«سرقة القرن»... حادث سطو على رائدة تعليم يشغل المصريين

نوال الدجوي تُبلغ بالاستيلاء على ملايين و15 كيلوغراماً من الذهب من منزلها

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يكرم الدكتورة نوال الدجوي عام 2019 (التلفزيون المصري)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يكرم الدكتورة نوال الدجوي عام 2019 (التلفزيون المصري)
TT

«سرقة القرن»... حادث سطو على رائدة تعليم يشغل المصريين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يكرم الدكتورة نوال الدجوي عام 2019 (التلفزيون المصري)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يكرم الدكتورة نوال الدجوي عام 2019 (التلفزيون المصري)

شَغَل بلاغ قدمته إحدى رواد التعليم الخاص في مصر، الدكتورة نوال الدجوي، عن سرقة مدخرات مالية تتخطى 223 مليون جنيه (الدولار 50.06 جنيه) من منزلها، فضلاً عن 15 كيلوغراماً من الذهب، المصريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشارع، وسط تساؤلات عن سبب الاحتفاظ بهذا المبلغ الضخم في المنزل، ومصادر تلك الثروة.

وحسب وسائل إعلام محلية، فإن الدجوي، التي ترأس مجلس أمناء جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة «MSA» الخاصة، تقدمت صباح الاثنين، ببلاغ في قسم شرطة «أول أكتوبر»، بسرقة 50 مليون جنيه و3 ملايين دولار و350 ألف جنيه إسترليني، بالإضافة إلى 15 كيلوغراماً من الذهب، من فيلتها في مدينة «6 أكتوبر»، وذلك أثناء وجودها في منزل آخر تمتلكه بحي الزمالك (غرب القاهرة).

وذكرت الدجوي أنها «تفاجأت بكسر باب غرفة نومها، وبتغيير في الأرقام السرية لـ3 خزن، داخلها»، واتهمت «أقارب لها بالتورط في السرقة»، فيما تباشر النيابة العامة التحقيقات في الواقعة، وفق مصادر قضائية.

وتباينت ردود الفعل حول الواقعة، التي أصبحت «ترنداً» في مصر، وسَمّها البعض بـ«سرقة القرن»، بين من يتساءل عن مصدر هذه الأموال، ومن ينتقد «التعليم الخاص» باعتباره تحول إلى «بيزنس»، في حين دافع آخرون عن أملاك الدجوي، باعتبارها تنتمي إلى عائلة ثرية ولديها استثمارات ضخمة.

وسبق وكرم الرئيس عبد الفتاح السيسي الدجوي عام 2019، باعتبارها واحدة من النساء الرائدات في مجال التعليم، خاصة أنها أول من افتتحت مدرسة لغات مصرية عام 1985، وكانت تبلغ آنذاك 21 عاماً فقط. وحصلت الدجوي على الدكتوراه الفخرية من جامعة غرينتش في إنجلترا.

تكريم الدجوي باعتبارها واحدة من النساء الرائدات في مجال التعليم (التلفزيون المصري)

ولم تخل الواقعة من السخرية من امتلاك تربوية كل هذا المبلغ الضخم، وكتب البعض عن «حظ الحرامي» الذي حصل على كل هذا المبلغ، فيما وصف آخرون عملية السرقة بـ«بنك نوال الدجوي فرع أكتوبر»؛ في إشارة إلى ضخامة المبلغ الذي أبلغت عن سرقته، فيما طالبت إحدى المستخدمات الدجوي بالمساهمة في تسديد ديون مصر بقيمة المسروقات.

وتساءل البعض عن عوائد التعليم الخاص وهل أصبح «بيزنساً» في مصر يحقق كل هذه المكاسب؟

ويبلغ متوسط مصاريف جامعة أكتوبر للعلوم والآداب، التي تترأس الدجوي مجلس أمنائها، نحو 150 ألف جنيه في العام الدراسي الواحد، وتوجد بها عدة كليات، أكثرها في المصروفات كلية طب الأسنان، وبلغت 286 ألف جنيه في العام الدراسي الجاري، والأقل كلية اللغات والترجمة التي بلغت 92 ألف جنيه.

وتوجد في مصر 35 جامعة خاصة و20 جامعة أهلية و28 جامعة حكومية، حسب تصريح لوزير التعليم العالي أيمن عاشور في أكتوبر الماضي.

وفي المقابل، انتقد البعض ما سموه بـ«الحقد الطبقي» أو «التركيز في حجم أموالها»، وقال أحدهم إن الحقد على الأشخاص الذين يملكون ثروات لن يفيد غيرهم في شيء، فالأفضل بالنسبة لهم العمل والتطور.

ودافع كثيرون عن الدجوي، مؤكدين أنها صاحبة أعرق المدارس الخاصة، وجامعة مرموقة، وكونها أبلغت عن تلك المبالغ يؤكد شرعيتها، لكنهم انتقدوها أيضاً في الاحتفاظ بها داخل منزلها وعدم إيداعها في البنوك.

ونصح الإعلامي محمد علي خير، الدجوي بتغيير مسكنها بعد انتشار خبر سرقة هذا المبلغ الضخم منها، قائلاً: «لماذا الاحتفاظ بهذه الثروة النقدية الضخمة في المنزل؟ يبقي إيه لازمتها البنوك؟». وأضاف: «يقيني أن كثيرين مثل الدكتورة نوال يحتفظون بثرواتهم في بيوتهم... على الحكومة أن تبحث عن السبب».

ووصف الخبير الأمني اللواء طارق جمعة الواقعة بـ«النادرة» لـ«الشرق الأوسط»، في إشارة إلى سرقة مثل هذا المبلغ الضخم من خزينة منزل، مشيراً إلى أنه في حالات أخرى، وإذا كان مصدر الأموال غير معلوم، تتدخل «الأموال العامة» في القضية لسؤال الضحية عن مصدر هذه الأموال، وعَقّب: «لكن الدجوي شخصية معروفة باستثماراتها الكبيرة في التعليم، ومن ثم فيبدو أن أموالها معلومة المصدر».

وتوقع جمعة أن «يكون المتورطون في الواقعة أشخاصاً قريبين منها وعلى دراية بوجود أموال في المنزل، سواء ممن يعملون لديها أو أقارب لها»، لافتاً إلى أنه «في مثل هذه القضايا تكون دائرة الاشتباه ضيقة، ويسهل الإيقاع بالجاني».

وأمرت النيابة العامة بتفريغ الكاميرات وسؤال الجيران لمعرفة ما حدث خلال الأيام السابقة للواقعة.

ويفسر الخبير الاقتصادي وائل النحاس سبب تفضيل البعض الاحتفاظ بأموالهم في البيوت، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «في ظل وضع حد للسحب يومياً من البنوك يلجأ البعض إلى الطرق القديمة في حفظ الأموال داخل المنازل»، وتوقع أن تؤدي واقعة سرقة الدجوي إلى «زيادة لجوء الناس إلى نقل أموالها للبنوك الفترة المقبلة».

وفي المقابل، طالب النحاس النظام المصرفي بـ«تخفيف قيوده وشروطه لتمكين المواطنين من فتح حسابات ونقل أموالها من الاقتصاد غير الرسمي إلى القطاع الرسمي»، وكذلك «المصاريف البنكية».


مقالات ذات صلة

تراجع الدولار والذهب... هل تتجاوز مصر تداعيات الضربات الإسرائيلية - الإيرانية؟

الاقتصاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير الكهرباء محمود عصمت الثلاثاء بمدينة العلمين (الرئاسة المصرية)

تراجع الدولار والذهب... هل تتجاوز مصر تداعيات الضربات الإسرائيلية - الإيرانية؟

مع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيز التنفيذ، شهدت الأسواق المصرية تحسناً ملموساً عَكسه تراجع في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وانخفاض في أسعار الذهب.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
رياضة عالمية وسام أبو علي مهاجم الأهلي لحظة إحرازه الهدف الأول لفريقه (صفحة الأهلي على «فيسبوك»)

انتقادات جماهيرية واسعة بعد خروج الأهلي من مونديال الأندية

لم يمر خروج النادي الأهلي من كأس العالم للأندية مروراً عابراً لدى الجماهير المصرية، إذ عبّر جانب كبير منها عن حسرته على الخروج.

محمد عجم (القاهرة )
شمال افريقيا مصر تستهدف تنشيط سياحة اليخوت الفاخرة (رئاسة مجلس الوزراء)

مصر تُنشّط قطاعات سياحية متنوعة لمواجهة خسائر التوترات الإقليمية

تسعى الحكومة المصرية إلى تخفيف الآثار السلبية المتوقعة على قطاع السياحة في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة، وذلك بالترويج لقطاعات سياحية غير تقليدية.

رحاب عليوة (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يشهد اصطفافاً عسكرياً للجيش الثاني الميداني (أرشيفية - الرئاسة المصرية)

السلطات المصرية تذكر بـ«إنجازات 30 يونيو»… وتؤكد «سلامة المسار»

تعتزم السلطات المصرية تدشين حملة إعلامية للتذكير بـ«إنجازات ثورة 30 يونيو» التي أطاحت بحكم تنظيم «الإخوان» عام 2013.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري يترأس الاجتماع الأول للجنة الأزمات لمتابعة تداعيات العمليات العسكرية الإيرانية - الإسرائيلية (مجلس الوزراء)

إجراءات استباقية مصرية لتعزيز الأمن الغذائي مع اشتعال الأزمات الإقليمية

بدأت الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة الزراعة، العمل على اعتماد عدة «مناشئ جديدة» لاستيراد السلع الاستراتيجية، ضمن إجراءات استباقية لتعزيز الأمن الغذائي.

أحمد عدلي (القاهرة)

وقف النار بين إيران وإسرائيل يعفي الحوثيين من التصعيد ضد أميركا

عناصر حوثيون يحرقون علمي أميركا وإسرائيل في سياق تضامن الجماعة مع إيران (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون يحرقون علمي أميركا وإسرائيل في سياق تضامن الجماعة مع إيران (إ.ب.أ)
TT

وقف النار بين إيران وإسرائيل يعفي الحوثيين من التصعيد ضد أميركا

عناصر حوثيون يحرقون علمي أميركا وإسرائيل في سياق تضامن الجماعة مع إيران (إ.ب.أ)
عناصر حوثيون يحرقون علمي أميركا وإسرائيل في سياق تضامن الجماعة مع إيران (إ.ب.أ)

لم تُعلّق الجماعة الحوثية على الفور بخصوص دخول وقف النار بين إسرائيل وإيران حيّز التنفيذ، الثلاثاء، غير أن ذلك سيعفيها من تنفيذ تهديداتها بالعودة إلى مهاجمة السفن الأميركية في البحر الأحمر، في سياق ما وصفته سابقاً بالرد على قصف واشنطن لمفاعلات إيران النووية.

وإذ يُرتقب أن تلتقط الجماعة خطاب طهران المعلن «تحقيق الانتصار» على إسرائيل، كما هو حال بقية أذرع إيران في المنطقة، يتوقع مراقبون أن تواصل الجماعة إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه تل أبيب، في سياق ما تقول إنه مناصرة للفلسطينيين في غزة.

وكانت الجماعة أعلنت، عقب الهجوم الإسرائيلي على إيران في 13 يونيو (حزيران)، أنها ستساند طهران بكل ما تستطيع، لكنها لم تتبنَّ سوى مرة واحدة عملية إطلاق صواريخ، ما عكس محدودية قدراتها مقارنة بعشرات الصواريخ الإيرانية.

ومع دخول الولايات المتحدة على الخط وقيام قاذفاتها الشبحية، الأحد الماضي، بقصف المفاعلات النووية الإيرانية الثلاثة، كانت الجماعة الحوثية قد أعلنت استعدادها للعودة إلى مهاجمة السفن الأميركية في البحر الأحمر ضمن ما قالت إنه «مساندة لإيران»، إلا أن هذا التهديد بقي ضمن بيانات خطابية دون تنفيذ فعلي.

لوحات جدارية رسمها الحوثيون في صنعاء للمرشد الإيراني وقادته العسكريين (إ.ب.أ)

وتعهدت الجماعة المدعومة من إيران، في 6 مايو (أيار) الماضي، بعدم مهاجمة السفن الأميركية، عقب تلقيها أكثر من 1700 ضربة جوية وبحرية، وذلك إثر اتفاق توسّطت فيه سلطنة عمان، مقابل وقف الحملة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 15 مارس (آذار) الماضي.

واكتفى الحوثيون، منذ ذلك الوقت، بإطلاق الصواريخ من وقت لآخر باتجاه إسرائيل، معلنين نيتهم فرض حظر جوي على مطار بن غوريون. وفي المقابل، استهدفت إسرائيل مطار صنعاء الخاضع للجماعة وأخرجته عن الخدمة، كما دمّرت معظم أرصفة موانئ الحديدة الثلاثة، إلى جانب أربع طائرات مدنية ومصنعَي أسمنت وثلاث محطات كهرباء.

استمرار التصعيد

وسط هذه التطورات الإقليمية التي تُوّجت بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بضغط أميركي، يرى مراقبون للشأن اليمني أن الجماعة الحوثية ستواصل تصعيدها باتجاه تل أبيب، غير أن ذلك قد يمنح إسرائيل هامشاً لتكثيف ضرباتها على مناطق سيطرة الجماعة، بالنظر إليها كآخر التهديدات بعد تحييد «حزب الله» اللبناني والميليشيات العراقية ونظام بشار الأسد في سوريا، فضلاً عن إنهاك قدرات النظام الإيراني نفسه خلال المواجهة التي استمرت اثني عشر يوماً.

وقبيل الضربة الأميركية على المفاعلات النووية الإيرانية، كان المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع قد صرّح، في بيان متلفز، بأن جماعته «لن تسكت على أي هجوم أميركي مساند لإسرائيل ضد إيران».

مجسم طائرة مسيرة وهمية نصبها الحوثيون في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

وأضاف سريع أن جماعته «تتابع وترصد كل التحركات في المنطقة، ومنها التحركات المعادية»، مؤكداً أنها «ستتخذ ما يلزم من إجراءات دفاعية مشروعة»، وفق تعبيره.

من جهته، نقل الإعلام الحوثي عن مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى للجماعة، قوله إن جماعته «ستتصدى وتواجه أي مشاركة في العدوان على إيران بكل الطرق المشروعة»، حسب تعبيره.

ووفق تقارير يمنية ودولية، يوجد العشرات من الخبراء الإيرانيين ومن «حزب الله» اللبناني في مناطق سيطرة الجماعة، حيث يشرفون على تركيب الصواريخ وإطلاقها، إضافة إلى تدريب المقاتلين.

وتؤكد الجماعة أنها لن توقف هجماتها إلا بإنهاء الحصار المفروض على غزة وإدخال المساعدات الإنسانية، في حين تقول الحكومة اليمنية إن تلك الهجمات لم تخدم القضية الفلسطينية، بل استُخدمت مبرراً لاستدعاء الضربات الإسرائيلية التي ألحقت أضراراً كبيرة بالبنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة، عبر أكثر من عشر موجات جوية انتقامية.

ومنذ انخراط الحوثيين في الصراع الإقليمي والهجمات البحرية ابتداءً من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، توقفت مساعي السلام التي تقودها الأمم المتحدة بين الحكومة اليمنية والجماعة المدعومة من إيران، وسط استمرار حالة التهدئة الهشة بين الطرفين.