إعلان إسرائيلي سادس في نحو 6 أشهر يتحدث عن مزاعم بإحباط تهريب أسلحة عبر مسيّرات عبر الحدود بين مصر وقطاع غزة، وفي المقابل تتجاهل القاهرة الرد، وسط توتر منذ اندلاع حرب إسرائيلية شرسة على القطاع في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
تلك الإعلانات الإسرائيلية بشأن المسيّرات المتكررة في 2025، تلحق بأخرى عديدة طوال 2024، وكانت تتحدث عن تهريب أسلحة ولكن عبر الأنفاق.
وحاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع المتحدث العسكري المصري للتعقيب على التصريحات الإسرائيلية، إلا أنه لم يتسن الحصول على رد.
ويجمع وزير الخارجية الأسبق رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير محمد العرابي، وبرلماني مصري وخبير استراتيجي وعسكري في أحاديث لـ«الشرق الأوسط»، على أن التصريحات الإسرائيلية «ادعاءات متعمدة»، مفسرين ذلك التوجه المتكرر من تل أبيب بأنها تطرح من وقت لآخر لتستخدم ذريعة لتعطيل مساعدات إغاثية مثلاً، أو ما شابه، أو لإبعاد الأنظار عن الأزمات الداخلية، أو هي حرب نفسية في ظل توتر مع القاهرة.
وفسرت تلك المصادر المصرية ذلك التجاهل بأنه «إدراك مصري لألاعيب إسرائيل وعدم التجاوب معها من حيث المبدأ وعدم الانخراط في ردود متبادلة خاصة أن القاهرة أكبر من أن تنحدر لهذا المستوى المكشوف من الأكاذيب».
والثلاثاء، تحدث الجيش الإسرائيلي، في بيان عبر منصة «إكس» عن إحباط محاولة تهريب أسلحة من مصر إلى إسرائيل، بعدما رصدت وحدة المراقبة طائرة من دون طيار عبرت الحدود، مستعرضاً صوراً زعم أنها للأسلحة المهرّبة، وهي عبارة عن 19 مسدساً و3 رشاشات وذخيرة.
وعلى مدار نحو 6 أشهر، تكرر إعلان الجيش الإسرائيلي إحباط مسيّرات مماثلة كانت تحاول عبور الحدود محملة بأسلحة وذخائر.
وكرر ذلك في مطلع مايو (أيار) الحالي، وقال الجيش إنه تبين أنها كانت تحمل عشر قطع أسلحة من نوع M16»، وفي أواخر أبريل (نيسان) الماضي، وذكر أنها كانت محملة ببنادق وذخائر، وسبق أن كشف عن حالتين مماثلتين في فبراير (شباط)، وفي أكتوبر ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، محملين ببنادق أيضاً.
ووصف العرابي، إعلانات إسرائيل المتكررة، بأنها «أكاذيب لا تحمل أي قيمة وتطرح لتبرير سياسات عدوانية أو اتخاذها ذرائع لإيقاف مساعدات إنسانية أو ما شابه»، مؤكداً أن «مصر تتجاهل تلك المزاعم لأنه ليست هناك معقولية فيما يتردد، وهو ادعاء ليس له أي أساس، فلماذا ترد القاهرة، ومصر أكبر من هذا ولن تنحدر لهذا المستوى».
ويتفق على ذلك الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، مشدداً على أن تلك «الإعلانات المتكررة مجرد بيانات وادعاءات لا شك في ذلك»، مشيراً إلى أن «مصر تتجاهل تلك الأكاذيب لأنها لن تريد الانغماس في ألاعيب إسرائيلية مكشوفة».
وأكد فرج أن إسرائيل تطرح هذه الإعلانات للتغطية على جرائمها وعملياتها العسكرية في غزة ولإبعاد الأنظار عن خلافاتها السياسية الحادة، والانتقادات الدولية لتُبدي للعالم أنها لا تزال مستهدفة، وهذا غير صحيح، بل معتدية.
وكذلك يرى عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشيوخ النائب مجدي القاضي، أن ما تردده إسرائيل مزاعم وأكاذيب مكشوفة لخوض حرب نفسية مع مصر واستفزازها، فضلاً عن الاستمرار في طرح قضايا هامشية لإبعاد الأنظار عما ترتكب من جرائم، فضلاً عن التشويش على العملية الحالية العدوانية ضد غزة.
ويؤكد أن مصر لن تجرى وراء أكاذيب إسرائيلية لتنفيها وسيكون التجاهل في وجه مثل تلك الادعاءات مستمراً، ولكل حدث آخر حديث.
الإعلانات المتكررة بشأن المسيّرات تبدو كمرحلة إسرائيلية تالية بعدما نفت مصر أكثر من مرة ما سمته مزاعم إسرائيلية سابقة على مدار عام 2024 بتهريب أسلحة عبر الحدود مع غزة، ولكن عبر الأنفاق، وفق القاضي.
وفي سبتمبر (أيلول) 2024، رفضت الخارجية، اتهامات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بغضها الطرف عن تهريب الأسلحة إلى غزة عبر محور فيلادلفيا، وعدّتها مزاعم لتبرير السياسات العدوانية والتحريضية بالقطاع ومحاولة لتشتيت انتباه الرأي العام الإسرائيلي، وعرقلة التوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين، وعرقلة جهود الوساطة التي تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة.
كما أكد رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات»، ضياء رشوان، في يناير (كانون الثاني) 2024، أن «هناك ثلاثة حواجز بين سيناء ورفح الفلسطينية، يستحيل معها أي عملية تهريب».
وتشهد العلاقات بين مصر وإسرائيل توتراً منذ بدء الحرب في غزة، بدأت ملامحه في البداية باتهامات متبادلة بالمسؤولية عن إغلاق معبر رفح، وتصاعدت حدة التوتر تباعاً، لا سيما مع حديث عن انتهاك تل أبيب لمعاهدة السلام بالوجود في «محور فيلادلفيا»، واتهامات من جانب تل أبيب للقاهرة بخرق المعاهدة عبر «تحديث البنية العسكرية في سيناء».
ورغم هذا التوتر المستمر الذي يقره اللواء فرج، فإنه يرى أن مصر دولة كبيرة بالمنطقة ولا تزال ملتزمة بمعاهدة السلام مع إسرائيل وقادرة على ضبط حدودها وحفظ سيادتها ولن تسمح بأي مساس بها، مستبعداً أن تستخدم إسرائيل تلك الألاعيب لزيادة قواتها في الحدود مع مصر، قائلاً: «لا تستطيع وقواتها منهكة حالياً وخططها العدوانية بغزة لا تتحمل انتشاراً».