حراك دبلوماسي حول كاراباخ... ونزوح الآلاف إلى أرمينيا

لقاء بين إردوغان وعلييف... ومسؤولتان أميركيتان تزوران يريفان

لقطة فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية الاثنين تظهر عمليات إجلاء نازحين من ستيباناكيرت تنظمها قوات حفظ السلام الروسية (أ.ف.ب)
لقطة فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية الاثنين تظهر عمليات إجلاء نازحين من ستيباناكيرت تنظمها قوات حفظ السلام الروسية (أ.ف.ب)
TT

حراك دبلوماسي حول كاراباخ... ونزوح الآلاف إلى أرمينيا

لقطة فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية الاثنين تظهر عمليات إجلاء نازحين من ستيباناكيرت تنظمها قوات حفظ السلام الروسية (أ.ف.ب)
لقطة فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية الاثنين تظهر عمليات إجلاء نازحين من ستيباناكيرت تنظمها قوات حفظ السلام الروسية (أ.ف.ب)

دخل قرابة خمسة آلاف لاجئ من كاراباخ إلى أرمينيا، الاثنين، وسط حراك دبلوماسي لاحتواء تداعيات العملية الأخيرة التي شنّتها أذربيجان في الإقليم. وفي السياق، وصل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى جيب ناخيتشيفان الأذربيجاني على مسافة مئات الكيلومترات فقط للقاء نظيره الأذربيجاني إلهام علييف.

وقالت الحكومة الأرمينية في بيان: إن «4850 نازحاً دخلوا إلى أرمينيا من كاراباخ» بحلول الاثنين، وذلك بعدما كانت مجموعة أولى من اللاجئين الفارين قد وصلت أيضاً إلى أرمينيا. ووصل بضع عشرات من النازحين معظمهم نساء وأطفال ومسنون، إلى مركز إيواء أقامته الحكومة الأرمينية في كورنيدزور عند الحدود الأرمينية - الأذربيجانية.

«أيام فظيعة»

في مدينة غوريس، يعجّ المركز الإنساني الذي أُقيم في مبنى مسرح البلدية باللاجئين؛ وذلك لإجراءات تسجيل أسمائهم والعثور على مسكن أو وسيلة نقل باتجاه مناطق أخرى في أرمينيا.

وصلت أنابيل غولاسيان (41 عاماً)، المتحدّرة من قرية ريف، للتوّ إلى غوريس في حافلة صغيرة مع خمسة من أبنائها السبعة في حين بقي الاثنان الآخران في يريفان مع زوجها. عندما بدأ القتال الأسبوع الماضي في كاراباخ، لجأت غولاسيان وأسرتها إلى القاعدة الروسية في مطار ستيباناكيرت «عاصمة» كاراباخ، لكنهم طُردوا منها بعد ليلتهم الأولى فيها، وانتقلوا إلى مبنى مهجور وغير مسقوف. وتقول: «كانت أياماً فظيعة، كنّا نجلس جنباً إلى جنب. أغنياء وفقراء، كلّنا في المكان نفسه».

تنتظر المرأة الأربعينية مع أسرتها أمام المركز الإنساني، وإلى جانبها بعض مقتنياتها. وتضيف: «كان الوضع سيئاً جداً؛ لذلك تواصلنا مع رئيس إدارة قريتنا وسألناه إذا كان بإمكاننا الرحيل. قال نعم، لكن إذا ذبحكم الأتراك (وهي التسمية التي يعتمدها كثيرون للإشارة إلى الأذربيجانيين) لن نتحمّل المسؤولية»، حسبما نقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية.

«ليس لدي مكان أذهب إليه»

تضم فالنتينا أسريان (54 عاماً)، التي كانت تسكن في بلدة فانك، أصغر أحفادها بحرارة بين ذراعيها، وإلى جانبها بقية أحفادها، قائلة: «من كان يظنّ أن الأتراك سيدخلون هذه القرية الأرمينية التاريخية. إنّه أمر لا يُصدّق». وتضيف: «الآن أصبح الأتراك هناك، يقيمون في (فندق) تايتانيك (المحلي). قصفوا القرية، كان هناك جرحى، قُتل زوج أختي. كنّا في الملاجئ، أي فعلياً أقبية منازلنا، ونُقلنا إلى المطار في اليوم التالي».

وتشير إلى أنه تمّ توفير حافلات لإعطاء الأولوية لإجلاء الأشخاص الذين خسروا منازلهم على غرارها. وتتابع: «ليس لديّ أقارب هنا، ولا أي مكان أذهب إليه».

وستتكفّل الدولة الأرمينية بإقامتها في فندق في مدينة غوريس. وأعلنت سلطات كاراباخ الأحد، أن المدنيين الذين شردتهم أعمال العنف الأخيرة سينقلون إلى أرمينيا بمساعدة جنود حفظ سلام روس ينتشرون في المكان منذ الحرب السابقة بين الطرفين في عام 2020.

وتعهدت أذربيجان السماح للمتمردين الذين يستسلمون الانتقال إلى أرمينيا. ويخشى كثيرون أن يفرّ السكان المحليون بأعداد كبيرة بينما تعزز القوات الأذربيجانية سيطرتها.

وإضافة إلى القلق المهيمن على سكان كاراباخ البالغ عددهم نحو 120 ألفاً، يبقى الوضع الإنساني صعباً أيضاً. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية: إن «العاصمة» ستيباناكيرت باتت محرومة من الكهرباء والوقود في حين يعاني سكانها نقصاً في المواد الغذائية والأدوية.

الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف لدى استقباله نظيره التركي رجب طيب إردوغان في ناخيتشيفان الاثنين (أ.ف.ب)

لقاء إردوغان علييف

في هذا الإطار، يشارك الرئيسان التركي والأذربيجاني في مراسم وضع الحجر الأساس في خط جديد لنقل الغاز وتدشين مجمع عسكري أذربيجاني في جيب ناخيتشيفان الواقع بين أرمينيا وإيران والذي أُلحق بأذربيجان في عام 1923 من دون أن يكون متصلاً جغرافياً بباكو. ويتناقض الموقف التركي مع انسحاب روسيا الظاهر من المنطقة بينما يرى بعض الخبراء أن الرئيس علييف يعدّ أن ضم ممر زانغيزور الأرميني على طول الحدود مع إيران سيسمح بإقامة التواصل الجغرافي حتى ناخيتشيفان ومع تركيا كذلك.

وفي حين يواجه مظاهرات مناهضة منذ الثلاثاء، ألقى رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان باللوم وإن ضمناً على روسيا، لعدم دعمها أرمينيا بعد انتصار الجيش الأذربيجاني على الانفصاليين الأرمن في كاراباخ. وقال عبر التلفزيون: «تبين أن الأنظمة الأمنية الخارجية التي تنخرط أرمينيا في إطارها غير فاعلة لحماية أمنها ومصالحها» في إشارة شبه مبطنة إلى العلاقات مع موسكو الموروثة من الحقبة التي كانت فيها أرمينيا إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق.

لكن الكرملين رفض على لسان الناطق باسمه دميتري بيسكوف هذه الانتقادات، وقال الاثنين: «نحن نرفض بشكل قاطع كل المحاولات لتحميل المسؤولية للجانب الروسي وقوات حفظ السلام الروسية (في كاراباخ) التي تتصرف ببسالة»، رافضاً أي «مآخذ» عليها أو اتهامها بالتقصير. وأضاف: «تبقى أرمينيا حليفتنا وحكومتها قريبة منا وشعبها قريب منّا»، لافتاً إلى أن «الحوار» بين موسكو ويريفان مستمرّ على مستويات دبلوماسية عدّة، «خصوصاً في هذه الأيام الصعبة». وأكّد أن روسيا ستستمر في «تأدية واجباتها» ولا سيّما في «ضمان احترام حقوق سكان كاراباخ».

ورغم أجواء الأزمة، يعقد اجتماع مقرر بين علييف وباشينيان منذ فترة طويلة في إسبانيا في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول)، على ما أعلنت السلطات الأرمينية. وسيحضر الاجتماع كذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال.

مسؤولتان أميركيتان إلى أرمينيا

في سياق متصل، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أميركي، أن مسؤولتين كبيرتين بالإدارة الأميركية ستصلان إلى يريفان الاثنين. وستكون زيارة مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور والقائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون أوروبا والشؤون الآسيوية الأوروبية يوري كيم هي الأولى من نوعها إلى أرمينيا منذ وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي. وقال المسؤول: إن باور ستلتقي مع كبار المسؤولين الحكوميين «ستؤكد الدعم الأميركي لديمقراطية أرمينيا وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها والتزامها بتلبية الاحتياجات الإنسانية التي نتجت من (الوضع) في كاراباخ». وأضاف المسؤول، أن باور ستكون أول مديرة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية تزور أرمينيا وتؤكد الشراكة الأميركية مع يريفان و«تعبر عن قلقها البالغ بشأم السكان الأرمن في كاراباخ وتبحث التدابير اللازمة لمعالجة الأزمة الإنسانية هناك».

وتابع المسؤول: «يساور الولايات المتحدة قلق بالغ إزاء التقارير عن الأوضاع الإنسانية في كاراباخ وتدعو إلى السماح بوصول المنظمات الإنسانية الدولية وحركة التجارة دون أي عوائق».

وأُجبر الأرمن في كاراباخ، المعترف بها دولياً كجزء من أذربيجان، ولكنها لم تكن خاضعة لسيطرتها سابقاً، على وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي، وذلك بعد عملية عسكرية استمرت 24 ساعة نفذها الجيش الأذربيجاني. ولا يثق الأرمن بتعهدات أذربيجان بضمان حقوقهم حين ضم المنطقة. وقالت قيادة كاراباخ لـ«رويترز»: إن الأرمن الذين يبلغ عددهم 120 ألفاً في المنطقة لا يرغبون في العيش كجزء من أذربيجان خشية الاضطهاد والتطهير العرقي.



43 قتيلًا في هجوم شمال باكستان

خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
TT

43 قتيلًا في هجوم شمال باكستان

خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)
خلال تشييع شخص قُتل بالهجمات في باكستان الخميس... في باراشينار شمال غربي باكستان في 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

ارتفعت حصيلة هجومين استهدفا، أمس (الخميس)، موكبين لعائلات شيعية في شمال غربي باكستان، الذي يشهد عنفاً طائفياً، إلى 43 شخصاً من بينهم 7 نساء و3 أطفال.

وقال جاويد الله محسود، المسؤول المحلي في كورام؛ حيث وقع الهجومان، إنه بالإضافة إلى القتلى «أُصيب 16 شخصاً، منهم 11 في حالة حرجة».

وأكد شرطي في الموقع هذه الحصيلة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم الكشف عن هويته، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مسؤول محلي آخر في باراشينار، معقل الشيعة في كورام، إن «السكان أقاموا اعتصاماً في أثناء الليل في السوق المركزية يتواصل حتى الآن».

ورداً على ذلك «قُطعت شبكة الهاتف الجوال، وفُرض حظر تجول على الطريق الرئيس» و«عُلّقت» حركة المرور.

من جهته، أشار محسود إلى أن مجلساً قبلياً «عُقد من أجل إعادة فرض السلام والنظام».

منذ يوليو (تموز)، خلّفت أعمال العنف بين القبائل الشيعية والسُّنِّية في هذه المنطقة الجبلية أكثر من 70 قتيلاً، بحسب اللجنة الباكستانية لحقوق الإنسان، وهي منظمة غير حكومية مدافعة عن الحريات في البلاد.

وتندلع بشكل دوري اشتباكات قبلية وطائفية، ثم تتوقف حين يتم التوصل إلى هدنة من قبل مجلس قبلي (الجيرغا). وبعد أسابيع أو أشهر تتجدد أعمال العنف.

وشهدت كورام في يوليو، وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) حوادث سقط فيها قتلى.

منذ ذلك الحين تواكب الشرطة العائلات التي تنتقل إلى المناطق التي يسكنها أتباع الديانة الأخرى.

وتتعلق النزاعات بين القبائل ذات المعتقدات المختلفة، خصوصاً بمسألة الأراضي في المنطقة؛ حيث تكون قواعد الشرف القبلية قوية، وغالباً ما تسود على النظام الذي تكافح قوات الأمن للحفاظ عليه.