تداعيات «حرب غزة» تدفع مصر لطلب مراجعة اتفاقها مع «صندوق النقد»

مدبولي أشار إلى تراجع عائدات قناة السويس

مدبولي خلال مؤتمر صحافي (الأربعاء) في القاهرة (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال مؤتمر صحافي (الأربعاء) في القاهرة (مجلس الوزراء المصري)
TT

تداعيات «حرب غزة» تدفع مصر لطلب مراجعة اتفاقها مع «صندوق النقد»

مدبولي خلال مؤتمر صحافي (الأربعاء) في القاهرة (مجلس الوزراء المصري)
مدبولي خلال مؤتمر صحافي (الأربعاء) في القاهرة (مجلس الوزراء المصري)

أكّد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اعتزام الحكومة المصرية «مراجعة مستهدفات البرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، على خلفية المتغيرات المتسارعة في الوقت الحالي»، مشيراً إلى أن «البرنامج الذي يجري تنفيذه جرى إعداده في خضم ظروف وتحديات عقب اندلاع الأزمة الروسية - الأوكرانية».

وقال مدبولي خلال المؤتمر الصحافي الأسبوعي للحكومة، الأربعاء، «إن أحداثاً استجدّت في المنطقة بشكل غير مسبوق، سواءً ما يتعلق بالحرب في غزة، أو غيرها، الأمر الذي أدى إلى تراجع دخل قناة السويس، وكانت له تأثيرات مباشرة على الدولة المصرية»، مشيراً إلى العمل مع الصندوق «من أجل مراجعة التوقيتات والمستهدفات الخاصة بالبرنامج».

وجاءت تصريحات مدبولي بعد أيام قليلة من تصريحات للرئيس عبد الفتاح السيسي، ألمح فيها إلى «مراجعة» الموقف من الاتفاق مع الصندوق، حال تسبّب برنامج الإصلاح الاقتصادي في «ضغط لا يتحمله الناس».

وزادت الحكومة أسعار المحروقات اعتباراً من الجمعة الماضية، بنسب وصلت إلى 17 في المائة، للمرة الثالثة على التوالي خلال العام الحالي، الأمر الذي أدى لموجة غلاء في الأسعار بدأت بشكل فوري في زيادة أسعار الأجرة.

وأعلن مدبولي وجود أعضاء المجموعة الوزارية الاقتصادية في واشنطن حالياً؛ لحضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي، بحضور محافظ البنك المركزي، على أن تعقبها المراجعة الرابعة لبعثة صندوق النقد للبرنامج مع مصر، لافتاً إلى أن آليات المراجعة هي هدف الحكومة.

وأضاف: «سيناقشون مع بعثة الصندوق ما يتوافق مع المصلحة المصرية، وخصوصاً فيما يخص هدف النمو الاقتصادي، بجانب تقليل الآثار الاجتماعية على المواطن المصري في هذا الشأن».

وأقرّ مجلس الصندوق في مايو (أيار) الماضي حصول مصر على الشريحة الثالثة من برنامج القرض، بقيمة 820 مليون دولار، في وقت تصل قيمة الشريحة الرابعة إلى 1.3 مليار دولار، وهي الأكبر بين مختلف الشرائح، حسب بيانات الصندوق.

وكان الصندوق أعلن في وقت سابق من العام الحالي منح الحكومة المصرية مزيداً من الوقت لتنفيذ الإصلاحات، وهو ما سمح للحكومة بإرجاء بعض الزيادات لشهور، قبل أن تقوم بتنفيذ عدة زيادات في توقيتات متقاربة.

ويرى المحلّل المالي المصري عاصم منصور، أن الحكومة لديها طلبات للصندوق مرتبطة بإطالة أمد إجراءات رفع أسعار الطاقة والدعم، من أجل العمل على احتواء معدلات التضخم المرتفعة، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن رفض الصندوق لهذه المطالب يعني استمرار ارتفاع معدلات التضخم، والإخفاق في تخفيضه إلى المعدلات المستهدفة.

وزادت معدلات التضخم في سبتمبر (أيلول) الماضي إلى 26.4 في المائة ارتفاعاً من 25.7 في المائة خلال يوليو (تموز) الماضي، وأعلن رئيس مجلس الوزراء المصري في وقت سابق استهداف معدلات تضخم حول 20 في المائة، بحلول نهاية العام الحالي، على أن تنخفض إلى 10 في المائة بحلول نهاية 2025، وهي مستهدفات أقل بكثير من توقعات الصندوق للاقتصاد المصري.

ويؤكد المحلل المالي أن موجة التضخم العالمية ومعدلات الفائدة المرتفعة ستُعيق بشكل واضح الوصول إلى مستهدفات الحكومة بشأن التضخم، لافتاً إلى أن معدلات التضخم قد تسجّل أقل من 20 في المائة بحلول بداية عام 2026.


مقالات ذات صلة

«مجموعة السبع» لـ«حل دبلوماسي» في لبنان

أوروبا وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاياني في مؤتمر صحافي بختام أعمال اجتماع وزراء «مجموعة السبع» في فيوجي الثلاثاء (أ.ف.ب)

«مجموعة السبع» لـ«حل دبلوماسي» في لبنان

أنهى وزراء خارجية «مجموعة السبع» اجتماعها الذي استمر يومين في فيوجي بإيطاليا، وقد بحثوا خلاله القضايا الساخنة في العالم.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي ضربات إسرائيلية تستهدف جسوراً في منطقة القصير قرب الحدود السورية - اللبنانية (المرصد السوري)

إسرائيل تقصف طرق إمداد لـ«حزب الله» في القصير السورية

اختارت إسرائيل وقت الذروة في منطقة القصير عند الحدود مع لبنان، لتعيد قصف المعابر التي سبق أن دمرتها بغارات.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية مستوطنون يرقصون في مؤتمر يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة 21 أكتوبر الماضي (تايمز أوف إسرائيل)

سموتريتش يدعو مجدداً إلى تهجير نصف سكان غزة

دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، مجدداً، إلى احتلال قطاع غزة، وتشجيع نصف سكانه البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة على الهجرة خلال عامين.

كفاح زبون (رام الله)
العالم العربي طفل ضحية غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة (أ.ف.ب)

مقتل 10 على الأقل في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة

قال مسعفون، الثلاثاء، إن 10 فلسطينيين على الأقل لقوا حتفهم في غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في مدينة غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

قد يتوقف قريباً إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية بموجب اتفاق يستهدف إنهاء أكثر من عام من قتال أشعلته حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.