مقتل 9 مسلحين في هجوم على قاعدة جوية تبنّته «طالبان» الباكستانية

بعض الأضرار لحقت بـ3 طائرات خارج الخدمة

استنفار أمني بالقرب من الحدود مع أفغانستان... وتصاعد التوترات بين البلدين منذ عودة «طالبان» في كابل إلى السلطة قبل عامين (رويترز)
استنفار أمني بالقرب من الحدود مع أفغانستان... وتصاعد التوترات بين البلدين منذ عودة «طالبان» في كابل إلى السلطة قبل عامين (رويترز)
TT

مقتل 9 مسلحين في هجوم على قاعدة جوية تبنّته «طالبان» الباكستانية

استنفار أمني بالقرب من الحدود مع أفغانستان... وتصاعد التوترات بين البلدين منذ عودة «طالبان» في كابل إلى السلطة قبل عامين (رويترز)
استنفار أمني بالقرب من الحدود مع أفغانستان... وتصاعد التوترات بين البلدين منذ عودة «طالبان» في كابل إلى السلطة قبل عامين (رويترز)

أعلن الجيش الباكستاني أن قواته قتلت 9 مسلَّحين شنّوا هجوماً على قاعدة تدريب لسلاح الجو تبنّته مجموعة مرتبطة بحركة «طالبان» الباكستانية. وقال الجيش، في بيان، إن «جميع الإرهابيين التسعة أُرسلوا إلى الجحيم»، مضيفاً أن العملية انتهت.

وأعلنت حركة «الجهاد» الباكستانية، التي برزت مؤخراً والمرتبطة بحركة «طالبان» الباكستانية، مسؤوليتها عن الهجوم، في بيان أُرسل إلى وسائل الإعلام. واقتحم المسلّحون، في ساعة مبكرة السبت، مدينة مياوالي بإقليم البنجاب (وسط)، قرب حدود إقليم خيبر بختونخوا.

وشنّت قوات الأمن العملية الناجحة للقضاء على أي تهديد محتمل في المنطقة المحيطة، وفق الجيش. وأضاف البيان أن «بعض الأضرار لحقت بـ3 طائرات خارج الخدمة، خلال الهجوم»، دون تقديم مزيد من التفاصيل.

جنود الجيش الباكستاني في حالة استنفار بالقرب من موقع تفجير إرهابي خارج مسجد الشرطة في بيشاور (إ.ب.أ)

وجاء في بيان للجيش أن 3 مسلّحين قُتلوا قبل وصولهم إلى القاعدة، كما جَرَت محاصَرة الباقين قبل بداية عملية لتطهير المنطقة. ولم يُشِر إلى أي خسائر في صفوف أفراد الأمن. وقال الجيش إن 9 مسلّحين قُتلوا في الهجوم على قاعدة مياوالي لتدريب القوات الجوية الباكستانية. وذكر بيان سابق أن عدد المسلَّحين الذين شنّوا الهجوم 6. وقال البيان: «بفضل الرد السريع والفعال من قِبل القوات، جرى إحباط (الهجوم)، وضمان سلامة أمن الأفراد والأصول العسكرية».

توزع حركة «طالبان» الطعام على اللاجئين الأفغان الذين يعودون إلى وطنهم عبر الحدود الأفغانية - الباكستانية بعد انتهاء الموعد النهائي الذي حددته الحكومة الباكستانية لطرد المهاجرين غير الشرعيين في قندهار (إ.ب.أ)

وأعلنت حركة «الجهاد» الباكستانية مسؤوليتها عن الهجوم، في بيان أرسله المتحدث باسمها إلى الصحافيين. ولا يُعرَف كثير عن تلك الحركة التي ظهرت على الساحة، هذا العام، ونفّذت سلسلة من الهجمات الكبيرة في البلاد؛ منها هجوم أودى بحياة 12 جندياً في قاعدة عسكرية باكستانية بمقاطعة بلوشستان الجنوبية الغربية، في يوليو (تموز).

ويقول محللون إن المسلّحين في المناطق القبلية أصبحوا أكثر جرأة منذ عودة سلطات «طالبان» إلى أفغانستان المجاورة في 2021.

تفتيش راكبي الدراجات النارية والأشخاص في قندهار عقب هجوم إرهابي (إ.ب.أ)

وكثيراً ما تتهم باكستان جارتها بإيواء مسلّحين يخططون ويشنّون هجمات من أراضٍ أفغانية، وهو ما تنفيه حكومة «طالبان». لكن قلَّما تحدث هجمات في ولاية البنجاب.

و«طالبان» الباكستانية، التي ظهرت على الساحة بباكستان في عام 2007، حركة منفصلة عن «طالبان» الأفغانية، لكنها مدفوعة بالعقيدة المتشددة نفسها.

وتركز الحركة عملياتها إلى حد كبير على استهداف قوات الأمن، لكن أعمال العنف لا تستثني المدنيين أحياناً. ويأتي الهجوم بعد مقتل 14 جندياً تعرضت قافلتهم لهجوم في إقليم بلوشستان، ومقتل 6 مدنيين في استهداف عربة للشرطة في خيبر بختونخوا، الجمعة.

وتشهد بلوشستان تمرّداً منذ عقود تشنّه مجموعات عِرقية مسلَّحة من البلوش تُقاتل الحكومة، متهمة إياها باستغلال موارد الإقليم من الغاز والمعادن.

والجمعة، قُتل 19 شخصاً، وأصيب عشرات آخرون في حادثين مختلفين بباكستان، أحدهما في إقليم بلوشستان، (جنوب غربي البلاد)، حيث تعرضت عربتان عسكريتان لكمين، والآخر في ديرا إسماعيل خان (شمال البلاد)، جراء انفجار قنبلة استهدفت سيارة للشرطة.


مقالات ذات صلة

«طالبان» حليف غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب

تحليل إخباري يقف أعضاء «طالبان» التابعون لوزارة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في نقطة تفتيش على طول طريق على مشارف ولاية هرات... 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

«طالبان» حليف غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب

بعد 3 سنوات على خروج الائتلاف الغربي من أفغانستان وسط فوضى عارمة مع سيطرة «طالبان» على كابل، باتت الحركة محاوراً غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
أوروبا عناصر من الشرطة الألمانية المختصة بمكافحة الإرهاب (غيتي)

تحريك دعوى قضائية في ألمانيا ضد 3 مراهقين للاشتباه بإعدادهم لهجوم إرهابي إسلاموي

حرك الادعاء العام الألماني دعوى قضائية ضد 3 مراهقين من ولاية شمال الراين-ويستفاليا بتهمة الإعداد لهجوم إرهابي إسلاموي.

«الشرق الأوسط» (دوسلدورف )
شمال افريقيا الرئيس التونسي قيس سعيّد في اجتماع قبل أيام حول ملف الهجرة غير النظامية مع وزير الداخلية خالد النوري وكاتب الدولة للأمن سفيان بالصادق (من موقع الرئاسة التونسية)

تونس: إيقافات ومحاكمات لتونسيين وأفارقة متهمين بتهريب البشر

كشفت مصادر أمنية وقضائية رسمية تونسية أن الأيام الماضية شهدت حوادث عديدة في ملف «تهريب البشر» من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء نحو تونس.

كمال بن يونس (تونس)
شؤون إقليمية مجلس الأمن القومي التركي برئاسة إردوغان أكد استمرار العمليات العسكرية ودعم الحل في سوريا (الرئاسة التركية)

تركيا ستواصل عملياتها ضد «الإرهاب» ودعم الحل السياسي في سوريا

أكدت تركيا أنها ستواصل عملياتها الهادفة إلى القضاء على التنظيمات الإرهابية في سوريا إلى جانب تكثيف جهود الحل السياسي بما يتوافق مع تطلعات ومصالح الشعب السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا قوات باكستانية خلال دورية في بيشاور (وسائل إعلام باكستانية)

فشل جهود الحكومة الباكستانية في منع تصاعد العنف بالبلاد

استمر العنف في الارتفاع بمقاطعتين مضطربتين في باكستان مع مواصلة الجيش المشاركة في عمليات مكافحة الإرهاب في شمال غربي وجنوب غربي البلاد

عمر فاروق (إسلام آباد )

«طالبان» حليف غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب

يقف أعضاء «طالبان» التابعون لوزارة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في نقطة تفتيش على طول طريق على مشارف ولاية هرات... 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
يقف أعضاء «طالبان» التابعون لوزارة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في نقطة تفتيش على طول طريق على مشارف ولاية هرات... 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

«طالبان» حليف غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب

يقف أعضاء «طالبان» التابعون لوزارة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في نقطة تفتيش على طول طريق على مشارف ولاية هرات... 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
يقف أعضاء «طالبان» التابعون لوزارة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» في نقطة تفتيش على طول طريق على مشارف ولاية هرات... 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

بعد 3 سنوات على خروج الائتلاف الغربي من أفغانستان وسط فوضى عارمة مع سيطرة «طالبان» على كابل، باتت الحركة محاوراً غير متوقَّع في مكافحة الإرهاب على وقع اعتداءات تنظيم «داعش ولاية خراسان» في عدد من الدول، حسب رأي خبراء.

سيرغي لافروف (يمين) يصافح القائم بأعمال وزير خارجية أفغانستان أمير خان متقي خلال اجتماعهما في موسكو 4 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الحكومة «تتبادل معلومات أحياناً مع الدول التي تطولها هذه الجماعة»، في وقت شهدت أفغانستان في سبتمبر (أيلول) اعتداءين على الأقل نفَّذهما تنظيم «داعش ولاية خراسان» أوقعا ما لا يقل عن عشرين قتيلاً.

أفراد أمن «طالبان» يحملون بنادق خلال التزلج للاحتفال بالذكرى الثالثة لاستيلاء الحركة على أفغانستان في كابل... 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

وهذا ما أكده غراهام سميث، الباحث في مجموعة الأزمات الدولية، موضحاً لوكالة الصحافة الفرنسية أن «مسؤولين في أجهزة استخبارات غربية قالوا لي إن هناك تعاوناً مع (طالبان) ضد تنظيم (داعش ولاية خراسان)».

وأفاد بـ«تبادل معلومات تسمح لـ(طالبان) بتنفيذ أعمال فتاكة ضد الإرهابيين». وأعلنت كابل، يوم الاثنين، قتل عنصرين في تنظيم «داعش ولاية خراسان» وتوقيف طاجيكستاني «كان يخطط لعملية انتحارية».

وهناك غارات كثيرة لا تعلّق عليها العواصم الأجنبية التي لم يعد لها تمثيل دبلوماسي في كابل.

وأضاف سميث: «ثمة فجوة بين الخطاب العلني للغربيين الذين ينددون بشريعة (طالبان) المتشددة» التي تقمع الأفغانيات خصوصاً، «وهذه الدول نفسها التي تريد من (طالبان) أن تفرض احترام القانون» في مواجهة الجماعات المسلحة.

لكن دعم الحركة بالأموال والتكنولوجيا ليس أمراً بدهياً بالنسبة إلى الدول الغربية، وهي لا تعترف بالإمارة التي حلَّت محل الجمهورية في عام 2021.

يقول آرون زيلين، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن «(طالبان) لديها حدود ضمن ما يمكنها فعله»، لأنه رغم استيلائها على ترسانة أجنبية في 2021، ليس لديها سوى إمكانات تكنولوجية محدودة.

طلب الدعم سرّاً

وأشار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة العام الماضي، إلى أن «(طالبان) طلبت سراً دعماً استخباراتياً ولوجيستياً» لمحاربة تنظيم «داعش ولاية خراسان»، «وعرضت أن تكون شريكاً في الحرب ضد الإرهاب».

وأوضح زيلين أنه من مارس (آذار) 2023 إلى الشهر نفسه عام 2024، خطط تنظيم «داعش ولاية خراسان» الذي تأسس عام 2015 لـ21 اعتداءً في 9 دول، مقابل 8 في الأشهر الـ12 السابقة.

وفي يناير (كانون الثاني)، قتل تنظيم «داعش ولاية خراسان» أكثر من 90 شخصاً في هجوم مزدوج في كرمان بإيران، وفي مارس قتل 145 آخرين في هجوم بإطلاق النار نفَّذه 4 مشتبه بهم من طاجيكستان في قاعة للحفلات الموسيقية في موسكو.

ويرى الخبراء أن هذا دليل إضافي على زيادة التجنيد في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة في آسيا الوسطى المجاورة لأفغانستان.

وتقول أميرة جدون، من جامعة «كليمسون» الأميركية، إن هذه الهجمات «أدت بالطبع إلى اشتداد القلق في العالم»، و«خلقت دينامية لزيادة التعاون في مجال مكافحة الإرهاب مع (طالبان)»، حتى وإن كان «الأمر غير واضح».

بعد هذا الهجوم، أعلنت موسكو أنها تريد شطب «طالبان» من لائحتها للكيانات «الإرهابية».

وقال القائم بالأعمال الروسي في أفغانستان ديمتري جيرنوف، في يوليو (تموز)، إن «(طالبان) هي بالتأكيد حليفتنا في مكافحة الإرهاب»، مضيفاً: «إنهم يعملون على تصفية الخلايا الإرهابية».

الولايات المتحدة أيضاً

ترى تريشيا بايكون، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن روسيا هي «المرشح المفضل» للتعاون، لكنّ «(طالبان) حريصة جداً على سيادتها».

وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا أعتقد أنهم سيسمحون للروس بالقدوم والتجول في كل مكان»، لا سيما أن تنظيم «داعش ولاية خراسان» معروف بأنه يجنِّد حتى في صفوف عناصر سابقين في «طالبان».

وتشارك الولايات المتحدة أيضاً، وتندد سلطات «طالبان» بانتظام بتحليق مسيّرات أميركية في أجواء أفغانستان.

كانت واشنطن قد حذَّرت موسكو وطهران من هجمات وشيكة على أراضيهما، مما يدفع إلى الاعتقاد بأنها كانت تراقب عن كثب تنظيم «داعش ولاية خراسان».

أفغانيات يرتدين البرقع يسرن بالقرب من ميدان أحمد شاه مسعود في كابل خلال الاحتفال بالذكرى الثالثة لاستيلاء «طالبان» على أفغانستان... 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

وتعرض الأميركيون أنفسهم لضربات هذا التنظيم؛ ففي أغسطس (آب) 2021 تسبب اعتداء ضخم خلال عملية الإجلاء الفوضوية من مطار كابل في مقتل 170 أفغانياً و13 جندياً أميركياً.

وحذر قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، الجنرال مايكل إريك كوريلا، هذا العام، من أن تنظيم «داعش ولاية خراسان» لا تزال «لديه القدرة على ضرب المصالح الغربية في غضون 6 أشهر، سواء من دون تحذير مسبق أو بتحذير مسبق ضئيل».

لكن جدون لفتت إلى أن «الروابط المحتملة بين (طالبان) وجماعات أخرى مثل تنظيم القاعدة» الذي نفَّذ اعتداءات 11 سبتمبر 2001 الدامية في الولايات المتحدة «تحد بشكل كبير من إمكانية حصول تعاون».

وأضافت: «من المرجح أن يكون مثل هذا التعاون محدوداً وغير مباشر وموجهاً بشكل أساسي نحو التهديد الذي يشكله تنظيم (داعش ولاية خراسان)».

وسيترتب عليه، حسبها، الموازنة «بين ضرورة مواجهة هذا الخطر الناشئ» و«المخاوف الأخلاقية والاستراتيجية الهائلة الناجمة عن التعاون مع نظام (طالبان)».