«الجامعة العربية» ترجئ «قضايا المنطقة» لإعطاء زخم للقضية الفلسطينية

في اجتماع لوزراء الخارجية بحضور تركي - أوروبي

اجتماع وزراء الخارجية العرب (الشرق الأوسط)
اجتماع وزراء الخارجية العرب (الشرق الأوسط)
TT

«الجامعة العربية» ترجئ «قضايا المنطقة» لإعطاء زخم للقضية الفلسطينية

اجتماع وزراء الخارجية العرب (الشرق الأوسط)
اجتماع وزراء الخارجية العرب (الشرق الأوسط)

خلصت أعمال الدورة الـ162 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية إلى «إرجاء كافة القرارات السياسية المتعلقة بالأوضاع العربية للتركيز على دعم فلسطين». وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، إن «القضايا الأخرى مثل الصومال و(سد النهضة) الإثيوبي لم تغب عن الاجتماع، لكن المشاركين فضلوا عدم التحدث فيها حتى لا تفقد القضية الفلسطينية الزخم».

ودلل أبو الغيط على هذا الزخم بحجم الحضور، الذي قال إنه «لم يشهد له مثيلاً طوال فترة عمله أميناً للجامعة العربية»، حيث «حضر نحو 21 ما بين وزير خارجية ووزير دولة ووزير مكلف»، معلناً عن «تحركات عربية في مجلس الأمن والأمم المتحدة خلال الأسابيع المقبلة»، وواصفاً اليوم بأنه «يوم فلسطيني».

وأضاف أبو الغيط في المؤتمر الذي عُقد بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة إن «وزراء الخارجية العرب قرروا في اجتماعهم التشاوري (الثلاثاء) تأجيل جميع المسائل السياسية الخاصة بعمليات الجامعة العربية، استثنائياً لمرة واحدة حتى مارس (آذار) المقبل، لإعطاء الفرصة للتركيز على نقاش مكثف بشأن فلسطين»، مشيراً إلى صدور قرار يحمل عنوان «تطورات القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي».

ونوه إلى أن «القرار يعطي أهمية لرأي محكمة العدل الدولية الاستشاري وللمحكمة الجنائية الدولية، ومجلس الأمن».

وتضمن القرار 21 بنداً من بينها مطالبة المجتمع الدولي بتفعيل الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، وحثها على المضي قدماً في نظر دعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، مع توافق عربي على دعم هذه الدعوة.

وأدان القرار ارتكاب إسرائيل «للإبادة الجماعية»، كما عد «ارتكاب تل أبيب للتهجير انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي، وإعلان حرب واعتداء على الأمن القومي العربي، يؤدي إلى انهيار فرص السلام ويفاقم الصراع في المنطقة».

وأكد القرار «التضامن مع لبنان، ودعم وحدة وسيادة أراضيه»، كما كلف المجموعة العربية في نيويورك ببدء خطوات تجميد مشاركة إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة عبر تقديم طلب بهذا الخصوص.

وأعلن القرار «رفض مخططات اليوم التالي الرامية لسيطرة إسرائيل على غزة»، ودعا إلى «تشغيل معبر رفح»، وشدد على «رفض مزاعم إسرائيل بشأن محور فيلادلفيا»، وعدها «محاولة لعرقلة اتفاق وقف إطلاق النار».

كان الأمين العام لجامعة الدول العربية أكد في كلمته بافتتاح اجتماع مجلس الوزراء «دعم الجامعة لموقف مصر الرافض للوجود الإسرائيلي في محور فيلادلفيا»، وقال إنه «يتأسس على رفض إعادة فرض الاحتلال على القطاع، ورفض اقتطاع أجزاء منه»، محملاً إسرائيل مسؤولية عدم الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

وقال أبو الغيط إن «العام الماضي شهد عجز المجتمع الدولي عن وقف المذبحة في غزة، بل وإسهام بعض القوى الغربية في تقديم مظلة أمان للإجرام لكي يتمادى، وغطاء سياسي للقتل لكي يتواصل، ويتوسع من غزة الصامدة إلى جنوب لبنان إلى الضفة الغربية».

وأضاف أن «القوة الكبرى في عالم اليوم إما لا ترغب في ممارسة الضغط على الاحتلال، وإما أنها لا تستطيع إيقاف هذه البلطجة والوحشية»، مشيراً إلى أن «شهوراً مرت قبل أن تنطق دول بعينها بكلمة وقف إطلاق النار، وعندما فعلوا، كان الوقت قد تأخر».

وأكد أن «وقف إطلاق النار اليوم لم يعد مطلباً عربياً، بل هو مطلب عالمي يحظى بإجماع مشهود، وضرورة إنسانية وأخلاقية، وهدف استراتيجي لتجنيب هذه المنطقة شرور حرب موسعة ليست احتمالاتها ببعيدة».

وخلال الاجتماع ألقى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان كلمة ثمن فيها دور مصر في تنظيم تقديم المساعدات لغزة، عبر معبر رفح، كما أعرب عن «تقدير بلاده لدور مصر وقطر في الوساطة لوقف إطلاق النار في غزة».

وأشاد بزيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أخيراً إلى تركيا ولقائه نظيره التركي رجب طيب إردوغان، وقال: «نود أن يعطي ذلك زخماً للعلاقات مع الدول العربية». وقال إن «إسرائيل تستغل الانقسام، ويجب أن نتحد بشكل أكبر، سواء كدول إسلامية، أو دول أعضاء في الأمم المتحدة»، منوهاً بـ«قرار بلاده إيقاف التجارة مع إسرائيل حتى تنتهي الحرب».

وأكد «أهمية التعاون التركي مع العالم العربي في ظل أن الطرفين متأثران بنفس التحديات ولديهما الأهداف نفسها»، مشيراً إلى أن «المنتدى العربي - التركي سوف يعقد جلسته التالية في إسطنبول».

وعد أبو الغيط حضور وزير الخارجية التركي اجتماع وزراء الخارجية العرب «رسالة عربية مفادها أن الدول العربية مستعدة للتفاهم مع تركيا»، مشيراً إلى «تجميد القرارات الخاصة بتركيا، وإلغاء لجنتي التدخلات التركية والإيرانية في الشؤون العربية خلال قمة البحرين الأخيرة».

وقال: «هناك تميز على الجانب التركي، بشأن تطوير العلاقات، لكن الجانب الإيراني لا يزال متخلفاً في هذا السياق».

ومع انطلاق كلمة فيدان، غادر وزير الخارجية السوري فيصل المقداد مقعده، ليحل مندوب بلاده في الجامعة، قبل أن يعود مرة أخرى ويشغل مقعده مع انتهاء كلمة وزير الخارجية التركي.

وأكد جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، في كلمته، خلال الاجتماع، أن «إسرائيل تسعى إلى تحويل الضفة الغربية إلى غزة جديدة عبر تنفيذ سياسة تهجير سكانها»، مشيراً إلى أن الحكومة الإسرائيلية جعلت من «حل الدولتين» المتوافق عليها دولياً أمراً مستحيلاً.

واستنكر بوريل ادعاءات البعض بأن مبادرة السلام العربية عفا عليها الزمن، قائلاً إن «الكثير تناسى أن هذه المبادرة تسرع وتيرة الحل ووضع حد للصراع الراهن». وقال: «مضى نحو عام على الحرب والإبادة الجماعية في قطاع غزة، والاتحاد الأوروبي ليس لديه ما يضيفه في هذا الشأن لأن الأرقام والحقائق أصبحت مكشوفة للجميع».

وأعرب بوريل عن «دعم الاتحاد الأوروبي بشكل كامل لجهود مصر والولايات المتحدة وقطر لوقف إطلاق النار»، لكنه قال: «حتى الآن يبدو أنه لن نصل إلى وقف إطلاق النار في المستقبل القريب، لأن القائمين على اندلاع الصراع ليست لهم مصلحة في وضع نهاية له».

وبشأن مواقف الاتحاد الأوروبي، قال أبو الغيط إن «الموقف الأوروبي به تيارات مختلفة، بين دول اعترفت بدولة فلسطين، وأخرى لم تتخذ مواقف على الأرض»، مشيراً إلى أن «الموقف الأوروبي يتطور تدريجياً بعد 7 أكتوبر».

وأعلن عن عقد «اجتماع عربي أوروبي ضيق في مدريد يوم الجمعة المقبل بهدف التحضير للدفع في اتجاه حل الدولتين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في 26 سبتمبر (أيلول) الحالي».

وشهدت الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء الخارجية العرب كلمات لكل من فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، وسيغريد كاغ، كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، دعيا خلالها إلى وقف الحرب في غزة.

واستضافت جامعة الدول العربية أيضاً ثلاثة اجتماعات للجان الفرعية الخاصة بالصومال وسوريا والمسجد الأقصى. وقال أبو الغيط إنه «تم إصدار بيان أكد دعم الجامعة وحدة وسيادة الصومال ورفضها مذكرة التفاهم الموقعة بين إقليم أرض الصومال وإثيوبيا». وأضاف أنه فيما يتعلق بسوريا «اتفق على أهمية استمرار الحوار لتحقيق الهدف الذي أنشئت من أجله لجنة سوريا».


مقالات ذات صلة

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية (الجامعة)

أبو الغيط: الموقف الأميركي «ضوء أخضر» لاستمرار «الحملة الدموية» الإسرائيلية

استنكر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الخميس، استخدام الولايات المتحدة «الفيتو» لعرقلة قرار بمجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط (أ.ف.ب)

أبو الغيط يحذر من مغبة القانون الإسرائيلي بحظر «الأونروا»

وجَّه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، اليوم (الخميس)، رسالتين يحذر فيهما من مغبة القانون الإسرائيلي بشأن حظر نشاط «الأونروا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج الأمير عبد العزيز بن سعود خلال إلقائه كلمته في الحفل السنوي لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (واس)

اتفاقية تعاون سعودية ـ مغربية متعددة المجالات

أبرمت السعودية والمغرب اتفاقية للتعاون في عدد من المجالات التي تجمع وزارتي «الداخلية السعودية» و«العدل المغربية».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج القادة أمام القمة: مستقبل المنطقة والعالم على مفترق طرق

القادة أمام القمة: مستقبل المنطقة والعالم على مفترق طرق

أجمع عدد من قادة الدول العربية والإسلامية على رفض حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، واستمرار العدوان على لبنان.

عبد الهادي حبتور (الرياض )

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.