مخاوف يابانية من النشاط العسكري الصيني قرب مضيق تايوان

شي وكيشيدا شددا على أهمية التعايش السلمي

الرئيس الصيني شي جينبينغ يقف إلى جانب رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا خلال التقاط صورة ضمن قمة «أبيك» في سان فرنسيسكو (أ.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ يقف إلى جانب رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا خلال التقاط صورة ضمن قمة «أبيك» في سان فرنسيسكو (أ.ب)
TT

مخاوف يابانية من النشاط العسكري الصيني قرب مضيق تايوان

الرئيس الصيني شي جينبينغ يقف إلى جانب رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا خلال التقاط صورة ضمن قمة «أبيك» في سان فرنسيسكو (أ.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ يقف إلى جانب رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا خلال التقاط صورة ضمن قمة «أبيك» في سان فرنسيسكو (أ.ب)

أعرب رئيس وزراء اليابان فوميو كيشيدا، الخميس، للرئيس الصيني شي جينبينغ عن «مخاوفه الكبيرة» بشأن نشاط الصين العسكري في منطقة آسيا - المحيط الهادي وتعاونها مع روسيا، خلال أول لقاء بينهما منذ سنة، على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا - المحيط الهادي (آبيك) بسان فرنسيسكو.

وقال كيشيدا بعدما التقى شي: «عبّرت له عن مخاوفنا الكبيرة بشأن نشاط الصين العسكري قرب اليابان وتعاونها مع روسيا»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف كيشيدا في تصريحات لمحطات تلفزيونية يابانية، إثر اللقاء في سان فرنسيسكو: «شددت مجدداً على الأهمية القصوى للسلام في مضيق تايوان للأسرة الدولية واليابان». وتابع: «فيما يتعلق ببحر الصين الشرقي، عبّرت مرة جديدة عن مخاوفنا الكبيرة، وطالبت بسحب فوري للعوامات (الصينية) الموضوعة في المنطقة التجارية الخالصة التابعة لليابان».

سبل «التعايش والازدهار»

وتفاقمت التوترات في منطقة المحيط الهادي، خصوصاً مع التحركات الصينية ببحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، والتدريبات العسكرية الصينية حول جزيرة تايوان التي تطالب الصين بالسيادة عليها. وفي سبتمبر (أيلول)، أعلنت طوكيو رصد 6 سفن صينية، بينها حاملة الطائرات شاندونغ وفرقاطات ومدمرات، تبحر على مسافة 650 كيلومتراً جنوب جزيرة مياكوجيما الواقعة شرق تايوان. وأشارت إلى أنها رصدت إقلاع وهبوط طائرات حربية ومروحية من شاندونغ. ولم تدلِ الصين بتعليقات رسمية بشأن مناورات في غرب المحيط الهادي.

وقال كيشيدا إنه طلب أيضاً «رداً هادئاً يستند إلى أدلة علمية، والرفع الفوري للقيود المفروضة على استيراد المنتجات الغذائية اليابانية». فالصين تمنع واردات منتجات البحر اليابانية، بعدما بدأت طوكيو في أغسطس (آب)، إلقاء المياه المعالجة من محطة فوكوشيما النووية المتضررة في مياه المحيط الهادي. واتهمت بكين طوكيو بمعاملة البحر على أنه «قناة صرف للمياه المبتذلة». وقد حذت روسيا حذو الصين ومنعت الواردات اليابانية.

رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا (يسار) والرئيس الصيني شي جينبينغ يتصافحان قبل محادثاتهما الثنائية على هامش قمة في سان فرنسيسكو (أ.ب)

وتشدد اليابان على أن إلقاء هذه المياه المعالجة غير خطر، وقد دعمتها في ذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال كيشيدا في هذا الصدد، إنه اتفق مع شي على «البحث عن حلول عبر الحوار والتباحث على أساس بنّاء». وتابع أن «الصين واليابان قوتان عظميان عليهما التعايش والازدهار معاً، وقيادة المنطقة والمجتمع الدولي والمساهمة في السلام والاستقرار بالعالم». غير أن الرئيس الصيني حذّر رئيس الوزراء الياباني من أن إلقاء المياه المعالجة من محطة فوكوشيما يؤثر «على صحة البشرية بكاملها»، حسبما أفادت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة.

تجاوز الخلافات

قال شي، حسبما أفادت قناة «سي سي تي في» التلفزيونية العامة، إن على البلدين اللذين لا تزال علاقتهما مطبوعة بالغزو الياباني للأراضي الصينية في القرن الماضي، «التركيز على مصالحهما المشتركة وإدارة خلافاتهما بشكل مناسب». ودعا الرئيس الصيني إلى أن تقيم طوكيو وبكين علاقات ثنائية سلمية، رغم الخلافات الإقليمية والتاريخية. وتابع شي أن «التعايش السلمي والصداقة الدائمة الممتدة عبر الأجيال والتعاون ذات المنافع المتبادلة والتنمية المشتركة هي اتجاهات جيدة تخدم المصالح الأساسية للشعبين الصيني والياباني». ولفت إلى أن العلاقات بين البلدين «لعبت كذلك دوراً إيجابياً في تعزيز السلام والتنمية والازدهار بالمنطقة».

وكانت الصين واحدة من كبرى ضحايا السياسة التوسعية اليابانية في منطقة آسيا - المحيط الهادي بين نهاية القرن التاسع عشر و1945.


مقالات ذات صلة

اتفاقية لترجمة الثقافة الصينية ونشرها في الخليج

ثقافة وفنون جانب من توقيع اتفاقية ونشر عدد من الكتب الصينية للعربية بين «دار كلمات» وجامعة الدراسات الأجنبية ببكين (الشرق الأوسط)

اتفاقية لترجمة الثقافة الصينية ونشرها في الخليج

يشمل الاتفاق ترجمة الكتب الفلسفية والتاريخية التي تعنى بالجانبين الصيني والعربي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق صورة تظهر الموجات فوق الصوتية التي التقطت في أثناء حمل المرأة وفق مستشفى شيآن (وسائل إعلام صينية)

حالة نادرة... امرأة بـ«رحمين» تنجب توأمين

أنجبت امرأة تعاني من حالة نادرة تتمثل في وجود «رحمين» توأمين؛ واحداً من كل رحم، في مستشفى بالصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد الرئيس الصيني شي جينبينغ في كلمة يوم الاثنين بمناسبة الذكرى 75 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية (أ.ب)

الرئيس الصيني يحذر من «عقبات» في «طريق التقدم»

قال الرئيس الصيني شي جينبينغ يوم الاثنين، إن الصين «تتقدم للأمام»، ولكن ستكون هناك «عقبات وصعوبات».

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اليوم (السبت)، إنه يجب ألا يكون هناك أي تأخير في التوصل إلى «وقف شامل لإطلاق النار» في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا جندي روسي يطلق طائرة مُسيرة صغيرة خلال أحد التدريبات (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

الاتحاد الأوروبي قلق إزاء تقرير عن إنتاج روسيا طائرات مُسيرة بدعم صيني

قالت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي إن التكتل يساوره «قلق بالغ» إزاء تقرير ذكر أن روسيا تطوِّر برنامج طائرات مُسيرة هجومية بدعم من الصين.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

«طالبان» حليف غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب

يقف أعضاء «طالبان» التابعون لوزارة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في نقطة تفتيش على طول طريق على مشارف ولاية هرات... 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
يقف أعضاء «طالبان» التابعون لوزارة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في نقطة تفتيش على طول طريق على مشارف ولاية هرات... 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

«طالبان» حليف غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب

يقف أعضاء «طالبان» التابعون لوزارة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في نقطة تفتيش على طول طريق على مشارف ولاية هرات... 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
يقف أعضاء «طالبان» التابعون لوزارة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في نقطة تفتيش على طول طريق على مشارف ولاية هرات... 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

بعد 3 سنوات على خروج الائتلاف الغربي من أفغانستان وسط فوضى عارمة مع سيطرة «طالبان» على كابل، باتت الحركة محاوراً غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب على وقع اعتداءات تنظيم «داعش ولاية خراسان» في عدد من الدول، حسب رأي خبراء.

سيرغي لافروف (يمين) يصافح القائم بأعمال وزير خارجية أفغانستان أمير خان متقي خلال اجتماعهما في موسكو 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الحكومة «تتبادل معلومات أحياناً مع الدول التي تطولها هذه الجماعة»، في وقت شهدت أفغانستان في سبتمبر (أيلول) اعتداءين على الأقل نفَّذهما تنظيم «داعش ولاية خراسان» أوقعا ما لا يقل عن عشرين قتيلاً.

أفراد أمن «طالبان» يحملون بنادق خلال التزلج للاحتفال بالذكرى الثالثة لاستيلاء الحركة على أفغانستان في كابل... 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

وهذا ما أكده غراهام سميث، الباحث في مجموعة الأزمات الدولية، موضحاً لوكالة الصحافة الفرنسية أن «مسؤولين في أجهزة استخبارات غربية قالوا لي إن هناك تعاوناً مع (طالبان) ضد تنظيم (داعش ولاية خراسان)».

وأفاد بـ«تبادل معلومات تسمح لـ(طالبان) بتنفيذ أعمال فتاكة ضد الإرهابيين». وأعلنت كابل، يوم الاثنين، قتل عنصرين في تنظيم «داعش ولاية خراسان» وتوقيف طاجيكستاني «كان يخطط لعملية انتحارية».

وهناك غارات كثيرة لا تعلّق عليها العواصم الأجنبية التي لم يعد لها تمثيل دبلوماسي في كابل.

وأضاف سميث: «ثمة فجوة بين الخطاب العلني للغربيين الذين ينددون بشريعة (طالبان) المتشددة» التي تقمع الأفغانيات خصوصاً، «وهذه الدول نفسها التي تريد من (طالبان) أن تفرض احترام القانون» في مواجهة الجماعات المسلحة.

لكن دعم الحركة بالأموال والتكنولوجيا ليس أمراً بدهياً بالنسبة إلى الدول الغربية، وهي لا تعترف بالإمارة التي حلَّت محل الجمهورية في عام 2021.

يقول آرون زيلين، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن «(طالبان) لديها حدود ضمن ما يمكنها فعله»، لأنه رغم استيلائها على ترسانة أجنبية في 2021، ليس لديها سوى إمكانات تكنولوجية محدودة.

طلب الدعم سرّاً

وأشار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة العام الماضي، إلى أن «(طالبان) طلبت سراً دعماً استخباراتياً ولوجيستياً» لمحاربة تنظيم «داعش ولاية خراسان»، «وعرضت أن تكون شريكاً في الحرب ضد الإرهاب».

وأوضح زيلين أنه من مارس (آذار) 2023 إلى الشهر نفسه عام 2024، خطط تنظيم «داعش ولاية خراسان» الذي تأسس عام 2015 لـ21 اعتداءً في 9 دول، مقابل 8 في الأشهر الـ12 السابقة.

وفي يناير (كانون الثاني)، قتل تنظيم «داعش ولاية خراسان» أكثر من 90 شخصاً في هجوم مزدوج في كرمان بإيران، وفي مارس قتل 145 آخرين في هجوم بإطلاق النار نفَّذه 4 مشتبه بهم من طاجيكستان في قاعة للحفلات الموسيقية في موسكو.

ويرى الخبراء أن هذا دليل إضافي على زيادة التجنيد في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة في آسيا الوسطى المجاورة لأفغانستان.

وتقول أميرة جدون، من جامعة «كليمسون» الأميركية، إن هذه الهجمات «أدت بالطبع إلى اشتداد القلق في العالم»، و«خلقت دينامية لزيادة التعاون في مجال مكافحة الإرهاب مع (طالبان)»، حتى وإن كان «الأمر غير واضح».

بعد هذا الهجوم، أعلنت موسكو أنها تريد شطب «طالبان» من لائحتها للكيانات «الإرهابية».

وقال القائم بالأعمال الروسي في أفغانستان ديمتري جيرنوف، في يوليو (تموز)، إن «(طالبان) هي بالتأكيد حليفتنا في مكافحة الإرهاب»، مضيفاً: «إنهم يعملون على تصفية الخلايا الإرهابية».

الولايات المتحدة أيضاً

ترى تريشيا بايكون، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن روسيا هي «المرشح المفضل» للتعاون، لكنّ «(طالبان) حريصة جداً على سيادتها».

وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا أعتقد أنهم سيسمحون للروس بالقدوم والتجول في كل مكان»، لا سيما أن تنظيم «داعش ولاية خراسان» معروف بأنه يجنِّد حتى في صفوف عناصر سابقين في «طالبان».

وتشارك الولايات المتحدة أيضاً، وتندد سلطات «طالبان» بانتظام بتحليق مسيّرات أميركية في أجواء أفغانستان.

كانت واشنطن قد حذَّرت موسكو وطهران من هجمات وشيكة على أراضيهما، مما يدفع إلى الاعتقاد بأنها كانت تراقب عن كثب تنظيم «داعش ولاية خراسان».

أفغانيات يرتدين البرقع يسرن بالقرب من ميدان أحمد شاه مسعود في كابل خلال الاحتفال بالذكرى الثالثة لاستيلاء «طالبان» على أفغانستان... 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

وتعرض الأميركيون أنفسهم لضربات هذا التنظيم؛ ففي أغسطس (آب) 2021 تسبب اعتداء ضخم خلال عملية الإجلاء الفوضوية من مطار كابل في مقتل 170 أفغانياً و13 جندياً أميركياً.

وحذر قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، الجنرال مايكل إريك كوريلا، هذا العام، من أن تنظيم «داعش ولاية خراسان» لا تزال «لديه القدرة على ضرب المصالح الغربية في غضون 6 أشهر، سواء من دون تحذير مسبق أو بتحذير مسبق ضئيل».

لكن جدون لفتت إلى أن «الروابط المحتملة بين (طالبان) وجماعات أخرى مثل تنظيم القاعدة» الذي نفَّذ اعتداءات 11 سبتمبر 2001 الدامية في الولايات المتحدة «تحد بشكل كبير من إمكانية حصول تعاون».

وأضافت: «من المرجح أن يكون مثل هذا التعاون محدوداً وغير مباشر وموجهاً بشكل أساسي نحو التهديد الذي يشكله تنظيم (داعش ولاية خراسان)».

وسيترتب عليه، حسبها، الموازنة «بين ضرورة مواجهة هذا الخطر الناشئ» و«المخاوف الأخلاقية والاستراتيجية الهائلة الناجمة عن التعاون مع نظام (طالبان)».