مصر: تطمينات الحكومة لا تحدّ من «شكاوى الغلاء»

إحاطة برلمانية دعت إلى مواجهة ارتفاع الأسعار قبل شهر رمضان

مسؤولون يتفقدون أحد أفرع معارض «أهلاً رمضان» (وزارة التموين المصرية)
مسؤولون يتفقدون أحد أفرع معارض «أهلاً رمضان» (وزارة التموين المصرية)
TT

مصر: تطمينات الحكومة لا تحدّ من «شكاوى الغلاء»

مسؤولون يتفقدون أحد أفرع معارض «أهلاً رمضان» (وزارة التموين المصرية)
مسؤولون يتفقدون أحد أفرع معارض «أهلاً رمضان» (وزارة التموين المصرية)

لم تنجح التطمينات الحكومية المتكررة في الحد من شكاوى قطاعات واسعة للمصريين، إزاء «موجة الغلاء»، التي طالت غالبية السلع والخدمات، قبل أيام من بدء شهر «رمضان».

وتقدم عضو مجلس النواب «الغرفة الأولى للبرلمان» خالد طنطاوي، الأربعاء، بطلب إحاطة؛ للتعرف على «خطة الحكومة لوقف الارتفاع المستمر في أسعار اللحوم والدواجن»، وطالب وفق وسائل إعلام محلية، الحكومة بـ«التدخل لوضع أسعار استرشادية، وإلزام الجزارين بهذه الأسعار، في ظل تفاوت الأسعار في المنطقة نفسها بفارق يتراوح ما بين 100 إلى 200 جنيه»، مع «إيقاف تصدير اللحوم البلدية».

وتعاني مصر أزمة اقتصادية حادة، في ظل تضخم قياسي لأسعار السلع والخدمات، مع تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار، ونقص العملة الأجنبية، فضلاً عن ارتفاع مستويات الاقتراض الخارجي في السنوات الأخيرة.

ومع اقتراب شهر رمضان، يزداد قلق المصريين من موجة الغلاء، في ظل ارتفاع الاحتياجات اليومية من السلع الأساسية والمواد الغذائية. وهو ما دفع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، مطلع الأسبوع، بتوجيه وزرائه بتوفير التمويل المطلوب من النقد الأجنبي لضخ السلع الاستراتيجية بكثافة في الأسواق، خصوصاً القمح، والزيت، والألبان.

كما توسعت الحكومة المصرية مع اقتراب حلول شهر رمضان في افتتاح منافذ لمعرض «أهلاً رمضان»، لتوفير السلع الأساسية للمواطنين من الزيت والسكر والأرز، وغيرها من السلع التي يحتاج إليها المواطنون بأسعار مناسبة ومُخفضة بنسبة 30 في المائة عن أسعارها الموجودة في الأسواق.

لكن في المقابل، تشهد منصات التواصل الاجتماعي شكاوى جماعية يومية من الغلاء، حيث لا يمر يوم في مصر إلا وتحولت سلعة من السلع الأساسية، مثل اللحوم، والفراخ، والسكر، والزيت، والأرز، إلى «تريند» يحظى بتفاعل واسع.

ولا تثق المحامية نور المطيري، بأي حديث عن توجه لـ«ضبط الأسعار»، مؤكدة أن «الواقع يقول عكس ذلك، حيث يستغل بعض التجار حاجة الناس للمواد الغذائية خاصة في شهر رمضان المبارك برفع أسعار السلع بنسبة 40 في المائة بلا رادع».

ويتعجب البعض من عدم تأثر أسعار السلع بانخفاض سعر صرف الدولار في «السوق السوداء»، الذي واصل تراجعه الأيام الماضية.

يبلغ سعر الصرف الرسمي للدولار الأميركي 30.9 جنيه، في حين يزيد سعره بـ«السوق الموازية» كثيراً عن هذه القيمة، وفق وسائل إعلام محلية.

ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده أن «تواصل شكاوى المصريين من الأسعار سببه اليأس من الحلول»، ويقول لـ«الشرق الأسط» إن «شكاوى الناس من الأسعار رغم الطمأنة الحكومية بقرب انفراج الأزمة، تعكس فقدان المواطن الثقة بالحكومة، أو قدرتها على الحل»، مؤكداً أن «أخطر تداعيات عدم إيجاد حلول لموجة الغلاء أنها تساهم في زيادة معدلات الفساد؛ لأن الوضع الاقتصادي الخانق قد يضطر الناس مثلاً إلى قبول الرشاوى بسبب ضغط الحاجة المادية»، حسب رأيه.

الحكومة المصرية أقامت معارض للسلع بأسعار مخفضة مع اقتراب حلول شهر رمضان

ويقدم هيثم عبد الباسط، نائب رئيس شعبة القصابين بالاتحاد العام للغرف التجارية في مصر، ما يرى أنه حل لأزمة اللحوم، ويقول لـ«الشرق الأوسط»، «تقدمت بمذكرة، الأحد الماضي، إلى رئيس الوزراء ووزير الزراعة، تضمنت عدداً من المقترحات التي من شأنها أن تنهي مشكلة ارتفاع أسعار اللحوم، من بينها، دعم المربين المصريين للنهوض بالثروة الحيوانية، وإيقاف تصدير اللحوم البلدية إلى حين انتهاء الأزمة، وإلزام المستوردين بتحديد سعر عادل بهامش ربح معقول بلا مغالاة».

ويصف عبد الباسط ارتفاع أسعار اللحوم بـ«الغلاء الوهمي»، موضحاً أن «المستوردين الذي يقومون باستيراد اللحوم الحية من دول مثل إسبانيا وكولومبيا والبرازيل، هم الذين يتحكمون في السوق ويرفعون الأسعار بشكل مبالغ فيه»، حسب تعبيره.


مقالات ذات صلة

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.