«هدنة غزة»: فرص الاتفاق «تتراجع»

مصر تؤكد مواصلة جهودها لـ«خفض التوتر» بالمنطقة

سيدة تندب فلسطينيين قُتلوا في غارات إسرائيلية في خان يونس جنوب غزة (رويترز)
سيدة تندب فلسطينيين قُتلوا في غارات إسرائيلية في خان يونس جنوب غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: فرص الاتفاق «تتراجع»

سيدة تندب فلسطينيين قُتلوا في غارات إسرائيلية في خان يونس جنوب غزة (رويترز)
سيدة تندب فلسطينيين قُتلوا في غارات إسرائيلية في خان يونس جنوب غزة (رويترز)

حديث يتصاعد بالإعلام الإسرائيلي عن «تضاؤل» فرص التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وسط تأكيد مصري قطري على استمرار جهود الوساطة، بينما تزداد مؤشرات التصعيد في المنطقة، مع استمرار هجمات إسرائيل في القطاع، وتوسعها لتشمل الضفة الغربية وتوجيه أكبر ضربة لسوريا منذ سنوات، ومخاوف من «معركة قريبة» مع لبنان.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، يرون أن كل الشواهد تذهب إلى أن «فرص إبرام اتفاق هدنة تتراجع بسبب تعنُّت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو»، وعدم وجود ضغوط أميركية حقيقية عليه، لافتين إلى أن بديل «انهيار المفاوضات» تصعيد شامل بالمنطقة بدأت بوادره الحالية تظهر مع توسيع إسرائيل ضرباتها بالضفة وسوريا وعودة التهديدات الإيرانية بالانتقام لمقتل رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، نهاية يوليو (تموز) الماضي بطهران.

واستهدفت 15 غارة إسرائيلية، الأحد، محافظة حماة وسط سوريا في ضربات تعد «الأعنف والأوسع منذ سنوات»، وأسفرت عن مقتل 14 شخصاً، وفق ما نقلته وسائل إعلام سورية، الاثنين.

وقبلها تحدث وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الأحد، عن أن إسرائيل «ستزيد إجراءاتها بالضفة الغربية في مواجهة محاولات إيران نشر الإرهاب نحو حدودها»، عقب عملية قتل شاب أردني 3 إسرائيليين قرب نقطة أمنية إسرائيلية بين الضفة والأردن.

ووسط توجيه من نتنياهو للجيش الإسرائيلي بالاستعداد لـ«تغيير الوضع في الشمال (في مواجهة حزب الله اللبناني)»، دعا معارضه العضو السابق بمجلس الحرب، بيني غانتس، إلى أهمية «السعي للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن، لكن إذا لم نتمكن من تحقيق ذلك في الأيام أو الأسابيع المقبلة، فعلينا أن نذهب إلى الشمال»، وفق ما أوردته «وكالة الصحافة الفرنسية».

دخان يتصاعد من انفجار في غزة (رويترز)

على جانب التهدئة ومسار اتفاق الهدنة، ذكرت «القناة 12» الإسرائيلية، الأحد، نقلاً عن مصادر أمنية، لم تسمها، أن فرص الاتفاق «تقترب من الصفر»، وهذا التراجع يتحدث عنه أيضاً مسؤولون في البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس» الأميركي، قائلين إن هناك «تشاؤماً كبيراً بسبب إصرار نتنياهو على السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر، وطلب (حماس) بالإفراج خلال أي اتفاق، عن 100 فلسطيني مدانين بالسجن مدى الحياة لقتلهم إسرائيليين، وهو عدد أكبر مما تم الاتفاق عليه».

تلك الأنباء نفاها القيادي في «حماس»، عزت الرشق قائلاً في تصريحات صحافية: «لم نقدم مطالب جديدة بشأن صفقة التبادل، وما تروّجه إسرائيل وبعض المصادر الأميركية عن مطالب جديدة لـ(حماس) كذب»، مؤكداً أن «الجميع يعلم أن نتنياهو وحكومته (...) هما الطرف المعطل للاتفاق، وإن لم يتم الضغط عليه وإلزامه بما تم الاتفاق عليه فلن يرى أسرى الاحتلال النور».

الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أن «الأجواء غير الإيجابية جراء تعنُّت نتنياهو، تجعل فرص إبرام اتفاق تتراجع حالياً، وقد يترتب عليها اشتعال الأوضاع في الضفة وسوريا ولبنان وأكثر من مكان»، محذراً من «تداعيات كبيرة حال تم الإعلان الرسمي عن وفاة المفاوضات».

وبرأي أنور فإنه «ليست هناك مؤشرات على حل عقبات الاتفاق» سواء في أزمة محور فيلادلفيا أو الاتفاق بشأن عدد الأسرى المفرج عنهم، معولاً على «طرح صيغة أخيرة توافقية تنقذ الاتفاق».

وكان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، قال لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، السبت، إن «العمل جارٍ على تقديم مقترح أكثر تفصيلاً بشأن وقف إطلاق النار في غزة، خلال الأيام المقبلة».

ويتوقع المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، «تعثُّر الجولة الحالية» وسط مؤشرات يقودها الإعلام الإسرائيلي نحو التصعيد في اتجاه معركة جديدة تجاه «حزب الله»، مستدركاً: «لكن قد تكون هناك انفراجة قبل الانتخابات الأميركية» المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) تحت ضغط من إدارة بايدن لتحقيق مكاسب لحزبه أمام منافسه دونالد ترمب.

بالمقابل، يتحدث الوسطاء عن استمرار جهودهم لإبرام اتفاق، وقال وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي، الاثنين، بالقاهرة «نبذل أقصى جهد في العملية التفاوضية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة»، بعد ساعات قليلة من تأكيده في لقاء مع نظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، «مواصلة مصر جهودها المكثفة مع مختلف الأطراف المعنية في المنطقة لحثهم على حتمية عدم التصعيد وضبط النفس»، وفق إفادة للخارجية المصرية، الاثنين.

بينما تحدث وزير خارجية قطر الشيخ محمد عبد الرحمن في اجتماع خليجي روسي بالرياض، الاثنين، عن «استمرار معاناة الأشقاء في غزة يومياً بسبب التصعيد الإسرائيلي»، مؤكداً أن بلاده «تهدف إلى وقف إطلاق النار بالقطاع»، محذراً من أن «تزداد التصعيد يؤثر على أمن استقرار المنطقة»، وفق ما نقلته قناة «الإخبارية» السعودية.

ووسط هذا الجهود وحديث التعثر، عادت طهران لتهديد إسرائيل، الاثنين، حيث قال قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن إسرائيل ستتلقى «حتماً» الرد على اغتيال هنية في طهران، مؤكداً أنه «سيكون بطريقة مختلفة ودرساً كبيراً»، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية «إرنا».

بالتزامن، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، خلال لقاء بالقاهرة مع جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية «خطورة خطوات التصعيد المستمر»، مشدداً على «ضرورة ضغط المجتمع الدولي، والاتحاد الأوروبي، في اتجاه التوصل لاتفاق بغزة ينهي التصعيد بالضفة الغربية، وينزع فتيل التوتر بالمنطقة»، وفق إفادة للرئاسة المصرية، الاثنين.

ويرى الأكاديمي المصري أحمد فؤاد أنور أن استمرار جهود الوسطاء ونداءات خفض التصعيد بالمنطقة، شيء هام لتجنُّب أضرار كبيرة بالمنطقة حال عدم التوصل لاتفاق، لا سيما أن «إيران لا تزال تهدد وإسرائيل تواصل تصعيد استفزازاتها».

ويعتقد الرقب أن التوصل لاتفاق بغزة سينهي التصعيد بالمنطقة، مستبعداً أن أي رد إيراني يقود إلى حرب إقليمية في ظل عدم جاهزية طهران لتبعاتها حالياً».


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة» تختمر... وتنتظر الإعلان

المشرق العربي 
فلسطينيون يقفون أمام سيارة مدمرة وسط أنقاض مبنى منهار بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

«هدنة غزة» تختمر... وتنتظر الإعلان

اختمرت على نحو كبير، حتى مساء أمس، ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل بعد 15 شهراً من الحرب، وسط ترجيحات كبيرة بقرب إعلانه.

نظير مجلي (تل أبيب) «الشرق الأوسط» (غزة) علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فلسطيني يحمل صندوق مساعدات وزعته وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في دير البلح وسط قطاع غزة في 4 نوفمبر 2024 (أرشيفية - رويترز)

الأمم المتحدة تتأهب لزيادة مساعدات غزة مع وقف وشيك لإطلاق النار

قالت الأمم المتحدة اليوم الثلاثاء إنها تستعد لزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة في ضوء وقف إطلاق النار المحتمل.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (رويترز)

ساعر: أعتقد أنه ستكون هناك أغلبية داخل حكومة إسرائيل لدعم اتفاق غزة

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم الثلاثاء، إنه يعتقد أنه ستكون هناك أغلبية داخل الحكومة تؤيد اتفاق إطلاق سراح الرهائن في غزة حال إبرامه.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (د.ب.أ)

السيسي وبايدن يبحثان جهود الوساطة لوقف إطلاق النار في غزة

قالت الرئاسة المصرية في بيان إن الرئيس عبد الفتاح السيسي بحث مع نظيره الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، جهود الوساطة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن في واشنطن (أ.ب) play-circle 01:45

بلينكن لتسليم ترمب «خطة متكاملة» لغزة ما بعد الحرب

حض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المجتمع الدولي على دعم خطته لما بعد الحرب في غزة، كاشفاً أنها ستسلم إلى الإدارة الجديدة بقيادة الرئيس دونالد ترمب.

علي بردى (واشنطن)

مقتل عشرات الفلسطينيين بقصف إسرائيلي على جنين ودير البلح

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (د.ب.أ)
TT

مقتل عشرات الفلسطينيين بقصف إسرائيلي على جنين ودير البلح

جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (د.ب.أ)
جنود إسرائيليون في الضفة الغربية (د.ب.أ)

قُتل 6 فلسطينيين، اليوم الثلاثاء، في قصف جوي إسرائيلي استهدف مخيّم جنين في شمال الضفّة الغربية المحتلّة، وفق ما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية.

وأعلنت الوزارة في بيان سقوط «6 شهداء وعدد من الإصابات جراء قصف الاحتلال على مخيم جنين»، مشيرةً إلى أنّ حالة الجرحى «مستقرة».

بدوره، أكّد محافظ جنين كمال أبو الرُب لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ «المخيم تعرض لقصف بثلاثة صواريخ إسرائيلية».

يأتي هذا القصف الجوي الإسرائيلي بعد حوالي شهر من محاولات قامت بها السلطة الفلسطينية للسيطرة على مخيم جنين واعتقال مسلحين داخله وصفتهم بـ«الخارجين عن القانون».

وفي سياق متصل، أعلنت وسائل إعلام فلسطينية قصفاً إسرائيلياً على منزل في دير البلح بوسط قطاع غزة تسبب في مقتل 11 شخصاً وإصابة آخرين في الهجوم.

وقتل خلال الاشتباكات بين أجهزة السلطة الفلسطينية والمسلحين في المخيم أكثر من 14 فلسطينياً، من بينهم 6 من أفراد الأجهزة الأمنية ومسلّح.

وأعلن الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية أنور رجب، في مؤتمر صحافي قبل يومين، أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية اعتقلت خلال حملتها 246 مطلوباً «خارجاً عن القانون».

وكانت العمليات العسكرية الإسرائيلية توقفت في المخيم منذ أن بدأت السلطة الفلسطينية حملتها عليه قبل أكثر من شهر.