هل من مكاسب للانقلاب المفاجئ لموقف إردوغان من انضمام السويد إلى «الناتو»؟

 الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى وصوله إلى قاعة قمة «الناتو» في فيلنيوس الثلاثاء (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى وصوله إلى قاعة قمة «الناتو» في فيلنيوس الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

هل من مكاسب للانقلاب المفاجئ لموقف إردوغان من انضمام السويد إلى «الناتو»؟

 الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى وصوله إلى قاعة قمة «الناتو» في فيلنيوس الثلاثاء (أ.ف.ب)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لدى وصوله إلى قاعة قمة «الناتو» في فيلنيوس الثلاثاء (أ.ف.ب)

أثار قرار تركيا المفاجئ بالموافقة على طلب السويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) عشية قمته التي انطلقت، الثلاثاء، في فيلنيوس، عاصمة ليتوانيا، العديد من التساؤلات حول أسباب التحول المفاجئ بواقع 180 درجة في موقف أنقرة... وهل هناك مكاسب حصلت عليها في المقابل؟

ووصف الأمين العام لـ«الناتو»، ينس ستولتنبرغ، لدى إعلانه موافقة الرئيس رجب طيب إردوغان على عرض بروتوكول انضمام السويد إلى البرلمان التركي عقب اجتماع ثلاثي ضم رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، بأنه «يوم تاريخي».

تعهد سويدي

قوبلت الخطوة بارتياح كبير من جانب الولايات المتحدة و«الناتو»، وصدرت تصريحات تشير إلى تعهدات بشأن الأسباب السابقة لاستخدام تركيا «الفيتو» على انضمام الدولة الاسكندنافية إلى الحلف الغربي، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب، وتحريك ملف حصول تركيا على مقاتلات «إف 16» الأميركية، الذي ربطته واشنطن بموافقة تركيا على طلب السويد، وأخيراً إحياء ملف مفاوضات تركيا مع الاتحاد الأوروبي لنيل عضويته، وهو البند الذي ظهر فجأة قبل توجه إردوغان، الاثنين، إلى فيلنيوس للمشاركة في قمة الناتو. رئيس وزراء السويد، أولف كريسترسون، قال في تصريحات قبل انطلاق قمة فيلنيوس، الثلاثاء، إنه «من المعروف أننا نؤيد العلاقات الوثيقة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا. نحن ندعم تطوير العلاقات الاقتصادية، وتحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي، وتحسين لوائح حصول المواطنين الأتراك على تأشيرة دخول دول الاتحاد (شنغن)، وهذا سيخلق أرضية خصبة لتعاون أوثق».

رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون يتحدث للصحافيين في فيلنيوس الاثنين (أ.ب)

تحرك أميركي

وسارع الرئيس الأميركي جو بايدن، الموجود في فيلنيوس والذي أجرى اتصالاً هاتفياً مع إردوغان، الأحد، لحثه على عدم عرقلة طلب السويد، إلى الترحيب بموافقة نظيره التركي على دعم انضمام السويد لـ«الناتو». وقال بايدن، بحسب بيان للبيت الأبيض، إنه مستعد للعمل مع إردوغان على تعزيز الدفاع والردع في المنطقة الأورو - أطلسية، كما يتطلع إلى انضمام السويد لتصبح الدولة الثانية والثلاثين في الحلف.

وأعلنت وزارتا الدفاع الأميركية (البنتاغون) والتركية أن وزير الدفاع لويد أوستن بحث مع نظيره التركي يشار غولر، في اتصال هاتفي ليل الاثنين - الثلاثاء، دعم مساعي تركيا للتحديث العسكري، بعد أن أعلن إردوغان موافقة تركيا على دعم انضمام السويد إلى «الناتو». وطلبت تركيا في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 شراء 40 مقاتلة «إف 16» إلى جانب 80 من المعدات لتحديث طائراتها الحربية الحالية، بما قيمته 20 مليار دولار من شركة «لوكهيد مارتن». بدوره، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، بوب مينينديز، في مقابلة تلفزيونية: «نجري محادثات مع الإدارة... إذا تمكنت من إيجاد طريقة لضمان توقف عدوان تركيا على جيرانها، وهو ما حدث في الأشهر الكثيرة الماضية، فهذا عظيم، ولكن يجب أن يكون هناك واقع دائم... هناك حاجة إلى سبيل لتعزيز أمن اليونان والحصول على «تأكيدات بشأن الإجراءات المستقبلية». وعن المدة التي قد يستغرقها اتخاذ قرار بشأن الإبقاء على تعليق مبيعات «إف 16» لتركيا، قال مينينديز: «من المحتمل الأسبوع المقبل». ورحب ستولتنبرغ، الثلاثاء، بالحوار بين تركيا والولايات المتحدة حول صفقة مقاتلات «إف 16». وأكد في مؤتمر صحافي على هامش قمة فيلنيوس، أن خطة تركيا لشراء مقاتلات «إف 16» ليست جزءاً من الاتفاق الذي تم التوصل إليه، الاثنين، بين تركيا والسويد و«الناتو»، مضيفاً: «قمة فيلنيوس أصبحت تاريخية قبل أن تبدأ، الآن لدينا مسألة عضوية السويد، وعضويتها أمر جيد بالنسبة للسويد وتركيا، وكل حلف شمال الأطلسي ومنطقة البلطيق». وأكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، الأمر ذاته، مشدداً على أن عضوية السويد في «الناتو» وبيع المقاتلات لتركيا هما قضيتان منفصلتان، لافتاً إلى أن السويد اتخذت إجراءات كافية لمعالجة مخاوف أنقرة الأمنية. وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، إن الولايات المتحدة تؤيد فكرة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، مؤكداً دعم الرئيس جو بايدن خطة تسليم مقاتلات «إف 16» لأنقرة.

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يصافح الأمين العام لـ«الناتو» ينس ستولتنبرغ خلال القمة في فيلنيوس الثلاثاء (أ.ب)

الموقف الأوروبي

وقال رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشيل، عقب مباحثات مع إردوغان في فيلنيوس، إن هناك فرصاً لإحياء العلاقات بين تركيا وأوروبا من جديد. وأضاف: «مجلس الاتحاد الأوروبي طلب من المفوضية والممثل الأعلى للاتحاد للعلاقات الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، إعداد تقرير استراتيجي تقييمي حول العلاقات مع تركيا». في السياق ذاته، أكد المستشار الألماني أولاف شولتز، أنه لا علاقة لانضمام السويد إلى «الناتو» بمسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وذلك بعدما ربط إردوغان بين المسألتين. وأضاف شولتز: «يجب عدم اعتبارهما موضوعين مرتبطين... لا شيء يمنع انضمام السويد إلى الناتو».

مجرد وعود

الانقلاب المفاجئ في موقف إردوغان أثار العديد من التساؤلات داخل تركيا وخارجها، وذهب محللون أتراك إلى أن الرئيس التركي لم يحصل على شيء ملموس إلا مجرد وعود، لكن الأزمة الساخنة في «الناتو» انتهت قبل انعقاد قمة فيلنيوس. وتساءل الكاتب المحلل السياسي مراد يتكين عما إذا كان يريد إردوغان المصادقة على طلب السويد قبل عطلة البرلمان التركي أم سينتظر حتى الخريف المقبل للوفاء بالوعود؟. وذهب إلى أن الأزمة الساخنة في «الناتو» انتهت، وعززت عضوية السويد في «الناتو» من قوة أميركا والاتحاد الأوروبي في مواجهة روسيا، بعد أن قررت تركيا أن تكون جزءاً من الحل وليس المشكلة، مخاطرة بإغضاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ولفت إلى أنه لم يكن هناك أي تطور في الساعات الماضية يمهد الطريق في عملية عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، بل على العكس قال المستشار الألماني إن العمليتين غير مرتبطتين. وتابع أنه بالنسبة لمكافحة الإرهاب لم تسلم السويد أيضاً 130 من عناصر «حزب العمال الكردستاني»، و100 من عناصر «منظمة فتح الله غولن» الذين طالبت بهم تركيا حتى توافق على انضمامها لـ«الناتو». وأشار إلى أن المعارضة التركية تعرضت لهجوم حاد خلال فترة الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مايو (أيار)، بزعم أنها ستوافق على الفور على انضمام السويد لـ«الناتو»؛ لأن الولايات المتحدة تريد ذلك، لكن ماذا حدث؟... وافق إردوغان على طلب السويد بعد اتصال من بايدن، والآن تسوق وسائل الإعلام الموالية للحكومة الأمر على أنه «انتصار دبلوماسي»، بينما لم يتعد الأمر في الواقع مجرد وعود.

لا ورقة رابحة

ولفت المحلل السياسي مصطفى كمال أردامول إلى أن الدبلوماسية لا تدار بلا أوراق رابحة، قائلاً إنه بعد منح إردوغان الموافقة على طلب السويد، لم تعد في يده ورقة رابحة، حال لقائه بادين ومناقشته بشأن صفقة مقاتلات «إف 16». وأضاف أن تركيا لديها سياسة خارجية تقوم على «الفرص» بدلاً من الحجج الدبلوماسية القوية، وكانت تستند فقط إلى الأوراق الرابحة، ويعني هذا أن تركيا ليس لديها خطوات تتخذها في حالة «عدم وجود فرصة». ولفت إلى أن إردوغان لم يهتم بأمر ناخبيه، وأقدم على خطوة مفاجئة للغاية، وبعد كلماته الكبيرة عن استحالة انضمام السويد في قمة فيلنيوس إذا به يقول «نعم»، قائلاً: «إذا كانت عضوية الاتحاد الأوروبي مهمة، فإنك ستمتثل لمعايير كوبنهاغن، التي تتطلبها العضوية، هذه المعايير تتمثل في الدفاع عن الديمقراطية، سيادة القانون، الاعتراف بحقوق الإنسان، احترام الأقليات وحمايتها، واقتصاد سوق». وقال أردامول إنه «وضع مؤلم حقاً أن يعتقد الرئيس (إردوغان) أنه يمكن قبول تركيا في الاتحاد الأوروبي عندما لا يعيق انضمام السويد إلى (الناتو)، إن عدم حصول السويد على عضوية الحلف أقل خطورة بالنسبة للاتحاد الأوروبي من انضمام تركيا، باستثناء الرئيس، لا أحد يعلم أن مثل هذه الخطوة التي اتخذها بمفرده غير مسبوقة في السياسة الخارجية، وعلى الرغم من أنها تبدو مفيدة على المدى القصير فإنها لا تحل أي مشاكل».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا أورسولا فون دير لاين عملت طبيبة مساعدة لعدة أعوام (رويترز)

فون دير لاين تسعف راكباً على متن رحلة إلى زيوريخ

قدّمت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خدماتها بصفتها طبيبة، عندما شعر أحد الركاب بتوعك على متن رحلة جوية من بروكسل إلى زيوريخ.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ سفينة شحن راسية مُحمَّلة بحاويات (أرشيفية - رويترز)

هل تؤدي رسوم ترمب الجمركية إلى إشعال حرب تجارية مع أوروبا؟

قد تكون الدول الأوروبية من بين الأكثر تضرراً إذا نفذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب التعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ذخيرة لمدفع هاوتزر أثناء تدريب في قاعدة للجيش الألماني في مونستر (رويترز)

الاتحاد الأوروبي يحقق هدفه بتزويد أوكرانيا بمليون قذيفة مدفعية

أعلن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، اليوم (الثلاثاء)، أن الاتحاد الأوروبي حقق هدفه المتمثل في تزويد أوكرانيا بمليون قذيفة مدفعية.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
شؤون إقليمية غروسي قال إن طريقة العمل القديمة مع إيران لم تعد ممكنة (أ.ف.ب)

طهران تعرض تجميد مخزون اليورانيوم عالي التخصيب

تتجه الأنظار إلى اجتماع فصلي لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ من المنتظر أن تدرس قوى أوروبية استصدار قرار «حساس» يدين إيران.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)
صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)
TT

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)
صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة. وأوضح الناطق عبد المتين قاني: «أطلق رجل النار على أتباع من المذهب الصوفي كانوا يشاركون في طقوس أسبوعية في مزار يقع بمنطقة نائية في إقليم ناهرين، ما أسفر عن سقوط 10 قتلى». وقال أحد المقيمين في ناهرين، الذي يعرف بعض ضحايا الهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن المصلين تجمعوا في مزار السيد باشا آغا، مساء الخميس. وأوضح طالباً عدم الكشف عن هويته أنهم كانوا بدأوا أناشيد صوفية «عندما أطلق رجل النار على نحو 10 مصلين». وأضاف: «عندما وصل أفراد للصلاة صباحاً اكتشفوا الجثث».

وغالباً ما تستهدف هجمات أتباع المذهب الصوفي خلال إقامتهم طقوساً وتجمعات في أفغانستان. في أبريل (نيسان) 2022، قُتل 33 شخصاً بينهم أطفال في انفجار استهدف مسجداً صوفياً خلال صلاة الجمعة في ولاية قندوز. وتراجع عدد التفجيرات مذ عادت حركة طالبان إلى السلطة في أغسطس (آب) 2021، إلا أن جماعات متطرفة وتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا تزال تشن هجمات واعتداءات من وقت لآخر، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية». في سبتمبر (أيلول)، أعلن «داعش - ولاية خراسان» مسؤوليته عن هجوم في وسط أفغانستان أوقع 14 قتيلاً تجمعوا لاستقبال زوار عائدين من مدينة كربلاء في العراق.