فوتيل لـ«الشرق الأوسط»: أميركا ردعت إيران في العراق وسوريا... ويمكنها فعل ذلك في اليمن

الوضع الإنساني في غزة موضع خلاف رئيسي بين بايدن ونتنياهو... ولا مصلحة لإسرائيل و«حزب الله» في الحرب

TT

فوتيل لـ«الشرق الأوسط»: أميركا ردعت إيران في العراق وسوريا... ويمكنها فعل ذلك في اليمن

الجنرال فوتيل خلال جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ في 2016 (غيتي)
الجنرال فوتيل خلال جلسة استماع أمام مجلس الشيوخ في 2016 (غيتي)

أقر القائد السابق للقيادة المركزية للجيش الأميركي الجنرال جوزيف فوتيل، في حوار مع «الشرق الأوسط»، بأن الوضع الإنساني العصيب في غزة يشكل نقطة خلاف رئيسية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، متحدثاً عن «أحقيّة الأخيرة في حربها على (حماس)»، التي تمكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «من تحييد نسبة من مقاتليها بعد خمسة أشهر من الحرب».

وإذ اعتبر أن هجمات جماعة الحوثي ضد الملاحة في البحر الأحمر «أصبحت مشكلة كبيرة»، نصح إدارة الرئيس جو بايدن بزيادة الوجود العسكري الأميركي في المنطقة ورفع وتيرة الضغط لجعل الأمر «مؤلماً للغاية» للحوثيين ولإيران التي تدعمهم، وبالتالي «وأد قدرة الحوثيين على تنفيذ هذه الأنواع من الهجمات» ضد الملاحة الدولية والسفن التي تعبر في المنطقة، ملاحظاً أن الولايات المتحدة «ردعت» إيران أخيراً عن مواصلة هجمات الميليشيات التابعة لها في كل من العراق وسوريا ضد القوات والمصالح الأميركية في المنطقة.

ورأى فوتيل، وهو جنرال بأربعة نجوم تولى قيادة العمليات الخاصة للجيش الأميركي، قبل أن يعين قائداً للقيادة المركزية بين عامي 2016 و2019، أنه «لا مصلحة لإسرائيل أو (حزب الله)» في حصول مواجهة شاملة بينهما، عادّاً أن «أفضل حالة هي العودة إلى الوضع الذي كان قائماً قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، حين شنت «حماس» هجوماً صاعقاً من غزة ضد المستوطنات والكيبوتزات المحيطة بالقطاع. وعبر عن «القلق» من النقاشات الجارية في شأن انسحاب القوات الأميركية المتمركزة في العراق، منبهاً إلى أن ذلك يمكن أن يؤثر أيضاً على القوات المنتشرة في سوريا.

وفيما يلي نص الحوار:

* اسمح لي أن أبدأ من الوضع في غزة، لأن الرئيس حاول ترتيب وقف لإطلاق النار خلال شهر رمضان. يبدو أن الأمر ليس كذلك. وربما يكون لذلك بعض العواقب من المنظور العسكري، بما في ذلك على القوات الأميركية في المنطقة. كيف ترون هذا الوضع؟

- أعتقد أن الجميع يمكن أن يتفقوا على أن إسرائيل بحاجة إلى القيام بما يتعين عليها القيام به لحماية نفسها من تهديد «حماس»، لكنني أعتقد أن جزءاً كبيراً من الخلاف من وجهة نظر حكومتنا هو أن العملية العسكرية لا يبدو أنها تأخذ في الاعتبار الوضع الإنساني العصيب على الأرض. بالطبع، كما تعلمون، حصل تهجير لما بين 80 إلى 90 في المائة من سكان غزة بسبب هذا الصراع، ويجب أن تتم العمليات العسكرية، رغم أنها ضرورية، في سياق التخطيط والتنسيق والتزامن مع المساعدات الإنسانية للتأكد من أننا لا نفاقم الوضع الإنساني ونجعل الأمور أسوأ مما هي عليه بالفعل. لذا، أعتقد أن هذه كانت نقطة الخلاف الرئيسية بين حكومة الولايات المتحدة وحكومة إسرائيل تجاه العمليات المقبلة، خاصة في الجزء الجنوبي من غزة في رفح وما حولها.

طائرة نقل عسكرية تسقط مساعدات إنسانية فوق شمال قطاع غزة (إ.ب.أ)

* لو كنتم في منصبكم السابق، واحتاج الرئيس إلى نصيحتكم في شأن الوضع، بماذا كنتم ستنصحونه؟

- حسناً، أعتقد أن بعض الإجراءات التي رأيناها من الإدارة تعكس بعض النصائح التي كانت ستقدم. على سبيل المثال، أحد الأمور التي أحاول التأكيد عليها هو أنه ينبغي لنا القيام بالأشياء التي نستطيع القيام بها، مثل توصيل المساعدات جواً أو بحراً. هذا هو الشيء المناسب بالنسبة لنا. فهو يساعد على إظهار أننا متفهمون للوضع الإنساني، ونحاول اتخاذ تدابير لمعالجته، ونأمل في أن توفر هذه الوسائل وسيلة ربما لمعالجة التحدي الأوسع المتمثل في القضايا الإنسانية في غزة.

أعتقد ثانياً، أنه من المهم التأكد من أننا نحافظ على اتصالات جيدة للغاية، ليس فقط مع الإسرائيليين، ولكن مع شركائنا الآخرين في المنطقة، وفي كل أنحاء المنطقة، للتأكد من أننا نتبادل أفضل الأفكار ونواصل الحفاظ على العلاقات في المستقبل. أشعر بالقلق من أن بعض الخطاب السياسي الذي نسمعه قد يؤثر على بعض فعالية علاقاتنا العسكرية من جيش إلى جيش أو من مجتمع استخبارات إلى مجتمع استخبارات. هذه مهمة للغاية. لكننا نريد تأكيد تلك الأمور.

ثالثاً، أود أن أشجع الإدارة على أن تكون أقوى ضد تلك النشاطات التي تحصل خارج منطقة غزة. على سبيل المثال، ما يحدث في البحر الأحمر. لقد أصبحت هذه مشكلة كبيرة.

كارثة إنسانية

* بينما تحاول الولايات المتحدة اتخاذ بعض الترتيبات للمساعدة الإنسانية سواء عن طريق الجو أو البحر، تقول المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة إن هذا ليس كافياً لمنع المجاعة. بعد خمسة أشهر من هذه الحرب، ما الذي حققه بنيامين نتنياهو من هذه الحرب غير الأزمة الإنسانية وتدمير القطاع؟

- صحيح، السؤال الأول: أوافق على أن الإسقاط الجوي للإمدادات الغذائية الإنسانية لن يكون كافياً لمعالجة المشكلة. إنها بداية، وستعالج جزءاً صغيراً من المشكلة. ولكن مرة أخرى، فإن الطريقة الأكثر فعالية لمعالجة الوضع الإنساني هي فتح خطوط اتصال أرضية، وطرق برية مع المنظمات غير الحكومية، ومنظمات الأمم المتحدة، ومنظمات المساعدات الإنسانية الأخرى التي يمكن أن تكون على الأرض لتوزيع هذه المواد، والتأكد من وصولها إلى الأشخاص المطلوبين، ويمكنهم تقييم التقدم الذي نحرزه. لذا، نعم، أوافق على ما نقوم به، مع أنه ضروري، غير كافٍ لسد الحاجة. إن الخيار البحري الذي نصبو إليه لتقديم المساعدات من خلال ميناء مؤقت لديه القدرة على أن يكون له تأثير أكبر. ولكن مرة أخرى، إنها مجرد طريقة أخرى لإدخال المساعدات. يجب بذل المزيد من الجهود لإرسال المنظمات المناسبة إلى الميدان للتأكد من وصول المساعدات إلى حيث تشتد الحاجة إليها. وأنا أتفق معك أنها كارثة إنسانية.

أما بالنسبة لزعيم إسرائيل، السيد نتنياهو، فإن رأيي الشخصي هنا هو أن ما حققوه حتى الآن هو أنهم أزالوا جزءاً كبيراً من قدرة «حماس»، أو على الأقل قدراً جيداً منها، على الهجوم بفعالية داخل إسرائيل. لقد حصل ذلك. حيدوا نسبة من مقاتلي «حماس». ورأيت تقديرات أنها تراوح بين 20 إلى 30 في المائة.

أفراد قوة أميركية يودعون ذويهم في قاعدة لانغلي - يوستيس المشتركة بفيرجينا قبل الإبحار إلى الشرق الأوسط (أ.ف.ب)

* هل تنصح بايدن بممارسة المزيد من الضغوط على إسرائيل لمحاولة التخفيف من هذه الكارثة الإنسانية؟ سيكون لذلك بعض الآثار العسكرية لأن الولايات المتحدة هي المزود الرئيسي للأسلحة لإسرائيل.

- لست متأكداً من أنني على وشك اتخاذ قرار بوقف تقديم كل الدعم لإسرائيل. لست متأكداً من أنني هناك، أو أود أن أوصي بذلك. أعتقد أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً كبيرة على الحكومة الإسرائيلية، وعلى رئيس الوزراء على وجه الخصوص. أعني أن (الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني) غانتس كان في واشنطن الأسبوع الماضي، واجتمع مع عدد من قادتنا هنا. صار الرئيس يوماً بعد يوم أكثر حدة وأكثر انتقاداً للنهج الذي تتبعه حكومة نتنياهو في شأن كيفية إدارتها للعمليات في غزة. أعتقد أنه من المهم الحفاظ على هذا الضغط لمحاولة تغيير ذلك. لكنني أعتقد أيضاً أنه يتعين على الولايات المتحدة مواصلة العمل من أجل ربط جميع الأطراف المختلفة هنا، سواء كانت «حماس» أو في إسرائيل لمحاولة التوصل إلى نوع من وقف إطلاق النار المؤقت أو الدائم، أو حل ما للوضع الرهائن، أو الاستمرار في ذلك، ولفتح طرق أسهل لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة. أعتقد أن هذه هي المجالات الثلاثة التي ينبغي على الولايات المتحدة أن تستمر في الدفع بها، والاستمرار في الضغط ليس على إسرائيل فحسب، بل على «حماس» ومؤيدي «حماس» أيضاً. أعتقد أنه من المهم التأكد من أننا نمارس ضغطاً متساوياً في كل الاتجاهات هنا.

«محور المقاومة»

* ذكرت بعداً إقليمياً، أو ربما دولياً، لهذا الصراع في البحر الأحمر. يبدو لي، وربما من السذاجة القول إن الحوثيين سعداء لأنهم يقاتلون أميركا.

- نعم، أعتقد أن هذا صحيح. حتى الآن، استفاد الحوثيون من تنفيذ هذه الهجمات أكثر مما شعروا بعواقب الضغوط التي مارسناها عليهم. في حين كان هناك عدد من الضربات التي نفذناها ونفذها البريطانيون ضد مواقع الدفاع الساحلية، وضد مستودعات الإمدادات، وضد مراكز القيادة والسيطرة، إلا أنها لم تصل إلى المستوى الذي أقنع الحوثيين بأن لديهم الكثير ليخسروه بدلاً من أن يكسبوا من خلال الاستمرار في دفع هذه الهجمات وتنفيذها، وقد رأينا للتو موجات وموجات منها خلال نهاية الأسبوع الماضي، أطلق الكثير منها على السفن العسكرية الأميركية التي تعمل في البحر الأحمر.

لذلك، حتى نتمكن من القيام بأمر يقنع الحوثيين بأن تكلفة الاستمرار في تنفيذ هذه الهجمات أو شنها، والتكلفة المرتبطة بها تفوق الفوائد، فمن المرجح أن يستمروا في القيام بذلك. وهم يستفيدون من هذا. وهم في الأخبار. ولديهم تأثير كبير على الشحن العالمي عبر البحر الأحمر، إذ إن ما بين 80 و90 في المائة منه توقف، ويُنظر إليهم على أنهم مجموعة تقف في وجه الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى، ويُنظر إليهم على أنهم أعضاء جيدون ومخلصون للغاية في محور المقاومة الإيراني.

لذا، فإن كل هذه الأمور في الوقت الحالي أكثر فائدة لهم من التكلفة المرتبطة بالضربات التي وجهناها ضدهم. لذلك، يتعين علينا إما تكثيف الأمور والسعي إلى تحقيق ذلك، وجعل الأمر مؤلماً للغاية لهم ولإيران التي تدعمهم، أو يتعين علينا أن نتعايش مع حقيقة أننا سنتعامل مع هذه التهديدات لفترة طويلة. حتى يحل الوضع في غزة.

سفينة الشحن البريطانية «روبيمار» التي أغرقها الحوثيون في البحر الأحمر (إ.ب.أ)

* ما مصدر قلقك الرئيسي حيال الوضع في البحر الأحمر في الوقت الحالي؟

- إجابتي الرئيسية هي أنه يتعين علينا ملاحقة طرق الموردين وطرق التسهيل التي تستمر في تزويد الحوثيين بكل المواد المتوفرة لديهم. حصلوا على هذه المواد لسنوات. لذا فإن لديهم مخزوناً كبيراً على الأرض.

لذلك، بينما نقوم بتدمير بعض الأشياء، فإنه من السهل نسبياً استبدالها. وإذا أردنا وقف ذلك، علينا أن نقطعها. وعلينا أن نلاحق الميسرين، إلى حد كبير من إيران، الذين يجلبون المواد إلى ذلك البلد. وعلينا أن نمنعهم من القيام بذلك. ومن ثم، وبالتزامن مع حملة ضرباتنا المستمرة، سنحد من قدرتهم على شن هذه الهجمات. أعتقد أن هذا ما يتعين علينا القيام به. لذلك سيتطلب المزيد من الموارد. سيتطلب الأمر مزيداً من التركيز، ومن المحتمل أن يتطلب المزيد من القتال للقيام بذلك. هذه هي الأمور التي ستأخذها حكومتنا بعين الاعتبار عند اتخاذ قرار كهذا. ولكن من أجل معالجة هذا الأمر بشكل فعال، سيتعين علينا تخصيص المزيد من الموارد، وبذل المزيد من الجهد لإنهاء هذا الأمر بالكامل، وليس فقط حماية أنفسنا. ما علينا القيام به هو وأد قدرة الحوثيين على تنفيذ هذه الأنواع من الهجمات.

إسرائيل و«حزب الله»

* وهذا قد يخاطر بانزلاق الولايات المتحدة إلى حرب.

- حسناً، يمكن ذلك. من المؤكد أن ذلك سيتطلب منا نشر المزيد من الموارد في المنطقة مما قد يبتعد عن أشياء أخرى تهمنا، ومن المحتمل أن يجعلنا نتورط في صراع طويل الأمد مع الحوثيين، أو ربما مع إيران. شيء من هذا القبيل أو غيره في المنطقة. لذا، نعم، هناك بالتأكيد مخاطر مرتبطة بهذا، وكما تعلم، هناك مخاطر في كل شيء.

* نقطة ساخنة أخرى هي الحدود بين إسرائيل ولبنان. الوضع يغلي هناك، ولا نعرف ما الذي سيحدث في المستقبل القريب، إذا لم تتوقف حرب غزة.

- صحيح، تقييمي هو أن كلا الجانبين، في هذه الحالة «حزب الله» اللبناني والحكومة الإسرائيلية، لا يريد الدخول في مواجهة على طول الحدود الشمالية. وهذا ليس في مصلحة أحد. ومن المؤكد أن (الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله) يتذكر ما حدث هناك في المرة الأخيرة عندما كان هناك توغل إسرائيلي في لبنان. حجم الدمار الذي نتج عنه، والضغوط التي مورست عليه من بقية الحكومة اللبنانية، ومن السكان عموماً، مرد ذلك هو إلى حد كبير السياسات التي كان يتبعها. لذلك ليست هناك رغبة قوية في القيام بذلك.

ومع ذلك، سيستمر «حزب الله» في التحوط لرهاناته، وسيواصل شن هجمات مضايقة لجعل من الصعب على المواطنين الإسرائيليين العودة إلى منازلهم قرب الحدود، وسيستمر ذلك في فرض المزيد من الضغوط على انتنياهو. لذا فهم يرون أنه من مصلحتهم الاستمرار في شن بعض الضربات هنا، وبعض الضربات هناك، التي ليست فعالة بشكل مفرط، ولكنها بمثابة تذكير دائم بأن «حزب الله» اللبناني يمكنه التأثير على الأمور في إسرائيل.

نعم، هذا ليس وضعاً رائعاً. ومن المهم أن نحاول إعادة هذا الأمر إلى وضع تكون فيه هجمات قليلة للغاية عبر الحدود، ويمكن للناس العودة إلى عيش حياتهم في هذه المناطق. لا أعلم أنه سيكون هناك تقدم كبير على المستوى السياسي هنا. أعتقد أن أفضل حالة هي العودة إلى الوضع الذي كان قائماً قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

قواعد العراق... وسوريا

* نعم، وإسرائيل تريد إبعاد «حزب الله» عن الحدود.

- من غير المرجح أن يحدث ذلك أيضاً.

دخان يتصاعد بعد غارة إسرائيلية على بلدة الخيام في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

* هذا السؤال يتعلق أيضاً بسوريا والعراق وموقف الجيش الأميركي في كلا البلدين. وأيضاً، في ظل تداعيات ما يحدث في غزة، ما رأيك؟

- حسناً، كما تعلمون، من الواضح أننا استوعبنا الكثير من الهجمات هنا من الميليشيات المتحالفة مع إيران في كل من العراق وسوريا. ويبدو أن هذا قد انخفض منذ أن نفذنا سلسلة من الضربات قبل أسابيع.

أعتقد أن إيران رأت أنها ضعيفة في هذا المجال، وأدركت أنها ستخسر الكثير من خلال الاستمرار في دفع هذه الهجمات واحتمال تعريض حياة المزيد من الأميركيين للخطر في المنطقة. لذلك أعتقد أننا نجحنا بداية في ردع ذلك، ومحاولة إعادته إلى وضع أكثر طبيعية. ولكني أشعر بالقلق إزاء المناقشات الجارية في العراق بشأن انتشار القوات الأميركية في العراق.

وجهة نظري الشخصية هي أن تلك القوات، التي يبلغ عددها قرابة 2500 جندي أو نحو ذلك، والموجودة في العراق بغرض مساعدة قوات الأمن العراقية في مواجهة فلول «داعش»، تقوم بعمل جيد، وتقوم بعمل مهم للعراق، وعمل مهم للولايات المتحدة. لذلك أشعر بالقلق من أن هذه المناقشات قد تؤدي إلى رحيل القوات الأميركية، ونتيجة لذلك، يقل التركيز على «داعش» والمنظمات الإرهابية الأخرى التي قد تنشأ في المنطقة. لذلك أعتقد أن الظروف لا تزال موجودة والتي من شأنها أن تسمح لتنظيم ما بالقيام بما فعله «داعش» والنهوض والعودة.

أعتقد أن دور الولايات المتحدة يساعد في منع ذلك في الوقت الحالي. لذلك، أشعر بالقلق من أنه إذا اضطررنا إلى المغادرة، فسيصبح القيام بذلك أكثر صعوبة بكثير، وهذا يزيد من المخاطر على المنطقة. سيكون للمغادرة من العراق تأثير على قواتنا في سوريا أيضاً. إنهم يستمدون الكثير من دعمهم من قواعدنا في العراق، وإذا اختفت تلك القواعد، فسيكون من الصعب جداً الحفاظ عليها، أو سيتعين علينا إيجاد طرق جديدة لدعم قواتنا في سوريا. لذلك قد تكون هناك بعض التأثيرات في ذلك البلد أيضاً.

حافة الهاوية

* كيفما نظرت إلى الخريطة أو الصورة في المنطقة؛ غزة، اليمن، البحر الأحمر، سوريا، العراق، لبنان، ترى إيران بطريقة ما في الصورة. وأنت على حق في قولك إن الضربات الأميركية قبل بضعة أسابيع كانت بمثابة ردع فعال لإيران. فهل هذه هي الطريقة التي ينبغي بها التعامل مع إيران من أجل محاولة احتواء الفوضى في الشرق الأوسط؟

- إن أفضل نهج لخلق وضع أكثر استقراراً في الشرق الأوسط، هو بالطبع العلاقات الدبلوماسية وفتح العلاقات والاتصالات بين مختلف أجزاء المنطقة. بذلت الولايات المتحدة بعض الجهود في الماضي لمحاولة التواصل مع الإيرانيين؛ لقد فعلنا ذلك من خلال المحادثات النووية. مرة أخرى، كانت لدينا بعض السياسات المختلفة في حكومتنا والتي ساهمت في بعض الارتباك حول هذا الأمر أيضاً. لكنني أعتقد أنه المهم على المدى الطويل أن تتبنى الولايات المتحدة نهجاً مستداماً تجاه المنطقة. لذا، يتعين علينا أن نكون على استعداد لالتزام قدر معين من القوة العسكرية في المنطقة لرعاية مصالحنا الأمنية. ولكن الأهم من ذلك، علينا أن نتأكد من أننا نضع الجوانب الدبلوماسية والمعلوماتية والاقتصادية في المنطقة بشكل أفضل، بنفس القدر من أهمية الجانب العسكري.

لذلك يتعين علينا تعزيز المحادثات، وعلينا تعزيز النقاشات، وعلينا تغيير طبيعة المناقشة، من مناقشة إيران ضد الولايات المتحدة، إلى مناقشة حول كيفية جلب إيران إلى المنطقة بشكل فعال. فهم موجودون منذ وقت طويل. إنها دولة تاريخية في هذا الجزء من المنطقة. وينبغي أن يكون دورهم أكثر إيجابية في المنطقة. وهذا لن يتم إلا من خلال الحوار الدبلوماسي بين مختلف الأطراف هناك. لذلك علينا أن نستمر في التأكيد على كل ذلك. وعلينا أن نكون على استعداد للالتزام بذلك، والبدء في معالجة بعض هذه القضايا الأساسية طويلة المدى في المنطقة. أعني أننا نشهد الآن القضية الفلسطينية برمتها التي انفجرت الآن كنتيجة لقضية أساسية عرفناها منذ عقود، عرفنا المشكلة. والآن وصل الأمر إلى ذروته، وأعاد المنطقة إلى حافة الهاوية. لذا، إذا كان هناك شيء جيد واحد ينتج عن ذلك، فربما هو أننا نستطيع، انطلاقاً من هذا التحرك إلى الأمام بطريقة ما، معالجة وضع الفلسطينيين ووضعهم في الشرق الأوسط على المدى الطويل هنا. من الواضح أن الولايات المتحدة لديها سياسة حل الدولتين، ولكن يتعين علينا المضي ومعالجة بعض هذه التوترات والقضايا العميقة الكامنة في المنطقة، ويتعين علينا القيام بذلك قبل ظهور الأزمة.


مقالات ذات صلة

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

تملأ إسرائيل غياب الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين الذي يحمل مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار، بالغارات العنيفة، وتوسعة رقعة التوغل البري الذي وصل إلى مشارف

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

في ظلّ معلومات عن اتجاه دول أجنبية إلى تقليص اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية غداة صدور مذكرة توقيف دولية بحق رئيسها، بنيامين نتنياهو، وأخرى بحق وزير دفاعه

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)

بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أمس، إنَّ بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (دهوك)
شؤون إقليمية صور للمحتجَزين لدى «حماس» (رويترز)

تقرير: إسرائيل لا ترى إمكانية التفاوض مع «حماس» إلا بعد الاتفاق مع «حزب الله»

التفاوض بشأن الرهائن الإسرائيليين تقلَّص منذ تعيين يسرائيل كاتس وزيراً للدفاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.