العراق: المحافظون يدخلون دائرة الاستهداف السياسي

قبيل موعد الانتخابات المحلية

صورة نشرها موقع مفوضية الانتخابات العراقية من اجتماع تحضيري لإجراء الانتخابات المحلية
صورة نشرها موقع مفوضية الانتخابات العراقية من اجتماع تحضيري لإجراء الانتخابات المحلية
TT

العراق: المحافظون يدخلون دائرة الاستهداف السياسي

صورة نشرها موقع مفوضية الانتخابات العراقية من اجتماع تحضيري لإجراء الانتخابات المحلية
صورة نشرها موقع مفوضية الانتخابات العراقية من اجتماع تحضيري لإجراء الانتخابات المحلية

في وقت أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق الأحد إحصائية شاملة بعدد التحالفات السياسية والناخبين «المحدثين» لبياناتهم، دخل المحافظون الذين يديرون خمس عشرة محافظة عراقية (عدا محافظات إقليم كردستان الثلاث) دائرة الاستهداف السياسي.

بيان المفوضية أكد عزمها إجراء عملية محاكاة تجريبية في سبتمبر (أيلول) المقبل استعداداً لانتخابات مجالس المحافظات المقررة في ديسمبر (كانون الأول) 2023.

وطبقاً للبيان فإن المجلس «صادق على توصيات محضر اللجنة العملياتية المتضمن آلية ضمان حقوق الناخبين في عملية التسجيل والتحديث البايومتري وتوزيع بطاقة الناخب البايومترية».

كما ناقش البيان جملة من القضايا الفنية والإجرائية التي تتعلق بإمكانية إجراء الانتخابات المقررة نهاية العالم الحالي دون تأخير. ومن بين الإجراءات التي عملت عليها المفوضية هي توقيعها «مذكرة تفاهم مع شبكة شمس لمراقبة الانتخابات؛ لدورها المهم الذي تضطلع به في إضفاء النزاهة والشفافية على العملية الانتخابية والمشاركة في توعية الناخبين وتثقيفهم بأهمية المشاركة في الانتخابات».

وبعزمها على إجراء المحاكاة النهائية فإن المفوضية العليا للانتخابات تكون قد أكملت استعداداتها لإجراء الانتخابات المحلية في وقتها المحدد دون تأخير.

لكن في الجانب الآخر من المشهد فإن ما هو سياسي بات يطغى على الإجراءات الفنية والإدارية التي تصر المفوضية على استكمالها، بينما يعلن كثير من القوى السياسية أن موعد الانتخابات قد لا يكون نهائيا. وحين تعدد الأسباب التي قد تحول دون إجراء الانتخابات في موعدها تُحدِّد في الغالب عاملين ترى أنهما يمكن أن يشكلا غطاء لرغبتها هي في التأجيل لأسباب سياسية.

فهذه القوى وعبر تصريحات أو بيانات لبعض قيادييها، والتي سرعان ما تتخلى عنهم في حال وجدت إحراجا أو لا تريد أن تبدو هي في الواجهة تُحدِّد سببين، وهما فني يتعلق بعدم قدرة المفوضية على إجرائها في موعدها، بينما المفوضية أعلنت في بيانين خلال يومي السبت والأحد أنها باتت جاهزة لإجراء تلك الانتخابات.

أما السبب الثاني الذي تعده سببا في عدم إجراء الانتخابات فهو عدم مشاركة التيار الصدري في الانتخابات في وقت كرر التيار وزعيمه مقتدى الصدر عدم مشاركته في الانتخابات المحلية.

وزاد الصدر على ذلك بالقول وفي أكثر من تغريدة له إنه لن «يتشارك مع الفاسدين»، علما بأن التيار الصدري يسيطر على محافظتين وهما النجف وميسان، حيث يقود هاتين المحافظين قياديان من التيار. وفي حال أجريت الانتخابات ولم يشارك الصدريون فيها فإن الصدريين يكونون قد خسروا آخر مواقعهم في مجالس المحافظات وإدارتها.

التنافس الشيعي - الشيعي

وبالنسبة لكثير من القوى الشيعية التي تتنافس مع التيار الصدري في بعض المحافظات الوسطى والجنوبية، فإن عدم مشاركة الصدريين في تلك المحافظات يمكن أن يوفر لها فرصة جيدة للتمدد فيها على حساب التيار الصدري الذي قرر عدم المشاركة؛ طبقاً لبياناته وتغريدات زعيمه.

لكن بالنسبة لقوى شيعية أخرى لا تتنافس في المحافظات التي تعد محسومة للصدريين فيما لو شاركوا، لكن لها حاضناتها في محافظات أخرى لا ترغب في عدم مشاركة التيار رغم خصومتها معه، ولا ترغب في تمدد خصوم شيعة لها في الأماكن التي سيتخلى عنها الصدريون، ومن شأن ذلك أن يخلق عدم توازن شيعي - شيعي، فهذا التنافس لا سيما في محافظات الوسط والجنوب تحكمه قواعد اتفق عليها، وفي حال اختل هذا التوازن فإنه ربما قد يقود إلى صراعات ومواجهات محتملة. ومن أجل تفادي إمكانية حصول ذلك فإن بعض هذه القوى ترغب في تأجيل الانتخابات دون أن تتطرق إلى الأسباب الحقيقية.

المحافظون على الخط

وفيما يبدو التنافس والخلاف حول المشاركة من عدمها يكاد أن يكون فقط في المناطق ذات النفوذ الشيعي بسبب اختلال التوازن الذي خلفه غياب الصدريين، فإن المحافظات السنية والكردية لا تبدو مشغولة بمثل هذا الهم رغم الخلافات.

وحتى فيما يتعلق بالمحافظين الذين يديرون التسع عشرة محافظة التي يتكون منها الحكم المحلي في العراق، فإن الدعوات التي باتت توجهها بعض القوى الشيعية لإقالة بعض المحافظين تقتصر على المحافظين الشيعة ممن يديرون بعض محافظات الوسط والجنوب. الأسباب المعلنة لدعوات الإقالة إنهم محافظون فاسدون دون تقديم أدلة واضحة لتهم الفساد المتهمين بها.

لكن السبب الحقيقي مثلما يتداول في الغرف المغلقة أن المحافظين المشمولين بدعوات الإقالة هم أولئك الذين رفضوا الدخول في قوائم مشتركة مع تلك القوى، وهو ما يعني تراجع فرصها في الاستحواذ على غالبية مقاعد مجالس المحافظات في المحافظات المشمولة.

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أصبح الآن في موقف أقوى بعد أن أعلن قبل أيام عدم مشاركة تياره السياسي في الانتخابات المحلية لا بالعلن ولا بالظل؛ طبقا للبيان الذي أصدره بهذا الخصوص، وهو ما يعني أنه لم يعد في وارد الاستجابة لضغوط القوى السياسية التي تطالبه ولأهداف سياسية إقالة محافظين لمجرد أنهم لم ينفذوا رغبتها في المشاركة في الانتخابات.



تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)
مستويات عالية من الأمطار يشهدها اليمن سنوياً (أ.ف.ب)

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها، مع استمرار تأثير الفيضانات التي حدثت خلال الأشهر الماضية، وتسببت بخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والبنية التحتية.

ويتوقع خبراء ومراكز أرصاد استمرار هطول الأمطار على مناطق متفرقة مختلفة الطبيعة الجغرافية خلال الأيام المقبلة، وتشمل تلك المناطق محافظة المهرة أقصى شرقي اليمن، والمرتفعات الغربية في محافظات تعز، وإب، ولحج، وريمة، وذمار، وصنعاء، والمحويت، وعمران، وحجة وصعدة، بالإضافة إلى الساحل الغربي في محافظات حجة، والحديدة وتعز، والمناطق السهلية في محافظات أبين، وشبوة وحضرموت.

آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

وحذّر الخبراء الذين نشروا توقعاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من تشكل سحب عملاقة تنذر بأمطار غزيرة وسيول وعواصف وبروق شديدة، واحتمال هبوب رياح عنيفة، مع أجواء غائمة أغلب الوقت، داعين السكان إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة.

وشهد اليمن منذ مطلع الشهر الحالب تراجعاً في هطول الأمطار في مختلف أنحاء البلاد، بعد شهرين من الأمطار التي تسببت بفيضانات مدمرة في عدد من المحافظات، وتركزت الآثار العميقة لهذه الفيضانات في محافظتي الحديدة والمحويت غرباً.

وحذَّرت لجنة الإنقاذ الدولية من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن مع استمرار الفيضانات، التي بدأت في مارس (آذار) واشتدت في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر، وتدمير البنية التحتية الحيوية، وتأجيج الانتشار السريع للكوليرا، وتضرر أكثر من 268 ألف شخص في اليمن، في ظل موجة ماطرة شهدتها البلاد.

ونبهت اللجنة في بيان لها إلى أن استمرار احتمالية وجود خطر فيضانات مفاجئة إضافية بسبب تشبع الأرض بفعل الأمطار الغزيرة وأنظمة الصرف السيئة، رغم توقف هطول الأمطار خلال الشهر الحالب، ووصفت هذا الخطر بالمرتفع.

استمرار الكارثة

قالت اللجنة إن الفيضانات أثرت بشدة على محافظات الحديدة، وحجة، ومأرب، وصعدة وتعز، حيث تأثر ما يقرب من 268 ألف فرد في 38285 عائلة حتى الشهر الماضي، وفقاً لتقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، وتسببت الأمطار الغزيرة، التي من المتوقع استمرارها هذا الشهر، في تدمير واسع النطاق للمنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية.

وقيَّدت الأمطار والفيضانات - وفق بيان اللجنة - من إمكانية الوصول إلى الغذاء، وهي قضية يعاني منها بالفعل أكثر من 17 مليون يمني بسبب الصراع والتدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وكلها تفاقمت بسبب أزمة المناخ.

توقعات باستمرار الأمطار الغزيرة في اليمن رغم انتهاء موسمها برحيل فصل الصيف (رويترز)

وبينت المنظمة أن محافظة تعز (جنوب غرب) شهدت وحدها تدمير ما يقدّر بنحو 70 إلى 100 في المائة من الأراضي الزراعية جراء الأمطار.

ودعت المجتمع الدولي والجهات المانحة إلى تقديم المزيد من الدعم للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن جراء الفيضانات المدمرة الأخيرة التي ضربت البلاد، والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا، مشددة على زيادة الدعم المالي واللوجيستي لتلبية الاحتياجات الفورية والطويلة الأجل للمتضررين من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن.

ونوهت اللجنة إلى أن الكارثة الإنسانية في اليمن تتضاعف «مدفوعة بالتأثيرات المدمرة للفيضانات الأخيرة والتفشي المتسارع لوباء الكوليرا في معظم أنحاء البلاد»، مرجحة أنه، و«من دون اتخاذ إجراءات في الوقت المناسب، سيستمر الوضع في التدهور؛ مما يعرض المزيد من الأرواح للخطر».

انتشار سريع للكوليرا

قال إيزايا أوجولا، القائم بأعمال مدير لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن، إن البلاد «تواجه أزمة على جبهات متعددة» بدءاً من الصراع المستمر إلى الفيضانات الشديدة، والآن «تفشي وباء الكوليرا الذي انتشر بسرعة في الكثير من المحافظات».

وأضاف: «إن حياة الناس معرّضة للخطر بشكل مباشر، ومن المرجح أن يؤدي تدمير مرافق المياه والصرف الصحي إلى تفاقم انتشار المرض»، في حين أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمليات طوارئ في المناطق الأكثر تضرراً في حجة، والحديدة، والمحويت وتعز، حيث قدمت مساعدات نقدية لنحو 2000 عائلة متضررة.

دمار هائل في البنية التحتية تسببت به الفيضانات الأخيرة في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وأشار إلى أن المرحلة الأولية ركزت على تلبية الاحتياجات الفورية، مع التخطيط لمزيد من التقييمات لتوجيه التدخلات المحتملة في مجال المياه والصرف الصحي، مثل إنشاء نقاط المياه والمراحيض الطارئة.

وبيَّن أوجولا أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر وشركاءها أجروا تقييمات في المناطق المتضررة، وكشفوا عن نزوح ما يقرب من 9600 شخص بسبب الفيضانات في تعز، وحجة والحديدة، حيث تعرَّضت البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي والصحة لأضرار كبيرة؛ مما زاد من خطر تفشي الكوليرا في هذه المناطق.

وكان مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وزَّع مساعدات إيوائية طارئة على المتضررين من السيول والفيضانات في مديرية موزع التابعة لمحافظة تعز، الثلاثاء الماضي.

وتضمنت المساعدات الطارئة 100 خيمة و370 حقيبة إيواء استفاد منها 2220 فرداً من المتضررين من السيول في المديرية.

ويأتي هذا التدخل بالتنسيق مع كتلة الإيواء ومكاتب مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن، وبالتنسيق مع السلطة المحلية ووحدة النازحين.