مصر تطالب رعاياها بمغادرة «أرض الصومال»

خبراء رجّحوا «دوراً إثيوبياً» في تصعيد التوتر

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل نظيره الصومالي في قصر الاتحادية بالقاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل نظيره الصومالي في قصر الاتحادية بالقاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تطالب رعاياها بمغادرة «أرض الصومال»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل نظيره الصومالي في قصر الاتحادية بالقاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل نظيره الصومالي في قصر الاتحادية بالقاهرة (الرئاسة المصرية)

توتُّر يتصاعد بين مصر و«أرض الصومال»، تعكسه تصريحات وقرارات في الآونة الأخيرة، كان آخرها دعوة مصر رعاياها لمغادرة الإقليم الصومالي «الانفصالي»، بسبب «عدم الاستقرار الأمني»، غداةَ حديث متلفز لرئيسه موسى عبدي، انتقد خلاله مصر وموقفها الرافض لانفصال الإقليم، وبعد أيام من إغلاق مكتبة مصرية رسمية هناك.

مؤشرات عدَّها خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»: «تزيد توترات تعزِّزها إثيوبيا الرافضة للوجود العسكري المصري في مقديشو» ضمن قوات حفظ السلام، فيما أكّدوا أن التصعيد لن يزيد عن سجالات من هذا النوع «إلا إذا تطورت الأمور، فسيكون اللجوء لخيارات أخرى مطروحاً من قِبل القاهرة».

وأهابت سفارة مصر في مقديشو، في بيان صحافي، الأحد، عبر صفحتها على «فيسبوك»، ونقلته وسائل إعلام حكومية، بـ«جميع الرعايا المصريين عدم السفر إلى إقليم أرض الصومال بجمهورية الصومال الفيدرالية، في ظل تأثير عدم استقرار الوضع الأمني في الإقليم على سلامتهم».

وناشدت السفارة «المصريين الموجودين في الإقليم بالمغادرة في أقرب فرصة ممكنة عبر مطار هرجيسا»، مشدّدة على أن «الوضع الأمني الحالي بالإقليم يحُدّ من القدرة على تقديم أي مساعدات قنصلية للمصريين هناك».

وحثّت السفارة «المصريين الراغبين في التردّد على أي من أقاليم جمهورية الصومال الفيدرالية على الالتزام التام بالضوابط والإجراءات التي تحدّدها السلطات المختصة بحكومة الصومال الفيدرالية».

وجاء الموقف المصري غداةَ تصريحات متفلزة لرئيس إقليم أرض الصومال غير المعترَف به دولياً، موسى عبدي، وصف خلالها موقف الحكومة المصرية بدعم وحدة وسيادة الصومال ورفض «استقلال بلاده»، بأنه «ليس عدلاً»، مؤكداً أن «المسألة داخلية بين بلاده والصومال، ولا يقبل التدخل المصري فيها».

وتمسّك عبدي بـ«إبرام مذكرة التفاهم مع إثيوبيا» التي ترفضها مقديشو والقاهرة، وأكّد أنها «تلبّي أولوية حكومته بالاعتراف باستقلالها مقابل منح أديس أبابا منفذاً بحرياً على البحر الأحمر»، مشدّداً على أن «أغلبية مواطني بلاده مع المذكرة، وأن وحدة الصومال ليست موجودة على أرض الواقع منذ استقلالها قبل عقود».

رئيس أرض الصومال موسى عبدي خلال احتفالية لقوات الشرطة (رئاسة أرض الصومال «فيسبوك»)

وكان هذا ثاني موقف لحكومة موسى عبدي، بعد نحو 10 أيام من قرارها في 12 سبتمبر (أيلول) بإغلاق المكتبة المصرية في العاصمة هرجيسا، «بسبب مخاوف أمنية خطيرة»، و«إخطار جميع الموظفين بمغادرة أراضيها خلال 72 ساعة».

وأعلن وزير خارجية حكومة أرض الصومال الانفصالي عيسى كايد، في بيان صحافي وقتها، أن الإغلاق «نهائي»، مؤكّداً «الانتهاء من صياغة مذكرة التفاهم بين أرض الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق القانوني الرسمي بات وشيكاً»، وحذّر من أن الوجود المصري في مقديشو «قد يساهم في تصعيد الصراعات بالوكالة في المنطقة».

وتدعم مصر وجامعة الدول العربية، الصومالَ في رفض توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) الماضي، اتفاقاً مبدئياً مع إقليم «أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري، وعدّت القاهرة حينها الاتفاق «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداءً على السيادة الصومالية».

ولم تسفر مبادرة للوساطة دعت لها تركيا بين الصومال وإثيوبيا عن حلول بشأن مذكرة التفاهم، بعد استضافة أنقرة لجولتين من المفاوضات بين البلدين لحل الخلاف.

وأواخر أغسطس (آب) الماضي، أعلن سفير الصومال لدى مصر، علي عبدي أواري، في بيان صحافي، «بدء وصول المعدات والوفود العسكرية المصرية إلى العاصمة الصومالية مقديشو في إطار مشاركة مصر بقوات حفظ السلام ببعثة الدعم التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال (AUSSOM)، التي من المقرّر أن تحل محل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية الحالية (ATMIS) بحلول يناير 2025».

وإضافةً للتوتر مع مصر بسبب ملف «سد النهضة» الإثيوبي، انتقد متحدث الخارجية الإثيوبية، نبيو تاديلي، في بيان صحافي وقتها، ما وصفه بـ«التدخلات الخارجية» في الصومال، مؤكداً أن بلاده «لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي».

وأدانت الخارجية الصومالية في بيان صحافي، السبت، «وصول شحنة أسلحة وذخيرة غير مصرَّح بها وقادمة من الحدود الإثيوبية إلى إقليم بونتلاند (يحاول الانفصال عن الصومال)»، مؤكدة أن ذلك «يشكّل خطراً جسيماً على السلام في القرن الأفريقي، وينسف الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة»، وطالبت أديس أبابا بالتوقف عن ذلك.

ويرى نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، أن «إثيوبيا تتخذ خطوات لزعزعة الاستقرار في القرن الأفريقي، بإجراءات أحادية، سواءً بتوقيع اتفاقية مع إقليم انفصالي يهدّد سيادة ووحدة الصومال، أو بدعم تحركات تمرد جديدة».

وموقف مصر الجديد بدعوة رعاياها للمغادرة يأتي «في ضوء تصريحات رئيس الإقليم الانفصالي تجاه مصر، وإغلاق مكتبتها بشكل نهائي»، وفق حليمة الذي لم يستبعد دوراً إثيوبياً في ذلك التصعيد.

وباعتقاد حليمة، فإن موقف مصر دائماً مع سيادة الدول والقرارات الدولية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتخلّف عن دعم سيادة الصومال، ولن تقبل بالانجرار إلى هذا «التوتر»، مؤكداً أن إثيوبيا تهدّد بذلك الأمنَ القومي الأفريقي والمصري.

وبشأن مستقبل ذلك التصعيد، يضيف حليمة: «ستلجأ مصر في النهاية حال أي تصعيد يمسّ أمنها القومي من إثيوبيا، إلى حديث وشأن آخر، في إطار المواثيق الدولية التي تكفل لها حق حماية أمنها وسيادتها».

ويتفق معه الباحث في الشأن الأفريقي، عبد القادر كاوير، مؤكداً أن «البيان المصري يؤكد على وجود توتر بين أرض الصومال التي تدعمها إثيوبيا من جهة، والقاهرة ومقديشو من جهة أخرى، وبالتالي فهو رد طبيعي في ظل تصريحات رئيس الإقليم الانفصالي وقراراته ضد الرفض المصري لإتمام مذكرة التفاهم مع إثيوبيا».

هذا التحرك المصري الجديد، وفق كاوير، يُعدّ «شعوراً من القيادة المصرية بأن إغلاق المكتبة المصرية تصعيد خطير».

ويعتقد أن البيان كاشف عن حالة التصعيد المتواصلة في الصومال، مع اتهامات من مقديشو لأديس أبابا بتمرير أسلحة لأقاليم انفصالية، «وهذا يعني مزيداً من التوتر والتصعيد في المرحلة المقبلة في ظل تعثّر وساطة تركيا».


مقالات ذات صلة

مصر تؤكد رفض أي «إجراءات أحادية» تُصعّد التوتر في القرن الأفريقي

شمال افريقيا خلال انعقاد الدورة الأولى للجنة المشتركة بين مصر وأنغولا (الخارجية المصرية)

مصر تؤكد رفض أي «إجراءات أحادية» تُصعّد التوتر في القرن الأفريقي

أكدت مصر رفض «أي تدخلات خارجية في شؤون القارة الأفريقية»، ورفض أي إجراءات أحادية في منطقتَي القرن الأفريقي والبحر الأحمر قد تُسهم في زيادة التوتر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
أفريقيا طائرة تجسس

ساحل العاج تسعى لنشر طائرات تجسس أميركية للتصدي لمتشددين مرتبطين بـ«القاعدة»

قال مسؤولان أمنيان إن ساحل العاج تريد من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نشر طائرات تجسس أمريكية لتنفيذ عمليات عبر الحدود ضد متشددين متحالفين مع "القاعدة".

«الشرق الأوسط» (داكار - أبيدجان )
أفريقيا رئيس مالي الجنرال آسيمي غويتا تعهَّد بالقضاء على الإرهاب ويحظى بدعم روسي كبير (إعلام محلي)

الجيش المالي يوجه ضربات جديدة لمعاقل «القاعدة»

أعلن الجيش المالي أنه دمَّر مواقع تابعة للجماعات الإرهابية، في منطقة قرب الحدود مع موريتانيا.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا سد النهضة (رويترز)

إثيوبيا تتهم مصر بتنفيذ «حملة لزعزعة الاستقرار» في القرن الأفريقي

اتهمت وزارة الخارجية الإثيوبية مصر اليوم (الأربعاء) بتنفيذ «حملة لزعزعة الاستقرار» في منطقة القرن الأفريقي تتركز على إثيوبيا.

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
العالم العربي رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري (وكالة الأنباء الصومالية)

ماذا وراء تأجيل الانتخابات المحلية في مقديشو؟

أجلّت السلطات الصومالية الانتخابات المحلية في مقديشو لنحو شهر؛ حيث تُجرى للمرة الأولى منذ أكثر من نصف قرن، بموازاة تطبيق نظام الاقتراع المباشر في الانتخابات.

محمد محمود (القاهرة)

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
TT

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف، الأحد، قوات الأمن بشمال البلاد.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة في بيان إن العملية «استهدفت موقع خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي»، وأدت العملية إلى «إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية وعددهم 8، وحُيّد (قُتل) العنصر التاسع، متزعم الخلية، أثناء المداهمة».

وأفادت الوزارة بعملية أمنية ثانية بناء على المعلومات التي جمعتها من العملية الأولى، وأسفرت العمليتان عن «ضبط أحزمة ناسفة، وكواتم صوت، وصواريخ من نوع ميم-دال، إلى جانب أسلحة رشاشة».

وقالت الداخلية إن المجموعة المستهدفة «مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب».

وتأتي هذه العملية بعد هجوم استهدف، الأحد، دورية لإدارة أمن الطرق في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وإصابة خامس، حسب وزارة الداخلية السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن مسلحين أطلقوا النار على الدورية أثناء تنفيذ مهامها على طريق معرة النعمان جنوب المحافظة.

وتبنى تنظيم «داعش» لاحقاً الهجوم، وفق ما أورده موقع «سايت» المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية.

ويأتي ذلك بعد أيام من استهداف وفد عسكري مشترك في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومدني يعمل مترجماً، إضافة إلى إصابة عناصر من القوات الأميركية والسورية، حسب واشنطن ودمشق.


تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
TT

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء، بعد تضرر الأنشطة السياحية هناك على مدار العامين الماضيين، نتيجة الحرب في قطاع غزة والتوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإنه تمت الموافقة من جانب إدارة الهيئة على منح المستثمرين عاماً إضافياً لتأجيل سداد المديونيات، مع وقف المطالبة بالسداد لمدة 18 شهراً دون فوائد، لافتاً إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لمطالب المستثمرين وبعد عدة اجتماعات ميدانية وجولات تفقدية للمنطقة.

وتضمنت حزمة التسهيلات المقررة مد فترة الإعفاء من سداد قيمة الأراضي إلى 3 سنوات بدلاً من عامين، إلى جانب تجميد المديونيات لمدة سنة ونصف السنة دون فرض أي أعباء إضافية.

وأوضح أن المنطقة تعرضت لضغوط استثنائية أدت إلى توقّف غالبية المقاصد السياحية، مشيراً إلى أن عدد الفنادق العاملة حالياً لا يتجاوز 6 فنادق من بين 55 فندقاً مسجلة في المنطقة.

حوافز حكومية لمنتجعات جنوب سيناء في مصر لتنشيط السياحة (هيئة تنشيط السياحة)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في منتجع شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

الدكتور يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عدّ التسهيلات المالية التي تقدمها الحكومة المصرية لمساندة المشروعات السياحية المتعثرة خطوة مهمة، لكنها لا تمثل حلاً كاملاً في مواجهة تداعيات الظروف الجيوسياسية الراهنة، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية متعددة المحاور.

وقال الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد السياحة أحد أهم المصادر للعملة الصعبة في مصر، وكان تأثير الظروف الجيوسياسية على مناطق سيناء، خصوصاً المناطق الجنوبية المتضررة جغرافياً، تأثيراً مباشراً وحاداً».

وتابع: «اليوم، تنظر الحكومة المصرية إلى عام 2026 بوصفه عاماً مرتقباً للهدوء النسبي والاستقرار، وهو العام الذي سيأتي أيضاً بعد شهور من الافتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير، والتدابير المتخذة تهدف إلى جعل عام 2026 عاماً ذهبياً لقطاع السياحة إذا ما تلاشت التأثيرات الخارجية»، مؤكداً أن الحلول المالية المطروحة حالياً ستسهم في سداد الفواتير الكبيرة المستحقة على أصحاب المشروعات السياحية المتعثرة في سيناء، ومتوقعاً المزيد من المساعدات التدريجية في هذا الصدد.

وبحسب تصريحات رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإن الهيئة حرصت على جمع مطالب المستثمرين، وإقرار ما يدعم استمرارية النشاط في المنطقة التي تمثل أحد أهم المقاصد في جنوب سيناء.

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. كما أعلنت زيادة أعداد السائحين خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 بنسبة 25 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.

ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تدخل أوسع من الحكومة على 3 محاور متزامنة لضمان جذب أعداد أكبر من السائحين؛ أولها المحور الدبلوماسي والسياسي، عبر استمرار الجهد المكثف، ممثلاً في وزارة الخارجية وتحت توجيهات القيادة السياسية، لضمان التحسن التدريجي المستقر في الظروف الجيوسياسية وتلاشي أثرها، إلى جانب الترويج النوعي، من خلال إعداد وزارة السياحة والآثار المصرية برامج ترويجية جاذبة تستهدف إعادة تثبيت الرؤية الآمنة لأسواق السياحة الدولية تدريجياً، خاصة للوافدين إلى سيناء.

وتابع: «كما يجب أن يكون هناك ترويج مدعوم للسياحة الداخلية للحفاظ على نسب الإشغال داخل هذه المنطقة، فلا يمكن لأي منطقة في العالم أن تتجاوز جميع الآثار إلا إذا تضافرت الأيدي الداخلية مع الدعم الخارجي».


«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت تحدث فيه إعلام إسرائيلي عن زيادة وتيرة التوتر بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، بسبب ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ، وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن للتأكيد على أن القاهرة ملتزمة ومصرة على تنفيذ الاتفاق».

ووفق عسكريين سابقين بمصر، فإن «القاهرة ترى في ممارسات إسرائيل بغزة محاولة للتملص من خطة ترمب المتفق عليها، واللجوء لترسيخ وجود عسكري إسرائيلي دائم فيما يعرف بالخط الأصفر بغزة، مما يهدد الأمن القومي المصري».

و«الخط الأصفر» هو خط تقسيم يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الخطة التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة. ويفصل الخط الأصفر 47 في المائة من الأراضي في المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون، عن 53 في المائة من قطاع غزة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتقريباً جميع الفلسطينيين في غزة نزحوا إلى المنطقة الغربية من الخط.

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

وكشف تقرير لـ«القناة 14» الإسرائيلية عن نشاط للجيش الإسرائيلي فيما يعرف بـ«الخط الأصفر»، وتعديل التضاريس الجغرافية لقطاع غزة، وهو ما تعدّه القاهرة «تهديداً مباشراً لمصالحها الإقليمية»، وفق القناة، التي ذكرت أن «ذلك أغضب مصر ودفعها للشكوى إلى الولايات المتحدة، متهمة إسرائيل بأنها تعمل على تقسيم قطاع غزة إلى جزأين، وتغيير التركيبة الديموغرافية والتضاريسية للمنطقة».

وحسب التقرير، فإن القاهرة «تنظر بقلق بالغ لما يجري في قطاع غزة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيل زامير، حول الخط الأصفر، باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً»، حيث إن نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة «الصفراء» - الذي يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل - «يفسر في القاهرة على أنه استعداد لترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في غزة، ما دفع مصر إلى التحرك الدبلوماسي العاجل باتجاه واشنطن»، وفق القناة العبرية.

وأكد نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر غاضبة بشدة من محاولات إسرائيل التملص من التزامها بخطة السلام المتفق عليها، وتحركاتها في المنطقة الصفراء توحي برغبتها في تثبيت وجود عسكري دائم في غزة وقرب الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري».

مصادر تتحدث عن اشتراطات مصرية لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو (إعلام عبري)

كامل، وهو مستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف المصري واضح ومحدد وثابت في عده قضايا رئيسية تخص الأمن القومي المصري، ويقوم على أن السلام هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر للاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً اتفاقيه السلام الموقعة عام 1979، والملحق العسكري المرفق بالاتفاقية وتعديلاته الخاصة بزيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في سيناء، وضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين».

وأوضح أن «هناك اشتراطات مصرية للتهدئة مع إسرائيل تتعلق بتنفيذ اتفاق غزة طبقاً لمبادرة الرئيس الأميركي ترمب بمراحلها المختلفة، والبدء فوراً في المرحلة الثانية دون عرقلة أو أسباب واهية، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والتحول إلى مرحلة السلام، وقيام إسرائيل بالتنفيذ الدقيق للاتفاقية ودخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

ومن الشروط كذلك بحسب كامل، «رفض مصر الهجرة القسرية أو الطوعية لسكان قطاع غزة، وكذلك الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية الخاصة بإقامة المستوطنات وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع بما فيها محور فيلادلفيا والعودة لحدود 7 أكتوبر 2023، والتأكيد أن الوجود الإسرائيلي الحالي هو وضع مؤقت مرهون بتطور تنفيذ مراحل الاتفاق، وأن الخطوط الملونة ومنها الخط الأصفر، هي خطوط وهمية لا يعتد بها».

الشرط الرابع، وفق كامل، متعلق بـ«مدى تجاوب نتنياهو وحكومته مع المطالب العربية الواضحة في المبادرة العربية، والخاصة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والشروع والموافقة على حل الدولتين وعدم التهجير للفلسطينيين؛ سواء بغزة أو الضفة، وإبداء النوايا الحسنة الخاصة بحسن الجوار وعدم الاعتداء، والتجاوب مع المطالب الدولية الخاصة بإخلاء المنطقة من التهديد بالسلاح النووي، وانضمام إسرائيل للاتفاقيات الدولية بذات الشأن».

مسلحون من «حماس» يرافقون أعضاء «الصليب الأحمر» نحو منطقة داخل «الخط الأصفر» الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

ويعتقد أن «مصر لن تتجاوب مع المساعي الأميركية والإسرائيلية الخاصة بعقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دون تقديم إسرائيل مبادرة واضحة ومحددة لرغبتها في السلام واستقرار المنطقة، وتكون قابلة للتنفيذ».

وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً تنظيم قمة ثلاثية في واشنطن؛ بين السيسي ونتنياهو بحضور ترمب، لكن الفكرة ارتطمت بجدار الشروط المصرية التي وصفها الإعلام العبري بـ«غير المقبولة» من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن التقارير ذاتها أشارت إلى أن القاهرة تتوقع أن يمارس ترمب ضغوطاً خلال لقائه المرتقب مع نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الحالي، لـ«كبحه» والحد من خطواته في غزة.

وقال رئيس الأركان السابق للجيش المصري، اللواء سمير فرج، إن «هناك تعويلاً كبيراً على القمة التي ستعقد بين ترمب ونتنياهو ومخرجاتها، وإن ترمب بالقطع سيضغط على نتنياهو للالتزام بخطة السلام في غزة، التي تحمل اسم ترمب شخصياً».

ونوه فرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر ستقيم الموقف في إطار ما ستتمخض عنه قمة ترمب ونتنياهو، ولكن في الوقت ذاته، فإن موقفها واضح وثابت في أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكري الإسرائيلي في الخط الأصفر، أو في أي منطقة من غزة، وكل ما تفعله حكومة نتنياهو تدرك القاهرة تماماً أنه محاولة لعرقلة خطة السلام التي تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جميع أراضي غزة.