هل تدعم الصين قدرات كوريا الشمالية النووية لضرب نفوذ الولايات المتحدة؟

انضمام دول أخرى لـ«النادي النووي» ينذر بتداعيات كارثية بشرية واقتصادية

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يصافح الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال زيارة لبيونغ يانغ في يونيو 2019 (أرشيفية - وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية - رويترز)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يصافح الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال زيارة لبيونغ يانغ في يونيو 2019 (أرشيفية - وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية - رويترز)
TT

هل تدعم الصين قدرات كوريا الشمالية النووية لضرب نفوذ الولايات المتحدة؟

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يصافح الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال زيارة لبيونغ يانغ في يونيو 2019 (أرشيفية - وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية - رويترز)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يصافح الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال زيارة لبيونغ يانغ في يونيو 2019 (أرشيفية - وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية - رويترز)

يفرض البرنامج النووي لكوريا الشمالية نفسه على دوائر الفكر الاستراتيجي وصناعة القرار في الولايات المتحدة، رغم وجود كثير من الملفات الأشد سخونة على الصعيدين الخارجي والداخلي، بدءاً من الحرب الروسية ضد أوكرانيا وانتهاء بأزمة سقف الدين الأميركي.

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، يكشف بيتر هوسي كبير محللي شؤون الدفاع في معهد هدسون الأميركي، عن الدور الصيني المهم في بناء القدرات النووية الكورية الشمالية ودوافعه.

ويشير هوسي إلى أن القدرات النووية لكوريا الشمالية تمثل تهديداً خطيراً لجارتها كوريا الجنوبية للدرجة التي تجعل أغلبية الكوريين الجنوبيين، بحسب استطلاعات الرأي، يطالبون حكومة بلادهم بامتلاك أسلحة نووية، وهو أمر محظور عليها وفقاً لمعاهدة حظر الانتشار النووي.

وكبديل لهذا السيناريو، اقترح الرئيس الكوري الجنوبي سون سوك يول، على الولايات المتحدة نشر أسلحة نووية على أراضي بلاده، مع تعزيز التخطيط والتعاون العسكري المشترك بين سيول وواشنطن. وفي حين رفض الأميركيون الاقتراح الأول، فإنهم ينفذون الاقتراح الثاني. لكن كل هذا لا يمس جوهر المشكلة، وهو ما احتمالات تراجع القدرات النووية لكوريا الشمالية؟

ما زال كثير من المحللين يعتقدون أن كوريا الشمالية طورت برنامجها النووي لحمايتها من «السياسة العدائية» الأميركية ضدها، وأن استمرار الوجود العسكري في كوريا الجنوبية والتدريبات العسكرية السنوية التي تنفذها الدولتان داخل وحول شبه الجزيرة الكورية يمثلان مبرراً لدى كوريا الشمالية لتعزيز ترسانتها النووية. كما أن بيونغ يانغ ترى أن التعاون العسكري بين اليابان وكوريا الجنوبية دليل على جهد مشترك من الدولتين للإضرار بها.

ويرى أصحاب هذا الرأي أن خفض الوجود العسكري الأميركي في كوريا الجنوبية يمكن أن يسهل الحصول على تنازلات من كوريا الشمالية. لكن المحلل الاستراتيجي الأميركي بيتر هوسي مدير إدارة دراسات الردع النووي في معهد ميتشل للدراسات الفضائية، ورئيس ومؤسس شركة جيوستراتيجيك أنالاسيز للاستشارات، قال إن البرنامج النووي الكوري الشمالي جزء من استراتيجية تستهدف إخراج الولايات المتحدة من منطقة آسيا والمحيط الهادي، وهي مبادرة أطلقتها الصين عام 1982 كجزء من خطتها لتصبح أكبر قوة عسكرية واقتصادية في العالم خلال 100 عام.

وفي كتابه «نظرة ثاقبة على البرنامج النووي لكوريا الشمالية»، يطرح سيجفريد هيكر ادعاءين؛ الأول أنه كان يمكن التوصل إلى اتفاق لتفكيك البرنامج النووي لبيونغ يانغ، لكن إصرار الصقور في واشنطن على تغيير نظام الحكم الكوري الشمالي كان السبب في أخطاء عرقلت الوصول إلى هذا الاتفاق المحتمل. كما قال هيكر مثل مراقبين آخرين، إن الصين لم تكن مسؤولة عن البرامج النووية الكورية الشمالية ولا تستطيع البحث عن حل للمشكلة.

لكن هوسي يرى أن هذين الادعاءين غير صحيحين، وأن فهم خطأ الادعاء الثاني الذي ينفي دور الصين في تطوير الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، يوضح سبب خطأ الادعاء الأول أيضاً. ويضيف هوسي في تحليله، أن الحكومة الصينية قررت منذ أوائل الثمانينات، توفير تكنولوجيا السلاح النووي لعدد من حلفائها أبرزهم كوريا الشمالية، وهو ما يتم سراً بسبب تعارضه مع التزاماتها وفق معاهدة منع الانتشار النووي.

ويرى هوسي أن الدافع الرئيسي وراء الدعم الصيني للبرنامج النووي لكوريا الشمالية، رغبتها في إجبار الولايات المتحدة على الانسحاب من منطقة غرب المحيط الهادي بشكل خاص، لأن تحقيق حلم القوة العسكرية المسيطرة على العالم للصين كما عرضه المحلل ميشال يلسبوري في كتابه «ماراثون المائة عام» يتطلب خروج أميركا من المنطقة.

ويستهدف تعزيز القدرات النووية الكورية الشمالية إحداث خلافات وانقسامات داخل التحالف الأميركي الكوري الجنوبي، حيث يمكن إثارة شكوك قطاعات من الكوريين الجنوبيين في مدى استعداد واشنطن للتعامل مع الخطر المزداد في المنطقة. وإذا نجحت الصين في إثارة شكوك حكومة كوريا الجنوبية فيما إذا كانت الولايات المتحدة ستبقى على التزامها الرادع بحمايتها، فإن الولايات المتحدة قد تقرر عدم محاولة إثبات ذلك، أو تحاول سيول تطوير قدراتها العسكرية الذاتية لتحقيق الردع في مواجهة جارتها الشمالية.

-سحب القوات... خطوة على طريق «فك الضغط»

وبالفعل، التقط بعض المراقبين الأميركيين مثل دوغ باندو من معهد «كاتو إنستيتيوت» الطعم الذي اقترح سحب القوات الأميركية من كوريا الجنوبية، حتى لا تتورط الولايات المتحدة في أي حرب محتملة في شبه الجزيرة الكورية.

ويرى أصحاب هذه النظرية أن وجود القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية يجعل بيونغ يانغ حريصة على امتلاك أسلحة قادرة على الوصول إلى مدن أميركية لضمان قطع الطريق على أي دعم أميركي لسيول في حال نشوب حرب، خوفاً من رد كوري شمالي باستهداف المدن الأميركية.

ويقول هوسي إن هناك أدلة دامغة على أن برنامج الأسلحة النووية الكورية الشمالية، عبارة عن برنامج تعاون مشترك مع الصين بدأ منذ عقود عديدة لتسهيل إنتاج قنبلة نووية كورية شمالية.

وبحسب المحلل الأميركي هوسي، فإن استراتيجية الصين في هذا السياق واضحة: البداية بتقويض الضمانات الأمنية الأميركية لحلفائها في المحيط الهادي، مع الأمل في بدء عملية شاملة لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في المنطقة.

-نتائج عكسية؟

ويذكر التقرير أن استراتيجية الصين جاءت بنتائج معاكسة. فطوال سنوات حكم الإدارات الأميركية الأخيرة المتعاقبة، تعزز التحالف العسكري بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان. كما زادت الأخيرتان إنفاقهما لعسكري مع تطوير التكنولوجيا العسكرية المتقدمة لديهما. ونظراً لآن حصول كوريا الجنوبية واليابان على قدرات نووية سيهدد طموحات الهيمنة الصينية، فقد تضغط بكين على بيونغ يانغ للتخلي عن برنامجها النووي لقطع الطريق على مثل هذا السيناريو. إذن الشيء الذي لا تريده الصين هو وجود دول عديدة نووية في منطقة غرب المحيط الهادي، وهو أمر يمكن أن يحدث بسبب خطأ حسابات بكين بشأن التهديد النووي الكوري الشمالي.

أخيراً، فإن انضمام دول أخرى إلى النادي النووي في المنطقة الذي يضم حالياً روسيا والصين والولايات المتحدة وكوريا الشمالية، يزيد بشكل استثنائي فرص استخدام السلاح النووي سواء بشكل غير مقصود أو لخطأ في الحسابات، مع ما لذلك من تداعيات كارثية بشرية واقتصادية.



الإعصار ياغي يُسفر عن مقتل 143 شخصاً في فيتنام

رجال ينقلون نعش ضحية انهيار أرضي في قرية لانج نو الجبلية النائية بمقاطعة لاو كاي (أ.ف.ب)
رجال ينقلون نعش ضحية انهيار أرضي في قرية لانج نو الجبلية النائية بمقاطعة لاو كاي (أ.ف.ب)
TT

الإعصار ياغي يُسفر عن مقتل 143 شخصاً في فيتنام

رجال ينقلون نعش ضحية انهيار أرضي في قرية لانج نو الجبلية النائية بمقاطعة لاو كاي (أ.ف.ب)
رجال ينقلون نعش ضحية انهيار أرضي في قرية لانج نو الجبلية النائية بمقاطعة لاو كاي (أ.ف.ب)

لقي أكثر من 140 شخصاً حتفهم نتيجة الأمطار الغزيرة الناجمة عن الإعصار ياغي، خصوصاً في شمال فيتنام التي شهدت فيضانات هائلة، بينما أبلغت دول مجاورة عن سقوط أولى الضحايا على أراضيها.

وأودى انهيار تربة بحياة 22 شخصاً، وفُقد 73 آخرون في قرية في إقليم ولا كاي في فيتنام، حسبما أفادت وسائل إعلام رسمية فيتنامية، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبعد أكثر من يومين على مرور الإعصار ياغي، لا تزال فيتنام تكافح أهوال العاصفة الاستوائية التي ضربت شمال البلاد، يومي السبت والأحد، بأمطار غزيرة وعواصف تجاوزت سرعتها 150 كيلومتراً في الساعة.

الانهيار الأرضي في قرية لانج نو الجبلية النائية في مقاطعة لاو كاي في فيتنام (أ.ف.ب)

وأفاد السكان بحدوث فيضانات غير مسبوقة منذ عدة عقود، خصوصاً في العاصمة هانوي، حيث أدى ارتفاع منسوب النهر الأحمر إلى إجلاء مئات الأشخاص.

وقال نغويين تران فان، الذي يعيش بالقرب من ضفاف نهر هانوي منذ 15 عاماً: «لم أكن أعتقد أنّ المياه سترتفع بهذه السرعة... إنّه أسوأ فيضان شهدته في حياتي».

وأضاف هذا الموظف البالغ من العمر 41 عاماً والذي تمكّن من نقل أثاث بيته إلى الطابق العلوي: «لو ارتفعت المياه أكثر قليلاً، لكان من الصعب جداً علينا المغادرة».

فتاة تلتقط صورة في شارع غمرته المياه في هانوي (أ.ف.ب)

إجلاء في هانوي

أبلغت السلطات الفيتنامية عن مقتل 143 شخصاً و58 مفقوداً، من دون أن تحدد ما إذا كانت هذه الحصيلة تشمل ضحايا انهيار التربة في لاو كاي أم لا.

من جهة أخرى، طالت فيضانات مناطق في بورما ولاوس وتايلاند.

وفي فيتنام، أظهرت منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي، الثلاثاء، الصعوبات التي يواجهها عدد من الأشخاص عندما كانوا على أحد الأسطح ينتظرون إجلاءهم.

سكان يتفقدون مكاناً بعد أن اجتاح انهيار أرضي قرية لانج نو الجبلية النائية في مقاطعة لاو كاي (أ.ف.ب)

ولا تزال 16 مقاطعة ومدينة تواجه خطر الانهيارات الأرضية والفيضانات، الأربعاء، على الرغم من أن الكثير من وسائل الإعلام الحكومية أفادت بأنّ المياه بدأت في الانحسار في بعض المناطق الجبلية.

وفي هانوي التي تشهد أسوأ فيضانات منذ عام 2008، وفقاً لوسائل إعلام رسمية، يقوم عناصر الشرطة بالتحقق من خلو المنازل الواقعة بالقرب من النهر من السكان.

وقال مسؤول محلي في الشرطة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يجب أن يغادر كل السكان»، مضيفاً: «سننقلهم إلى مبانٍ رسمية حوّلت إلى ملاجئ مؤقتة، أو سيتوجه البعض عند أقارب لهم. لقد هطلت أمطار غزيرة والمياه ترتفع بسرعة».

فيضانات في لاوس

في شمال تايلاند، تتواصل عمليات الإغاثة لمساعدة 9 آلاف أسرة محاصرة بسبب ارتفاع منسوب المياه، وفقاً لرئيس الوزراء بايتونغتارن شيناواترا.

ولقي شخصان حتفهما في انهيار تربة في مقاطعة شيانغ ماي (شمال)، كما قُتل شخصان آخران في ظروف غير محددة في مقاطعة شيانغ راي (شمال).

وفي لاوس المجاورة، أفادت وسيلة إعلام حكومية بأن شخصاً واحداً على الأقل قُتل في الفيضانات.

وأفادت التقارير بأنّ عدداً من الأنهار في مقاطعة لوانغ برابانغ الشمالية وصل إلى مستوى الإنذار.

شارع غمرته المياه في بلدة ماي ساي الحدودية في تايلاند (رويترز)

من جهتها، ذكرت صحيفة «لاوس بوست» أنّ المياه غمرت منازل ومتاجر في عاصمة الإقليم التي تعدّ واحدة من مواقع التراث العالمي.

في بورما، تسببت الأمطار في حدوث فيضانات كبيرة في مدينة تاتشيليك (شرق) الحدودية مع تايلاند، ممّا أدى إلى انقطاع الاتصالات الهاتفية، حسبما أفادت الصحافة المحلية وشهود عيان.

منزل مغمور بمياه الفيضانات في مجتمع Pa - Ngew في مقاطعة شيانغ راي الشمالية في تايلاند (أ.ف.ب)

وقبل وصوله إلى فيتنام، عبر الإعصار ياغي جنوب الصين والفلبين، حيث أسفر عن مقتل 24 شخصاً وإصابة العشرات بجروح.

وبحسب دراسة نُشرت في يوليو (تموز)، فإنّ الأعاصير تتشكل في المناطق الساحلية وتزيد حدتها بسرعة أكبر، كما تبقى على الأرض لفترة أطول بسبب تغيّر المناخ.