اليمن: تعسف انقلابي يستهدف منشآت السياحة في إب

مداهمة وإغلاق 11 فندقاً ومطعماً ومتنزهاً خلال يومين

قيادات حوثية خلال بدء حملة رقابة على المنشآت السياحية في إب (فيسبوك)
قيادات حوثية خلال بدء حملة رقابة على المنشآت السياحية في إب (فيسبوك)
TT

اليمن: تعسف انقلابي يستهدف منشآت السياحة في إب

قيادات حوثية خلال بدء حملة رقابة على المنشآت السياحية في إب (فيسبوك)
قيادات حوثية خلال بدء حملة رقابة على المنشآت السياحية في إب (فيسبوك)

مع تراجع عدد الزائرين إلى محافظة إب اليمنية خلال إجازة عيد الأضحى هذا العام إلى أكثر من النصف مقارنة بالأعوام السابقة، أطلقت الجماعة الحوثية حملة جديدة طالت بالتعسف والابتزاز والإغلاق العديد من المنشآت السياحية في مناطق عدة متفرقة في المحافظة.

وأوضحت مصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن ملاك منشآت فندقية ومطاعم ومنتجعات ومتنزهات وحدائق سياحية فوجئوا خلال أيام عيد الأضحى بحملة جباية مباغتة أسفر عنها إغلاق 3 فنادق و5 مطاعم، وحديقة خاصة، ومتنزهين، بحجة تفعيل ما تسمى الرقابة، وتطبيق نظام الجودة، والالتزام بتسعيرة الخدمات.

عنصر حوثي يغلق منشأة سياحية في إب اليمنية (فيسبوك)

وجاءت هذه الإجراءات التعسفية بناء على اجتماع عقدته قيادات حوثية في مدينة إب عاصمة المحافظة وخرج بتوصيات عدة؛ منها تنفيذ نزول ميداني لما تسمى فرق الرقابة بحجة الاطلاع على أوضاع المنشآت السياحية ومدى التزامها بالتعليمات.

وأشرف على تنفيذ الحملة - بحسب المصادر - قيادات في الجماعة يتصدرهم حارث المليكي المعين في منصب وكيل المحافظة لقطاع السياحة، وغانم عوسج المعين في منصب مدير مكتب السياحة في إب.

وبررت الجماعة الحوثية إجراءاتها تلك ضد المنشآت السياحية بتسجيل مُلاكها مخالفات، مثل عدم استخدام وسائل حديثة للتعامل مع الحرائق، وعدم وجود مواقف للسيارات، وعدم امتلاك تراخيص مزاولة النشاط، وعدم الالتزام بالتسعيرة المحددة، وعدم تقديم الدعم للجبهات، ورفض تمويل المناسبات والفعاليات الحوثية.

وأجبر التعسف الحوثي مالك أحد الفنادق بمدينة إب الإعلان عن نيته بيع منشأته ومغادرة المحافظة الخاضعة لسيطرة الجماعة. وقال مالك الفندق، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن ذلك جاء بسبب تعرض فندقه لمداهمة وإغلاق حوثي بذريعة عدم التزامه بالتعليمات.

جانب من أحد التقاطعات الرئيسية في مدينة إب اليمنية (الشرق الأوسط)

ولفت إلى تعرضه وكثير من زملائه على مدى سنوات سابقة ولا يزالون لخسائر كبيرة بسبب تكرار الاستهداف الحوثي لهم.

في السياق نفسه، عبّر عاملون بالاتحاد اليمني للفندقة عن أسفهم البالغ حيال الوضع المتردي الذي وصل إليه قطاع السياحة والفندقة في إب وبقية مناطق سيطرة الجماعة، وذلك نتيجة استمرار فرض الإتاوات غير القانونية ضد مَن تبقى من العاملين في ذلك القطاع.

وسبق هذا الاستهداف الحوثي إقامة الجماعة حفل تكريم لأكثر من 50 منشأة سياحية في إب، نظير ما قالت الجماعة إنه التزامها بتعليماتها وتقديمها الدعم بالمال وقوافل الغذاء لمقاتليها في الجبهات.

واعترف قيادي يدعى غانم عوسج معين في منصب نائب مدير السياحة في إب، بأن هذا التكريم جاء تقديراً لدور تلك المنشآت في دعم الجبهات والقوة الصاروخية وسلاح الجو المسير التابع للجماعة.

وتعد محافظة إب من أهم الوجهات السياحية الداخلية في اليمن، إذ يقصدها خلال الأعياد والمناسبات الدينية آلاف الزائرين من مختلف مناطق البلاد، نظراً لما تتفرد به من أجواء طبيعية وتراثية.

وأبدى سليمان، وهو أحد الزوار من صنعاء لمدينة إب، لـ«الشرق الأوسط»، ندمه الكبير لقيامه وعائلته بزيارة المحافظة هذا العام. وقال: «للأسف لم تعد إب كما كانت عليه في السابق، إذ تخلو من أي مظاهر لاستقبال الزائرين، وتفتقر لأبسط الخدمات كالطرق وأعمال النظافة وغيرها، مضافاً إليها ممارسات ابتزاز تنتهجها الجماعة في نقاط التفتيش وفي المواقع السياحية».

3 أشخاص يستقلون دراجة نارية في أحد الشوارع الرئيسية بمدينة إب (الشرق الأوسط)

ونظراً لافتقار إب، التي تعد العاصمة السياحية لليمن، لأبسط مقومات السياحة، نتيجة ممارسات الفساد والعبث والإهمال المتعمد، أشارت المصادر إلى تراجع عدد الوافدين إلى هذه المحافظة خلال إجازة عيد الأضحى لهذا العام إلى أكثر من النصف مقارنة بالأعوام السابقة.

واعتادت إب، خلال سنوات ما قبل الانقلاب والحرب، استقبال مئات الآلاف من الزائرين إليها من مختلف المحافظات ومن خارج اليمن؛ إذ بلغ عدد الوافدين للأماكن السياحية والتاريخية خلال أحد أعياد الأضحى قبل الانقلاب أكثر من 420 ألف زائر.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يعول على «هدنة غزة» لعودة مسار السلام في اليمن

العالم العربي غروندبرغ يحيط مجلس الأمن بمستجدات الحالة اليمنية (الأمم المتحدة)

غروندبرغ يعول على «هدنة غزة» لعودة مسار السلام في اليمن

أبدى المبعوث الأممي هانس غروندبرغ أمله في أن يؤدي إبرام «هدنة في غزة» إلى عودة مسار السلام بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية محذراً من عواقب وخيمة للتصعيد.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي 38 ألف أسرة تضررت جراء الفيضانات التي ضربت اليمن (إعلام حكومي)

الحوثيون والكوارث الطبيعية يهجرون اليمنيين

أظهرت بيانات مبادرة دولية معنية برصد الأزمات والنزوح والكوارث أن التغيرات المناخية باتت وكأنها تنافس الحوثيين في تهجير اليمنيين خلال العامين الأخيرين وفق ناشطين

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

زعم الحوثيون مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها في شمالي البحر الأحمر، للمرة السادسة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أنصار الحوثيين يرددون شعارات ويرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض للولايات المتحدة وإسرائيل في صنعاء 10 يناير 2025 (إ.ب.أ)

الحوثيون يزعمون استهداف حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر

أعلن الحوثيون تنفيذ عملية عسكرية مشتركة استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» وقطعاً بحرية تابعة لها شمال البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)

انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

تعسفت الجماعة الحوثية مع موظفي قطاع التعليم وحرمتهم من صرف نصف راتب شهري تعهدت به سابقاً وأجبرت طلاب المدارس على المشاركة في دورات قتالية

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

زعمت الجماعة الحوثية، الأربعاء، مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها في شمالي البحر الأحمر، للمرة السادسة، باستخدام الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، وذلك غداة تبنيها 4 هجمات باتجاه إسرائيل خلال 24 ساعة.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصر الفلسطينيين في غزة.

المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع قال في بيان متلفز إن القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير التابع لجماعته استهدفا حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» وعدداً من القطع الحربية التابعة لها شمالي البحر الأحمر.

وأوضح المتحدث أن العملية الهجومية نفذت بواسطة عدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، زاعماً أنها المرة السادسة التي يتم فيها مهاجمة الحاملة منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

صورة جوية لحاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع المرافقة لها في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)

وتوعدت الجماعة على لسان متحدثها العسكري بالاستمرار في شن الهجمات، وقالت إنها جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وإن هجماتها لن تتوقف إلا بانتهاء الحرب في قطاع غزة ورفع الحصار عنه.

وسبق أن اعترف الجيش الأميركي بالتصدي لهجمات حوثية مماثلة استهدفت سفناً عسكرية في البحر الأحمر دون حدوث أي أضرار أو إصابات.

وكان المتحدث الحوثي تبنى، الثلاثاء، تنفيذ جماعته أربع هجمات باتجاه إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة خلال 24 ساعة. وأكد الجيش الإسرائيلي، من جهته، اعتراض صاروخين وطائرة مسيرة، في حين أفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية «نجمة داود الحمراء» بوقوع عدد من الإصابات جراء التدافع نحو الملاجئ، بعد تفعيل صفارات الإنذار.

يشار إلى أن الجماعة الحوثية تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

ألف غارة

أدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر خلال 14 شهراً إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

ورداً على هذا التصعيد استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي الذي بدأ في 12 يناير 2024، وأدى ذلك إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين. وفق ما أقر به الحوثيون.

وكانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

الضربات استهدفت مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان من نصيب الحديدة الساحلية أغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.

وأعاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب الإعلان عن خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.