واشنطن لا تستبعد عملاً عسكرياً لتأمين الملاحة في البحر الأحمر

قيادي حوثي: أي تحالف دولي ضدنا لا قيمة له

اعترضت مدمرة فرنسية مُسَيَّرتين حوثيتين في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
اعترضت مدمرة فرنسية مُسَيَّرتين حوثيتين في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
TT

واشنطن لا تستبعد عملاً عسكرياً لتأمين الملاحة في البحر الأحمر

اعترضت مدمرة فرنسية مُسَيَّرتين حوثيتين في البحر الأحمر (أ.ف.ب)
اعترضت مدمرة فرنسية مُسَيَّرتين حوثيتين في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

وسط مخاوف من أن يؤدي تصعيد الحوثيين ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر إلى ردود فعل دولية، من شأنها أن تحوِّل المياه اليمنية إلى منطقة عسكرية، لم يستبعد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في أحدث تصريحاته، اللجوء إلى الخيار العسكري.

في مقابل ذلك قلّل محمد علي الحوثي -وهو ابن عم زعيم الجماعة والمهيمن على مجلس حكمها السياسي في صنعاء- من هذه التهديدات الأميركية، ووصفها بأنها «لا قيمة لها» وفق ما صرح به خلال تجمع لأنصار الجماعة في صنعاء.

استغل الحوثيون الهدنة لتعزيز قدراتهم العسكرية بدعم إيراني (إعلام حوثي)

وتعليقاً على التصريحات الأميركية والمخاوف من عسكرة البحر الأحمر، قال مسؤول عسكري يمني لـ«الشرق الأوسط»، إن الولايات المتحدة تسعى إلى حشد دولي لمواجهة التهديدات في البحر الأحمر، مستبعداً أن تقوم واشنطن منفردة بأي عملية ردع ضد الجماعة الحوثية.

ورأى المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه لعدم تخويله بالتصريح لوسائل الإعلام، في جولة المبعوث الأميركي إلى اليمن في المنطقة، سعياً من أجل حشد التأييد لأي عملية عسكرية محتملة ضد الحوثيين.

وفي وقت سابق، الاثنين، قال وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك لـ«الشرق الأوسط» إنه ناقش مع المبعوث الأميركي تيم ليندركينغ: «تنسيق الجهود مع جميع الدول التي تؤمن بمبدأ حرية الملاحة والمرور الآمن للشحن العالمي؛ لضمان تدفق البضائع والتجارة الدولية في البحر الأحمر».

وتؤكد الحكومة اليمنية أن تصعيد الحوثيين وتهديدهم للأمن الدولي والملاحة البحرية ناجم عن التهاون الدولي إزاء الجماعة، والتدخل لإعاقة القوات اليمنية عن تحرير الحديدة.

وفرضت واشنطن الأسبوع الماضي عقوبات على 13 فرداً وكياناً مسؤولين عن توفير ما قيمته عشرات الملايين من الدولارات من العملات الأجنبية الناتجة عن بيع السلع الإيرانية وشحنه للحوثيين، بدعم من «فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني.

مدمرة فرنسية في البحر الأحمر (أ.ب)

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأحد، إن العقوبات تستهدف أفراداً وكيانات في اليمن ودول أخرى، وأن بلاده ستتخذ كل الإجراءات الضرورية لحماية جنودها ومواطنيها، وكذلك النقل البحري، دون أن يستبعد خيار التحرك العسكري.

وأوضح بلينكن في مقابلة مع قناة «ABC News»، أن سفن دول عدة مُهددة بالهجمات في البحر الأحمر، معتبراً أن التهديد لا ينحصر في إسرائيل وأميركا.

ولا يستبعد مراقبون أن تشارك القوات اليمنية في الساحل الغربي للبلاد ضد أي عملية دولية ضد الحوثيين، لتأمين السواحل اليمنية.

ويوم الأحد، تفقَّد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح تشكيلاً من القوات المشتركة في الساحل الغربي، على خطوط التماس مع الحوثيين، وشدد على «أهمية الالتزام باليقظة والتأهب الدائم لأي معركة قادمة، في ظل تعنت ميليشيا الحوثي أمام الجهود الأممية والدولية والإقليمية، لإحلال السلام العادل والشامل والمستدام في اليمن».

ووجدت الجماعة الحوثية في حرب غزة فرصة للهروب من أزمتها الداخلية، والتشويش على مساعي السلام، ومحاولة تبييض جرائمها بحق اليمنيين، وصولاً إلى التصعيد الأخير؛ حيث هددت باستهداف السفن الدولية كافة في البحر الأحمر التي تذهب لإسرائيل، بعد أن كانت قد قصرت التهديد على السفن التي لها صلة بإسرائيل».

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح يتفقد تشكيلاً عسكرياً في الساحل الغربي (سبأ)

وتمكنت الجماعة التي تقول الحكومة اليمنية إنها أداة إيرانية، من قرصنة سفينة «غالاكسي ليدر» الشهر الماضي، وهي ناقلة شحن دولية تديرها شركة يابانية، بزعم أنها سفينة إسرائيلية، واقتادتها إلى سواحل الحديدة، وحولتها إلى مزار لأتباعها.

وبين المخاوف من أن يقود السلوك الحوثي إلى إجبار المجتمع الدولي على تغيير سياسته تجاه الأزمة اليمنية، يشكك سياسيون يمنيون في جدوى العقوبات الأميركية الأخيرة، ويستبعدون أن تخوض واشنطن مواجهة عسكرية حاسمة مع الجماعة، كما يستبعدون أن تقوم الجماعة نفسها بهجوم واسع من شأنه إحداث تهديد فعلي للقوات الأميركية أو الدولية المنتشرة في البحر الأحمر.


مقالات ذات صلة

استراتيجية يمنية لتمويل المناخ وبرنامج أممي يحمي الأسماك

المشرق العربي التطرفات المناخية باليمن أسهمت إلى جانب الانقلاب والحرب في مضاعفة معاناة اليمنيين (أ.ف.ب)

استراتيجية يمنية لتمويل المناخ وبرنامج أممي يحمي الأسماك

تعتزم الحكومة اليمنية بدء حملة للحصول على تمويلات تساعدها في مواجهة تطرفات المناخ بينما ينفذ برنامج أممي مشروعاً لحماية البيئة والثروة السمكية.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي طفلة تعاني من سوء التغذية وتنتظر العلاج في أحد مستشفيات العاصمة صنعاء (رويترز)

الكوليرا والحصبة تفتكان بمئات آلاف اليمنيين

تتزايد أعداد المصابين بالكوليرا والحصبة وأمراض أخرى في اليمن، بموازاة تفاقم سوء التغذية الذي تعتزم الحكومة مواجهته بالتعاون مع الأمم المتحدة بمناطق غرب البلاد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.