التغيّر المناخي يهدد مدناً تاريخيّة في اليمن

‏تقرير أممي توقع أمطاراً غير مسبوقة

مدينة زبيد التاريخية في اليمن ضربتها أمطار غير مسبوقة (إعلام محلي)
مدينة زبيد التاريخية في اليمن ضربتها أمطار غير مسبوقة (إعلام محلي)
TT

التغيّر المناخي يهدد مدناً تاريخيّة في اليمن

مدينة زبيد التاريخية في اليمن ضربتها أمطار غير مسبوقة (إعلام محلي)
مدينة زبيد التاريخية في اليمن ضربتها أمطار غير مسبوقة (إعلام محلي)

توقعت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» زيادة كبيرة في كمية الأمطار التي ستهطل على اليمن خلال الأيام المقبلة، فيما أكدت مصادر محلية تأثر 100 منزل تاريخي في مدينة صنعاء القديمة وكذلك الأمر في مدينة زبيد، المدرجتين على قائمة التراث الإنساني، مع تضرر مبانٍ أخرى في مدن تاريخيّة مثل ثلا في محافظة المحويت وجبلة في محافظة إب.

وتوقعت نشرة الإنذار المبكر للأرصاد الجوية الزراعية والصادرة عن «الفاو» حدوث زيادة كبيرة ومستمرة في هطول الأمطار في عدة محافظات يمنية، وأن تتلقى المرتفعات الوسطى ومناطق ساحل البحر الأحمر وأجزاء من المرتفعات الجنوبية مستويات هطول غير مسبوقة تتجاوز 300 ملم.

عشرات المنازل في صنعاء القديمة تضررت من الأمطار الغزيرة (إعلام محلي)

وحسب النشرة، فإن أجزاء من الهضبة الشرقية، بما في ذلك محافظات مأرب وحضرموت والمهرة، التي تتميز عادة بانخفاض هطول الأمطار، من المتوقع أن تتراوح كمية الأمطار التراكمية فيها بين 100 و150 ملم في الأيام المقبلة.

ونبهت «الفاو» إلى أن استمرار هطول الأمطار الغزيرة من شأنه أن يتسبب بحدوث فيضانات شديدة على مستوى اليمن، خاصة في مناطق تجمع المياه المتمثلة بالأودية في المرتفعات الوسطى والمرتفعات الجنوبية ومناطق الهضبة الشرقية التي تواجه مخاطر متفاوتة للفيضانات.

وبينت النشرة أن الأودية المصنفة في خانة «المخاطر العالية للفيضانات»، تشمل: وديان حرض ومور وسردود وسهام وزبيد في محافظة الحديدة، ونخلة ورسيان في الأجزاء الغربية والشمالية الغربية من اليمن، التي من المتوقع أن تشهد فيضانات شديدة وجارفة.

نداء استغاثة

مع تسجيل الأمم المتحدة تضرر 260 ألف يمني من الأمطار، أطلق فرع الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية في صنعاء ‏‏نداء استغاثة عاجلاً لإنقاذ المدن التاريخية، وفي مقدمتها المسجلة على قائمة التراث العالمي في صنعاء القديمة وزبيد. وقالت الهيئة إن البلاغات المسجلة في صنعاء القديمة وحدها تشمل 100 بلاغ لمبانٍ تاريخية معرضة للسقوط، وقد سقط بالفعل أحد قصور المدينة القديمة قبل يومين في حارة بستان السلطان. ‏

وأكد فرع الهيئة في ندائه أن الظروف المناخية التي يمر بها اليمن أثرت على المدن التاريخية، وأن الأمر يتطلب تدخل كل الجهات ذات العلاقة لتقديم المساعدات الطارئة للفرق الميدانية لتدعيم وتأمين المباني في مدن صنعاء وزبيد وثلا وجبلة وبقية المدن التاريخية المتأثرة بالأمطار.

وناشد البيان المنظمات المحلية والدولية المعنية بحماية التراث الثقافي تقديم الدعم العاجل لمواجهة هذه التغيرات المناخية، وكذلك دعم أعمال التأمين المؤقت ومشاريع الترميم الدائم.

أضرار في إب

وفي محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) التي تشهد أعلى معدلات هطول للأمطار الموسمية، أكد سكان تهدم 4 منازل في الحي القديم من عاصمة المحافظة، كما تهدم منزلان في مديرية يريم نتيجة الأمطار التي شهدتها المحافظة، لكن دون تسجيل خسائر في الأرواح؛ إذ غادر السكان المنزلين قبل انهيارهما، فيما سجلت بقية مناطق المحافظة انهيار أكثر من 10 منازل منذ الأسبوع الماضي.

أما في مديرية العدين، غرب المحافظة، فقد أدت الانهيارات الصخرية وانزلاق التربة إلى ردم مشروع للمياه يستفيد منه سكان عدد من القرى في عزلتي خباز والجبلين، وهو ما دفع السكان إلى مناشدة الجهات المعنية في المحافظة الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى التحرك العاجل وفتح الطرقات وترميم مشروع المياه وإصلاح الخزان لإعادة الخدمة للسكان.

سكان يبحثون تحت التراب عن جثة شاب جرفته السيول (إعلام محلي)

وفي مديرية النادرة في المحافظة ذاتها اشتكى سكان من قطع الطرق بين قراهم نتيجة الانهيارات الصخرية ومن بينها طريق منطقة البريق بمدخل عزلة الفجر؛ حيث أثر الانزلاق الصخري على الطريق الذي يربط قرى وادي «اللحاء»، كما أنه يهدد جسر «بيت النديش»، وهو واحد من أهم الجسور في المديرية ويربط العديد من المناطق بعضها ببعض، بالإضافة إلى أنه يربط قرى في المديرية بأخرى في مديرية دمت المجاورة التابعة لمحافظة الضالع.


مقالات ذات صلة

اليمن يحذّر من كارثة بيئية مع توقّع انفجار ناقلة النفط «سونيون»

المشرق العربي مهمة «أسبيدس» الأوروبية رصدت 5 حرائق على الأقل فوق متن ناقلة النفط اليونانية (رويترز)

اليمن يحذّر من كارثة بيئية مع توقّع انفجار ناقلة النفط «سونيون»

حذّرت الحكومة اليمنية من كارثة بيئية، مع توقّع انفجار ناقلة النفط اليونانية «سونيون» أو غرقها جرّاء الحرائق المستمرة على متنها بعد هجمات حوثية بدأت الأربعاء.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي احتفالات «المؤتمر الشعبي العام» بذكرى تأسيسه في محافظة مأرب (إكس)

«المؤتمر الشعبي»... طموح لتوحيد القيادة ولعب دور في مستقبل اليمن

يطمح حزب «المؤتمر الشعبي» في اليمن لتوحيد قيادته وتجاوز الانقسام بين أجنحته تمهيداً للعب دور في مستقبل اليمن، خصوصاً بعد رفع العقوبات الأممية عن نجل مؤسسه.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي قوات خفر السواحل اليمنية في محيط باب المندب (أرشيفية - أ.ف.ب)

قتلى ومفقودون بعد غرق قارب قبالة سواحل اليمن

قالت المنظمة الدولية للهجرة، الأحد، إن 13 شخصاً لقوا حتفهم، وإن 14 لا يزالون مفقودين بعد غرق قارب قبالة سواحل اليمن يوم الثلاثاء الماضي.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم العربي جانب من منشأة «صافر» لتكرير النفط في محافظة مأرب اليمنية (إكس)

الجيش اليمني يُسقط 3 مسيّرات حوثية هاجمت منشأة نفطية حيوية

هاجمت الجماعة الحوثية منشأة «صافر» النفطية بمحافظة مأرب الخاضعة للحكومة الشرعية بثلاث طائرات مسيرة تم اعتراضها وإسقاطها، وذلك في أخطر تصعيد ضد المنشآت الحيوية.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي المركز الصحي الوحيد في منطقة «مفرق المخا» يقدم الرعاية الطبية مجاناً (إعلام محلي)

«مفرق المخا»... بلدة يمنية تحاصرها خطوط المواجهة

يعيش أكثر من 4500 نازح في بلدة «مفرق المخا» اليمنية قرب خطوط المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين في ظروف إنسانية صعبة.

محمد ناصر (تعز)

«مفرق المخا»... بلدة يمنية تحاصرها خطوط المواجهة

المركز الصحي الوحيد في منطقة «مفرق المخا» يقدم الرعاية الطبية مجاناً (إعلام محلي)
المركز الصحي الوحيد في منطقة «مفرق المخا» يقدم الرعاية الطبية مجاناً (إعلام محلي)
TT

«مفرق المخا»... بلدة يمنية تحاصرها خطوط المواجهة

المركز الصحي الوحيد في منطقة «مفرق المخا» يقدم الرعاية الطبية مجاناً (إعلام محلي)
المركز الصحي الوحيد في منطقة «مفرق المخا» يقدم الرعاية الطبية مجاناً (إعلام محلي)

بعد قرابة 10 أعوام من الصراع في اليمن يعيش أكثر من 4500 نازح في بلدة «مفرق المخا» الواقعة على بعد حوالي 29 كيلومتراً من خطوط المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين في محافظة تعز (جنوب غرب) في ظروف صعبة، إذ غابت عنهم المنظمات الإغاثية وتركتهم يواجهون تحديات كبيرة في سبيل الحصول على الرعاية الطبية.

ووفق بيانات المنظمات الإغاثية، فإن المنطقة التي هجرتها الكثير من المنظمات الإغاثية الدولية والمحلية ربما لقربها من خطوط التماس، أصبحت على مر السنين مركزاً للأسر التي فرت من القتال، وهي الآن موطن لـ4500 نازح داخلي يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر ويواجهون صعوبة بالغة في الوصول إلى الرعاية الصحية، ومع ذلك يقدم المركز الصحي هناك الرعاية مجاناً.

بلدة «مفرق المخا» في اليمن واحدة من أكثر المناطق إهمالاً (إعلام محلي)

وتذكر منظمة «أطباء بلا حدود» أنه على الرغم من الاحتياجات الشديدة، توقفت المنظمات الدولية والوطنية عن تقديم الدعم للسكان هناك، حتى باتت واحدة من أكثر المناطق إهمالاً في المنطقة.

مركز صحي وحيد

تجلس نور البالغة من العمر عاماً ونصف العام في حضن والدتها بينما يفحصها الطبيب حمزة، حيث تشعر بالضعف والتعب بعد معاناتها من الإسهال لبضعة أيام، وتقول والدتها: «ينفطر قلبي كلما مرض أحد أطفالي، خصوصاً عندما تكون نور أصغر أطفالي. أشعر دائماً بالتوتر عندما أحتاج إلى إيجاد رعاية صحية جيدة الجودة في منطقتي دون دفع رسوم طبية».

ونظراً لوضعها المالي، تأتي المرأة إلى المركز الصحي في مفرق المخا للحصول على رعاية عالية الجودة ومجانية لأطفالها التسعة، حيث تدعم منظمة «أطباء بلا حدود» هذا المركز الصحي منذ عامين، بهدف زيادة قدرة الرعاية الصحية الأولية في المناطق الريفية في مديرية موزع، وفق ما تقوله المنظمة.

مستشفى ميداني أقامته منظمة دولية في مدينة المخا اليمنية (أطباء بلا حدود)

وبدعم من فرق المنظمة، يقدم المركز الرعاية الصحية الأساسية والإحالات مجاناً، كما تدعم إدارة حالات الطوارئ الطبية في المركز، بما في ذلك تثبيت استقرار المرضى المصابين بالحرب وضحايا حوادث الطرق قبل إحالتهم إلى مرفق آخر للحصول على رعاية إضافية.

وبالإضافة إلى ذلك يقدم الفريق استشارات منتظمة للمرضى الخارجيين، ورعاية ما قبل الولادة وما بعدها للنساء، وأنشطة تعزيز الصحة، ورعاية الأطفال، بما في ذلك فحص التغذية والتطعيم، إذ أدى انخفاض تغطية التطعيم إلى ظهور أمراض يمكن علاجها باللقاحات في المجتمع.

منطقة مهملة

وفق بيانات منظمة «أطباء بلا حدود»، تم تقديم الرعاية للمنطقة المهملة في الفترة بين يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز) هذا العام، وعلاج أكثر من 1562 مريضاً في غرفة الطوارئ بالمركز الصحي، وخلال ذلك الوقت، تم علاج أكثر من 9473 مريضاً في العيادة الخارجية، حيث تلقت 915 امرأة الرعاية قبل الولادة وبعدها.

ويعالج الفريق الطبي في المركز الذين يعانون من أمراض معدية بالإضافة إلى 488 مصاباً بحمى الضنك وأكثر من 965 مصاباً بالملاريا، وكانت نور واحدة منهم.

وفي أعقاب الزيادة الأخيرة في عدد حالات الإسهال المائي الحاد والكوليرا في اليمن، أقامت منظمة «أطباء بلا حدود» خيمة مراقبة وتثبيت في مفرق المخا بسعة سريرين. وفي الفترة ما بين أبريل (نيسان) ويوليو (تموز) الماضيين عالجت الفرق 1089 مريضاً، وتم إحالة بعضهم إلى مركز علاج الكوليرا التابع للمنظمة في مدينة المخا للحصول على رعاية طبية إضافية.

الحكومة اليمنية تقوم بشق طريق لربط «مفرق المخا» بمركز المديرية (إعلام محلي)

ويقول عبد الحكيم محمد فرحان، المرجع الطبي لمشروع «أطباء بلا حدود» في البلدة: «تتطلب العديد من الحالات التي نعالجها في المركز هنا الإحالة إلى مرفق صحي أو مستشفى آخر للحصول على رعاية إضافية بسبب غياب الرعاية الثانوية هنا». وللاستجابة لهذه الحاجة المتزايدة، بدأت منظمة «أطباء بلا حدود» هذا العام نظام إحالة سيارات الإسعاف الذي يسمح بنقل المرضى إلى مستشفى آخر مجاناً.

ونظراً لموقع «مفرق المخا» في الجبال، فإن أقرب مستشفى رئيسي يبعد حوالي 40 كيلومتراً، ويتم تحويل معظم الحالات إلى مستشفى المخا العام، حيث تدير منظمة «أطباء بلا حدود» مرفقاً للولادة وجناحاً للأطفال، أو إلى مرافق صحية أخرى في محافظة تعز. ويقول عبد الحكيم إن العديد من المرضى يعانون من سوء التغذية أو يحتاجون إلى رعاية إضافية للأمومة والإنجاب.