دافع وزير التربية والتعليم المصري، محمد عبد اللطيف، عن نظام «البكالوريا»، ليكون بديلاً لنظام الثانوية العامة المطبق حالياً، بوصفه «خطوة فارقة» للتخلص من «عبء الثانوية العامة الموجود على كاهل الأسر المصرية مع إتاحة تعدد الفرص للطالب».
وخلال مناقشة التعديلات المقترحة على قانون التعليم بمجلس النواب (البرلمان) المصري (الاثنين) تعهد الوزير بأن يشكل نظام «البكالوريا» فرصة حقيقية لجميع الطلاب، مع الالتزام بتحقيق مبادئ تكافؤ الفرص والشفافية الواردة في جميع نصوص الدستور الخاصة بالتعليم قبل الجامعي، وعدَّ النظام الحالي القائم على امتحان الفرصة الواحدة «قاسياً على الطلاب والأسر».
وأوضح أن الهدف من النظام الجديد هو أن يصبح امتحان الثانوية العامة مماثلاً لما هو معمول به في الأنظمة التعليمية المتقدمة، مشيراً إلى دراسة أجراها «المركز القومي للبحوث التربوية» لأفضل 20 نظاماً تعليمياً في الدول المتقدمة، ولم يجد أياً منها يعتمد على الفرصة الواحدة.

ومن بين المواد التي أثارت جدلاً خلال مناقشة التعديلات المقترحة، مادة التربية الدينية، التي أُدرجت بالصف الثالث الثانوي بوصفها مادة خارج المجموع مع اشتراط النجاح فيها بنسبة 70 في المائة، وهو الأمر الذي رفضه بعض النواب، ولكن الوزير تمسك به، واصفاً المادة بأنها ذات محتوى يسير.
وأقر البرلمان بشكل مبدئي التعديلات المقترحة بشأن «البكالوريا» مع إتاحتها اختيارياً لمدة 3 سنوات أمام الطلاب، على أن يتم التصويت النهائي على القانون في جلسة لاحقة بما يمهد لبدء اعتمادها من العام الدراسي المقبل 2025- 2026 الذي ينطلق في سبتمبر (أيلول).
وانتقدت النائبة إيرين سعيد خلال الجلسة العامة (الاثنين) كثرة التعديلات التي يتم إدخالها على نظام الثانوية العامة بين حين وآخر، مؤكدة أن كل تعديل يتم إقراره لا يأخذ الوقت الكافي لرؤية نتائجه على أرض الواقع، بجانب التخبط الذي يتعرض له الطلاب وأولياء الأمور، بجانب عدم جاهزية المدارس لتطبيق هذا النظام على أرض الواقع.
وقالت إيرين سعيد لـ«الشرق الأوسط» إن النقص الشديد في المعلمين بالمدارس، بالإضافة إلى عدم جاهزية البنية التحتية، وغموض تفاصيل نظام «البكالوريا» وعدم تقديم شرح وافٍ من الوزارة، أمور جعلتها ترفض تطبيق نظام تستشعر فيه مغامرة بمستقبل دفعات من الدارسين تحت اسم التجربة؛ مشيرة إلى أن أفضل نظم التعليم في العالم لو جرى نقلها للتطبيق في مصر من دون جاهزية البنية التحتية، ستفشل بشكل كبير.
وأضافت أن الحكومة عرضت رؤى الوزير وصاغتها في تعديلات قانونية بشكل متعجل للغاية، وطلبت من مجلس النواب تمريرها من دون دراسة أو استيضاح للتفاصيل التي تهم ملايين الطلاب.
وبموجب التعديلات المقترحة، فإن الامتحانات بالمرحلة الثانوية عبر نظام «البكالوريا» ستتم من خلال فرصتين في كل عام دراسي خلال شهري مايو (أيار) ويوليو (تموز)، على أن يكون دخول الامتحان للمرة الأولى مجاناً، وبعد ذلك بدفع رسم لكل امتحان بحد أقصى 200 جنيه (الدولار يساوي 49.3 جنيه في البنوك).
وتُحتسب للطالب كل المحاولات التي تقدم لها، مع جواز دراسة الطالب مواد إضافية في أي مستوى، حال رغبته في تعدد المسارات بعد انتهاء المسار الأساسي، على أن يكون الحد الأقصى لعدد سنوات الدراسة للمرحلة الرئيسية التي تتضمن الصفين الثاني والثالث الثانوي 4 سنوات بخلاف الصف الأول.

ويهدف نظام «البكالوريا» إلى تنمية المهارات الفكرية والنقدية بدلًا عن الحفظ والتلقين، مع توفير تعليم متعدد التخصصات، يدمج المواد العلمية والأدبية والفنية، ويعتمد على التقييم المستمر من خلال تقسيم المواد على عامين بحد أدنى، فضلاً عن الاعتراف الدولي، حسب بيان رسمي للوزارة (الاثنين).
وعدَّ أستاذ علم النفس التربوي بجامعة القاهرة، عاصم حجازي، لـ«الشرق الأوسط» إدراك الوزارة صعوبات وعوائق النظام الحالي للثانوية العامة، من الأمور الإيجابية التي تجب الإشادة بها، ولكن مع ضرورة أن تكون بلورة النظام البديل وفق اشتراطات علمية وأكاديمية، ومرتبطة بما يحدث على أرض الواقع بشأن المعلمين.
واتفق حجازي مع النائبة إيرين سعيد في استعجال الحكومة تطبيق النظام مع إغفال كثير من الأمور التفصيلية المهمة، وفي مقدمتها إعداد المدرسين بالمدارس وتأهيلهم لتدريس المواد، بالإضافة إلى طبيعة المواد المدرجة، وغياب أي دراسات في شأن تأثير نقص أعداد المدرسين على الطلاب، وغيرها من الأمور التي تحتاج إلى دراسات وبيانات أكثر تفصيلية قبل دخول حيز التطبيق.







