في 26 ديسمبر 2022. وشجب مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة القيود المتزايدة على حقوق المرأة في أفغانستان (أ.ب)
TT

أفغانستان: تفاقم القمع بعد عامين من حكم «طالبان»

مقاتل من «طالبان» يقف حراسة بينما تمر امرأة في العاصمة كابل في 26 ديسمبر 2022. وشجب مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة القيود المتزايدة على حقوق المرأة في أفغانستان (أ.ب)
مقاتل من «طالبان» يقف حراسة بينما تمر امرأة في العاصمة كابل في 26 ديسمبر 2022. وشجب مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة القيود المتزايدة على حقوق المرأة في أفغانستان (أ.ب)

أصدرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية تقريراً جديداً، مفاده أن حركة «طالبان» كثّفت ووسّعت قمعها لحقوق الإنسان، لا سيما حقوق النساء في أفغانستان.

وقالت تيرانا حسن، المديرة التنفيذية للمنظمة، في هذا التقرير: إن عام 2023، كان عام انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان وجرائم حرب، عالمياً.

وذكرت أيضاً، أن هناك بوادر أمل تشير إلى احتمال اتباع مسار مختلف.

وحضّت الحكومات على الوفاء بالتزاماتها بشأن حقوق الإنسان، حسب وكالة «خاما برس» الأفغانية للأنباء اليوم (الجمعة).

أفغانيات يحملن لافتات مكتوباً عليها بالداري «لا يمكن للمسلم أن يعارض تعليم المرأة وعملها» خلال احتجاج يطالبن بحقهن في التعليم والعمل في مزار الشريف - أفغانستان 16 أغسطس 2023 (إ.ب.أ)

منع النساء رسمياً من التعليم

ويلقي التقرير الضوء على أن أفغانستان هي الدولة الوحيدة في العالم، التي يتم فيها منع النساء رسمياً من التعليم.

وطبقاً لهذا التقرير، فقد فرضت «طالبان» بشكل متزايد، سياسات قمعية، في عام 2023، بما في ذلك قمع احتجاجات النساء والاعتقال التعسفي للناشطات واختفاء بعض النساء، بعد الاعتقال وتعذيبهن وأفراد أسرهن.

ويلقي التقرير الضوء على الحاجة المستمرة إلى المساعدات الإنسانية في أفغانستان، حيث إن نحو ثلثي السكان يحتاجون إلى مساعدات إنسانية بسبب الصعوبات الاقتصادية في البلاد.

مقاتل من حركة «طالبان» يقف حارساً بينما تنتظر النساء لتلقي الحصص الغذائية التي توزعها مجموعة مساعدات إنسانية في كابل (أ.ب)

إلى ذلك، ذكر مسؤولون في شؤون سجون حركة «طالبان»، أن هناك حالياً إجمالي 19 ألف سجين، بمختلف أنحاء أفغانستان، من بينهم نحو 800 من النساء. يأتي ذلك بالتزامن مع تصاعد المخاوف بشأن احتجاز فتيات في كابل.

وقال حبيب الله بدر، نائب الرئيس العسكري للمكتب التنفيذي لشؤون سجون «طالبان» لوسائل إعلام تابعة للحكومة المؤقتة لـ«طالبان»: إن عدد السجينات في سجون «طالبان» تراجع، حسب وكالة «خاما برس» الأفغانية للأنباء. وذكرت شبكة «الإذاعة والتلفزيون الوطنية» التابعة لنظام «طالبان»، أن إجمالي عدد السجناء بمختلف أنحاء أفغانستان يبلغ حالياً 19 ألفاً، نحو 800 منهم من النساء. وكان مولاوي محمد يوسف مستري، رئيس المكتب التنفيذي لشؤون سجون «طالبان»، قد أعلن سابقاً عن اعتقال وسجن 32 ألف شخص، خلال حكم حكومة «طالبان» في أفغانستان، على مدى عامين.

أفغانيات يحتججن على إغلاق «طالبان» الجامعات أمام النساء (رويترز)

في غضون ذلك، قالت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان، إنها تشعر بـ«قلق بالغ» إزاء «اعتقالات وتوقيفات تعسفية مؤخراً» لنساء أفغانيات اتهمن بمخالفة قواعد الحجاب التي تفرضها سلطات «طالبان».

وسارعت الحكومة الأفغانية إلى الإقلال من أهمية بيان بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (يوناما)، الخميس؛ بوصفه «دعاية».

وكانت تقارير إعلامية وتصريحات على مواقع التواصل الاجتماعي قد ذكرت مؤخراً، أن سلطات «طالبان» أوقفت نساءً بسبب مخالفتهن قواعد الحجاب التي تدعوهن إلى ارتداء النقاب الذي يخفي معالم الجسم عدا العينين واليدين، غير أن نساء في كابل يخرجن من دون تغطية الفم.

لكن بعثة «يوناما» قالت في منشور صحافي، إنها وثقت «عدداً من الحملات» من جانب الشرطة ووزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على خلفية الحجاب منذ الأول يناير (كانون الثاني) في كابل وفي ولاية دايكندي بوسط البلاد.

وأضافت، أنها تحقق في «اتهامات بسوء معاملة وتوقيف من دون السماح باتصال مع الخارج» وفي استهدف أقليات دينية وإثنية.

وجاء في المنشور: إن «بعثة (يوناما) تخشى أن تدفع حملة القمع الحالية النساء إلى مزيد من العزلة بسبب الخوف من الاعتقال التعسفي، وتخلق بيئة متساهلة للرجال لفرض تدابير قمعية في المنزل».

جانب من مظاهرة نسائية في العاصمة كابل (أ.ف.ب)

ودعت «يوناما» إلى الإفراج الفوري عن المعتقلات، مضيفة أنها ناقشت المسألة مع سلطات «طالبان».

وقالت رئيس البعثة روزا أوتونباييفا: إن «الاعتقالات تحمل وصمة عار كبيرة تعرض الأفغانيات لخطر أكبر».

ورأى المتحدث باسم حكومة «طالبان» ذبيح الله مجاهد، أن مخاوف البعثة الأممية ليست في محلها.

وقال على منصة «إكس»: إن «الأفغانيات يلتزمن بوضع الحجاب بأنفسهن، لا يحتجن إلى إجبارهن على ذلك ولم يُجبر مسؤولو وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أياً منهن على القيام بذلك». وأضاف، أن «الدعاية المتعلقة بالمسألة لا تمت للحقيقة بصلة».

وقال مسؤول في «طالبان» أمام حشد من رجال الدين في منطقة دشت برجي بغرب كابل، المنطقة التي يسكنها أفراد من طائفة الهزارة الشيعية المضطهدة: إنه تم توقيف عدد من النساء والفتيات بسبب مخالفتهن قواعد اللباس.

ورغم تعهّد حركة «طالبان» بعد عودتها إلى السلطة في أغسطس (آب) 2021 إبداء مرونة أكبر، إلّا أنها سرعان ما عادت إلى تفسيرها المتشدّد جدّاً للشريعة الذي طبع حكمها بين 1996 و2001.

وضاعفت من الإجراءات القمعية ضد المرأة، وهي سياسة وصفتها الأمم المتحدة بـأنها «تمييز بين الجنسين».

ورأت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، الخميس، أن 2023 كان «عاماً حافلاً» على صعيد قمع حقوق الإنسان في العالم، خصوصاً نتيجة النزاعات الدامية في قطاع غزة والسودان وأوكرانيا. ورأت المنظمة في تقريرها السنوي الذي يتطرق إلى الوضع الحقوقي في زهاء 100 دولة، أن الحرب بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة والقتال في السودان بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، يتسببان في «معاناة شديدة»، مثل النزاعات المتواصلة في أوكرانيا وبورما وإثيوبيا ومنطقة الساحل الأفريقية.


مقالات ذات صلة

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
آسيا نيلا إبراهيمي ناشطة في مجال حقوق الفتيات الأفغانيات تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال (أ.ف.ب)

فرت وعائلتها هرباً من «طالبان»... أفغانية تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال

فازت فتاة مراهقة فرت مع عائلتها من أفغانستان بعد عودة «طالبان» إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، بجائزة «كيدز رايتس» المرموقة لنضالها من أجل حقوق المرأة.

«الشرق الأوسط» (كابل - أمستردام)
شمال افريقيا أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)

مسؤولة أميركية تبحث بالجزائر الحرية الدينية وإدارة الهجرة

عطاف اتصل هاتفياً بنظيره الأميركي، وأبلغه بأن «معلوماته بشأن الحرية الدينية في الجزائر، خاطئة وغير دقيقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي البروفسور نظام محمود

جرّاح بريطاني يصف استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال في غزة

روى جراح متقاعد من لندن ما شاهده خلال عمله التطوعي في مستشفى بغزة، وتحدث عن استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال بعد القصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لقطات جوية تظهر انتهاك كوريا الشمالية للعقوبات المفروضة على النفط الروسي

سفينة تتبع كوريا الشمالية في ميناء روسي (صورة نشرتها مجموعة «أوبن سورس سنتر»)
سفينة تتبع كوريا الشمالية في ميناء روسي (صورة نشرتها مجموعة «أوبن سورس سنتر»)
TT

لقطات جوية تظهر انتهاك كوريا الشمالية للعقوبات المفروضة على النفط الروسي

سفينة تتبع كوريا الشمالية في ميناء روسي (صورة نشرتها مجموعة «أوبن سورس سنتر»)
سفينة تتبع كوريا الشمالية في ميناء روسي (صورة نشرتها مجموعة «أوبن سورس سنتر»)

خلص تحليل لصور التقطتها أقمار اصطناعية ونشرتها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ومجموعة «أوبن سورس سنتر» التي مقرها بريطانيا، الجمعة، إلى ترجيح أن كوريا الشمالية تلقت أكثر من مليون برميل من النفط من روسيا على مدى ثمانية أشهر خلال العام الحالي، وهو ما يمثل انتهاكاً للعقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة.

وأفاد التقرير، الذي نشر على الموقع الإلكتروني لمجموعة «أوبن سورس سنتر» البحثية، بأن ناقلات نفط من كوريا الشمالية أجرت أكثر من 40 زيارة إلى ميناء «فوستوتشني» في أقصى شرق روسيا منذ مارس (آذار)، وفقا لوكالة «رويترز».

وجاء في التقرير: «عشرات الصور عالية الدقة من الأقمار الاصطناعية وبيانات نظام التعريف الآلي، والصور التي نشرتها بعثات استطلاع بحري مكلفة بمراقبة أنشطة كوريا الشمالية ذات الصلة بخرق عقوبات الأمم المتحدة، تظهر ناقلات كورية شمالية وهي تجري عمليات تحميل متكررة بمحطة نفط في ميناء فوستوتشني الروسي»، مضيفاً أن وزارة الخارجية الروسية لم ترد على طلب للتعليق.