​الحوثيون يعتقلون شباناً ذهبوا إلى مناطق سيطرة الشرعية

الجماعة أمرت بالتهوين من آثار الضربات الأميركية

الجماعة الحوثية تحكم مناطق سيطرتها في اليمن بقوة السلاح وإرهاب السكان (إ.ب.أ)
الجماعة الحوثية تحكم مناطق سيطرتها في اليمن بقوة السلاح وإرهاب السكان (إ.ب.أ)
TT
20

​الحوثيون يعتقلون شباناً ذهبوا إلى مناطق سيطرة الشرعية

الجماعة الحوثية تحكم مناطق سيطرتها في اليمن بقوة السلاح وإرهاب السكان (إ.ب.أ)
الجماعة الحوثية تحكم مناطق سيطرتها في اليمن بقوة السلاح وإرهاب السكان (إ.ب.أ)

في حين يضيّق الحوثيون على المدنيين الذاهبين إلى مناطق سيطرة الشرعية أكد سجين سابق أن المحققين طلبوا من النشطاء التهوين من آثار الضربات الأميركية

في حين يضيّق الحوثيون على المدنيين الذاهبين إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، أكد سجين سابق أن المحققين طلبوا من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي التهوين من آثار الضربات الأميركية على مناطق سيطرتهم، وسط حديث نشطاء في الجماعة عن مزاعم فساد في إدارة السجون بصنعاء وقطاع الأدوية.

وبحسب ما أورده سكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، فإن وحدة من قوات مكافحة الإرهاب مدججة بالأسلحة، وأفرادها ملثمون، وبصحبتهم امرأة، داهمت قبل أيام منزلاً بسيطاً في حي هبرة شمال شرقي المدينة بعد صلاة الفجر، واقتادت شابين من الأسرة إلى جانب شاب آخر بتهمة السفر إلى مدينة عدن، التي تتخذها الحكومة الشرعية عاصمة مؤقتة للبلاد، بغرض حصول أحد منهم على جواز سفر.

إلى ذلك أفادت المصادر بأن شاباً ذهب إلى عدن للحصول على جواز سفر، وبرفقة صديقه الذي يعيش في صنعاء ولم يغادرها منذ بداية الحرب، وأنه عند عودتهما داهمت قوات من وحدة مكافحة الإرهاب المنزل واعتقلتهما بتهمة أن والد أحدهم يعمل مع الحكومة الشرعية.

وذكرت المصادر أن الأسرة استنكرت واقعة الاعتقال، واستغربت من مداهمة المنزل بتلك القوة، وقالت إنه إذا كانت هناك شبهة، فإن القانون يلزم باستدعائه بشكل رسمي عبر الشرطة، بدلاً من ترويع الأسرة ومن معها من السكان.

عنصر حوثي في صنعاء خلال حشد دعا إليه زعيم الجماعة (إ.ب.أ)
عنصر حوثي في صنعاء خلال حشد دعا إليه زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

ووفق هذه المصادر، فإن شاباً آخر اعتُقل لأسباب متعلقة بذهابه إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، حيث يقوم مسؤولو الأحياء ومندوبو المخابرات الحوثية برفع تقارير عن السكان وتحركاتهم.

وتتضمن تلك التقارير وشايات، واتهامات غير صحيحة، أغلبها مرتبط بمدى مشاركة السكان في الفعاليات الطائفية، والالتزام بالتبرع لحملات جمع الأموال التي تنظمها الجماعة الحوثية بصورة دائمة، وتتهم من لا يشارك فيها بأنهم مدسوسون ومتعاونون مع خصومهم.

تقليل من أثر الضربات

ذكر السجين السابق لدى الجماعة الحوثية عبد الرحمن البيضاني أنه خلال اعتقاله في جهاز المخابرات الحوثي، استدعي إلى غرفة التحقيق حيث واجهه المحقق بمجلد كامل عن أهم منشوراته، يعود بعضها إلى عام 2015، حيث كان يسأله عما يقصده في كل منشور، وأنه في نهاية الاستعراض سأله المحقق عن موقفه من قصف أميركا وإسرائيل لمناطق سيطرة الجماعة، فرد عليه مؤكداً أنه ضد قصف بلاده، وبالذات عندما يتم استهداف منازل المدنيين أو البنية التحتية، لكن ذلك أثار غضب المحقق.

وبحسب ما أورده البيضاني، وصف المحقق ذلك التعبير بأنه خطأ لا ينبغي تكراره، لأنه بهذا يشعر الأميركيون بأنهم دمروا البلاد أو أثروا على قدرات الحوثيين، وأبلغه أنه كان من المفترض أن يقلل من شأن ذلك القصف.

من آثار الضربات الأميركية على معقل للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
من آثار الضربات الأميركية على معقل للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

هذه الوقائع تأتي مع إفراج الحوثيين عن الشاعر عبد الوهاب الحراسي، بعد أسبوع من اقتحام منزله والاعتداء عليه من عناصر أمنية في مدينة ذمار، الواقعة جنوب صنعاء، بتهمة الإساءة لأحد المشرفين الحوثيين عندما وجه نقداً لممارساته في حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي.

ووفق ما ذكره ناشطون في المدينة، ظل الحراسي في سجن البحث الجنائي دون أن تُوجه له تهمة، أو يُحال للنيابة للتحقيق معه، ما جعل اعتقاله مخالفة قانونية. وأكدوا أن حملة التضامن الواسعة معه أجبرت المشرف الذي أمر باعتقاله على إطلاق سراحه.

اتهامات بالفساد

مع زيادة رقعة الفساد والفقر في مناطق سيطرة الحوثيين، دخل ناشطو الجماعة على خط انتقاد هذه الممارسات، حيث تحدث الناشط محمد الجرموزي عما وصفه «بالفساد الهائل» في إصلاحية السجن المركزي في صنعاء، واتهم مديرها بالاستيلاء على مبلغ 13 مليون ريال شهرياً (نحو 24 ألف دولار) وقال إن الرجل يحمل رتبة عميد في حين أنه لم يصل بعد إلى رتبة رائد، كما اتهم المسؤولين عن إصلاحية السجن المركزي والسجون الاحتياطية بالشللية.

الحوثيون استولوا على شركات ومستشفيات ومدارس المعارضين واستثمروها لصالحهم (إعلام محلي)
الحوثيون استولوا على شركات ومستشفيات ومدارس المعارضين واستثمروها لصالحهم (إعلام محلي)

بدوره، حذر الناشط طه الرزامي من أن المتورطين بوفاة عشرة أطفال بالأدوية الفاسدة قبل سنوات، بقيادة عبد الإله عباس شقيق رئيس الهيئة العليا للأدوية، يسعون الآن إلى تكرار جريمتهم بإدخال أدوية مهربة ومن مصادر مجهولة، بعد الإفراج عن شحنات من المحاليل الوريدية وغيرها، وإعفاء مستورديها من الغرامات وعدم إخضاعها للفحص والتحليل.

وذكر الرزامي أن هذه الشحنة من الأدوية موجودة في المنافذ الجمركية في مناطق سيطرة الجماعة، وأنه جارٍ المتابعة للإفراج عنها بقيادة ياسر الشاطر. وجزم بأن الشحنة مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات، وأن الرجل يستغل شبكة من «المرتشين» الذين باعوا ضمائرهم لإغراق البلاد بأدوية ملوثة ومميتة، ومستوردة بطريقة غير قانونية وغير مسجلة لدى الهيئة.

أما الوزير السابق في الحكومة الحوثية غير المعترف بها، ناصر باقزقوز، فقد اشتكى من رفض إدارة مدارس النهضة الأهلية بصنعاء، التي استولى عليها الحارس القضائي للحوثيين، تسليم ابنته بطاقة دخول امتحانات الشهادة الثانوية العامة، بسبب عدم استكمال دفع بقية الرسوم الدراسية المقررة عليها. وذكر أن الإدارة أعلنت أنها ستغلق أبوابها وتحرم الطالبات من دخول الامتحانات إذا لم يُدفع ما عليهن قبل نهاية هذا الأسبوع.


مقالات ذات صلة

تقديرات أميركية باستمرار حملة ترمب ضد الحوثيين 6 أشهر

العالم العربي مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ف.ب)

تقديرات أميركية باستمرار حملة ترمب ضد الحوثيين 6 أشهر

وسط تقديرات أميركية باستمرار الحملة التي أطلقها الرئيس دونالد ترمب ضد الحوثيين 6 أشهر، تواصلتْ الضربات في نهاية أسبوعها الثالث على معقل الجماعة الرئيسي في صعدة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي قادة الصف الأول للحوثيين اختفوا من صنعاء وانقطع التواصل معهم (إعلام حوثي)

حوثيّو الصف الأول يختفون من صنعاء هلعاً من ضربات ترمب

اختفى كبار قادة الجماعة الحوثية من الصف الأول عن الظهور العام في صنعاء وقطعوا وسائل التواصل المعتادة هلعاً من الضربات الأميركية التي أمر بها الرئيس دونالد ترمب

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مؤيدون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

العقوبات الأميركية تبدأ تجفيف أهم الموارد المالية للحوثيين

سيفقد الحوثيون ابتداء من اليوم (الجمعة) واحداً من أهم مواردهم المالية مع سريان قرار الولايات المتحدة منع استيراد المشتقات النفطية عبر المواني التي يسيطرون عليها

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي استنفار في مستشفيات صنعاء لاستقبال ضحايا الغارات الأميركية

استنفار في مستشفيات صنعاء لاستقبال ضحايا الغارات الأميركية

استقبلت مستشفيات يمنية خاضعة لسيطرة الحوثيين في العاصمة المختطفة صنعاء، خلال الأيام الأخيرة، عشرات القتلى والجرحى العسكريين الذين سقطوا جراء الغارات الأميركية

العالم العربي يمنيون يقيمون الأضرار في موقع تعرض للقصف الأميركي في محافظة الحديدة الساحلية (أ.ف.ب)

واشنطن تكثّف ضرب الحوثيين في صعدة وتتصيّد تحركات القادة

كثّف الجيش الأميركي ضرباته على معقل الحوثيين في صعدة، وبدأ في تصيّد تحركات قادة الجماعة على الطرقات، وذلك ضمن الحملة المتصاعدة التي أمر بها الرئيس دونالد ترمب

علي ربيع (عدن)

العقوبات الأميركية تبدأ تجفيف أهم الموارد المالية للحوثيين

مؤيدون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مؤيدون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT
20

العقوبات الأميركية تبدأ تجفيف أهم الموارد المالية للحوثيين

مؤيدون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مؤيدون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

سيفقد الحوثيون ابتداء من اليوم (الجمعة) واحداً من أهم مواردهم المالية مع سريان قرار الولايات المتحدة منع استيراد المشتقات النفطية عبر المواني التي يسيطرون عليها على ساحل البحر الأحمر، وهي الموارد التي تقدر بنحو مليار دولار، مضافاً إليها عائدات بيع النفط الذي يحصلون عليه بشكل غير قانوني، والذي يُهرّب من دول تخضع للحظر الأميركي.

وأكدت مصادر حكومية يمنية وأخرى اقتصادية لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كانت تحصل على شحنات من النفط وغاز الطهي بشكل غير قانوني من دول تخضع للحظر الأميركي، عن طريق تزوير وثائق بلد المنشأ لهذه المنتجات.

وكان ذلك - بحسب المصادر - يوفر للجماعة مئات الملايين من الدولارات، إلى جانب توفير الوقود المطلوب للمعارك والأجهزة الأمنية وغيرها، فضلاً عن الرسوم التي يتم تحصيلها على شكل رسوم جمركية وضرائب على هذه المنتجات.

ووفق ما ذكرته «مبادرة استعادة الأموال المنهوبة»، وهي مبادرة يمنية، فإن الحوثيين حصلوا على 789 مليون دولار من عائدات الرسوم الضريبية والجمركية في مواني «الحديدة، والصليف، ورأس عيسى» بين مايو (أيار) 2023 ويونيو (حزيران) 2024 من المشتقات النفطية والسلع الأخرى.

مواني البحر الأحمر استخدمها الحوثيون في تهريب الأسلحة وتمويل حربهم (إعلام محلي)
مواني البحر الأحمر استخدمها الحوثيون في تهريب الأسلحة وتمويل حربهم (إعلام محلي)

وبينت المبادرة أن المبلغ المُحصّل من رسوم استيراد البنزين بلغ 332.6 مليون دولار، و173.9 مليون دولار على رسوم استيراد الديزل، و95.7 مليون دولار على استيراد غاز الطهي.

وثائق مزوّرة

كان فريق خبراء مجلس الأمن الدولي أكد في آخر تقرير له أن شبكات الحوثيين تستخدم وثائق مزوّرة مثل شهادات بلدان المنشأ، وتلجأ إلى المناقلة بين السفن، وتنشر سفناً تقوم بوقف تشغيل النظام الآلي لتحديد هوية السفن بانتظام أثناء رحلات التهريب لتجنب الكشف عن المواني التي تزورها هذه السفن، والطرق التي تسلكها، أو لتجنب عمليات التفتيش التي تقوم بها آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش.

وذكر التقرير أن الحوثيين يعتمدون على وسائل غير قانونية لتوليد موارد مالية لدعم أنشطتهم العسكرية، بما في ذلك استغلال قطاع الاتصالات وتهريب النفط.

عشرات الآلاف من الموظفين العموميين حُرموا من رواتبهم في منافذ سيطرة الحوثيين (إعلام محلي)
عشرات الآلاف من الموظفين العموميين حُرموا من رواتبهم في منافذ سيطرة الحوثيين (إعلام محلي)

ووفق تقرير سابق للفريق، فقد زادت الواردات النفطية إلى مواني الحديدة في أعقاب الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة في 2 أبريل (نيسان) 2022، وذكر أنه حتى نهاية ذلك العام وصلت لميناء الحديدة 69 ناقلة نفطية تحمل 1.810.498 طناً من المشتقات النفطية، مقارنة بـ585.069 طناً من مشتقات النفط تم استيرادها على متن 30 سفينة خلال عام 2021.

وأوضح التقرير أن هذا الارتفاع نتجت عنه عائدات ضريبية للحوثي بلغت أكثر من نصف مليار دولار خلال الأشهر التسعة من عام 2022 فقط. وقال إن الجماعة لم تستخدم هذه العائدات في دفع مرتبات الموظفين الحكوميين، خارقة بذلك بنود اتفاقية استوكهولم.

وذكر التقرير أنه على الرغم من جني الحوثيين للعائدات الضريبية النفطية، فإنهم مستمرون في تحصيل غير مشروع للرسوم من خلال شبكتهم من التجار، بل يذهبون إلى حد خلق نقص مصطنع أحياناً في إمدادات الوقود، من أجل خلق فرص للتجار التابعين لهم لبيع الوقود في السوق السوداء والحصول على أسعار ورسوم غير مشروعة.

شريان تهريب

تؤكد السلطات اليمنية بشكل دائم أن مواني الحديدة الثلاثة أصبحت شرياناً رئيسياً لتهريب الأسلحة وتمويل الأنشطة المسلحة للحوثيين، ودفع رواتب مقاتليهم، وتجنيد المزيد من الفقراء. كما أن الجبايات على واردات المواني أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية بنسبة وصلت إلى 40 في المائة.

وتوقعت المصادر الاقتصادية اليمنية أن تتسع السوق السوداء في مناطق سيطرة الحوثيين مع سريان القرار الأميركي، وتحول استيراد الوقود إلى المواني الخاضعة لسلطة الحكومة المعترف بها دولياً.

من آثار قصف أميركي استهدف موقعاً للحوثيين في الحديدة (أ.ف.ب)
من آثار قصف أميركي استهدف موقعاً للحوثيين في الحديدة (أ.ف.ب)

وإلى جانب هذه العائدات التي ستخسرها الجماعة، هناك مئات الملايين من الدولارات كانت تحصل عليها الجماعة مقابل احتكار تقديم الخدمات اللوجستية للمنظمات الأممية والدولية العاملة في قطاع الإغاثة، من خلال سيطرتها على تصاريح العمل في هذا القطاع، أو من خلال استخدام قدرات الدولة اليمنية التي استولت عليها لهذا الغرض.

وتوقع خبراء ماليون أن تحقق الحكومة الشرعية إيرادات سنوية تتجاوز مبلغ 570 مليون دولار نتيجة منع الحوثيين من استيراد المشتقات النفطية والغاز عبر مواني الحديدة.

وتتمثل هذه الإيرادات - وفق الخبراء - في 250 مليون دولار قيمة غاز الطهي الذي يتم إنتاجه في مدينة مأرب، والذي سيتم بيعه لمناطق سيطرة الحوثيين، و320 مليون دولار حجم الرسوم الجمركية السنوية من استيراد المشتقات النفطية عبر مواني «الشرعية»، والتي ستكون مخصصة لتلك المناطق.

وبحسب المصادر الاقتصادية اليمنية، فإن كمية الغاز والمشتقات النفطية المستوردة عبر ميناء الحديدة في 2024، بلغت نحو 400 ألف طن من غاز الطهي، ونحو 3 ملايين طن من المشتقات النفطية.