كيف تنظر قوى شمال شرقي سوريا إلى الانفتاح العربي على دمشق؟

(تحليل سياسي)

مقاتل كردي في القامشلي (غيتي)
مقاتل كردي في القامشلي (غيتي)
TT

كيف تنظر قوى شمال شرقي سوريا إلى الانفتاح العربي على دمشق؟

مقاتل كردي في القامشلي (غيتي)
مقاتل كردي في القامشلي (غيتي)

تكاد مواقف الأحزاب والجهات السياسية الموجودة في شمال شرقي سوريا (شرقي الفرات) تكون واحدة تجاه الدور العربي، آملةً أن يسهم الانفتاح العربي على النظام السوري في دمشق في التوصل إلى حل للأزمة المستمرة منذ 2011.

ويقول حزب «الاتحاد الديمقراطي» إن الدول العربية تستطيع القيام بدور مهم وفاعل لحل الأزمة السورية والحد من تداعياتها الإنسانية المقلقة، بما يتوافق مع القرار الأممي الدولي 2254، في وقت رأى «المجلس الوطني الكردي» المعارض أن الانفتاح العربي على سوريا يأتي في إطار إعادة العلاقات الدبلوماسية بين هذه الدول، في حين رحب «الحزب التقدمي الكردي» بهذه التحركات العربية لإعادة سوريا إلى محيطها العربي على أن تكون مدخلاً لإطلاق عملية سياسية شاملة تُنهي معاناة السوريين.

وقال سيهانوك ديبو، الرئيس المشترك لمكتب العلاقات العامة لحزب «الاتحاد الديمقراطي»، أبرز الجهات السياسية التي تدير «الإدارة الذاتية لشمال شرقي» سوريا، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنهم مع كل علاقة طبيعية ومتوازنة بين سوريا ودول محيطها الإقليمي والعربي بشكل خاص، «فعزل سوريا عن محيطها العربي فتح الطريق أمام مشاريع خارجية هددت أمن واستقرار المنطقة، كالتدخل التركي واحتلاله مدن وبلدات شمال غربي البلاد»، مضيفاً أن الانفتاح العربي على دمشق سيقطع الطريق أمام هذه التدخلات الإقليمية، ليزيد: «الإدارة الذاتية وقواتها قاومت هذه المخططات وأفشلتها ومنعت تقسيم سوريا»، على حد تعبيره.

مبادرة سياسية

وتبنّت الإدارة الذاتية نهاية الشهر الماضي مبادرة سياسية تهدف إلى حل سلمي ديمقراطي للأزمة السورية، تضمنت وحدة الأراضي وإقامة نظام سياسي لامركزي اجتماعي جديد في عموم البلاد، وأبدت استعدادها لإجراء لقاءات مباشرة مع الحكومة السورية وجميع الأطراف المعارضة لإيجاد حل شامل للأزمة الدائرة منذ عام 2011.وعن توقيت المبادرة، ذكر ديبو في حديثه أن الدول العربية بإمكانها القيام بدور مهم وفاعل في حل الأزمة السورية، «للحد من تداعيات الأزمة الإنسانية المقلقة ومنع تسييسها وانعكاساتها الأمنية على المنطقة برمّتها بما يتوافق مع القرار الأممي الدولي 2254»، مشيراً إلى أن «قوات سوريا الديمقراطية»، الجناح العسكري للإدارة، «قامت بدور وطني في حماية مكونات شعوب سوريا ضد هجمات (داعش)، ودافعت عن سيادة البلاد».

دوريات روسية وتركية في شمال شرق سوريا (أ.ف.ب)

وشدد على أن هذا النموذج «أفضل صيغة وترجمة فعلية للقرار الأممي 2254، والانتقال إلى سوريا تتسع لجميع أبنائها»، حسب ديبو.وكشف عن أن قادة الإدارة وبعد إعلان مبادرتهم منتصف الشهر الماضي خاطبوا جميع الدول العربية ورئاسة الجامعة لعقد لقاءات لشرح المبادرة والتوسط لحل النزاع السوري، وأخبر ديبو: «ستكون بالخطوة البنّاءة في حال فتح الطريق لممثلي الإدارة، وأُتيحت لهم الفرصة لزيارة عواصم القرار العربي، ولقاء رئاسة الجامعة العربية»، وأن الإدارة الذاتية جزء مهم من الحل السوري «فمن الخطأ تغييبها من أي عملية سياسية تسعى لإنقاذ سوريا من شبح التقسيم».

انفتاح مقابل حل

بدوره، يطالب قادة «المجلس الوطني الكردي» المعارض الممثَّل في «هيئة التفاوض السورية» المعارضة التي شاركت في اجتماعات جنيف برعاية أممية على مدار سنوات؛ بأن يكون الانفتاح العربي على دمشق مقابل حل سياسي للأزمة السورية على أساس القرارات الدولية وتطبيق القرار 2254، وأن أي تقارب مع النظام الحاكم لا يستند إلى هذا القرار لن يفيد الشعب السوري.

أيمن صفدي وزير خارجية الأردن في لقاء مع فيصل مقداد وزير الخارجية السوري (رويترز)

وقال محمد إسماعيل، المسؤول الإداري للمكتب السياسي في «الحزب الديمقراطي الكردستاني» وعضو الهيئة الرئاسية للمجلس «الكردي»، في لقاء تلفزيوني لشبكة «روداوو» الكردية، إن التقارب بين دول عربية وسوريا وإمكانية عودة دمشق لمقعدها بالجامعة العربية، «يدخل في إطار إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الدول، ولا علاقة له بإيجاد حل سياسي في سوريا، لأن حل الأزمة السورية مسألة دولية أكبر من عودة سوريا لمقعدها بالجامعة العربية»، مشيراً إلى أهمية تطبيق القرار الدولي 2254، «لأنه الأنسب لأي حل سياسي شامل، لضمانه حقوق كل الأطراف، أما الحلول الجزئية فلن تعود بالفائدة على الشعب الكردي».في حين رحب أحمد سليمان، عضو الهيئة الإدارية للمكتب السياسي بالحزب «الديمقراطي التقدمي الكردي»، بالانفتاح الذي تُبديه الدول العربية لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وإعادة العلاقات الدبلوماسية بينها وبين محيطها العربي، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن هذه التحركات «شكل إيجابي سينعكس على حياة المواطنين السوريين من جهة، وسيكون مدخلاً لإطلاق العملية السياسية في سوريا لإنهاء معاناة السوريين من جهة ثانية»، داعياً الحكومة السورية بالمبادرة من جهتها إلى طرح مشروع رؤية للحل السياسي في سوريا، «عبر إطلاق حوار وطني سوري – سوري يشارك فيه ممثلو جميع المكونات السورية».

المصالحة التركية

وشدّد السياسي الكردي على ضرورة التوافق بين القوى الرئيسية الفاعلة في المشهد السوري، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية، وقال: «من دون توافقها سيكون من الصعب الوصول إلى حل سياسي مستدام للأزمة السورية». وأكد أن المساعي الروسية لتطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا يجب أن تقوم على ثلاثة أسس: «بناء علاقات حسن الجوار، واحترام سيادة سوريا، وانسحاب القوات التركية والفصائل الموالية لها من كامل الأراضي السورية». وختم حديثه قائلاً: «يجب ألا تكون هذه المصالحة على حساب أي مكون من مكونات الشعب السوري، لا سيما المكون الكردي».



أنماط دعاية لحزب مصري جديد تثير اهتماماً وانتقادات

المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)
المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)
TT

أنماط دعاية لحزب مصري جديد تثير اهتماماً وانتقادات

المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)
المئات من أنصار «الجبهة الوطنية» في طوابير لتحرير توكيلات تأييد (صفحة الحزب على فيسبوك)

استطاع حزب «الجبهة الوطنية» الوليد في مصر، أن يلفت الانتباه سريعاً، بسبب دعاية غير تقليدية صاحبت الإعلان عنه، ووُصفت بـ«المثيرة للجدل»، بينها مواكب لسيارات دفع رباعي سوداء تجوب القاهرة ترفع رايات الحزب، فضلاً عن حشود مؤيدين أمام مكاتب «الشهر العقاري» بالمحافظات لتسجيل توكيلات، تمهيداً لتقديم الحزب أوراق تأسيسه.

ويشترط تأسيس حزب جديد التقدم بإخطار للجنة شؤون الأحزاب، يكون مصحوباً بتوكيلات من 5 آلاف عضو من المؤسسين حداً أدنى، على أن يكونوا من 10 محافظات على الأقل، بما لا يقل عن 300 عضو من كل محافظة.

ولا يجد الحزب، الذي أعلن عن نفسه بمؤتمر ضخم في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بفندق «الماسة» في العاصمة الإدارية، صعوبة في جمع التوكيلات، بل إن عضو الهيئة التأسيسية للحزب، ووزير الزراعة السابق، السيد قصير، قال في تصريحات تلفزيونية، قبل أيام، إن ما لديهم من توكيلات «يفوق بأضعاف ما يحتاج إليه الحزب للتأسيس».

ورغم ذلك، لا تزال السيارات التي تحمل شعار الحزب، تجوب الشوارع إلى اليوم، ملتفاً حولها المئات، ممن حرروا توكيلات للحزب أو ينتظرون توقيعها.

وتداول نشطاء عبر «السوشيال ميديا» صوراً لسيارات «دفع رباعي»، قالو إنها تجوب القاهرة، داعية المواطنين إلى الانضمام للحزب، وانتقد البعض ما عَدُّوه «مبالغة لا تتناسب» مع الطبيعة الجغرافية للعاصمة، حيث توجد هذه السيارات بكثرة في المناطق الصحراوية الوعرة مثل محافظة شمال سيناء.

وربط البعض بين هذه السيارات ورجل الأعمال المصري إبراهيم العرجاني الذي يوجد نجله ضمن الهيئة المؤسِّسة للحزب.

ولم ينفِ الحزب على لسان وكيل مؤسسيه وزير الإسكان السابق عاصم الجزار، دعمه من قِبل العرجاني وغيره من رجال الأعمال، وذلك «لرد الجميل في صورة عمل مجتمعي». وأضاف الجزار خلال تصريحات إعلامية: «قولنالهم لا هنوزع كراتين ولا بطاطين، إحنا عايزين نعلم الناس إزاي يصطادوا ومنديلهمش سمكة».

وعَدَّ نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور عمرو هاشم ربيع، مشهد خروج حزب «الجبهة الوطنية» الجديد «مفتعلاً، ولا يعبِّر عن حراك حقيقي في الحياة الحزبية في مصر»، بل يراه «إعادة استنساخ لتجربة حزب (مستقبل وطن)» صاحب الأغلبية البرلمانية حالياً والموالي للسلطة.

وانتقد ربيع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الدعم الرسمي الكبير للحزب، والذي يظهر في «فتح القاعات الكبرى له، وتعليق دعايته على جدران المؤسسات الرسمية»، مؤكداً أن ذلك سيفضي إلى «نتائج عكسية، ويعكس غياب النزاهة والشفافية».

سيارة تابعة للحزب من أجل جمع التوكيلات (صفحة الحزب - فيسبوك)

وربط ربيع بين تجربة الحزب الجديد وتجربة «الاتحاد الاشتراكي» في ستينات القرن الماضي، والذي أسسه النظام الناصري ليضم فئات مختلفة من الفلاحين والعمال والمثقفين والرأسمالية الوطنية، بغرض دعم مصطلحات يصفها بـ«المائعة» مثل: دعم القيادة السياسية، والاصطفاف والتوحد خلف الدولة المصرية، وغيرها من المصطلحات التي تعني الحشد والتعبئة، مؤكداً أن «ذلك لا يمثِّل بديلًا للحاجة الملحة لوجود حياة سياسية حقيقية، وفتح المجال العام في مصر».

وكان وكيل مؤسسي الحزب قال في تصريحات عدة إن الحزب سيضم كل أطياف المجتمع المصري، وإنه لا يسعى للموالاة ولا المعارضة، ولا يسعى إلى الحكم، وإنما هدفه «تحسين الحياة السياسية».

لكن النائبة فريدة الشوباشي، وهي عضوة الهيئة التأسيسية للحزب، انتقدت الهجوم عليه دون حتى انتظار لرؤية ما سيحققه على الأرض، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «ما جذبني للحزب أنه حزب لجميع المصريين كما خرج شعاره، مؤكدة أنها لمست بنفسها حماساً جماهيرياً كبيراً واستبشاراً بالحزب خلال جولة لها في محافظة المنصورة (دلتا النيل)».

وأضافت: «لا أحد يستطيع أن يمنع الانتقادات، لكن من يدّعي أن الحزب يحشد هؤلاء الجماهير، فعليه أن يُثبت كلامه»، مشيرةً إلى أنها عادةً ما تتجاهل مثل هذه الآراء التي تهدف إلى «الهدم وليس البناء».

من جانبه، انتقد أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة الدكتور حسن عماد مكاوي، مشهد «الدعاية المبالغ فيه لحزب (الجبهة الوطنية) الجديد»، مرجعاً ذلك إلى أن «كثيراً من الأحزاب السياسية في مصر ليس لها دور، وهي عبارة عن فقاعات تطفو على السطح، وسرعان ما تختفي، كونها مصطنعة، وليست نابعة من الشارع».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن المواطنين عادةً ما يتجاهلون هذا النوع من الدعاية، ويقابلونه بحالة من «اللامبالاة»، على حد وصفه.

وبينما تتواصل الانتقادات، يستمر الحزب في دعايته، من ضمنها جلسة مع عدد من السيدات في محافظة الجيزة للتعريف بالحزب، قائلًا في بيان عبر صفحته على «فيسبوك»، الأحد، إن اللقاء «ضمن استراتيجية للتفاعل المباشر مع المواطنين في مختلف محافظات الجمهورية، والاستماع لمقترحاتهم وتطلعاتهم، تفعيلاً لمبدأ الشفافية، وتعزيز المشاركة المجتمعية وتبادل الأفكار والرؤى بهدف إعلاء المصلحة العليا للوطن والمواطن».

لقاء جماهيري لحزب الجبهة الوطنية في الجيزة (صفحة الحزب على فيسبوك)

ويرى عضو هيئة المؤسِّسين بالحزب محمد مصطفى شردي، أن الحزب لم يحرك أي جمهور أو مظاهرة سياسية لدعمه، معلقاً: «لا تعتبوا على حزب لم يبدأ نشاطه السياسي بعد». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، ما حدث أن «قيادات سياسية كبيرة وبالبرلمان أعلنوا في دوائرهم تأييدهم الحزب الجديد، فهبَّ مؤيدوهم إلى تحرير توكيلات، لإظهار الترحيب».