حشد قبلي في مأرب اليمنية يساند قرار إصلاحات سعر الوقود

تقرير أممي: 7.7 مليون طفل وامرأة يواجهون سوء التغذية

السلطات المحلية في مأرب تحصل على دعم أهم القبائل لقرار إصلاح سعر الوقود (إعلام محلي)
السلطات المحلية في مأرب تحصل على دعم أهم القبائل لقرار إصلاح سعر الوقود (إعلام محلي)
TT

حشد قبلي في مأرب اليمنية يساند قرار إصلاحات سعر الوقود

السلطات المحلية في مأرب تحصل على دعم أهم القبائل لقرار إصلاح سعر الوقود (إعلام محلي)
السلطات المحلية في مأرب تحصل على دعم أهم القبائل لقرار إصلاح سعر الوقود (إعلام محلي)

بعد مقتل أحد المسلحين القبليين في مواجهة مع قوات الجيش اليمني في محافظة مأرب، انضمت واحدة من أكبر قبائل المحافظة إلى قبيلتين سبق أن أعلنتا مساندة السلطات في قرار رفع أسعار المشتقات النفطية، وأكدتا معارضة أي استهداف للمنشآت النفطية أو قطع الطرقات احتجاجاً على القرار.

وجاءت هذه التطورات في وقت كشفت فيه الأمم المتحدة عن أن سوء التغذية الحاد يهدد حياة نحو 7.7 مليون طفل وامرأة حامل في البلاد خلال العام الحالي.

تتهم السلطات في مأرب جهات مستفيدة بدعم المسلحين المعارضين لإصلاح سعر الوقود (إكس)

مصادر محلية في مأرب ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن مسلحاً قبلياً قٌتل في مواجهة مع قوات الجيش، على أثر قيام مجموعة من المسلحين القبليين باعتراض شاحنة لنقل المشتقات النفطية كانت في طريقها من مصافي صافر إلى عاصمة المحافظة.

وأفادت المصادر بأن مجاميع مسلحة قامت بإغلاق الطريق والتهديد باستهداف منشآت النفط والعاملين فيها؛ رداً على رفع شركة النفط اليمنية في المحافظة أسعار المشتقات إلى نحو ثلث أسعارها في بقية مناطق سيطرة الحكومة.

إدانة قبلية

وسط التوتر بين السلطات المحلية في محافظة مأرب ومسلحين قبليين، أدانت قبائل عبيدة وقبائل مديرية الوادي الأعمال التخريبية التي شهدتها المحافظة أخيرا، وأعلن زعماء هذه القبائل وقوفهم إلى جانب الدولة ضد المخربين للمنشآت العامة النفطية والغازية وقطاع الطرق، وأعلنوا في الوثيقة أن أي مخرب أو قاطع طريق «دمه مباح» للدولة والقبيلة، وأن على السلطات أن تقوم بواجبها في ضبط أي متهم بالتخريب أو الاعتداء على المنشآت النفطية أو قطع الطرقات.

الموقعون أكدوا وقوفهم إلى جانب الدولة، وقالوا إنهم قدموا في سبيل ذلك «عهودهم» بالوفاء بما التزموا به، وأنهم مع بعضهم البعض أياد واحدة لحماية أرضهم والمصالح العامة من أي تخريب أو اعتداء.

منع عبور الناقلات من قبل المسلحين في مأرب ولّد أزمة شديدة في الوقود (إعلام محلي)

وهذا يُشكل وفق مراقبين تحولاً كبيراً في موقف القبائل إلى جانب السلطات في مواجهة المجاميع المسلحة التي تستهدف ناقلات ومنشآت النفط منذ ما يزيد على شهر بسبب رفع سعر الصفيحة عبوة 20 لتراً من 3500 ريال يمني إلى 8 آلاف ريال، في حين أن سعرها في بقية مناطق سيطرة الحكومة 26 ألف ريال. (الريال في مناطق سيطرة الحكومة حوالي 1600 ريال).

سوء التغذية يهدد الملايين

كشفت الأمم المتحدة عن مخاطر تهدد حياة 7.7 مليون طفل وامرأة حامل في اليمن، ويحتاجون إلى تدخلات عاجلة منقذة للحياة نتيجة معاناتهم من سوء التغذية الحاد.

ووفق بيانات خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، فإن هذا العدد يضم أطفالاً دون سن الخامسة، ونساء حوامل ومرضعات، وأن هؤلاء سيعانون من سوء التغذية الحاد في 13 من المحافظات، حيث تشهد البلاد أعلى معدلات سوء التغذية المسجلة على الإطلاق، وأكدت أن الوضع في تدهور، خاصة بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات.

البيانات الأممية أوضحت أن ما يقرب من 5 ملايين طفل دون سن الخامسة و2.7 مليون امرأة حامل ومرضعة بحاجة إلى تدخلات غذائية إنسانية متكاملة منقذة للحياة، وأن من بين من سيعانون من سوء التغذية الحاد، هناك 1.7 مليون طفل و900 ألف امرأة حامل ومرضعة بحاجة ماسة لتدخلات إنسانية عاجلة، وهم معرضون لخطر الوفاة في حال عدم توفير التمويل اللازم لتقديم المساعدة المطلوبة لهم.

يواجه 2.4 مليون طفل يمني خطر سوء التغذية (الأمم المتحدة)

وبحسب التقرير فإن 2.4 مليون طفل و900 ألف امرأة حامل ومرضعة سيواجهون خطراً متزايداً للإصابة بالأمراض والوفيات الناجمة عن المضاعفات المرتبطة بسوء التغذية، كما سيواجه الناجون من الأطفال عواقب طويلة المدى بما في ذلك تأخر النمو، وانخفاض الوظيفة الإدراكية والإنتاجية في مرحلة البلوغ.

ويبين تحليل الاحتياجات الإنسانية أن مشكلة سوء التغذية الشاملة في اليمن تفاقمت بسبب ارتفاع مستويات الفقر، وانعدام الأمن الغذائي، وممارسات تغذية الأطفال ورعايتهم دون المستوى الأمثل، وارتفاع عبء أمراض الأطفال بسبب الحصبة والإسهال بشكل رئيسي، فضلاً عن ضعف الوصول إلى الخدمات الأساسية.

بيانات الأمم المتحدة ذكرت أن تكلفة مواجهة سوء التغذية 193.6 مليون دولار لاستهداف 2.3 مليون فتى و2.4 مليون فتاة و2.1 مليون امرأة حامل ومرضعة، حيث سيحصل هؤلاء على خدمات التغذية المنقذة للحياة، والتدخلات الوقائية والعلاجية من سوء التغذية الحاد لإنقاذ حياة الملايين من خطر الموت.


مقالات ذات صلة

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

العالم العربي واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

بينما جدد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

صعّدت جماعة الحوثيين في اليمن من وتيرة انتهاكاتها بحق أقارب المغتربين لا سيما المنتمون منهم إلى محافظتي إب والضالع، وذلك ضمن استهداف الجماعة الممنهج للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون بسجون مخابرات الجماعة الحوثية أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق قيادات «المؤتمر الشعبي»

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي دخان كثيف إثر استهداف مدينة الحديدة بغارات إسرائيلية رداً على هجوم صاروخي حوثي (إكس)

سفينة تبلغ عن انفجارات في محيطها قبالة الحديدة باليمن

قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة على بعد 70 ميلاً بحرياً جنوب غربي الحديدة باليمن أبلغت عن عدة انفجارات في محيطها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

يشهد اليمن زيادة في أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في حين ينتظر النازحون، بسبب الحرب وتطرفات المناخ، شتاء قاسياً في ظل التردي الاقتصادي.

وضاح الجليل (عدن)

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
TT

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)

يتزايد عدد الأطفال اليمنيين المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد. وفي حين يستعد النازحون لمواجهة شتاء قاسٍ بنقص شديد في الموارد المعيشية، مع تقليص المساعدات الإغاثية الدولية، كشفت تقارير أممية عن نهب الدعم المخصص لمواجهة انعدام الأمن الغذائي.

وارتفع عدد الأطفال اليمنيين دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد بنسبة 34 في المائة عن العام السابق ليصل إلى 600 ألف طفل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل الأخير لسوء التغذية الحاد الذي تبنته منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة «يونيسيف».

وبينت «يونيسيف» عبر موقعها على الإنترنت أن مديريات المخا في تعز، والخوخة وحيس في الحديدة على الساحل الغربي شهدت مستويات «حرجة للغاية» من سوء التغذية الحاد، وهي المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل، لأول مرة، مقدرة أن أكثر من 36 في المائة من الأطفال اليمنيين يعانون من سوء التغذية الحاد.

ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

وأرجعت المنظمة الأممية زيادة سوء التغذية الحاد في اليمن إلى تفشي الأمراض وانعدام الأمن الغذائي الشديد ونقص الوصول إلى مياه الشرب النظيفة، محذرة من أن سوء التغذية قد يكون قاتلاً إذا لم يتم علاجه، خاصة في مناطق الساحل الغربي.

كما ساهمت الفيضانات وانتشار الأمراض في الأشهر الأخيرة من تعقيد الوضع، بالإضافة إلى نقص الوعي الصحي حول تنظيم الأسرة وأهمية التطعيم، في حين دمرت الأمطار الغزيرة المنازل وشردت الأسر، وضاعف انتشار الكوليرا والملاريا وحمى الضنك من حدة سوء التغذية، إلى جانب نقص الوعي بالعناصر الغذائية الصحيحة.

زيادات متوقعة

في مارس (آذار) الماضي أعلن برنامج الغذاء العالمي عن تعليق برنامج الوقاية من سوء التغذية الحاد، بسبب نقص التمويل، تاركاً ما يقارب 3 ملايين طفل وامرأة معرضين لخطر سوء التغذية.

وذكرت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» في مدينة تعز (جنوبي غرب) أن عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين تستقبلهم المستشفيات والمراكز المتخصصة، يزيدون على 30 ألف طفل، ويجد القائمون على هذه المراكز صعوبة في استيعاب أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين يزورونها يومياً لتلقي العلاج.

رغم تراجع التمويل لا تزال بعض الوكالات الأممية والمنظمات الدولية تقدم معونات في اليمن (الأمم المتحدة)

ونبهت المصادر إلى أن تقليص المنظمات الدولية لتدخلاتها ومساعداتها الغذائية في الأسابيع الأخيرة ينذر بتفاقم الوضع، وتحول آلاف الأطفال المصابين بسوء التغذية المتوسط إلى وخيم.

وفي محافظة لحج (جنوب غرب)، قدرت مصادر طبية أن نسبة الأطفال المصابين بسوء التغذية تزيد على 20 في المائة، حيث تستقبل المستشفيات والمراكز المتخصصة آلاف الأطفال شهرياً لتلقي العلاج، مع صعوبة بالغة تواجهها لاستيعاب هذه الحالات.

ويستغرب الباحث اليمني فارس النجار، في حديث لـ«الشرق الأوسط» من إصرار المنظمات الأممية والدولية على تقليص المساعدات الإغاثية المقدمة إلى اليمن، في ظل التراجع الاقتصادي الذي تشهده البلاد بسبب عدد من العوامل، ومن بينها الآليات التي تعمل بها الأمم المتحدة والوكالات الإغاثية، التي بسببها لا تمر أموال المساعدات عبر البنك المركزي اليمني، إلى جانب الفساد وسوء الإدارة الذي يطبع وسائل العمل الإغاثي الدولي في اليمن.

في غضون ذلك، دعا جمال بلفقيه، وهو رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية، إلى تنظيم إجراءات جدية وفاعلة لمنع استغلال العمل الإغاثي والمساعدات الدولية في اليمن لصالح الجماعة الحوثية، منوهاً إلى أن تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن قد كشف الكثير من الانتهاكات التي تتعرض لها أعمال الإغاثة على يد الجماعة، إلى جانب ما تمارسه من تعسفات بحق موظفي المنظمات الدولية والأممية.

التطرفات المناخية والفيضانات تسببتا في نزوح آلاف اليمنيين وفقدانهم المأوى دون تلقي مساعدات إغاثية كافية (أ.ف.ب)

وحث بلفقيه في حديث لـ«الشرق الأوسط» الحكومة اليمنية متمثلة بوزارة التخطيط على وقف كل الاتفاقيات، وعدم توقيع اتفاقيات جديدة مع المنظمات الدولية والأممية، إلا بعد نقل مقراتها وأنشطتها وحساباتها البنكية إلى المحافظات المحررة، مستغرباً من استمرار عمل هذه المنظمات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بعد كل ما جرى كشفه من انتهاكات بحقها وبحق العمل الإغاثي.

تأثير التطرفات المناخية

كشف صندوق الأمم المتحدة للسكان عن نزوح نحو 18 ألف يمني، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بسبب الصراع والتطرفات المناخية.

وأوضح الصندوق أن آلية الاستجابة السريعة للأمم المتحدة بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، ساعدت 17458 فرداً بإغاثة عاجلة منقذة للحياة خلال الشهر الماضي، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصندوق المركزي للأمم المتحدة للاستجابة لحالات الطوارئ.

ورغم تراجع الأمطار الغزيرة بنسبة كبيرة منذ نهاية الصيف الماضي، فإن عدداً من المناطق لا تزال تشهد أمطاراً غزيرة تلحق أضراراً بالممتلكات والمساكن وتعطيل الأراضي الزراعية التي تضررت بنسبة 85 في المائة إلى جانب إتلاف المحاصيل، وتدمير سبل العيش، طبقاً للوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

ينتظر النازحون اليمنيون شتاء قاسياً في ظل نقص الموارد والمعونات وتراجع تمويلات المساعدات الدولية (غيتي)

ورجحت الوكالة في تقرير أخير لها أن أكثر من 650 ألفاً من النازحين، والعائدين من النزوح، وأفراد المجتمع المضيف في اليمن، بحاجة ماسة لمساعدات المأوى والإغاثة للتغلب على قسوة الشتاء القادم.

ويقدر التقرير أن نحو 655 ألف شخص سيحتاجون إلى إمدادات طارئة خلال الفترة الممتدة من الشهر الماضي حتى فبراير (شباط) المقبل.

وينتشر النازحون في 30 موقعاً داخل 11 محافظة يمنية، في مواجهة ظروف شديدة القسوة بسبب الأمطار الموسمية الغزيرة والفيضانات التي شهدتها البلاد، ما يجعلهم عرضة لمخاطر إضافية في فصل الشتاء.

ويعمل شركاء كتلة المأوى على تقديم دعم عاجل لـ232 ألف شخص من الفئات الأكثر ضعفاً، بما يشمل استبدال الملاجئ التالفة، وتوزيع بطانيات حرارية وملابس شتوية.