الجزائر تتحدى فرنسا بشأن تسريبات عن تجميد أصول مسؤولين

أشارت إلى احتمال منعهم من الوصول إلى عقاراتهم وممتلكاتهم الأخرى

مصافحة قوية بين الرئيسين الجزائري والفرنسي قبل توتر العلاقات بين البلدين (أ.ف.ب)
مصافحة قوية بين الرئيسين الجزائري والفرنسي قبل توتر العلاقات بين البلدين (أ.ف.ب)
TT

الجزائر تتحدى فرنسا بشأن تسريبات عن تجميد أصول مسؤولين

مصافحة قوية بين الرئيسين الجزائري والفرنسي قبل توتر العلاقات بين البلدين (أ.ف.ب)
مصافحة قوية بين الرئيسين الجزائري والفرنسي قبل توتر العلاقات بين البلدين (أ.ف.ب)

اتهم تقرير لوكالة الأنباء الجزائرية ما سماه «الدوائر الفرنسية» بـ«مواصلة تسيير العلاقات الثنائية مع الجزائر، عبر تسريبات منظمة بمنتهى الارتجال وسوء الحنكة، دون إظهار أدنى ما يقتضيه المقام من تدارك وتصحيح للمسار».

وقال التقرير الذي نُشر مساء الخميس، ونقلت وكالة الأنباء الألمانية مقتطفات منه: «بالأمس جاء الدور على صحيفة (ليكسبريس) لتنقل عن مصادرها أن السلطات الفرنسية قد تكون بصدد التحضير لقرار يقضي بتجميد أصول مسؤولين جزائريين، رداً على رفض الجزائر استقبال رعاياها الصادر بحقهم أوامر بمغادرة الأراضي الفرنسية».

البرلمان الفرنسي خلال تصويته ضد إلغاء اتفاق الهجرة الجزائري - الفرنسي (صورة أرشيفية لجلسة عامة بالجمعية الوطنية)

وأوضح المصدر ذاته أن هذه التسريبات تشير أيضاً إلى العمل على «تجميد ممتلكات مسؤولين جزائريين في فرنسا، من خلال منعهم من الوصول إلى عقاراتهم وممتلكاتهم الأخرى». مبرزاً أن فرنسا «لم تنحدر في تسيير علاقتها مع الجزائر يوماً إلى هذا الدرك السحيق، ولم يسبق لها أن لامست هذا الحد من الهواية والارتجال، ولم تبلغ قط من قبل هذه القمة في انعدام الجدية، ومرة أخرى تحمل كل هذه الممارسات بصمة مميزة لمسؤولين فرنسيين، لا يجدون في الجزائر سوى الزاد لمسيرتهم السياسية».

ونقلت صحيفة «ليكسبريس» الفرنسية عن مصادر رسمية خبراً، مفاده أنّ وزارتي الاقتصاد والداخلية تدرسان فرض عقوبات مالية على 20 من كبار الشخصيات، الذين يمتلكون ممتلكات أو مصالح مالية في فرنسا، وذلك في حال حدوث تصعيد جديد في التوتر بين البلدين.

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الخارجية الفرنسي 6 مارس الماضي (الرئاسة الجزائرية)

ووفق الصحيفة ذاتها، فإنّ الشخصيات المعنية بهذا الإجراء تشغل مناصبَ رئيسةً في الإدارة والأمن والسياسة الجزائرية.

وأضافت وكالة الأنباء الجزائرية موضحة: «في هذه القضية بالذات تقول الجزائر، شعباً وحكومة ومؤسسات، لهؤلاء: (تفضلوا ونفّذوا ما تتحدثون عنه!)».

وتابعت الوكالة بنبرة حادة: «هؤلاء الذين يقفون وراء حقيقة هذه التهديدات، التي لا يمكن أن تثير من جانب الجزائر سوى الازدراء واللامبالاة، عليهم أن يدركوا الحقيقة: حقيقة أنهم لا يخاطبون الجزائر الحقيقية، بل جزائر أخرى لا توجد إلا في مخيلتهم، أي تلك الجزائر التي لا يستطيعون وصفها إلا بمصطلحات مثل (النظام)، و(السلطة)، و(كبار النافذين)، أو (النخبة الحاكمة)».

كما شدّدت الوكالة على أن الجزائر الواقعية والحقيقية «هي تلك التي طالبت فرنسا مراراً بتفعيل آليات التعاون القضائي في قضايا (الممتلكات المكتسبة بطرق غير مشروعة)»، وهي التي «أرسلت عبر القنوات الرسمية 51 إنابة قضائية دولية لم تتلقَ أي رد بشأنها، إلى جانب مطالبات بتسليم مطلوبين في قضايا فساد ونهب أموال عمومية، دون أن تحظى بأي تجاوب يُذكر».

وختمت الوكالة الرسمية الجزائرية بيانها بالقول إن السلطات الفرنسية المعنية، «تضع نفسها بهذا التقصير المتكرر موضع المتواطئ» في هذه الممارسات الخارجة عن القانون، مضيفة: «وإن كان الأمر يتعلق بتنظيف إسطبلات أوجياس، فلتبدأ فرنسا بتنظيف إسطبلاتها أولاً، لعلّها تستعيد شيئاً من المصداقية والجدية، وهي أحوج ما تكون إليهما في هذا الظرف بالذات».

يذكر أن العلاقات الجزائرية - الفرنسية تشهد منذ نهاية يوليو (تموز) الماضي تصعيداً لم يسبق له مثيل، نجم عنه سحب البلدين لسفيريهما، وتبادل طرد المساعدين القنصليين، وتعليق التعاون الثنائي في أغلب القطاعات.



«الوحدة» الليبية تطلق استراتيجية لمكافحة الفساد وسط «شكوك» في جدّيتها

قادربوه رئيس هيئة الرقابة الإدارية خلال بحث مستجدات طباعة الكتاب المدرسي (هيئة الرقابة الإدارية)
قادربوه رئيس هيئة الرقابة الإدارية خلال بحث مستجدات طباعة الكتاب المدرسي (هيئة الرقابة الإدارية)
TT

«الوحدة» الليبية تطلق استراتيجية لمكافحة الفساد وسط «شكوك» في جدّيتها

قادربوه رئيس هيئة الرقابة الإدارية خلال بحث مستجدات طباعة الكتاب المدرسي (هيئة الرقابة الإدارية)
قادربوه رئيس هيئة الرقابة الإدارية خلال بحث مستجدات طباعة الكتاب المدرسي (هيئة الرقابة الإدارية)

فيما أطلق عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، «استراتيجية وطنية» للرقابة على الأداء ومكافحة الفساد (2030 - 2025)، تصاعدت «الشكوك» في جدية وإمكانية تحقيق ذلك، في ظل القضايا التي تكشف عنها النيابة العامة من حين لآخر.

وتزداد في ليبيا وتيرة الفساد في ظل إعلان النائب العام، الصديق الصور، بشكل متكرر عن ضبط واعتقال موظفين ومسؤولين حاليين وسابقين بتهم فساد، بينما يتشكك جل الليبيين في إمكانية التصدّي لذلك.

وقالت هيئة الرقابة الإدارية إن رئيسها، عبد الله قادربوه، اعتمد «الاستراتيجية الوطنية» مع الدبيبة، سبق أن وُقعت في 9 ديسمبر (كانون الأول) عام 2024، «بهدف تعزيز الشفافية والنزاهة، ومواكبة المعايير الدولية المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد».

وحلّت ليبيا في المرتبة 170 في مؤشر «مدركات الفساد» لعام 2023، مرتفعة بمرتبة واحدة عن عام 2022، حين جاءت في المرتبة 171 من أصل 180 دولة شملها المؤشر. وسبق أن قال موسى الكوني، النائب بالمجلس الرئاسي الليبي، إن بلاده «أصبحت تتصدر قوائم الفساد في العالم».

ويطال الفساد في ليبيا جل مؤسسات الدولة بشكل كبير، رغم الضربات التي يتلقاها لصوص المال العام، وفي ظل أحاديث الليبيين، التي لا تنقطع عن مافيا تهريب الوقود المدعم إلى خارج البلاد، وبيعه وسط البحر للسفن المارة.

وتشير هيئة الرقابة الإدارية إلى أنه «تنفيذاً للخطة الاستراتيجية التي أُعلِنَ عنها بحضور محليّ ودولي مكثَّف، وبعد أشهر من الإعداد الدقيق، أصدر رئيسها، قراراً يقضي بتشكيل لجنة للإشراف والرقابة على الأداء ومكافحة الفساد والوقاية منه».

وتستهدف الاستراتيجية وفق الهيئة «محاربة الانحرافات في أجهزة الدولة، وتعزيز الشفافية والنزاهة في مؤسسات الدولة كافة، كما أنها تُشكّل جبهة وطنية متكاملة تحظى بدعم لامحدود من الجهات المحلية، وبمشاركة فاعلة من الهيئات الدولية والمنظمات المعنية بمكافحة الفساد عالميا»، وانتهت إلى أن ذلك «سيعزز من فرص نجاحها بشكل غير مسبوق، ويُعظّم أثرها في تحقيق أهدافها».

ودافع مصدر بالنيابة العامة عن جهودها في التصدي للصوص المال العام. وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن النيابة حبست أكثر من وزير في حكومة «الوحدة الوطنية» من بينهم وزير الصحة السابق، علي الزناتي، ونائبه سمير كوكو بالحكومة، احتياطياً على خلفية تورطهما في «قضايا فساد» مالي وإداري، مشيراً إلى أن مكتب النائب العام «لا يتوانى في ضبط وحبس أي مسؤول، أو موظف في الدولة، ما دام ثبت بالأدلة ضلوعه في التطاول على أموال الشعب».

وفي الثامن من مايو (أيار) الماضي، قضت محكمة جنايات طرابلس بسجن 14 موظفاً في وزارة الصحة التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» لاتهامهم بـ«التورط في ارتكاب تجاوزات، تتعلق بمخالفة قواعد التعاقد على تسلّم الدواء المستورد من الخارج».

ويصدر ديوان عام المحاسبة (أكبر جهة رقابية في ليبيا) كل عام تقريراً مُحملاً بقدر هائل من الانتهاكات والتجاوزات، التي يقترفها بعض منتسبي السلطات المحلية في حق المال العام، وسط مطالبة سياسية للنيابة العامة بالتحقيق فيما يتضمنه من وقائع، وإخضاع من يثبت تورطه للعدالة.

ويأتي قرار إطلاق الاستراتيجية، بحسب هيئة الرقابة الإدارية، «امتثالاً لمطالب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، واستكمالاً لقراري رئيس الهيئة رقمي (921 - 888) لسنة 2024 بشأن تشكيل لجنة لإعداد الخطة الاستراتيجية الوطنية للرقابة على الأداء، ومكافحة الفساد والوقاية منه».

وتهدف اللجنة إلى ضمان التنفيذ الفعّال للاستراتيجية، الرامية إلى تعزيز الرقابة على أداء المؤسسات الحكومية، وترسيخ آليات الوقاية من الفساد ومكافحته، بما يحقق مصلحة العمل، ويرسخ الشفافية.