تتحضّر قمة مجموعة السبع خلال اجتماعاتها في هيروشيما باليابان لإصدار جولة عقوبات جديدة ضد روسيا، واتخاذ إجراءات اقتصادية ومالية عقابية، والتشدد في التدابير لمنع فرص موسكو من التهرب من العقوبات السابقة. بينما تسير المجموعة على خط رفيع في ما يتعلق بالتعامل مع الصين ما بين الحد من طموحات بكين في المحيطين الهندي والهادي وسيطرتها على سلاسل التوريد، وبين الرغبة في استثمار العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الصين ودفعها للقيام بدور فعال في الوساطة للضغط على روسيا لوقف الحرب ضد أوكرانيا والتوصل إلى تسوية.
وقال بايدن خلال لقائه رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا الخميس «إننا ندافع عن القيم المشتركة بما في ذلك دعم الشعب الأوكراني في الدفاع عن أراضيه ومحاسبة روسيا على عدوانها الوحشي».
ومن المتوقع أن يلقي الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي خطاباً أمام القمة عبر رابط فيديو. وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان للصحافيين مساء الأربعاء «إن الغزو الروسي لأوكرانيا في صدارة المحادثات في القمة، وسيناقش القادة العقوبات التي ستلتزم بها مجموعة الدول الصناعية السبع ضد روسيا لمكافحة شبكات التهرب وسد الثغرات في العقوبات، إضافة إلى إعادة إعمار أوكرانيا وتقديم الدعم الاقتصادي والإنساني وتهيئة الظروف للتقدم في ساحة المعركة للدفع بمفاوضات نهائية حينما تكون أوكرانيا مستعدة للقيام بذلك».
وأوضح مستشار الأمن القومي الأميركي أن القادة سيناقشون التطورات في ساحة المعركة وتشديد العقوبات التي، وفقاً للإحصاءات الرسمية، أدت إلى انكماش الاقتصاد الروسي بنسبة 1.9 في المئة. وقد تبنت دول مجموعة السبع الغنية بالفعل عقوبات ضد المصارف الروسية والشركات العسكرية، كما فرضت سقفاً لأسعار النفط الخام الروسي. وتسعى الدول الغربية إلى تطبيق عقوبات جديدة ضد مجموعة من الصادرات الروسية من السلع، ومنها تجارة الماس التي تبلغ قيمتها 5 مليارات دولار سنوياً.
وتركز نقاشات القمة على الجهود لمنع الصين من فرض إكراه اقتصادي وابتزاز عبر سيطرتها على سلاسل التوريد. وقد اتبعت واشنطن نهجاً صارماً لمنع الصين من الوصول إلى أشباه الموصلات الإلكترونية والمعدات اللازمة لتصنيعها، وضغطت على اليابان وهولندا لتحذو حذوها، لكن صناّع السياسة الأوروبية، وبصفة خاصة في برلين وباريس، حريصون على عدم المخاطرة بقطع العلاقات مع الصين التي تعدّ إحدى أكبر الأسواق في العالم. وترفع فرنسا شعار الاستعداد للتعاون مع الصين بشرط التفاوض أولاً.
وتسري تسريبات حول خطة الرئيس بايدن لإصدار أمر تنفيذي يحدّ من الاستثمار الأميركي في الذكاء الاصطناعي الصيني والحوسبة. ويسعى بايدن لجذب مجموعة السبع إلى جانبه في هذا التوجه؛ لان نجاح هذه الاستراتيجية لا بد أن تحظى بدعم متعدد الأطراف، وفقاً للمحللين.
وأكد سوليفان للصحافيين اهتمام القمة بالتعامل مع ممارسات الصين في المنطقة والإكراه الاقتصادي الذي تمارسه، مشيراً إلى أن البيان الختامي للقمة سيظهر موقفاً موحداً تجاه الصين. وقال سوليفان «سيشجب الزعماء هذا الإكراه الاقتصادي وسيعملون على تخطي الخلافات عبر الأطلسي حول كيفية التعامل مع الصين».
من جانبه، يدفع رئيس الوزراء الياباني في النقاشات مع الرئيس الأميركي لتعزيز قدرات الردع والاستجابة في مواجهة طموحات الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وتأكيد أهمية مضيق تايوان لتحقيق السلام والاستقرار العالميين، وما يمكن أن ينجم من أضرار اقتصادية محتملة إذا شنّت الصين حرباً ضد تايوان؛ مما يعطل إمدادات رقائق الكمبيوتر المتقدمة. وتحرص اليابان على الشراكة الثلاثية مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية؛ لتعزيز أدوات الردع ضد أي هجوم نووي تشنّه كوريا الشمالية، وهو موقف حساس لليابان التي لطالما اتخذت نزعة سلمية مناهضة للأسلحة النووية، وتحتاج حالياً إلى مظلة نووية رادعة أكثر من أي وقت مضى لمواجهة التهديدات من بيونغ يانغ.
وقد أعلن البيت الأبيض أن بايدن ناقش مع رئيس الوزراء الياباني قضايا اقتصادية عدة لإعادة تعريف التجارة الدولية والتركيز على مرونة سلاسل التوريد والأمن القومي والتعاون في مجال الطاقة المتجددة، إضافة إلى الحد من قدرة الصين من الوصول إلى رقائق الكمبيوتر المتقدمة.
وانخرطت الصين والولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي في مناقشات رفيعة المستوى في العاصمة النمساوية فيينا؛ في محاولة لتهدئة الخلافات وتخطي أزمة بالون التجسس الصيني، ومحاولة لإذابة الجليد ومناقشة مجموعة من القضايا الثنائية. وتثير رغبة الصين في ضم تايوان قلق المراقبين وصنّاع القرار في البيت الأبيض والكونغرس الأميركي، بينما يثير الدعم الأميركي الدبلوماسي والعسكري لتايبيه غضب بكين.
والمخاوف الأميركية تتصاعد من التقدم السريع الذي تحققه الصين في محال تقنيات التكنولوجيا ورقائق الكمبيوتر. في حين تنظر الصين إلى الرقائق الإلكترونية على أنها حرب تستخدم فيها الولايات المتحدة حجة الأمن القومي كذريعة لدفع منافس قوي كالصين خارج السوق الدولية بشكل غير عادل. ويقول المحللون إن واشنطن وبكين في حاجة إلى التعاون في مجالات مثل مكافحة التغير المناخي، إضافة إلى إمكان أن تقوم الصين بدور الوسيط للضغط على روسيا للتوصل إلى وقف للحرب الروسية – الأوكرانية. وقد أصدرت الصين بالفعل ورقة مكوّنة من 12 نقطة لإنهاء الصراع في فبراير (شباط) الماضي، لكنها قوبلت بردود فعل متشككة من الدول الغربية في البداية، ثم أصبح الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة أكثر قبولاً لفكرة دور قوي لبكين في إنهاء هذه الحرب.