عالمة سويسرية: الحالة الصحية لـ«قرش الغردقة» قد تفسر هجومه العنيف

أنجيلا زيلتنر قالت لـ«الشرق الأوسط» إنه يستسهل الهجوم على البشر في أوقات ضعفه

أنجيلا زيلتنر عالمة الأحياء المائية بجامعة زيوريخ السويسرية
أنجيلا زيلتنر عالمة الأحياء المائية بجامعة زيوريخ السويسرية
TT

عالمة سويسرية: الحالة الصحية لـ«قرش الغردقة» قد تفسر هجومه العنيف

أنجيلا زيلتنر عالمة الأحياء المائية بجامعة زيوريخ السويسرية
أنجيلا زيلتنر عالمة الأحياء المائية بجامعة زيوريخ السويسرية

قالت أنجيلا زيلتنر، عالمة الأحياء المائية بجامعة زيوريخ السويسرية، إنه خلال عملها غاصت أكثر من ألف مرة في جميع أنحاء العالم، وكان أكثرها في سواحل البحر الأحمر المصرية، ولم يكن لديها طيلة تاريخها المهني، أي موقف خطير مع أسماك القرش بأنواعها المختلفة، بما فيها سمكة قرش النمر، التي تسببت في حادث الخميس الماضي بسواحل مدينة الغردقة.

وفور وقوع الحادث، تمكن متخصصو محميات البحر الأحمر من تحديد نوع سمكة القرش المسؤولة عن الهجوم، وقال بيان لوزارة البيئة المصرية إنها من نوع «النمر»، بينما كانت السمكة المسؤولة عن الحادث الذي شهدته سواحل الغردقة بمنطقة سهل حشيش قبل نحو عام، من النوع المعروف باسم «ماكو».

وتوضح زيلتنر في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن حوادث اعتداء أسماك القرش على البشر نادرة، وفي أغلبها تترك السمكة البشر عندما تكتشف أنه ليس من طعامها، لذلك فإن هناك 3 أسئلة تحتاج إلى إجابة، حتى يمكن تفسير أسباب مهاجمة سمكة القرش للضحية عدة مرات، وإصرارها على إلحاق الضرر به، وكذلك تفسير سبب وجود السمكة في المياه الضحلة.

وتضيف: «سيكون من الجيد معرفة ما إذا كان القرش المقتول ذكراً أم أنثى، وسليماً أم مريضاً، وما هي ممارسات الصيد في تلك المنطقة، لأن هذا من شأنه أن يفسر الشكل غير المسبوق لمهاجمة سمكة القرش للضحية ووجود السمكة في المياه الضحلة».

وعادة ما تلد إناث قرش النمر في المياه الضحلة، وتختلف فترة الحمل من سمكة لأخرى، لكنها تتراوح عادة بين 12 و16 شهراً، لذلك من الجيد معرفة ما إذا كانت السمكة المسؤولة عن الحادث أنثى أم ذكراً، لأن ذلك قد يفسر سبب وجودها في المياه الضحلة، كما تقول زيلتنر.

وتشير عالمة الأحياء المائية، إلى أنه عندما يكون القرش ضعيفاً أو مريضاً، يكون غير قادر على الإمساك بفريسته العادية، لذلك فهو يبحث عن طعام «سهل» مثل فضلات الطعام وعن طريق الخطأ أيضاً الإنسان الذي يتناثر على السطح أثناء السباحة.

وعادة، تتناثر الفريسة الضعيفة أو المصابة أيضاً على السطح، وهذا يعني بالنسبة لسمك قرش النمر، أنها فريسة «سهلة» للإمساك بها، لذلك فإن تحديد الحالة الصحية للقرش مهم أيضاً، كما تؤكد زيلتنر.

وتضيف أن ممارسات الصيد مهمة أيضاً في التفسير، لأنه «إذا لم يكن هناك ما يكفي من الغذاء (بسبب الصيد الجائر أو تغير المناخ)، فإن سمكة القرش تبحث أيضاً عن أماكن أخرى لديها طعام للبقاء على قيد الحياة».

جانب من رحلات غوص العالمة السويسرية

يصطاد قرش النمر بشكل رئيسي أسماك القرش الأخرى، والسلاحف، والطيور، والطربون، والأسماك الصغيرة، والأخطبوطات، والحبار، والقشريات.

وتلفت عالمة الأحياء المائية إلى نقطة أخرى تتعلق بممارسات الصيد، وهي أنه «إذا كانت هناك شباك الصيد بالقرب من الشعاب المرجانية والساحل، فيمكنها أيضاً جذب كبار الحيوانات المفترسة مثل أسماك القرش والدلافين».

وتقول: «أنا أراقب بانتظام الدلافين بالقرب من شاطئ الغردقة وهي تحاول اصطياد الأسماك من شباك الصيد، ومن الوارد أن أسماك القرش تفعل ذلك».

وتضيف أن «هناك حظراً لصيد الأسماك في الوقت الحالي، ولكن رغم ذلك لا تزال شباك الصيد بالقرب من الشاطئ موجودة».

ويقوم خبراء من وزارة البيئة حالياً بإجراء دراسات على السمكة بعد اصطيادها لمعرفة الأسباب المحتملة للهجوم، وتتمنى زيلتنر أن يقود الفحص لإجابات على الأسئلة.

وتؤكد زيلتنر على أنه ينبغي أن تؤخذ دراسة سلوك أسماك القرش على محمل الجلد، مضيفة أنه «للأسف، لا أحد يراقب أسماك القرش على مر السنين ويدرس بشكل منهجي سلوكها وتوزيعها ووفرتها في البحر الأحمر، فنحن بحاجة لفهم الصورة كاملة، وهل النظام البيئي لا يزال في حالة توازن وفي حالة صحية (على سبيل المثال، هل تأثر بمشكلة الصيد الجائر؟) وهل هناك علاقة بين وفرة أسماك القرش وتأثير الإنسان على مر السنين؟ (على سبيل المثال، إسقاط الحيوانات النافقة في الماء قبل موسم عيد الأضحى، وإلقاء فضلات الطعام وما إلى ذلك)، فهذه الأسئلة وغيرها تحتاج إلى إجابة من منظور علمي».

وحادث الخميس الماضي هو الثامن خلال 13 عاماً، حيث سبقه حادث بمنطقة سهل حشيش بالغردقة في يوليو (تموز) من عام 2022، وقبله كان هناك حادث عام 2018 في شواطئ مدينة مرسى علم وتوفي فيه سائح تشيكي، وفي 2015، قُتل سائح ألماني خمسيني بعدما هاجمته سمكة قرش، حين كان يسبح خلال رحلة بحرية في مدينة القصير السياحية جنوب شرقي البلاد، وشهدت مدينة شرم الشيخ في أواخر عام 2010، مقتل سائحة ألمانية سبعينية، كما أصيب في العام نفسه 4 سياح روس بجروح بالغة في 3 هجمات لأسماك القرش.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.