«الجامعات الإسلامية» دعت الدول التي سمحت بحرق المصحف لمراجعة مفاهيمها الدستورية

الدكتور العيسى أكد أن المنطق لا يقبل أن يكون الفهم التشريعي للحريات سائباً دون تأطير

رئيس رابطة الجامعات الإسلامية الدكتور محمد العيسى متحدثاً رئيسياً في المؤتمر (الشرق الأوسط)
رئيس رابطة الجامعات الإسلامية الدكتور محمد العيسى متحدثاً رئيسياً في المؤتمر (الشرق الأوسط)
TT

«الجامعات الإسلامية» دعت الدول التي سمحت بحرق المصحف لمراجعة مفاهيمها الدستورية

رئيس رابطة الجامعات الإسلامية الدكتور محمد العيسى متحدثاً رئيسياً في المؤتمر (الشرق الأوسط)
رئيس رابطة الجامعات الإسلامية الدكتور محمد العيسى متحدثاً رئيسياً في المؤتمر (الشرق الأوسط)

دعت رابطة الجامعات الإسلامية الدول التي سمحت بحرق نسخ من المصحف الشريف إلى مراجعة مفاهيمها الدستورية واستعادة وعيها الحضاري، ومطالبة إياها باحترام التزاماتها بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وتطويرِ استراتيجياتِ التعايش والتسامح، واعتمادِ تشريعاتٍ تحظُرُ التحريضَ على الكراهية

وحشدت الرابطة ممثلي هيئات الإفتاء الإسلامية ومجالسه، وكبرى الجامعات، وخبراء القانون الدولي، إضافة إلى الأكاديميين والمفكرين، لمناقشة قضايا الحرية وتبعاتها في الواقع والممارسة، وذلك في أعمال مؤتمرها الدوليِّ العِلميّ: «تأطير الحريات وفق القيم الإسلامية ومبادئ القانون الدولي»، الذي نظّمته في مقرّ منظمة «إيسيسكو» بالعاصمة المغربية الرباط، وافتتح أعماله رئيس رابطة الجامعات الإسلامية الشيخ الدكتور محمد العيسى.

رئيس رابطة الجامعات الإسلامية يتوسط مدير عام «إيسيسكو» وفضيلة مفتي الديار المصرية (الشرق الأوسط)

وينعقد المؤتمر في سياق تزايد الجرائم المرتكبة بحق المقدسات الإسلامية والدينية عموماً، تحت ذريعة «حرية الرأي والتعبير». ويتضمَّن المؤتمر جلساتٍ علميةً تكتسب مضامينُها أهميةً كبرى لإزالة اللّبس عن هذه القيمة الإنسانية النبيلة التي أعلى من شأنها الإسلام، وتؤسِّس للدور الأكاديمي المأمول في التوعية، والحفز الفكري نحو رسم مستقبلٍ أكثرَ تضامناً وتفاهُماً واحتراماً بين أتباع الأديان والحضارات، والتصدي لأطروحات الصدام الحضاري والصراع الديني.

وفي كلمته الافتتاحية لأعمال المؤتمر، شدّد الدكتور العيسى على أن المنطق السوي لا يقبل أن يكون الفهم التشريعي للحريات سائباً دون تأطير يصون القيم ويحفظ الحقوق، وخاصة كرامة الآخرين، ولا سيما مقدساتهم، ويمنع الجهلة والمغرضين من توظيف حرية التعبير بما يسيء لسلام عالمنا ووئام مجتمعاته الوطنية.

وقال العيسى: «روح الدساتير المتحضرة لا تسمح بإثارة الكراهية ولا تأجيج الصراع الحضاري باسمها؛ لذا يتعين استيعاب سياقاتها ومن ثم تطبيقها بما يحقق غاياتها المستفادة من المنطق الإنساني السوي الداعي لتعزيز قيم الاحترام والوئام، ومنع مخاطر الصراع والصدام بين الأمم والشعوب».

وتابع: «تأويل النصوص الدستورية بما يَحرفها عن روحها الداعية لسلام المجتمعات وتعزيز الصداقة بين الأمم والشعوب خاطئٌ وخطِرٌ».

مفتي الديار المصرية متحدثاً في الجلسة الافتتاحية (الشرق الأوسط)

من جانبه، ألقى مفتي الديار المصرية، الدكتور شوقي إبراهيم علّام، كلمة أشار فيها إلى أن المسلمين يواجهون اليوم ثورة تقنية تتحرك فيها الأفكار والرؤى والفلسفات والمفاهيم، عبر قنواتٍ عدّة، وتُحدثُ تشويشاً ولغطاً لدى كثيرٍ من الناس؛ موضّحاً أن ممارسة الحريات وفق الضوابط الشرعية والقانونية، تضمن للمجتمعات أمنها وسلامتها، وتحافظ كذلك على الأمن والسلام النفسي للأفراد، وتضع حدوداً وقيوداً لمثيري الفتن والقلاقل.

ولفت الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، الدكتور سامي محمد الشريف، الأنظار إلى أن المؤتمر يأتي في إطار بحث مفهوم الحقوق والحريات في العالم. وأوضح الشريف أن منظومة القيم الدينية تؤكد وحدة الأصل البشري، ومحورية حقوق الإنسان وحرياته؛ عادّاً أن حقوق الإنسان، وفي القلب منها حرياته، تعدّ محوراً أساسيّاً في مقاصد الشريعة الإسلامية.

من جانبه، قال المدير العام للجهة المستضيفة: منظمة «إيسيسكو»، الدكتور سالم المالك: إن قضية الحريات لم تعد قضيةً نظرية تتناولها الأقلام، وتتداولها الأفكار من منطلق الترف الثقافي والاجتماعي، بل إنها تمضي كل يوم لتشكِّل حضوراً غامراً على مجمل الحراك الإنساني.

ثم توالت جلسات المؤتمر التي ألقى فيها كبار العلماء والأكاديميين، ومن بينهم رؤساء كبرى الجامعات في العالم الإسلامي، كلماتٍ ضمن موضوع المؤتمر، اشتملت على تفاصيل محاوره المهمة.

جانب من الحضور الكبير للمؤتمر العلمي «تأطير الحريات وفق القيم الإسلامية ومبادئ القانون الدولي» (الشرق الأوسط)

وأكد المشاركون في بيانهم الختامي اتفاقهم على تكريم الإنسان واحترامه محلّ اتفاقِ أتباع الأديان والثقافات، (وإِعداده روحياً وفكرياً ومادياً هو اللبنةُ الأساس في بناء المجتمعات المدنية المتحضرة؛ لإصلاح الأرض وإسعاد الإنسان)، وعدّ الحريةِ قيمةً إنسانيةً عُليا مكفولة لكل أحد، لكنها - كغيرها من القيم والمبادئ - ليست عشوائيةً أو مرادفةً للفوضى والعبث، بل في مضامينها العالية مسؤوليات وواجبات مهمة يتعين على الجميع مراعاتها، وإلا كانت الإساءةُ البالغةُ والتشويهُ الكبير لهذا المُشترك الإنسانيِّ المحوريّ في بناء العلاقة بين الأمم والشعوب وداخل المجتمعات الوطنية المتنوعة.

وحظي المؤتمر بتغطية عربية وإسلامية ودولية واسعة، من مختلف وسائل الإعلام.


مقالات ذات صلة

باكستان: اعتقال شخص بتهمة إهانة القرآن بعد محاولة حشد إعدامه

آسيا الشرطة الباكستانية تُلقي القبض على رجل متهم بإهانة القرآن (إ.ب.أ)

باكستان: اعتقال شخص بتهمة إهانة القرآن بعد محاولة حشد إعدامه

ألقت الشرطة الباكستانية القبض على رجل متهم بإهانة القرآن، في شمال غربي البلاد، اليوم الثلاثاء، بعدما تلقت بلاغاً يفيد بأن مجموعة من الناس تسعى لإعدامه.

«الشرق الأوسط» (بيشاور (باكستان))
الخليج الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى حل ضيفَ شرفٍ على نادي 44 للدراسات الفكرية (الشرق الأوسط)

العيسى يناقش «تفهم الاختلاف ومعالجة سوء الفهم بين الإسلام والغرب» في سويسرا

حَلّ الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى ضيفَ شرفٍ على نادي 44 للدراسات الفكرية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب (رويترز)

متعهداً بإنهاء صراع الشرق الأوسط... ترمب يسعى لأصوات المسلمين في ميشيغان

سعى المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترمب إلى استمالة الناخبين المسلمين في ولاية ميشيغان.

«الشرق الأوسط» (ديترويت)
أوروبا مظاهرة لدعم غزة في ميدان ترافالغار بلندن (رويترز)

دراسة: نصف مسلمي الاتحاد الأوروبي يتعرضون للتمييز

أفاد نحو نصف المسلمين المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي بأنهم يتعرضون للتمييز في حياتهم اليومية، مع تسجيل «زيادة حادة في الكراهية» عقب حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
الخليج الدكتور محمد العيسى دشن أعمالَ المؤتمر الدولي «الإيمان في عالم متغير» (الشرق الأوسط)

العيسى يدشن المؤتمر الدولي «الإيمان في عالم متغير» للتصدي لشبهات الإلحاد

دشن الشيخ الدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، رئيس هيئة علماء المسلمين، أعمالَ المؤتمر الدولي «الإيمان في عالم متغير».

«الشرق الأوسط» (الرباط)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.