«هدنة غزة»: مقتل رهينة بيد «حماس» يُربك محادثات الوسطاء

إعلام إسرائيلي يتحدث عن «فرص ضئيلة»

ألسنة اللهب تتصاعد بعد غارة إسرائيلية على مبنى سكني في مدينة غزة (رويترز)
ألسنة اللهب تتصاعد بعد غارة إسرائيلية على مبنى سكني في مدينة غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مقتل رهينة بيد «حماس» يُربك محادثات الوسطاء

ألسنة اللهب تتصاعد بعد غارة إسرائيلية على مبنى سكني في مدينة غزة (رويترز)
ألسنة اللهب تتصاعد بعد غارة إسرائيلية على مبنى سكني في مدينة غزة (رويترز)

قبل يومين من بدء مفاوضات «حاسمة» يقودها الوسطاء لإقرار هدنة بقطاع غزة، أعلنت حركة «حماس» مقتل رهينة وإصابة آخرين على يد عناصرها لأول مرة منذ حرب غزة، وسط تشكيك إسرائيلي بالرواية، وتقارير إعلامية تتحدث عن «فرص ضئيلة» لعقد اتفاق، مقابل «تفاؤل أميركي» عن إمكانية إحراز تقدم في المفاوضات.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» يعتقدون أن إعلان «حماس» يعد «إرباكاً لحسابات أطراف المحادثات وتعقيداً للمفاوضات يضاف للعراقيل الإسرائيلية المستمرة»، مشترطين ضغوطاً حقيقية من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على حكومة بنيامين نتنياهو لإنجاز اتفاق قريب يخفض التصعيد بالمنطقة.

ووسط زخم دولي يدعم الذهاب لاتفاق هدنة في غزة، وفق بيان رباعي صادر عن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، الاثنين، أعلنت «كتائب القسام»، الجناح المسلح لـ«حماس»، في بيان، أن أحد الرهائن الإسرائيليين قُتل على يد حارس كان مكلفاً بمراقبته، كما أصيبت رهينتان أخريان من النساء بجروح خطيرة في حادثين منفصلين في غزة.

وحملت الجانب الإسرائيلي «المسؤولية الكاملة عن هذه المجازر وما يترتب عليها من ردود فعل تؤثر على أرواح الأسرى»، وذلك في أول إعلان تقول فيها «كتائب القسام» إن حراسها قتلوا رهائن، بعدما ما نسبت مقتل آخرين سابقاً إلى قصف إسرائيلي وغارات على القطاع.

وشكك المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر حسابه في «إكس» في صحة ذلك، مؤكدة مواصلة فحص مصداقية البيان.

غداة ذلك، اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، الثلاثاء، برفقة مئات المستوطنين، باحات المسجد الأقصى بحماية من الشرطة الإسرائيلية، تزامناً مع حديث «القناة الـ13» الإسرائيلية بأن «إسرائيل و(حماس) ليستا متحمستين للتوصل إلى اتفاق، والفرص الآن أقل من أي وقت مضى».

كما نفى مكتب نتنياهو، الثلاثاء، إضافة شروط جديدة خلال جولة مفاوضات وقف إطلاق النار المقبلة، لافتاً إلى أن «حماس» أضافت 29 تغييراً لبنود مقترح وقف إطلاق النار «وهو ما نرفضه»، دون مزيد من التفاصيل.

وفي استمرار للهجتها المتشددة ضد التصرفات الإسرائيلية، التي تراها تستهدف «إفشال جهود وقف الحرب»، أدانت مصر، الاقتحام السادس لبن غفير للمسجد الأقصى، منذ توليه منصبه أواخر عام 2022، مؤكدة «ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بدور فاعل في مواجهة تلك الانتهاكات التي تهدف لتأجيج المشاعر، وإفشال جهود التوصل لوقف لإطلاق النار في غزة»، وفق إفادة للخارجية المصرية، الثلاثاء.

فيما نقلت «رويترز» عن 3 من كبار المسؤولين الإيرانيين، لم تسمهم، أن «السبيل الوحيد» الذي يمكن أن يرجئ رد إيران على الفور على إسرائيل بسبب اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) على أراضيها هو التوصل في المحادثات المأمولة، هذا الأسبوع، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، رغم حديث رسمي سابق لطهران بأن الرد ينفصل عن مسار المفاوضات.

أستاذة العلاقات الدولية، الدكتورة نورهان الشيخ، تعتقد أن حادث مقتل رهينة بيد «حماس»، قد يعقد ويُربك المفاوضات المرتقبة، مستدركة: «لكن ليست هي العامل الوحيد، فليست هناك إرادة إسرائيلية لدفع المفاوضات، ولا مؤشرات نحو ذلك».

وترى أن إعلان «حماس» عن واقعة مقتل رهينة محاولة منها لتأكيد مصداقيتها، والضغط على إسرائيل لدفعها نحو إنهاء الحرب.

تلك الواقعة أيضاً عدَّها المحلل العسكري المصري اللواء نصر سالم، «رسالة ردع من (حماس) لإسرائيل» تقول فيها إن الأمر قد يخرج عن السيطرة، وهي موجهة بالأساس للشارع الإسرائيلي «ليضغط على حكومته»، ويضيف مستدركاً: «لكن نتنياهو لا يهمه الشارع ولا الضغوط، ويريد البقاء رئيساً لحكومته لما بعد الانتخابات الأميركية، ويواصل وزراؤه المتطرفون إشعال الموقف باقتحام الأقصى».

وعلى عكس تقديرات الإعلام الإسرائيلي، هناك تفاؤل لدى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن أزمة غزة، مع تأكيد نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية، فيدانت باتيل، في مؤتمر صحافي، الاثنين، أن واشنطن «تتوقع تماماً أن تمضي المحادثات قدماً وإنها تواصل العمل مع الأطراف المعنية»، مضيفاً أن «الاتفاق لا يزال ممكناً»، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز».

ومن المرتقب أن يزور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن المنطقة في جولة تشمل قطر ومصر وإسرائيل، لكنها غير مؤكدة بشكل نهائي، وفق تقرير لموقع «أكسيوس» أكدته أيضاً صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية.

ويقلل اللواء نصر سالم من تفاؤل واشنطن، بإمكانية حدوث تقدم بالمفاوضات، مؤكداً أنه دون ضغوط حقيقية من إدارة بايدن على نتنياهو لن تتوقف الحرب، ولن توقع اتفاقية هدنة قريباً، قائلاً: «لو تريد واشنطن وقف الحرب باستطاعتها وقف المساعدات العسكرية الموجهة لإسرائيل وسيقبل نتنياهو حينها بالهدنة وغيرها، لكنها لم تفعل ذلك، ولا يتوقع أن تذهب لذلك».

تزامن ذلك مع خلاف كبير بين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت حول الحرب والصفقة، بالتوازي مع ترقب إسرائيلي لتداعيات ضربة من إيران ومن «حزب الله» رداً على اغتيال قائده فؤاد شكر ببيروت، ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، بطهران، نهاية يوليو (تموز).

وباعتقاد غالانت، أن نتنياهو يتحمل مسؤولية تعطيل صفقة التبادل منذ طرح الرئيس الأميركي جو بايدن مقترحاً للهدنة في نهاية مايو (أيار) الماضي، وقال: «نحن أمام مفترق طرق، إما التسوية وإما التصعيد، وموقفي مع الأجهزة الأمنية هو الذهاب نحو تسوية وصفقة»، وفق ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية، قبل أن يرد مكتب الأخير، بتأكيد التمسك بمنهجه، وضرورة التزام الجميع به.

وفي ضغط جديد على حكومة نتنياهو، خفضت وكالة «فيتش» التصنيف الائتماني لإسرائيل من «A+» إلى «A» مشيرة إلى تفاقم المخاطر الجيوسياسية مع استمرار الحرب في غزة، مع الإبقاء على نظرة مستقبلية للتصنيف عند مستوى سلبي وهو ما يعني إمكانية خفضه مرة أخرى.

وباعتقاد نورهان الشيخ، أن الوضع الاقتصادي الإسرائيلي متردٍّ من قبل إعلان ذلك التصنيف، إلا أن نتنياهو يعول على الدعم اليهودي لبلاده من كل أنحاء العالم، وهو ما يدفع لإطالة أمد الحرب، ويشي بعدم انفراجه قريبة في المحادثات، رغم توالي الضغوط الداخلية والدولية تجاه إبرام اتفاق.


مقالات ذات صلة

واشنطن: قطر تعمل على مشاركة «حماس» في محادثات وقف إطلاق النار

العالم فلسطينيون يحملون أمتعتهم في أثناء فرارهم من مدينة حمد باتجاه المواصي بغزة في 11 أغسطس 2024 (د.ب.أ)

واشنطن: قطر تعمل على مشاركة «حماس» في محادثات وقف إطلاق النار

قالت وزارة الخارجية الأميركية، الثلاثاء، إن «الشركاء في قطر أكدوا لواشنطن» أنهم سيعملون على أن يكون لحركة «حماس» تمثيل في محادثات الهدنة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جانب من مسيرة في عمّان منددة باغتيال قياديين فلسطينيين يوم 9 أغسطس الجاري (رويترز)

حراك دبلوماسي أردني وتأهب عسكري

أخذ التأهب العسكري والأمني في الأردن شكلاً عملياتياً من خلال إجراءات لمنع أي اختراق لأجواء المملكة وسيادتها، في ظل التوتر الإيراني - الإسرائيلي.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي فتيات فلسطينيات يتجولن أمام جدارية في مخيم مؤقت للنازحين في دير البلح وسط قطاع غزة في 13 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

فتيات غزة يقصصن شعرهن لعدم وجود أمشاط

عندما تشتكي الفتيات لطبيبة الأطفال في غزة لبنى العزايزة من عدم وجود أمشاط، فإنها تطلب منهن قص شعرهن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي أطفال يقفون لالتقاط صورة على منتصف الطريق في مخيم مؤقت للنازحين أقيم على طول طريق في دير البلح في وسط قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

«حماس» ستشارك في مباحثات الخميس

قالت مصادر في حركة «حماس»، لـ«الشرق الأوسط» إن التوجه لدى قيادة الحركة هو المشاركة في الاجتماع المرتقب يوم الخميس المقبل، لكن شكل هذه المشاركة لم يتحدد بعد.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي الرئيس الروسي مرحباً بنظيره الفلسطيني في نوفو أوغاريفا الثلاثاء (الكرملين - د.ب.أ)

بوتين يؤكد موقف بلاده حيال «جذور المشكلة» وعباس يعوّل على دعم موسكو

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جولة محادثات مطولة مع نظيره الفلسطيني محمود عباس، ركّز خلالها الجانبان على الوضع في غزة وآفاق دفع جهود التهدئة.

رائد جبر (موسكو)

جيبوتي تستبعد نجاح تركيا في حل أزمة «المنفذ الإثيوبي» بالبحر الأحمر

محمود علي يوسف وزير خارجية جيبوتي (الشرق الأوسط)
محمود علي يوسف وزير خارجية جيبوتي (الشرق الأوسط)
TT

جيبوتي تستبعد نجاح تركيا في حل أزمة «المنفذ الإثيوبي» بالبحر الأحمر

محمود علي يوسف وزير خارجية جيبوتي (الشرق الأوسط)
محمود علي يوسف وزير خارجية جيبوتي (الشرق الأوسط)

استبعد وزير خارجية جيبوتي، محمود علي يوسف، نجاح الوساطة التركية في حل الأزمة بين دولتَي الصومال وإثيوبيا، حول تأجير الأخيرة قاعدة بحرية على البحر الأحمر، بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وهو ما ترفضه حكومة مقديشو، وتعدّه «انتهاكاً لسيادتها».

واستضافت أنقرة، الاثنين، اجتماعاً بين وزراء خارجية تركيا؛ هاكان فيدان، والصومال؛ أحمد معلم فقي، وإثيوبيا؛ تاي أتسكي سيلاسي، في جولة ثانية للمفاوضات التي تتوسط فيها تركيا لإنهاء الخلافات بين البلدين الجارَين بالقرن الأفريقي.

وقال الوزير علي يوسف، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، «بكل صراحة مواقف البلدين من مفهوم احترام السيادة ووحدة الأراضي بعيدة كل البعد بعضهما عن بعض»، مضيفاً أن «الحل يكمن في تخلّي إحدى الدولتين عن موقفها من تلك المسائل».

ووقّع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، في يناير (كانون الثاني) الماضي، مذكرة تفاهم مع إثيوبيا، تمنح الأخيرة بموجبها حقّ استخدام واجهة بحرية بطول 20 كيلومتراً من أراضي أرض الصومال لمدة 50 عاماً، عبر اتفاقية «إيجار»، وهو ما رفضته مقديشو، واستدعى اجتماعاً عربياً طارئاً آنذاك أدان المذكرة، وتضامَن مع الموقف الصومالي، الذي عدّها «باطلة وغير مقبولة».

وإقليم «أرض الصومال» هو محمية بريطانية سابقة، أعلن استقلاله عام 1991، لكن لم يعترِف به المجتمع الدولي.

وكشف الوزير الجيبوتي عن أن بلاده «اقترحت وساطة سرية بحلول وسط لحل الخلاف»، لكنه امتنع عن الإفصاح عن تفاصيلها، قائلاً: «لا أستطيع أن أكشف عنها حتى لا أعرّضها للفشل».

وأوضح يوسف أن جيبوتي في الحقيقة لم تتوقف يوماً عن السعي لتخفيف التوتر بين البلدين الجارَين الصومال وإثيوبيا، لافتاً إلى أنه «من أجل تخفيف التصعيد الدبلوماسي عقدت جيبوتي قمة لـ(الإيغاد) في فبراير (شباط) الماضي، كما يقوم الرئيس الجيبوتي بالتواصل المستمر بين قيادتَي الدولتين الجارتين».

وأضاف: «الوساطة التركية جاءت بطلب من إثيوبيا، بعد وساطة كينية لم تأتِ بالنتائج المرجوّة... المهم أن تعمل الجهود الدبلوماسية كافةً على تحقيق الاستقرار والأمن للمنطقة، وتلك الأهداف هي التي تهم جيبوتي بالدرجة الأولى قبل أي اعتبار آخر».

وأعلن وزير خارجية الصومال أحمد فقي، الثلاثاء، الانتهاء من الجولة الثانية من المفاوضات مع إثيوبيا في تركيا، من دون أن يُفصح عن أي اتفاق.

وبعدما أشاد في بيان، عبر منصة (إكس)، بجهود تركيا على الوساطة، أوضح أنه تم الاتفاق على عقد الجولة الثالثة من المحادثات هناك.

ووفق مصادر إعلامية صومالية، فإن محادثات أنقرة وصلت إلى طريق مسدود، حيث تتمسّك إثيوبيا بتنفيذ مذكرة التفاهم مع أرض الصومال، بينما يُصرّ الصومال على أن تتخلّى إثيوبيا عن المذكرة أولاً، ثم التفاوض مع الحكومة الفيدرالية الصومالية في مقديشو بشأن الوصول إلى البحر الأحمر.

وكان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، أكّد خلال اتصال هاتفي مؤخراً مع نظيره التركي، رجب طيب إردوغان، ترحيبه بجهود تركيا في تعزيز الحوار بين الصومال وإثيوبيا، لكنه شدّد على ضرورة أن «يكون أي تعاون متوافقاً مع احترام سيادة الصومال ووحدته الوطنية، وفقاً للقانون والنظام الدولييْن».

في المقابل استغل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد اتصالاً هاتفياً أجراه، السبت الماضي، مع الرئيس التركي، للتشديد على أهمية تزويد إثيوبيا، الدولة التي يبلغ عدد سكانها 120 مليون نسمة، بـ«إمكانية الوصول إلى البحر من خلال نهج يتفق عليه الطرفان»، وفقاً لوكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية، التي نقلت أيضاً عن آبي تقديره لدعم إردوغان في تسهيل حل ما وصفته بـ«سوء التفاهم بين إثيوبيا والصومال».