قمة هيروشيما: خيط رفيع بين مواجهة بكين ومسايرتها

«مجموعة السبع» تحضّر عقوبات جديدة على روسيا وبايدن يدفعها لوضع استراتيجية موحدة ضد الصين

جلسة محادثات بين بايدن ورئيس الوزراء الياباني كيشيدا مع وفدي البلدين في هيروشيما الخميس (أ.ب)
جلسة محادثات بين بايدن ورئيس الوزراء الياباني كيشيدا مع وفدي البلدين في هيروشيما الخميس (أ.ب)
TT

قمة هيروشيما: خيط رفيع بين مواجهة بكين ومسايرتها

جلسة محادثات بين بايدن ورئيس الوزراء الياباني كيشيدا مع وفدي البلدين في هيروشيما الخميس (أ.ب)
جلسة محادثات بين بايدن ورئيس الوزراء الياباني كيشيدا مع وفدي البلدين في هيروشيما الخميس (أ.ب)

تتحضّر قمة مجموعة السبع خلال اجتماعاتها في هيروشيما باليابان لإصدار جولة عقوبات جديدة ضد روسيا، واتخاذ إجراءات اقتصادية ومالية عقابية، والتشدد في التدابير لمنع فرص موسكو من التهرب من العقوبات السابقة. بينما تسير المجموعة على خط رفيع في ما يتعلق بالتعامل مع الصين ما بين الحد من طموحات بكين في المحيطين الهندي والهادي وسيطرتها على سلاسل التوريد، وبين الرغبة في استثمار العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الصين ودفعها للقيام بدور فعال في الوساطة للضغط على روسيا لوقف الحرب ضد أوكرانيا والتوصل إلى تسوية.

وقال بايدن خلال لقائه رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا الخميس «إننا ندافع عن القيم المشتركة بما في ذلك دعم الشعب الأوكراني في الدفاع عن أراضيه ومحاسبة روسيا على عدوانها الوحشي».

ومن المتوقع أن يلقي الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي خطاباً أمام القمة عبر رابط فيديو. وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان للصحافيين مساء الأربعاء «إن الغزو الروسي لأوكرانيا في صدارة المحادثات في القمة، وسيناقش القادة العقوبات التي ستلتزم بها مجموعة الدول الصناعية السبع ضد روسيا لمكافحة شبكات التهرب وسد الثغرات في العقوبات، إضافة إلى إعادة إعمار أوكرانيا وتقديم الدعم الاقتصادي والإنساني وتهيئة الظروف للتقدم في ساحة المعركة للدفع بمفاوضات نهائية حينما تكون أوكرانيا مستعدة للقيام بذلك».

رجال شرطة في محيط مقر قمة «مجموعة السبع» في هيروشيما الخميس (أ.ب)

وأوضح مستشار الأمن القومي الأميركي أن القادة سيناقشون التطورات في ساحة المعركة وتشديد العقوبات التي، وفقاً للإحصاءات الرسمية، أدت إلى انكماش الاقتصاد الروسي بنسبة 1.9 في المئة. وقد تبنت دول مجموعة السبع الغنية بالفعل عقوبات ضد المصارف الروسية والشركات العسكرية، كما فرضت سقفاً لأسعار النفط الخام الروسي. وتسعى الدول الغربية إلى تطبيق عقوبات جديدة ضد مجموعة من الصادرات الروسية من السلع، ومنها تجارة الماس التي تبلغ قيمتها 5 مليارات دولار سنوياً.

وتركز نقاشات القمة على الجهود لمنع الصين من فرض إكراه اقتصادي وابتزاز عبر سيطرتها على سلاسل التوريد. وقد اتبعت واشنطن نهجاً صارماً لمنع الصين من الوصول إلى أشباه الموصلات الإلكترونية والمعدات اللازمة لتصنيعها، وضغطت على اليابان وهولندا لتحذو حذوها، لكن صناّع السياسة الأوروبية، وبصفة خاصة في برلين وباريس، حريصون على عدم المخاطرة بقطع العلاقات مع الصين التي تعدّ إحدى أكبر الأسواق في العالم. وترفع فرنسا شعار الاستعداد للتعاون مع الصين بشرط التفاوض أولاً.

وتسري تسريبات حول خطة الرئيس بايدن لإصدار أمر تنفيذي يحدّ من الاستثمار الأميركي في الذكاء الاصطناعي الصيني والحوسبة. ويسعى بايدن لجذب مجموعة السبع إلى جانبه في هذا التوجه؛ لان نجاح هذه الاستراتيجية لا بد أن تحظى بدعم متعدد الأطراف، وفقاً للمحللين.

وأكد سوليفان للصحافيين اهتمام القمة بالتعامل مع ممارسات الصين في المنطقة والإكراه الاقتصادي الذي تمارسه، مشيراً إلى أن البيان الختامي للقمة سيظهر موقفاً موحداً تجاه الصين. وقال سوليفان «سيشجب الزعماء هذا الإكراه الاقتصادي وسيعملون على تخطي الخلافات عبر الأطلسي حول كيفية التعامل مع الصين».

من جانبه، يدفع رئيس الوزراء الياباني في النقاشات مع الرئيس الأميركي لتعزيز قدرات الردع والاستجابة في مواجهة طموحات الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وتأكيد أهمية مضيق تايوان لتحقيق السلام والاستقرار العالميين، وما يمكن أن ينجم من أضرار اقتصادية محتملة إذا شنّت الصين حرباً ضد تايوان؛ مما يعطل إمدادات رقائق الكمبيوتر المتقدمة. وتحرص اليابان على الشراكة الثلاثية مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية؛ لتعزيز أدوات الردع ضد أي هجوم نووي تشنّه كوريا الشمالية، وهو موقف حساس لليابان التي لطالما اتخذت نزعة سلمية مناهضة للأسلحة النووية، وتحتاج حالياً إلى مظلة نووية رادعة أكثر من أي وقت مضى لمواجهة التهديدات من بيونغ يانغ.

وقد أعلن البيت الأبيض أن بايدن ناقش مع رئيس الوزراء الياباني قضايا اقتصادية عدة لإعادة تعريف التجارة الدولية والتركيز على مرونة سلاسل التوريد والأمن القومي والتعاون في مجال الطاقة المتجددة، إضافة إلى الحد من قدرة الصين من الوصول إلى رقائق الكمبيوتر المتقدمة.

وانخرطت الصين والولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي في مناقشات رفيعة المستوى في العاصمة النمساوية فيينا؛ في محاولة لتهدئة الخلافات وتخطي أزمة بالون التجسس الصيني، ومحاولة لإذابة الجليد ومناقشة مجموعة من القضايا الثنائية. وتثير رغبة الصين في ضم تايوان قلق المراقبين وصنّاع القرار في البيت الأبيض والكونغرس الأميركي، بينما يثير الدعم الأميركي الدبلوماسي والعسكري لتايبيه غضب بكين.

والمخاوف الأميركية تتصاعد من التقدم السريع الذي تحققه الصين في محال تقنيات التكنولوجيا ورقائق الكمبيوتر. في حين تنظر الصين إلى الرقائق الإلكترونية على أنها حرب تستخدم فيها الولايات المتحدة حجة الأمن القومي كذريعة لدفع منافس قوي كالصين خارج السوق الدولية بشكل غير عادل. ويقول المحللون إن واشنطن وبكين في حاجة إلى التعاون في مجالات مثل مكافحة التغير المناخي، إضافة إلى إمكان أن تقوم الصين بدور الوسيط للضغط على روسيا للتوصل إلى وقف للحرب الروسية – الأوكرانية. وقد أصدرت الصين بالفعل ورقة مكوّنة من 12 نقطة لإنهاء الصراع في فبراير (شباط) الماضي، لكنها قوبلت بردود فعل متشككة من الدول الغربية في البداية، ثم أصبح الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة أكثر قبولاً لفكرة دور قوي لبكين في إنهاء هذه الحرب.


مقالات ذات صلة

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش»، وفق ما أفاد صحافيون في «وكالة الصحافة الفرنسية».

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة بينما يحضر الناس جنازة خليل الرحمن حقاني بمقاطعة غردا راوا في أفغانستان 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وقتل حقاني، الأربعاء، في مقر وزارته، حين فجّر انتحاري نفسه في أول عملية من نوعها تستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى السلطة عام 2021.

وشارك آلاف الرجال، يحمل عدد منهم أسلحة، في تشييعه بقرية شرنة، مسقط رأسه في منطقة جبلية بولاية باكتيا إلى جنوب العاصمة الأفغانية.

وجرى نشر قوات أمنية كثيرة في المنطقة، في ظل مشاركة عدد من مسؤولي «طالبان» في التشييع، وبينهم رئيس هيئة أركان القوات المسلحة، فصيح الدين فطرت، والمساعد السياسي في مكتب رئيس الوزراء، مولوي عبد الكبير، وفق فريق من صحافيي «وكالة الصحافة الفرنسية» في الموقع.

وقال هدية الله (22 عاماً) أحد سكان ولاية باكتيا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم كشف اسمه كاملاً: «إنها خسارة كبيرة لنا، للنظام وللأمة».

من جانبه ندّد بستان (53 عاماً) بقوله: «هجوم جبان».

أشخاص يحضرون جنازة خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين والعودة في نظام «طالبان» غير المعترف به دولياً العضو البارز في شبكة «حقاني» (إ.ب.أ)

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم، إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان، إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان»، وكذلك أقلية الهزارة الشيعية.

وخليل الرحمن حقاني، الذي كان خاضعاً لعقوبات أميركية وأممية، هو عمّ وزير الداخلية، واسع النفوذ سراج الدين حقاني. وهو شقيق جلال الدين حقاني، المؤسس الراحل لشبكة «حقاني»، التي تنسب إليها أعنف هجمات شهدتها أفغانستان خلال الفترة الممتدة ما بين سقوط حكم «طالبان»، إبان الغزو الأميركي عام 2001، وعودة الحركة إلى الحكم في 2021.