التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، نظيره الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ الذي يقوم بزيارة هي الأولى لمصر، ركزت على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ودفع التعاون المشتركة في مجالات متعددة، كما تطرقت إلى قضايا إقليمية من بينها الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية.
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، إن الرئيس السيسي شدد على «أهمية مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة في جميع المجالات وبالأخص المجالات الاقتصادية والاستثمارية والثقافية، وكذلك في مجال التعليم»، مشيداً بـ«التجربة التنموية الكورية».
وأعرب السيسي عن تطلع مصر لزيادة حجم أعمال الشركات الكورية واستثماراتها في مختلف القطاعات ذات الأولوية، خاصة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وصناعة السيارات، وبناء السفن، والذكاء الاصطناعي، والبتروكيماويات والتعدين، مع التركيز على توطين هذه الصناعات داخل مصر، وفقاً لبيان صادر عن المتحدث الرئاسي.
وبحسب البيان المصري، أكد الرئيس لي جاي ميونغ «حرص بلاده على تطوير التعاون مع مصر في جميع المجالات، سواء على مستوى العلاقات الحكومية التنموية أو من خلال نشاط الشركات الكورية في السوق المصرية»، كما أشاد بالإنجازات التي حققتها مصر خلال العقد الأخير، التي كان آخرها افتتاح المتحف المصري الكبير.
وهذه أول زيارة يقوم بها الرئيس الكوري إلى مصر منذ توليه منصبه في يونيو (حزيران) الماضي، وتتزامن مع احتفال البلدين بمرور 30 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وفقاً للرئاسة المصرية. وبدأت الزيارة مساء الأربعاء ومن المقرر أن تستمر إلى الجمعة، وفقاً لما أكدته «وكالة الأنباء الكورية».

واتفق الجانبان خلال الزيارة على «اتخاذ خطوات تنفيذية، لتدشين المزيد من أوجه التعاون في مجالات مختلفة؛ تشمل الذكاء الاصطناعي والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتشجيع قطاع الأعمال الكوري على تدشين مصانع لإنتاج البتروكيماويات، والاستفادة من القدرات التكنولوجية لجمهورية كوريا في هذا المجال، خاصة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس».
وتناولت المحادثات أيضاً مقترح إنشاء جامعة كورية متخصصة في العلوم والتكنولوجيا بمصر، بالإضافة إلى دراسة إمكانية إنشاء مدارس كورية، بهدف نقل التجربة التعليمية وتبادل الخبرات. ووقّع الجانبان مذكرتي تفاهم في مجال الثقافة والتعليم، بحسب الرئاسة المصرية.
القضايا الإقليمية
وتطرقت المحادثات بين الرئيسين أيضاً إلى القضايا الإقليمية محلّ الاهتمام المشترك، واستعرض السيسي جهود مصر الرامية لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وقرار مجلس الأمن ذي الصلة، مؤكداً موقف مصر الثابت القائم على حل الدولتين بوصفه سبيلاً وحيداً لتحقيق السلام الدائم والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
كما استعرض الرئيس الكوري موقف بلاده إزاء التطورات في شبه الجزيرة الكورية وشرق آسيا، وأكد «الحفاظ على علاقات متوازنة وتعاونية مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية».
وتبادل الرئيسان وجهات النظر بشأن الأوضاع في عدد من بلدان المنطقة، وأكدا ضرورة الحفاظ على وحدة وسيادة الدول والتوصل إلى تسوية سياسية شاملة لأزماتها والحفاظ على مقدرات شعوبها.

وفي رأي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، جمال بيومي، تكمن أهمية الزيارة في كونها تعزز التعاون المشترك بين البلدين بعد عقود من تدشين العلاقات الدبلوماسية.
وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن مصر «تهدف إلى جذب دول أقصى الشرق وفي مقدمتها كوريا الجنوبية والصين واليابان للاستثمار والاستفادة من الفرص المطروحة في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التي تسهل مهمة وصول صناعات هذه الدول إلى أوروبا، وهو ما تركز عليه تحديداً هذه الزيارة».
وتتمحور العلاقات الاقتصادية بين مصر وكوريا الجنوبية حول شراكة استراتيجية متنامية، مدعومة بحجم تبادل تجاري يقارب ثلاثة مليارات دولار سنوياً، واستثمارات كورية مباشرة تقدر بنحو مليار دولار في قطاعات مختلفة، منها النقل والطاقة والإلكترونيات والنسيج، وفقاً لإحصاءات حكومية مصرية.
ملف حظر انتشار أسلحة الدمار
الباحثة في العلاقات الدولية، إيمان زهران، أشارت إلى أن الزيارة تعكس العديد من الرسائل التي تحمل أبعاداً جيوسياسية أمنية، وأخرى اقتصادية تنموية، «خاصة مع تطابق رؤية كوريا الجنوبية مع التصورات المصرية حول هيكلة أطر السلام العادل والشامل بالمنطقة».
وأضافت في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط» أن الوساطة المصرية بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية «عززت مكانة القاهرة بوصفها وسيطاً إقليمياً ودولياً قادراً على التعامل مع ملفات متعددة الأبعاد وشديدة التعقيد وحساسة، ومنها ملف حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل، ومن ثم تُدرك القيادة الكورية الجنوبية مركزية التموضع المصري كقوة إقليمية فاعلة بكل الملفات الصراعية والتعاونية أيضاً».
وكان وزير الخارجية الكوري الجنوبي، تشو هيون، قد قال الثلاثاء، إن إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة النووية «ضرورة حتمية لا ينبغي التخلي عنها أبداً»، وأكد التزام بلاده بضمان ألا تصبح شبه الجزيرة نقطة الاشتعال لصراع مسلح، حسبما أفادت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء.




