قذائف مدفعية في المنطقة الحدودية تصعّد التوتر بين الكوريتين

واشنطن حثّت بيونغ يانغ على العودة إلى الدبلوماسية... وبكين دعت إلى ضبط النفس

جنود من البحرية الكورية الجنوبية يصلون إلى جزيرة يونبيونغ في 6 يناير (أ.ف.ب)
جنود من البحرية الكورية الجنوبية يصلون إلى جزيرة يونبيونغ في 6 يناير (أ.ف.ب)
TT

قذائف مدفعية في المنطقة الحدودية تصعّد التوتر بين الكوريتين

جنود من البحرية الكورية الجنوبية يصلون إلى جزيرة يونبيونغ في 6 يناير (أ.ف.ب)
جنود من البحرية الكورية الجنوبية يصلون إلى جزيرة يونبيونغ في 6 يناير (أ.ف.ب)

أطلقت كوريا الشمالية، السبت، أكثر من 60 قذيفة مدفعية قرب جزيرة يونبيونغ الكورية الجنوبية، وفق ما أعلن الجيش الكوري الجنوبي، غداة دفعة أولى أطلقتها بيونغ يانغ، ما استدعى ردّاً من سيول مع تدريبات بالذخيرة الحية في المنطقة.

وقالت هيئة الأركان الكورية الجنوبية: «أطلقت قوات كوريا الشمالية أكثر من 60 قذيفة مدفعية (بين الساعة السابعة والثامنة بتوقيت غرينتش)»، محذرة بيونغ يانغ من مواصلة عمليات القصف، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأطلقت بوينغ يانغ، الجمعة، أكثر من 200 قذيفة مدفعية قرب جزيرتي يونبيونغ وبانغيوندو، الواقعتين جنوب حدود بحرية قائمة بحكم الأمر الواقع بين الكوريتين. ويسكن الجزيرتين عدد قليل جداً من الأشخاص.

تصعيد عسكري

وتقع يونبيونغ التي يسكنها نحو ألفَي شخص، على بعد 115 كيلومتراً تقريباً غرب سيول، وعلى بعد نحو عشرة كيلومترات جنوب ساحل كوريا الشمالية.

وتقع بانغيوندو القريبة كذلك من كوريا الشمالية، والتي يصل عدد سكانها إلى 4900 تقريباً، على بعد 210 كيلومترات غرب العاصمة الكورية الجنوبية سيول. ولم تتسبّب القذائف التي أطلقتها بيونغ يانغ، الجمعة، في وقوع أي ضحايا أو أضرار، بحسب سيول. وطُلب من سكان الجزيرتين الانتقال إلى الملاجئ، وعُلّقت حركة العبارات في تصعيد عسكري يُعدّ الأخطر في شبه الجزيرة الكورية منذ قصفت بيونغ يانغ جزيرة يونبيونغ في عام 2010، رداً على مناورة كورية جنوبية بالذخيرة الحية قرب الحدود. وتسبّب ذلك الهجوم الكوري الشمالي، والذي كان الأول على مدنيين منذ الحرب الكورية التي امتدت من 1950 حتى 1953، في سقوط أربعة قتلى هما عسكريان ومدنيان. واستمرّ التراشق المدفعي قرابة الساعة، أطلق خلالها كلّ معسكر مئتَي قذيفة تقريباً.

استعدادات «الحرب»

جاءت عملية الإطلاق، الجمعة، بعد تحذيرات متكررة من كوريا الشمالية بزعامة كيم جونغ أون من استعدادها لخوض حرب ضد جارتها الجنوبية وحليفتها الولايات المتحدة اللتين هدد بمحوهما.

زعيم كوريا الشمالية خلال زيارته المصنع العسكري رفقة ابنته جو - آي (أ.ف.ب)

وسقطت القذائف التي أُطلقت، الجمعة والسبت، في المنطقة العازلة على طول الحدود، والتي أُنشئت بموجب اتفاق خفض التوتر الذي تم التوصل إليه في عام 2018، لكنه انهار في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بعدما أطلقت بيونغ يانغ قمراً اصطناعياً لأغراض التجسس، ثمّ رفضت كوريا الشمالية الاتفاق برمته بعد فترة وجيزة.

تحذير كوري جنوبي

وقال الجيش الكوري الجنوبي، السبت، إن القصف المدفعي الكوري الشمالي «المتكرر» في هذه المنطقة «يشكّل تهديداً للسلام في شبه الجزيرة الكورية». وأصدر الجيش «تحذيراً شديداً» لبيونغ يانغ، طالباً منها الكفّ فوراً عن القصف، ومؤكداً أنه رداً على ذلك «سيتخذ الإجراءات المناسبة لحماية كوريا الجنوبية». وأضاف الجيش أنه «بعدما أعلنت الإلغاء الكامل للاتفاق العسكري العائد لـ19 سبتمبر (أيلول) 2018، تواصل كوريا الشمالية تهديد مواطنينا بنيران المدفعية المستمرة داخل المنطقة التي تحظر فيها الأعمال العدائية».

جنود يمرّون إلى جانب لافتة تبيّن موقع ملجأ في جزيرة يونبيونغ في 6 يناير (أ.ف.ب)

وكان الجيش الكوري الشمالي قد أكد، الجمعة، إجراء مناورة بحرية بالذخيرة الحية «كإجراء طبيعي مضاد» ضد التهديدات الكورية الجنوبية، بحسب بيان نشرته «وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية». كما حذّر جيش بيونغ يانغ سيول من الإقدام على «عمل استفزازي بحجّة ما يُسمّى العمل المضاد»، قائلاً إنها إذا فعلت ذلك، فإن كوريا الشمالية «ستلجأ إلى رد مضاد صارم على مستوى غير مسبوق»، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الكورية الشمالية».

دعوات التهدئة

سارعت الأسرة الدولية إلى الدعوة إلى الهدوء. وحضّت الصين على «ضبط النفس»، فيما حثّت الولايات المتحدة كوريا الشمالية على وقف أفعالها «المزعزعة للاستقرار والعودة إلى الدبلوماسية». وفي خطاب طويل ألقاه في ختام اجتماع لمناسبة نهاية العام حدّد فيه التوجهات الاستراتيجية لبلاده، أطلق الزعيم الكوري الشمالي تهديدات جديدة بتوجيه ضربات نووية ضد سيول، وأمر بتسريع الاستعدادات العسكرية لـ«حرب» يمكن أن «تندلع في أي وقت» في شبه الجزيرة.

شاشة تعرض صوراً لتدريبات عسكرية كورية شمالية في محطة قطارات بسيول في 6 يناير (أ.ب)

وفي مسعى لردع بيونغ يانغ، أرسل الجيش الأميركي إلى كوريا الجنوبية، الشهر الماضي، الغواصة «ميزوري» العاملة بالدفع النووي، فيما أشرك حاملة الطائرات «رونالد ريغان» وقاذفة استراتيجية من طراز «بي - 52» في مناورات عسكرية مع سيول وطوكيو. وردّت بيونغ يانغ بتجربة لإطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات «هواسونغ - 18»، هو الأقوى في الترسانة الكورية الشمالية، ويرجّح أنه قادر على بلوغ كل الأراضي الأميركية، في تحذير صريح لواشنطن. والعلاقات بين الكوريتين هي حالياً في أحد أدنى مستوياتها منذ عقود، بعدما كرّس كيم وضع بلاده قوةً نووية في الدستور، وأجرت بلاده سلسلة اختبارات على العديد من الصواريخ الباليستية المتطورة العابرة للقارات.

القوات الأميركية

وفي سياق الدعم الأميركي لسيول، قال وزير التوحيد في كوريا الجنوبية كيم يونغ هو، في مقابلة تلفزيونية، إن من غير المرجح أن تخفض الولايات المتحدة قواتها في كوريا الجنوبية، حتى لو فاز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

صورة جماعية للقوات الكورية الجنوبية والأميركية بعد تدريبات مشتركة بالذخيرة الحية بالقرب من المنطقة منزوعة السلاح في 2 يناير (رويترز)

وفي المقابلة التي بثتها قناة «كيه بي إس»، السبت، قال الوزير إن هذا يرجع إلى أن الكونغرس الأميركي قد قرر الأمر بالفعل في مشروع قانون الدفاع الذي أقره في الآونة الأخيرة. وقال كيم: «أحد المخاوف التي تساور الكثير من الناس هو... مسألة أي انسحاب للقوات الأميركية من كوريا» إذا أعيد انتخاب ترمب. لكن كيم ذكر أن قانون تفويض الدفاع الوطني، الصادر في ديسمبر (كانون الأول)، ينصّ على أن الإدارة الأميركية تحتاج إلى موافقة الكونغرس لتقليص عدد قواتها البالغ عددها 28500 جندي في كوريا الجنوبية. وأضاف أن تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان سيساعد في التغلب على أي تغييرات سياسية في الولايات المتحدة. جاءت هذه التصريحات رداً من كيم على سؤال بشأن تقرير لصحيفة «بوليتيكو»، أفاد بأن ترمب يدرس السماح لكوريا الشمالية بالاحتفاظ بأسلحتها النووية وتقديم حوافز مالية لوقف صنع قنابل جديدة، وهو ما نفاه ترمب ووصفه بأنه «أخبار كاذبة». وقال كيم رداً على سؤال عن آراء بعض الخبراء الأميركيين «الاعتراف بكوريا الشمالية قوةً نووية يعني أنه لن يكون أمام كوريا الجنوبية خيار سوى تطوير أسلحة نووية واليابان (أيضاً)».


مقالات ذات صلة

أوكرانيا تنتج مسيّرة جديدة بعيدة المدى بمحرك دفع صاروخي

أوروبا الرئيس الأوكراني يشاهد المسيّرة «بيكلو» (قناة وزير القطاعات الصناعية الاستراتيجية الأوكراني هيرمان سميتانين على «تلغرام»)

أوكرانيا تنتج مسيّرة جديدة بعيدة المدى بمحرك دفع صاروخي

أعلنت أوكرانيا إنتاجها طائرة مسيّرة جديدة تعمل بمحرك دفع صاروخي تُعرَف باسم «بيكلو»، وتَعني «الجحيم» باللغة الأوكرانية، وقدّمتها للعالم.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ جندي إسرائيلي من وحدة المدفعية يخزن قذائف الدبابات على حدود غزة في يناير 2024 (أ.ب)

أميركا تحقق بشأن رفض إسبانيا استقبال سفن أسلحة متجهة لإسرائيل

فتحت الولايات المتحدة تحقيقاً بشأن ما إذا كانت إسبانيا تمنع دخول سفن شحن يتردد أنها تنقل أسلحة أميركية إلى إسرائيل إلى موانئها، أم لا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا مدرّعة قتالية من طراز «سي في 90» خلال مشاركتها في مناورة عسكرية بالسويد (رويترز)

السويد والدنمارك تشتريان مدرّعات بقيمة 2.3 مليار دولار

وقّعت السويد والدنمارك، اليوم الجمعة، عقداً مع شركة سويدية لتصنيع المعدات العسكرية، لشراء 205 مدرّعات قتالية بهدف تجديد مخزونهما بعد تقديم مساعدات لأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في مينسك (سبوتنيك - رويترز)

بوتين: موسكو قد تنشر صواريخ «أوريشنيك» في بيلاروسيا عام 2025

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا قد تنشر صواريخ «أوريشنيك» فرط الصوتية الجديدة في بيلاروسيا، العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صورة لانفجار طائرة مسيّرة روسية في سماء مدينة كييف وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في 5 ديسمبر 2024 (رويترز)

روسيا وأوكرانيا تعلنان إسقاط عشرات المسيّرات في المواجهات بينهما الليلة الماضية

أعلنت روسيا تدمير 33 طائرة مسيَّرة أوكرانية، بينما أعلنت كييف إسقاط 32 مسيَّرة أطلقتها موسكو، وذلك خلال المواجهات المستمرة بين الطرفين الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف )

رئيس كوريا الجنوبية يعتذر عن قراره فرض الأحكام العرفية

رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي (ا.ف.ب)
رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي (ا.ف.ب)
TT

رئيس كوريا الجنوبية يعتذر عن قراره فرض الأحكام العرفية

رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي (ا.ف.ب)
رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي (ا.ف.ب)

قال رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، في خطاب بثه التلفزيون الرسمي اليوم (السبت)، إنه يعتذر عن قرار فرض الأحكام العرفية والتسبب في حالة من السخط.

وتعهد يون بأنه لن يكون هناك إعلان ثان للأحكام العرفية في البلاد.

من جهته، قال هان دونغ-هون زعيم الحزب الحاكم في كوريا الجنوبية، اليوم، إن استقالة الرئيس يون سوك يول المبكرة من منصبه أصبحت حتمية، لأنه لم يعد في وضع يتيح له ممارسة مهام منصبه.