السوداني يعلن بدء انتقال العراق إلى حقبة ما بعد النفط ويؤكد جذب الاستثمارات

أمير قطر في بغداد لأغراض الغاز والتنمية

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مستقبلاً أمير قطرالشيخ تميم بن حمد آل ثاني
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مستقبلاً أمير قطرالشيخ تميم بن حمد آل ثاني
TT

السوداني يعلن بدء انتقال العراق إلى حقبة ما بعد النفط ويؤكد جذب الاستثمارات

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مستقبلاً أمير قطرالشيخ تميم بن حمد آل ثاني
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مستقبلاً أمير قطرالشيخ تميم بن حمد آل ثاني

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن العراق لن يبقى معتمداً على النفط في وقت عدَّ فيه التجربة السياسية في العراق بأنها «غير موجودة» في المنطقة.

السوداني وخلال استقباله، اليوم الخميس، وفد مجلس الأعمال العراقي الأميركي برئاسة رئيس المجلس نائب رئيس غرفة التجارة الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ستيف لوتس، أكد أنه «توجد بدائل جاهزة لما بعد عام 2028».

وقال طبقاً لبيان صدر عن مكتبه الإعلامي، إن «العراق مؤهل ليكون بيئة جاذبة للقطاع الخاص والشركات الأجنبية»، مبيناً أن «الحكومة اتخذت سلسلة من القرارات لتبسيط الإجراءات أمام المستثمرين، والعمل على معالجة المشاكل الموجودة في هذا المجال».

وأشار إلى أن «العراق يتمتع باستقرار أمني وسياسي واجتماعي، وهو مؤهل اليوم أكثر من أي وقت مضى، كما أن لدى العراق فرصة حقيقية للنجاح، ولا بديل عن التعايش السلمي ودعم الدولة ومؤسساتها».

ولفت السوداني إلى أن «الحكومة تعي حجم التركة الثقيلة التي ابتدأت منذ حرب ثمانينات القرن الماضي، وتسببت بآثار سلبية في أغلب القطاعات، لهذا وضعت خمس أولويات في برنامجها تعمل على تحقيقها».

وشدد على أنه «لا يمكن أن يبقى العراق معتمداً على النفط، فالعالم يتجه اليوم لبدائل النفط التي ستكون جاهزة بعد 2028»، لافتاً إلى أن «دول العالم تنفق مليارات الدولارات من أجل بدائل النفط، خصوصاً بعد الحرب في أوكرانيا، وعلى الدول المعتمدة على النفط التهيؤ للبدائل». وتابع السوداني أن «العراق يمتلك موارد طبيعية لم تُستثمر، وهو مؤهل لأن يكون بلداً زراعياً وصناعياً بفعل موقعه الاستراتيجي»، مؤكداً أن «القطاع الخاص شريكنا الحقيقي لتحقيق رؤيتنا واختزال الزمن وإيجاد الحلول للمشاكل».

وكشف عن البدء بالاستثمار في قطاع الغاز المحروق «الذي يكلفنا 4 مليارات دولار سنوياً»، مشيراً إلى أن «اتفاقية توتال إحدى أهم اتفاقيات استثمار الغاز وتطوير حقول النفط، التي ستوفر نصف احتياجنا من الغاز، فضلاً عن أن «هناك عقوداً مع شركات صينية وإماراتية ستوفر لنا نصف ما نستورده من غاز».

وحول الخطط المستقبلية التي يعمل عليها العراق، قال السوداني إن العراق يتهيأ «لإعلان جولة حقول الغاز السادسة، وهو ما يحصل لأول مرة في البلاد، على صعيد استثمار الغاز الطبيعي»، مبيناً أن «الاستثمار بهذه المشاريع سيوفر لنا عائدات مالية مهمة تُوظف في قطاعات مختلفة، ونتجنب الآثار المناخية الناتجة عن حرق الغاز»، مجدداً حرص العراق «على وجود الشركات الأميركية».

وفيما بدأ العراق يبدي اهتماماً ملحوظاً في التحول إلى مجالات الطاقة، ومنها الغاز المصاحب والاستثمار في حقول الغاز عبر الجولة السادسة التي من المؤمل أن يطلقها قريباً، تأتي زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى العراق اليوم.

وفي هذا السياق، قال الناطق باسم الحكومة العراقية باسم العوادي إن «زيارة أمير قطر ذات أبعاد سياسية واقتصادية مهمة»، فيما ذكرت صحيفة «ناشيونال» الصادرة بالإنجليزية أن الطرفين العراقي والقطري سيبحثان مشاريع استراتيجية رئيسية كتطوير طريق التنمية الذي أطلقته حكومة السوداني مؤخراً من ميناء الفاو الكبير باتجاه تركيا، والذي يفترض أن يربط العراق ودول المنطقة بأوروبا، ويمثل جسراً بين الشرق والغرب.

كما تشمل محادثات الشيخ تميم مشاريع الطاقة المشتركة. وكانت قطر شاركت الشهر الماضي في مؤتمر إطلاق «طريق التنمية» في بغداد، والذي يؤمل أن يقود إلى تعزيز التعاون الإقليمي والفرص الاقتصادية، وذلك بحضور ممثلين أيضاً عن إيران وتركيا وسوريا والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي، وهو مشروع تبلغ قيمته 17 مليار دولار.

وبشأن جولة التراخيص الجديدة، فإنه وطبقاً لعضو لجنة النفط والطاقة في البرلمان العراقي كاظم الطوكي، فإن هذه الجولة «لن تشمل أي استكشافات نفطية جديدة، وستكون عبارة عن حقول للغاز الحر، وليس المصاحب للنفط، في المنطقة الغربية، لا سيما أن الاستكشافات الحديثة أثبتت احتواء هذه المنطقة على الغاز الحر، وهو ما يجري استثماره وإعلانه في الجولة السادسة للتراخيص من أجل الاستفادة منه في الأعوام المقبلة، في حين أن المنطقة الوسطى والجنوبية غنية بالغاز المصاحب، حيث إن زيادته أو نقصانه يعتمد على كمية النفط المنتجة من الحقول في هذه المحافظات».

وعلى وتيرة التوجه العراقي الجديد لمزج السياسة بالاقتصاد والطاقة، تأتي زيارة أمير قطرالشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى العراق. وطبقاً لمصادر عراقية متطابقة فإن الزيارة تعكس السياسة التي ينتهجها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في ملف العلاقات الخارجية، خصوصاً أن السوداني يتبع «سياسة الدبلوماسية المنتجة» التي تُؤكد الشراكات الاقتصادية. كما تأتي هذه الزيارة تأكيداً على استعادة العراق لدوره في المنطقة ومكانته وتواصله مع الأطراف المهمة والمؤثرة كافة في المشهد الدولي والإقليمي.

وتشير تلك المصادر إلى أن الزيارة تتصل بمشروع طريق التنمية ورغبة الدوحة الكبيرة بالمشاركة فيه عن طريق التنمية والمدينة الصناعية. كما تجسد الزيارة أهمية العراق بالنسبة لقطر في مجال الطاقة؛ كون الدوحة تنظر للعراق بأنه شريك وطريق حيوي لنقل الطاقة باتجاه أوروبا، فضلاً عن امتلاك العراق احتياطي نفطي وغازي كبير.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.