«سد النهضة»: مصر تُصعّد ضد إثيوبيا قبل أسابيع من «الملء الخامس»

السيسي قال إنه لن يسمح بالعبث بأمن بلاده

«سد النهضة» الإثيوبي (رويترز)
«سد النهضة» الإثيوبي (رويترز)
TT

«سد النهضة»: مصر تُصعّد ضد إثيوبيا قبل أسابيع من «الملء الخامس»

«سد النهضة» الإثيوبي (رويترز)
«سد النهضة» الإثيوبي (رويترز)

وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رسالة شديدة اللهجة إلى إثيوبيا، بخصوص استمرار عملية بناء «سد النهضة» الإثيوبي، من دون التوصل إلى «اتفاق» مع بلاده بشأنه، رغم التفاوض على مدار أكثر من عشر سنوات، مشدداً على «أنه لن يسمح بالعبث بأمن واستقرار بلاده وشعبه».

وتبني إثيوبيا «سد النهضة» على الرافد الرئيسي لنهر النيل منذ عام 2011 بداعي توليد الكهرباء، لكنَّ دولتَي المصب، مصر والسودان، تخشيان من تأثر حصتيهما من مياه نهر النيل، وأبدت إثيوبيا «تعنتاً» في مسار المفاوضات الخاصة بالسد، وفق تصريحات المسؤولين المصريين.

وحذر السيسي، ضمن كلمته في الجلسة الافتتاحية للمنتدى العربي - الصيني، الخميس، في بكين، من «عدم الوصول إلى اتفاق قانوني مُلزم بين مصر وإثيوبيا والسودان، يؤمِّن لأجيال الحاضر والمستقبل في الدول الثلاث حقها في الحياة والتنمية»، مطالباً بالوضع في عين الاعتبار أن بلاده «لن تسمح بكل ما من شأنه العبث بأمن واستقرار شعبها».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال كلمته أمام المنتدى العربي - الصيني في بكين (الرئاسة المصرية)

تأتي رسالة السيسي في وقت تستعد فيه إثيوبيا لبدء الملء الخامس لخزان السد، مع فترة الفيضان المقبلة من يوليو (تموز) المقبل حتى سبتمبر (أيلول) من هذا العام.

وأعلنت الحكومة الإثيوبية، في أبريل (نيسان) الماضي، الانتهاء من نحو 95 في المائة من إنشاءات «سد النهضة».

وتعكس رسالة السيسي «نفاد صبر القاهرة»، وفق خبراء ودبلوماسيين مصريين، كما تأتي أهميتها من طرح القضية أمام «المنتدى العربي - الصيني»، مما يعكس «إمكانية أن تُسهم الدبلوماسية الصينية في حل تلك القضية».

وتحدث الرئيس المصري، في كلمته أمام المنتدى، عن «قضية الأمن المائي العربي»، مشيراً إلى أن «تلك القضية على رأس أولويات التعاون المستقبلي، في إطار المنتدى، نظراً لما تحمله من مخاطر ترقى إلى حد «التهديد الوجودي».

وخلال مباحثات القمة مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، الأربعاء، في بكين، ناقش السيسي التعاون المصري - الصيني في القارة الأفريقية، مؤكداً «الأولوية القصوى لضمان الأمن المائي المصري».

يقول السفير محمد حجازي، المساعد السابق لوزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية، لـ«الشرق الأوسط»، إن تحذير السيسي يأتي «وسط مخاوف من أن تؤدي القضية إلى اضطراب جديد في المنطقة مشابه لما يحدث في غزة»، مشيراً إلى أن «استمرار الممارسات الإثيوبية لن يأتي إلا بمزيد من التوتر».

وعدّ الدبلوماسي المصري السابق، طرح قضية سد النهضة، في المنتدى العربي - الصيني، محاولةً لاستثمار قدرات «الدبلوماسية الصينية في هذا الملف»، كون الصين «تمتلك علاقات جيدة مع إثيوبيا، ويهمها استقرار منطقة شرق أفريقيا، بوصفها منطقة استراتيجية للصين باعتبار أنها ضمن برنامج الحزام والطريق».

ووفق حجازي فإن «الدبلوماسية الصينية مؤهلة للعب دور مؤثر في ملف المياه، نظراً لامتلاك بكين خبرة طويلة في إدارة الأنهار الدولية»، كما تمكنها قيادة مشروع تكامل إقليمي بين دول حوض النيل، مثل خطوط نقل وربط كهربائي، بما يجعل ملف المياه أحد مجالات التعاون وليس المجال الوحيد للتعاون بين هذه الدول.

وأعلنت القاهرة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، «فشل» آخر جولة للمفاوضات بشأن «السد الإثيوبي»، التي استمرت نحو 4 أشهر.

ويُحذِّر الخبير المصري في قضايا المياه الدكتور ضياء الدين القوصي، من «انتقال الموقف المصري من مستوى الدبلوماسية الناعمة إلى مواقف أكثر صرامة، في ظل نفاد صبر القاهرة».

وتوقع القوصي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، تأثر حصة مصر والسودان من مياه النيل هذا العام جراء انخفاض معدل الفيضان على الهضبة الإثيوبية، مشيراً إلى أن «مؤشرات الفيضان في إثيوبيا منخفضة عن الأعوام السابقة، وهو ما قد يؤثر في حصتَي مصر والسودان هذا العام، حال تخزين الجانب الإثيوبي كميات كبيرة من المياه في الملء الخامس لبحيرة السد».

وتعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، كما أنها تتصدر قائمة الدول الأكثر جفافاً بأقل معدل لهطول الأمطار في العالم، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة من مواردها المائية.


مقالات ذات صلة

رسائل «طمأنة مشروطة» من السيسي إلى إثيوبيا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال حفل تخرج الدفعة الجديدة من طلبة الشرطة (الرئاسة المصرية)

رسائل «طمأنة مشروطة» من السيسي إلى إثيوبيا

حملت رسائل رئاسية مصرية جديدة، «طمأنة مشروطة»، بالتأكيد على أن دعم القاهرة لمقديشو لا علاقة له بأديس أبابا، التي أبدت قلقاً متواصلاً على مدار نحو شهرين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة (الخارجية المصرية)

رسائل مصرية - إثيوبية متبادلة في الأمم المتحدة تنذر بالتصعيد

تنذر رسائل القاهرة وأديس أبابا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بـ«مزيد من التصعيد»، وسط توتر يتزايد مع رفض إثيوبي للدعم العسكري المصري لجارتها الصومال.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مؤتمر صحافي بالقاهرة بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره المجري بيتر سيارتو (الخارجية المصرية)

«سد النهضة»: مصر تشدِّد على حتمية ضمان «حقوق» دولتَي المصب

شدَّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الثلاثاء، على أهمية التوصل مع إثيوبيا إلى اتفاق قانوني مُلزِم لتشغيل وإدارة «سد النهضة» على نهر النيل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري خلال محادثات مع نظيره الألماني في القاهرة (الرئاسة المصرية)

محادثات مصرية - ألمانية تناولت «سد النهضة» ومستجدات المنطقة

أكد الرئيس المصري أنه اتفق مع نظيره الألماني على أهمية التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
تحليل إخباري منظر عام لمقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا 15 فبراير 2024 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري ما خيارات مصر للرد على مساعي إثيوبيا لإنشاء مفوضية «حوض النيل»؟

خطوة تصعيدية جديدة لإثيوبيا ترفع منسوب التوتر مع القاهرة عبر طلب للاتحاد الأفريقي بإنشاء مفوضية لدول حوض النيل تأسيساً على اتفاقية عرفت باسم «عنتيبي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدعو إلى تخفيف المعاناة في الشرق الأوسط

آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
TT

اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدعو إلى تخفيف المعاناة في الشرق الأوسط

آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)

دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، اليوم الأحد، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف المعاناة في الشرق الأوسط، عشية الذكرى السنوية الأولى للهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة المقاومة الإسلامية «حماس» على إسرائيل.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيان: «خلال العام الماضي، شهدت المنطقة دماراً واسع النطاق وتجريداً للأشخاص من صفتهم البشرية»، داعية جميع الأطراف إلى «احترام كرامة كل شخص متضرّر من هذا النزاع... وتحمُّل مسؤولياتهم، بموجب القانون الإنساني الذي يوفّر إطاراً للحد من المعاناة أثناء النزاع».

وأضافت: «أصبح المدنيون مجرّد أعداد، إذ طغت الخطابات المتضاربة بشأن النزاع على طابعهم الفريد، لكنّ وراء هذه الأرقام أفراداً، أطفالاً وآباء وأشقاء وأصدقاء يكافحون الآن من أجل البقاء على قيد الحياة، ويواجهون، كل يوم، الحزن والخوف وعدم اليقين بشأن مستقبلهم».

وتابعت: «شهد هذا العام قلوباً محطَّمة وأسئلة بلا إجابات»، لافتة إلى أن «شمل العائلات تشتّت، ولا يزال كثير من أحبائها محتجَزين، رغم إرادتهم. وقُتل عشرات الآلاف، ونزح الملايين في جميع أنحاء المنطقة».

ويصادف الاثنين الذكرى السنوية الأولى للهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة «حماس» على الأراضي الإسرائيلية، والذي أدى إلى اندلاع حرب بين الحركة والدولة العبرية في قطاع غزة امتدّت إلى لبنان، حيث تشنّ إسرائيل حرباً ضد «حزب الله».

وقالت اللجنة الدولة للصليب الأحمر: «بينما نقترب من مُضي عام على الهجمات، التي وقعت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والتصعيد واسع النطاق للأعمال العدائية الذي أعقب ذلك، لا يزال الناس في المنطقة يعانون وطأة الألم والمعاناة والخسارة التي لا تُطاق وتتجاوز الحدود».

وكرّرت دعوتها جميع الأطراف إلى «تحمل مسؤولياتهم، بموجب القانون الدولي الإنساني»، مؤكدة أنّه من خلال الالتزام بهذا القانون «يمكن للأطراف المتحاربين أن يخفّفوا المعاناة الإنسانية، ويمهدوا لمستقبل أكثر استقراراً وسلاماً».