«زينبيات» الحوثي يرغمن نساءً في إب على التبرع بالمجوهرات

الجماعة نفذت حملات ميدانية بذريعة «دعم غزة»

يُخضع الحوثيون النساء لفعاليات تعبوية وذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)
يُخضع الحوثيون النساء لفعاليات تعبوية وذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)
TT

«زينبيات» الحوثي يرغمن نساءً في إب على التبرع بالمجوهرات

يُخضع الحوثيون النساء لفعاليات تعبوية وذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)
يُخضع الحوثيون النساء لفعاليات تعبوية وذات صبغة طائفية (إعلام حوثي)

استهدفت الجماعة الحوثية اليمنيات من مختلف الأعمار في مناطق متفرقة من محافظة إب لإرغامهن على حضور فعاليات تعبوية ودفع إتاوات مالية وعينية وتقديم الحلي والمجوهرات التي يملكنها بذريعة تجهيز قوافل دعم لتحرير القدس وإنقاذ غزة.

وكشفت مصادر محلية في محافظة إب لـ«الشرق الأوسط» عن زيارات ميدانية نفذتها قيادات نسائية حوثية يعملن فيما يسمى الهيئة النسائية، رفقة «زينبيات» أخريات، إلى أحياء ومناطق عدة في مدينة إب وبعض مديرياتها لاستهداف النساء ومطالبتهن بجمع التبرعات، تتصدرهن عائشة السقاف مسؤولة الهيئة، والقيادية سحر الزهيري.

أرغم الحوثيون النساء في محافظة إب على حضور فعاليات ودفع تبرعات للجبهات (إعلام حوثي)

وتواجه الجماعة الحوثية اتهامات من يمنيين باستخدام جناحها الأمني النسائي (الزينبيات) أداة لقمع اليمنيات وتحشيدهن بالقوة في المدارس وعلى مستوى الأحياء والقرى والضغط عليهن من أجل سرقة ما تبقى لهن من أموال ومجوهرات، بحجة دعم فلسطين.

وشمل التحرك الميداني لمجندات الحوثي مدينة إب (مركز المحافظة) ومديريات المشنة ويريم والقفر وجبلة وحبيش والعدين والسياني والفرع ومذيخرة وذي السفال، وسبق ذلك إطلاق الجماعة حملة إعلامية مكثفة للتغرير بالنساء وخداعهن بزعم الدفاع عن غزة والوقوف في وجه الاعتداءات الإسرائيلية.

ضغط وابتزاز

تتحدث أم أحمد، وهو اسم رمزي لربة منزل بمنطقة المشنة في ريف إب، عن قيام مجندات حوثيات قبل أيام بتنفيذ زيارة ميدانية لمنازل عدة بمنطقتها واستهداف جموع النساء وإقناعهن تحت الابتزاز والضغط بضرورة المساهمة في دعم فلسطين.

وعبرت أم أحمد عن استيائها البالغ من لجوء الجماعة إلى فرض إتاوات على النساء بزعم تمويل فعاليات نسوية ظاهرها دعم فلسطين بالقوافل وباطنها تمويل المجهود الحربي، رغم الظروف المعيشية الحرجة التي تعانيها غالبية النساء بالمناطق الخاضعة للحوثيين.

وتقوم الجماعة الحوثية بالضغط على نساء إب ومناطق أخرى لإرغامهن على تقديم التبرعات، في وقت تعي فيه أن معظمهن لم يعد يتبقى لهن مجوهرات أو أموال، بعدما اضطررن طوال السنوات الماضية من عمر الانقلاب والحرب لبيع مدخراتهن من أجل إعالة أسرهن وأطفالهن.

أطلقت الجماعة الحوثية حملات تبرع في مناطق سيطرتها بذريعة دعم غزة (فيسبوك)

نساء يقطنّ مناطق متفرقة في إب أفدن بتفاجئهن مع ربات بيوت أخريات بتنفيذ «زينبيات» حوثيات زيارات مباغتة إلى منازلهن لمطالبتهن بتنفيذ وقفات احتجاج وتقديم ما لديهن من مال وحليّ لتجهيز قوافل لإنقاذ سكان غزة.

ومع توالي الاتهامات المحلية لقادة الجماعة باستغلالها القضية الفلسطينية وتكوين الثروات من التبرعات التي يفرضونها تباعاً على اليمنيين، تواصل ما تسمى «الهيئة النسائية» و«كتائب الزينبيات» استهداف الأمهات وربات البيوت وغيرهن في محافظة إب بحملة جمع المجوهرات تحت الذريعة نفسها.

تعسف متكرر

استهداف الجماعة الحوثية للنساء في إب جاء متوازياً مع ارتكاب عشرات الجرائم والانتهاكات المتنوعة ضد اليمنيات في المحافظة وبقية مناطق سيطرتها، في ظل تكرار النداءات الإنسانية لوقف هذه الجرائم من قبل منظمات دولية ومحلية.

ودفعت النساء اليمنيات طيلة الأعوام المنصرمة التي أعقبت الانقلاب والحرب الحوثية، أثماناً باهظة جراء الانتهاكات والجرائم التي ارتُكبت بحقهن.

أطفال ونساء مصطفّون أمام جمعية في صنعاء للحصول على طعام (إ.ب.أ)

وتفيد تقارير يمنية بأن الجماعة الحوثية ارتكبت على مدى الأعوام المنصرمة آلاف الانتهاكات والجرائم بحق النساء، بما في ذلك حملات التجنيد الإجباري، وإخضاعهن بالقوة لدورات طائفية وعسكرية مكثفة، وكذا ارتكاب جرائم بشعة بحقهن كالاختطاف والحرمان من الحقوق والتعذيب والاعتداء والتحرش الجنسي.

ويقول حقوقيون في مدينة إب اليمنية إن سلوك الجماعة الحوثية يندرج ضمن عملية الاستغلال المتكرر للقضية الفلسطينية وتحويلها إلى كابوس جديد ينغص حياة اليمنيين الذين يعيش غالبيتهم حالة من البؤس والحرمان بفعل انعدام فرص العمل، فضلاً عن توقف رواتب الموظفين الحكوميين منذ سنوات، في ظل تدهور الوضع الاقتصادي العام وتوالي الأزمات وغياب أدنى الخدمات الأساسية وارتفاع الأسعار.


مقالات ذات صلة

«المركزي اليمني» يواجه استحواذ الانقلابيين على شركتين دوائيتين

العالم العربي إجراءات ومساعٍ حوثية لاستعادة الأوراق النقدية القديمة التي أقر البنك المركزي إلغاءها (أرشيفية- رويترز)

«المركزي اليمني» يواجه استحواذ الانقلابيين على شركتين دوائيتين

أصدر البنك المركزي اليمني قرارين ألغى أولهما تراخيص خمس شركات صرافة وقضى الثاني بعدم التعامل المالي مع الإدارتين اللتين استحدثهما الحوثيون لشركتين دوائيتين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مقاتلة أميركية على متن حاملة الطائرات «أيزنهاور» (رويترز)

ضربات أميركية تستبق هجمات حوثية في البحر الأحمر

استبق الجيش الأميركي هجمات حوثية في البحر الأحمر ضد السفن، وقال إنه دمّر زورقين مسيّرين وموقع رادار، وذلك في سياق الضربات الدفاعية التي تقودها واشنطن.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

حملات تعسف استهدفت 1161 منشأة تجارية في صنعاء

تعرّض 1161 محلاً وشركة تجارية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء خلال الأسابيع الماضية لعمليات دهم وابتزاز وإغلاق على أيدي مشرفين حوثيين

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مدير مكتب يحيى الحوثي بجوار التربوي أحمد النونو قبل اعتقالهما في صنعاء (إعلام حوثي)

اعتقال مدير مكتب يحيى الحوثي بتهمة التجسس لأميركا

امتدت حملة الاعتقالات التي ينفذها الحوثيون بإشراف من خبراء في الحرس الثوري الإيراني لأعلى سلم قيادة الجماعة، حيث اعتقل مدير مكتب يحيى الحوثي شقيق زعيم الجماعة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مشهد وزعه الحوثيون لمهاجمة سفينة «ترانس وورلد نافيجيتور» في البحر الأحمر بزورق مسير مفخخ (أ.ف.ب)

زعيم الحوثيين يتبنى مهاجمة 162 سفينة خلال 30 أسبوعاً

تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة 162 سفينة منذ بدء التصعيد البحري في 19 نوفمبر الماضي، وأقر بتلقي جماعته 19 غارة غربية خلال أسبوع من دون ضحايا.

علي ربيع (عدن)

حملات تعسف استهدفت 1161 منشأة تجارية في صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية في صنعاء (فيسبوك)
TT

حملات تعسف استهدفت 1161 منشأة تجارية في صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية في صنعاء (فيسبوك)

تعرَّض 1161 متجراً وشركة في صنعاء، خلال الأسابيع الماضية، لعمليات دهم وابتزاز وإغلاق على أيدي مشرفين حوثيين، في حين اعتدى أتباع الجماعة على قرابة 90 شخصاً من المُلاك والعاملين في هذه المنشآت، وفق مصادر مطّلعة.

واستمراراً للحملات المُمنهجة لجباية الأموال، وتهديد الاقتصاد اليمني، وتهجير ما تبقّى من رأس المال من مناطق سيطرة الانقلابيين، لإحلال تجار مُوالين للجماعة؛ نفّذ الحوثيون تلك الحملات، وأجبرت خلالها عدداً من المتاجر والمنشآت الخاصة وصغار الباعة على دفع مبالغ مالية تحت عدة مسميات.

حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

أقرّ تقرير صادر عن مكتب الصناعة والتجارة، الخاضع للجماعة في صنعاء، بأنه استهدف بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات أكثر من 233 منشأة ومتجراً متنوعاً، خلال 8 أيام، مضافاً إليها استهداف نحو 928 منشأة تجارية خلال شهر.

واشتكى تجار ورجال أعمال في صنعاء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، من استمرار مضايقات الجماعة، وقالوا إنها عادت لشن حملات جمع إتاوات وجبايات نقدية بالقوة تحت تسميات عدة؛ أبرزها تمويل الفعاليات ذات الطابع الطائفي، وتصعيد الجماعة العسكري في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي حين أشار بعض التجار إلى معاناتهم وصراعهم المرير مع حملات النهب والتعسف، التي تطولهم بين الفينة والأخرى، يشتكي هؤلاء من فرض مبالغ مالية تبدأ بـ5 آلاف ريال يمني، وتنتهي بـ100 ألف ريال. (الدولار يساوي 530 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة)، ويشمل ذلك صغار التجار وكبارهم.

إغلاق وتهديد

نتيجة لتجدُّد مسلسل نهب التجار ومُلاك الشركات في صنعاء، أغلقت بعض المتاجر أبوابها في عدد من الشوارع والأسواق قبل وصول حملات الانقلابيين.

وأكد سكان، لـ«الشرق الأوسط»، أن عدداً من المتاجر في أسواق السنينة ومذبح وهايل وسوق حجر والبليلي وحزيز أغلقت أبوابها فور معرفة مُلاكها بنزول حملات جباية ونهب جديدة.

حملات حوثية حديثة استهدفت محلات تجارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وهدَّد مسلَّحو الجماعة الحوثية، أثناء نزولهم الميداني، مُلاك المتاجر الذين فتحوا أبوابها، بإغلاقها واعتقالهم إذا لم يلتزموا بدفع ما عليهم من مبالغ مفروضة «مخالفات، ودعم شعبي ومجتمعي للفعاليات وللمقاتلين في الجبهات».

ويعاني القطاع الخاص اليمني، بما فيه القطاعان التجاري والصناعي، منذ 9 أعوام وأكثر من عُمر الانقلاب والحرب، سلسلة حملات تعسف ونهب وإغلاق ومصادرة وابتزاز وفرض جبايات مالية غير قانونية.

جاء ذلك في وقت توقَّع فيه البنك الدولي، في أحدث تقاريره، مزيداً من التدهور في الناتج المحلي في اليمن الذي يشهد حرباً منذ نحو تسع سنوات.

وأكد البنك الدولي أن اقتصاد اليمن لا يزال يواجه عقبات كبيرة مع تفاقم الصراع المستمر والتوترات الإقليمية والأزمات الاقتصادية والإنسانية، وقال إنه من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.0 في المائة خلال 2024.

وشهد اليمن، في الفترة بين 2015 و2023، انخفاضاً بنسبة 54 في المائة في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، ما ترك غالبية اليمنيين في حالات فقر متفاوتة. ويؤكد البنك الدولي أن انعدام الأمن الغذائي يؤثر على نصف السكان، إذ ارتفعت معدلات وفيات الشباب، وتدهور الوضع المالي للحكومة المعترَف بها دولياً بشكل كبير خلال عام 2023.