توجُّه لـ«حوثنة» أسماء 15 مدرسة يمنية في حجة

تقرير أممي: 4.5 مليون طفل خارج التعليم

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)
ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)
TT

توجُّه لـ«حوثنة» أسماء 15 مدرسة يمنية في حجة

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)
ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

تستعد الجماعة الحوثية لاستقبال العام الدراسي الجديد في مناطق سيطرتها من خلال السعي لـ«حوثنة» أسماء نحو 15 مدرسة يمنية في محافظة حجة (شمال غرب)، في سياق مسلسل التطييف ومحاولة طمس التنوع الفكري والثقافي.

وحسب مصادر تربوية فإن الجماعة تنوي تغيير أسماء مدارس مجمع الثورة التربوي، والنهضة، وخالد بن الوليد بمركز محافظة حجة، ومدرسة النور بقرية المخرنف بمديرية كحلان الشرف، ومدرسة النجاح بمديرية المحابشة، ومدرسة 22 مايو بمديرية المغربة، ومدرسة حذيفة بن اليمان الأساسية، ومجمع هارون الرشيد الأساسي والثانوي للبنات بمديرية مدينة حجة، ومدارس الشعب الأساسية والإمام البخاري والغافقي بمديرية عبس، ومدارس أخرى.

كثَّف الحوثيون من مساعي فرض الطائفية والتغيير المذهبي (إعلام حوثي)

وذكرت المصادر أن الجماعة ستطلق أسماء جديدة على هذه المدارس تحمل أسماء قادتها وبعض الرموز التاريخية ذات البعد الطائفي، من قبيل اسم مؤسّسها حسين الحوثي، وتاريخ انقلابها على التوافق الوطني.

وعزت المصادر التربوية سبب توجُّه الانقلابيين صوب تغيير أسماء مدارس حجة، إلى المشاركة «الباهتة» لمنتسبي تلك المدارس من طلاب ومعلمين وإداريين في معسكراتها الصيفية، إضافةً إلى احتفال تلك المدارس كل عام بالأعياد الوطنية، ومنها ذكرى ثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962 التي قضت على نظام الإمامة.

واتهمت المصادر يحيى الحوثي، شقيق زعيم الجماعة المعيَّن وزيراً لتربية وتعليم حكومة الانقلاب، بأنه وقيادات انقلابية في محافظة حجة، منهم هلال الصوفي المعيَّن محافظاً، وحمود المغربي المعيَّن وكيلاً للمحافظة لشؤون الثقافة والتعبئة، وعلي القطيب المعيَّن مديراً للتربية بحجة، بالوقوف وراء عملية تغيير أسماء المدارس.

رفض مجتمعي

قوبلت تلك المساعي الحوثية لتغيير أسماء المدارس في حجة بموجة رفض من تربويين وناشطين وأولياء أمور، حيث تتَّهم الجماعة بالسعي لطمس الهوية اليمنية وتفكيك النسيج الاجتماعي، و«حوثنة» ما تبقى من قطاع التعليم في المحافظة وبقية مناطق سيطرتها خدمةً لأجندات دخيلة على المجتمع اليمني.

وأبدى عمران، وهو اسم مستعار لأحد الموجِّهين التربويين في حجة، لـ«الشرق الأوسط»، أسفه الشديد لاستمرار انشغال الجماعة بأمور تخدم مشروعاتها الطائفية، ولا تلبي طموحات ومطالب السكان، من قَبِيل توفير المرتبات، والتخفيف من حدة معاناتهم وأوجاعهم التي يكابدونها مع أُسرهم.

تلميذات يمنيات يتجهن إلى صفهن بإحدى المدارس في ضواحي صنعاء (إ.ب.أ)

وأضاف: «بينما ترك آلاف المعلمين في حجة وغيرها التعليم في المدارس نتيجة ضغوط المعيشة، واتجهوا صوب امتهان أعمال ومهن أخرى لتأمين العيش، تستمر الجماعة الانقلابية في تمرير مخططاتها الاستهدافية للقطاع التعليمي ومنتسِبيه؛ سعياً منها لصناعة جيل كامل من معتنِقي أفكارها المتطرفة».

ولا تُعد هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها الجماعة الحوثية أسماء المدارس في حجة، فقد عمدت سابقاً إلى تغيير أسماء أكثر من 12 مدرسة في مديرية الشاهل إلى أسماء تحمل الطابع الطائفي، وذلك ضمن قرار صادر عن مكتب التربية الخاضع للجماعة في المحافظة.

وأدى السلوك الانقلابي إلى تعطيل العملية التعليمية في اليمن بشكل شبه كلي، مع امتناع الجماعة منذ أواخر 2016 عن صرف رواتب المعلمين، وتحويل المدارس إلى ساحات لتجنيد الصغار.

تداعيات الانقلاب

في تقرير حديث كشفت منظمة الطفولة الأممية «يونيسيف»، عن أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة، بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح في البلاد.

وأكدت أن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس. مضيفةً أن «الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال».

موالون للجماعة الحوثية في صنعاء يردّدون شعاراتها الطائفية (رويترز)

ومنذ بداية الانقلاب الحوثي، خلَّف الصراع آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في اليمن، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

وأكدت «يونيسيف» أنه كان لذلك النزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء اليمن، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثير بالغ على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة، البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة.

ووفقاً للمنظمة الأممية، فقد دُمّرت 2.916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل 4 مدارس)، أو تضررت جزئياً، أو استُخدمت لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

العالم العربي جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية توقف صرف المساعدات النقدية للحالات الأشد فقراً في مناطق سيطرتها، وتستقطع منها لصالح جبهاتها، متسببة بمزيد من المعاناة الإنسانية للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي معدل انعدام الغذاء الكافي انتشر بين 62 ‎%‎ من سكان اليمن (الأمم المتحدة)

برنامج أممي يحذر من خطر سوء التغذية الحاد في اليمن

حذر برنامج الأغذية العالمي من أن سوء التغذية الحاد في اليمن لا يزال يشكل تهديداً خطيراً لحياة الأشخاص مع وجود 17.6 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي دُشنت المشروعات التنموية برعاية عدد من الوزراء والمسؤولين (الشرق الأوسط)

«البرنامج السعودي» يضع حجر الأساس لمشروعات تنموية في مأرب

وضع «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» حجر الأساس لحزمة مشروعات تنموية في محافظة مأرب.

«الشرق الأوسط» (مأرب)
العالم العربي آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي: لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني في اليمن

وسط احتفالات واسعة بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أكد رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي أنه لا خيار في بلاده إلا الانتصار على المشروع الإيراني المتمثل في الحوثيين

علي ربيع (عدن)

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
TT

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)

أوقفت الجماعة الحوثية، خلال الأيام القليلة الماضية، صرف المساعدات النقدية المخصصة للحالات الأشد فقراً في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، في ظل اتهامات لها باستقطاع مبالغ مالية من المساعدات التي تُخصصها المنظمات الأممية والدولية لمصلحة الفقراء في اليمن.

وذكرت مصادر مطلعة في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تعمدت وضع صعوبات وعراقيل عدة، لمنع صرف المساعدات النقدية للمستحقين في نحو 35 مركزاً خاصاً في 6 محافظات يمنية تحت سيطرتها، وهي صنعاء، وإب، والمحويت، وذمار، وريمة، وعمران، من خلال ما سمته «المرحلة الـ18 لمشروع الحوالات النقدية للمستفيدين من صندوق الرعاية الاجتماعية».

إشراف عناصر حوثية على عملية صرف مساعدات نقدية طارئة في محافظة إب (إعلام حوثي)

ويستهدف مشروع الحوالات النقدية المموَّل من البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (اليونيسيف)، في هذه المرحلة، ما يزيد على مليون ونصف المليون أسرة، تضم نحو 10 ملايين شخص في صنعاء وبقية المحافظات، بينما يبلغ إجمالي المبلغ المخصص بوصفه معونات نقدية في هذه المرحلة أكثر من 63 مليون دولار.

واشتكى مستفيدون من تلك الحوالات في صنعاء ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط»، من عراقيل وصعوبات مستمرة تتعمد الجماعة وضعها، وتؤدي لإيقاف عملية صرف المساعدات النقدية ساعات وأحياناً أياماً، في مراكز عدة؛ الأمر الذي يزيد من معاناتهم ومتاعبهم نتيجة الوقوف ساعات طويلة أمام تلك المراكز.

وتتم عملية الصرف التي يُشرِف عليها عناصر يتبعون ما يسمى «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية»، وهو هيئة مخابراتية شكَّلتها الجماعة للرقابة على أنشطة الإغاثة والمنظمات الدولية والمحلية، إضافة إلى موظفين في بنك الأمل وصندوق التنمية الاجتماعي، عبر أكثر من 2500 مركز صرف تنتشر في نحو 40 ألف قرية.

جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

ويبرر هؤلاء المشرفون إيقاف عمليات الصرف في تلك المراكز وحرمان المستفيدين من الحصول على مستحقاتهم المالية الزهيدة، بزعم عدم انتظام المستفيدين في طوابير خاصة بعملية التسلُّم، وعدم تجهيز كشوفات أسماء بعض المستفيدين، إضافة إلى التحجج بوجود أعطال فنية في المراكز.

استقطاع متكرر

كشف مستفيدون آخرون من تلك الحوالات في قرى عدة في مديريات العدين وحبيش ومذيخرة في محافظة إب، ومديريات الجبين والجعفرية في محافظة ريمة، والرجم وحفاش في المحويت، وعتمة في ذمار، والعشة في عمران، ومناطق أخرى في صنعاء، عن وجود استقطاعات حوثية حالية من مستحقاتهم الزهيدة لدعم جبهات القتال.

ولفت المستفيدون إلى أن تلك الاستقطاعات يسبقها في كل مرة عمليات إيقاف متعمدة للصرف ساعات طويلة، دون إبداء الأسباب.

الجوع والفقر يدفعان يمنيين في صنعاء للتسول (الشرق الأوسط)

وبيَّن (أمين ع.)، وهو أحد المقربين من أحد المستفيدين من الضمان الاجتماعي في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن قريبه لم يتسلم هذه المرة سوى مبلغ يساوي 15 دولاراً أميركياً تقريباً (8 آلاف ريال يمني)، وتفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي (536 ريالاً) كمساعدة نقدية مخصصة له، وذلك بعد عناء وجهد من أحد مراكز الصرف في ضواحي مدينة العدين.

وأوضح أن قريبه سبق له أن تَسَلَّمَ في المرحلة السابقة مبلغ 22 دولاراً (12 ألف ريال)، أي أنه تم استقطاع ثلث مستحقاته هذه المرة.

واتُّهم أمين الجماعة باستهداف الفقراء بشكل متكرر، ونهب كل مدخرات وموارد برامج الحماية الاجتماعية (شبكات الضمان الاجتماعي)، ما أدى إلى تعميق الفقر وارتفاع نسبته، وفقدان اليمنيين في عموم مناطق سيطرتها للحماية.

تدمير شبكة الضمان

ليست المرة الأولى التي تعرقل فيها الجماعة الحوثية صرف المساعدات العينية أو النقدية لصالح الفقراء والنازحين؛ إذ سبق أن اشتكى مستفيدون في مدن تحت سيطرتها مرات عدة من عمليات نهب واستقطاع مستحقاتهم.

وكشفت مصادر حقوقية في يونيو (حزيران) من العام قبل الماضي عن استقطاع قيادات انقلابية تدير مكاتب الشؤون الاجتماعية في المحافظات التي تحت سيطرتها، مبالغ من مستحقات الفقراء المستفيدين من مشروع الضمان الاجتماعي، تراوحت في حينها بين 6 و12 دولاراً (3 آلاف و7 آلاف ريال) عن كل حالة.

أسر يمنية في صنعاء تلجأ للحصول على وجبات طعام من مخلفات القمامة (الشرق الأوسط)

كما اتهمت المصادر الجماعة حينها بعدم مراعاة معاناة آلاف الأسر المعوزة المستفيدة من تلك المبالغ، وقد باتت مُعظمها لا تملك أي مصادر دخل غير تلك المستحقات الزهيدة التي تُصْرف لها كل 3 أشهر بعد انقطاع دام أعواماً، بفعل سطو قادة الجماعة على أرصدة صندوق الضمان الاجتماعي.

وأظهرت تقارير محلية وأخرى دولية تعرُّض عدد من الصناديق الإيرادية بما فيها «صناديق التقاعد» في مناطق سيطرة الجماعة لعمليات سطو منظمة، من بينها صندوق الضمان الاجتماعي، وصندوق النشء والشباب، وصندوق مؤسسة التأمينات الاجتماعية.

وعمدت الجماعة عقب انقلابها، وفق التقارير، إلى نهب أموال صناديق التقاعد، وأوقفت في المقابل مشاريع البنية التحتية، كما أحجمت عن تسديد ديونها للبنوك ومؤسسات التمويل الأصغر، ما قاد هذه المكونات التي تقدم العون والمساعدة لشريحة كبيرة من اليمنيين، إلى التوقف عن العمل.