لماذا يُقاتل عدد من النيباليين في الحرب الأوكرانية-الروسية؟

نحو 200 مواطن نيبالي يعملون مرتزقة في الجيش الروسي

وزير الدفاع البريطاني أندرو موريسون يتفقد جنوداً من لواء الجوركا (رويترز)
وزير الدفاع البريطاني أندرو موريسون يتفقد جنوداً من لواء الجوركا (رويترز)
TT

لماذا يُقاتل عدد من النيباليين في الحرب الأوكرانية-الروسية؟

وزير الدفاع البريطاني أندرو موريسون يتفقد جنوداً من لواء الجوركا (رويترز)
وزير الدفاع البريطاني أندرو موريسون يتفقد جنوداً من لواء الجوركا (رويترز)

قبل بضعة أشهر، نشر مسؤول أوكراني مقطع فيديو لرجل تم أسره أثناء قتاله لصالح روسيا. ولم يتم تدريب الرجل من قبل روسيا، ولا يعد من المقيمين في ذلك البلد، ولم تكن له مصلحة مباشرة في حرب أوكرانيا. ومع ذلك، فقد قطع مسافة تزيد على 4 آلاف كيلومتر للخدمة في «أحد ألوية القوات الروسية المحمولة جواً»، كما جاء في الفيديو.

ويعترف بيبك خاطري، الذي ينتمي إلى منطقة في النيبال تقع بجبال الهيمالايا، والتي تشهد ازدياداً في عدد السكان وارتفاع معدلات البطالة، بالانضمام إلى القوات الروسية من أجل المال، وفقاً لصحيفة «إندبندنت».

وهو يلقي باللوم في قراره على المشاكل المالية في وطنه، وفقاً لمقطع نشره أنطون جيراشينكو، مستشار وزير الشؤون الداخلية في أوكرانيا.

وقال خاطري: «عائلتي في ورطة. والدتي لا تعمل، نحن بحاجة إلى المال... لذلك قررت الانضمام إلى الجيش الروسي». ويشير إلى أن أصدقاءه اقترحوا عليه الانضمام مع المرتزقة، شارحاً: «أردت العودة إلى أمي كرجل ناجح، لذلك انضممت».

خاطري ليس الوحيد الذي تجتذبه العروض المربحة من موسكو. يعتقد سفير نيبال لدى روسيا ميلان راج تولادهار في مقابلة مع صحيفة «كييف بوست» أن ما يقرب من 200 مواطن نيبالي يخدمون في الجيش الروسي كمرتزقة.

تأتي الوظيفة بالتأكيد مع مستوى عال من المخاطر. قُتل ما لا يقل عن ستة مواطنين نيباليين أثناء القتال على الخطوط الأمامية في الحرب الروسية ضد أوكرانيا، ما ترك الحكومة تحت ضغط من الشعب لإعادة شبابها.

ومع ذلك، فإن الشباب النيباليين الذين يتم تجنيدهم للقتال في الخارج لا ينتهي بهم الأمر إلى القتال ضد أوكرانيا فحسب.

تشير تقارير متعددة إلى أن المرتزقة النيباليين شوهدوا وهم يقاتلون نيابة عن أوكرانيا ضد روسيا، ما يزيد من احتمال أن ينتهي بهم الأمر وجهاً لوجه مع مواطنيهم في حرب ليس لهم أي مصلحة فيها.

بينما ظلت نيبال منذ عقود ترسل شباباً للخدمة في الجيشين البريطاني والهندي من خلال اتفاق رسمي بين الدول الثلاث، هناك أيضاً حضور كبير للمواطنين النيباليين في جيوش أجنبية أخرى بما في ذلك فرنسا والولايات المتحدة. وليس لدى البلاد أي ترتيبات استراتيجية أو ثنائية لإرسال جنود للقتال في هذه الجيوش.

أفادت صحيفة «خبرهوب» ومقرها كاتماندو، نقلاً عن بيانات عام 2021 الصادرة عن خدمات المواطنة والهجرة الأميركية، بأن ما لا يقل عن ألف نيبالي حصلوا على الجنسية الأميركية في السنوات الخمس الماضية من خلال الانضمام إلى الجيش الأميركي.

ويُعتقد أن ما لا يقل عن 300 شاب نيبالي يخدمون كجنود أجانب فرنسيين في إطار فرع خدمة خاصة تم إنشاؤه للمواطنين الأجانب لحماية المصالح الوطنية الفرنسية خارج البلاد، وفقاً لبيان أدلى به سفير نيبال السابق لدى فرنسا موهان كريشنا سراسثا.

وعوامل مثل الافتقار إلى فرص العمل في الوطن، وتدني الأجور حتى بالنسبة لأولئك الذين يجدون وظائف، تجبر الشباب على مغادرة البلاد بحثاً عن فرص أفضل، والاستفادة من السمعة الشهيرة التي يتمتع بها الجوركا كمقاتلين شجعان.

جنود من لواء الجوركا يفحصون الزي الرسمي لبعضهم البعض قبل حفل في بريطانيا (رويترز)

وفقا لمنظمة العمل الدولية، تعد نيبال دولة شابة، حيث إن 63.7 في المائة من إجمالي السكان تقل أعمارهم عن 30 عاما. ويبلغ معدل البطالة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما 19.2 في المائة.

وقال بينوج باسنيات، وهو لواء متقاعد في الجيش النيبالي، لصحيفة «نيويورك تايمز»: «من بين 500 ألف شاب يدخلون سوق العمل كل عام، يتم توظيف 80 ألفا أو 100 ألف فقط في نيبال... أين سيذهب الباقي؟».

كان الجيش الهندي إحدى الطرق الرئيسية لتوظيف الشباب النيبالي، حيث غادر كثير منهم للانضمام إلى أفواج الجوركا في الدولة المجاورة. تاريخياً، يُنظر إلى وظائف الجيش على أنها من بين الوظائف الأكثر أماناً في جنوب آسيا، حيث تعد بالضمان الاجتماعي ودعم المعاشات التقاعدية مدى الحياة.

لكن في العام الماضي، أدخلت الهند إصلاحات على قواتها المسلحة بموجب خطة أجنيباث، التي أدت إلى فترات خدمة مدتها أربع سنوات بدلاً من الوظائف مدى الحياة، ما أدى إلى خفض تكاليف ميزانية الدفاع والمزايا التي يحصل عليها الجنود.

ومع تغيير القواعد الذي جعل الانتقال إلى الهند فجأة أقل جاذبية للجوركا أيضاً، أثارت الإصلاحات خلافاً دبلوماسياً بين البلدين، حيث اشتكت الحكومة النيبالية من عدم استشارتها أو إخطارها مسبقاً.

وخلق الوضع فراغا في التوظيف. لذلك، عندما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن المواطنين الأجانب الذين يخدمون لمدة عام في جيشه سيتم تسريع طلباتهم للحصول على الجنسية الروسية الكاملة، اصطف كثير من النيباليين للحصول على الوظيفة.

تقول الشرطة إن ما يُنظر إليه على أنه فرصة عمل للنيباليين يتم استغلاله الآن من قبل مهربي البشر. اعتقلت شرطة كاتماندو ما لا يقل عن 10 أشخاص هذا الأسبوع بزعم أنهم يتقاضون ما يصل إلى 9 آلاف دولار (7143 جنيهاً إسترلينياً) للشخص الواحد مقابل التهريب إلى روسيا بتأشيرات سياحية ودمج الأفراد في الجيش الروسي.


مقالات ذات صلة

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

وزير يحذّر: بوتين مستعد لشل بريطانيا بحرب سيبرانية

أفاد تقرير صحافي اليوم (الأحد) بأن وزيراً في الحكومة البريطانية سيحذر من أن روسيا مستعدة لشن موجة من الهجمات الإلكترونية على بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية رجل شرطة روسي يقف حارساً عند قبر الجندي المجهول في حديقة ألكسندر خارج الكرملين بموسكو (إ.ب.أ)

طهران تحتج بعد توقيف «عنيف» لطالبَين إيرانيَين في روسيا

احتجت إيران، الحليف الوثيق لموسكو، لدى السلطات الروسية بعد عملية توقيف «عنيفة» لطالبَين إيرانيين في مدينة قازان الروسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا سفينة تتبع كوريا الشمالية في ميناء روسي (صورة نشرتها مجموعة «أوبن سورس سنتر»)

لقطات جوية تظهر انتهاك كوريا الشمالية للعقوبات المفروضة على النفط الروسي

خلص تحليل لصور التقطتها أقمار اصطناعية إلى ترجيح أن كوريا الشمالية تلقت أكثر من مليون برميل من النفط من روسيا على مدى ثمانية أشهر.

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)

روسيا: تصرفات بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب

نقلت وكالة «سبوتنيك» للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله (الجمعة) إن تصرفات إدارة الرئيس بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

32 قتيلاً في أعمال عنف طائفية بباكستان

عناصر من الشرطة الباكستانية (أرشيفية - إ.ب.أ)
عناصر من الشرطة الباكستانية (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

32 قتيلاً في أعمال عنف طائفية بباكستان

عناصر من الشرطة الباكستانية (أرشيفية - إ.ب.أ)
عناصر من الشرطة الباكستانية (أرشيفية - إ.ب.أ)

قتل 32 شخصاً على الأقل في أعمال عنف طائفية جديدة في شمال غربي باكستان، وفق ما أفاد مسؤول محلي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (السبت) بأنه بعد يومين من هجمات استهدفت أفراداً من الطائفة الشيعية أسفرت عن مقتل 43 شخصاً.

ومنذ الصيف، خلفت أعمال العنف بين السنة والشيعة في إقليم كورام الواقع في ولاية خيبر بختونخوا الواقعة على الحدود مع أفغانستان، نحو 150 قتيلاً.

والخميس، أطلق نحو عشرة مهاجمين النار على قافلتين تقلان عشرات العائلات الشيعية بمواكبة الشرطة في هذه المنطقة الجبلية. وقتل ما لا يقل عن 43 شخصاً ولا يزال «11 مصابا» في حالة «حرجة»، بحسب السلطات.

ومساء أمس (الجمعة)، بعد يوم طويل شيع خلاله الضحايا وساده التوتر في كورام على وقع مسيرات للشيعة نددت بـ«حمام دماء»، قال ضابط كبير في الشرطة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «الوضع تدهور». وأضاف «هاجم شيعة غاضبون مساء سوق باغان المحسوب خصوصاً على السنة» موضحاً أن «المهاجمين المزودين بأسلحة خفيفة ورشاشة وقذائف هاون أطلقوا النار» طوال ثلاث ساعات و«قام سنّة بالرد» عليهم.

من جهته، قال مسؤول محلي لم يشأ كشف هويته للوكالة إن «أعمال العنف بين المجموعتين الشيعية والسنية تواصلت (السبت) في أماكن مختلفة، وسجل مقتل 32 شخصاً في آخر حصيلة هم 14 من السنة و18 من الشيعة».

وذكر مسؤول محلي آخر هو جواد الله محسود أن «مئات المتاجر والمنازل تم إحراقها» في منطقة سوق باغان، لافتاً إلى «بذل جهود من أجل إعادة الهدوء، وتم نشر قوات أمنية والتأمت مجالس قبلية (جيرغا)».

ومحور النزاعات بين القبائل ذات المعتقدات المختلفة هو مسألة الأراضي في المنطقة، حيث تتقدم قواعد الشرف القبلية غالباً على النظام الذي تسعى قوات الأمن إلى إرسائه.