بينما أكّد برلمانيون وسياسيون ليبيون رفضهم الأحاديث بشأن خطة تعمل عليها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لنقل نحو مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى ليبيا بشكل دائم، تجاهلت حكومتا «الوحدة» و«الاستقرار» في غرب وشرق ليبيا التعليق على هذه التسريبات الإعلامية.
«الشرق الأوسط» حاولت التواصل مع الحكومتين عبر البريد الإلكتروني، لكن لم يتسنَّ الحصول على ردّ، لكن رئيس «لجنة الدفاع والأمن القومي» بمجلس النواب الليبي، طلال الميهوب، وصف الحديث عن تهجير الفلسطينيين إلى ليبيا بأنه «خط أحمر».
وقال الميهوب لـ«الشرق الأوسط» إن «الليبيين رغم ما تمر به بلادهم من عدم استقرار سياسي، فإن القضية الفلسطينية تظل هي رقم واحد في ليبيا، ولذلك نرفض تصفيتها وتهجير أهل غزة».
ووسط زخم المظاهرات المناهضة لحكومة طرابلس، تداولت صفحات تواصل اجتماعي في ليبيا ومغردون على نطاق واسع، ما نقلته «قناة إن بي سي» عن شخصين مطلعين، ومسؤول أميركي سابق، بأن خطة إدارة ترمب هي قيد الدراسة الجدية، لدرجة أن الولايات المتحدة سبق أن ناقشتها مع القيادة الليبية. وحسب المسؤول ذاته، فإن مقابل إعادة توطين مليون فلسطيني في ليبيا هو «إفراج الإدارة الأميركية عن مليارات الدولارات من الأموال، التي جمّدتها واشنطن قبل أكثر من 10 سنوات».
الموقف الليبي الرافض للتسريبات بشأن خطة إدارة ترمب لم يقتصر على مجلس النواب فحسب، حيث صرّح رئيس «اللجنة السياسية بالمجلس الأعلى للدولة»، عبد العزيز حريبة، لـ«الشرق الأوسط» بأن الليبيين «يرفضون تهجير الفلسطينيين، ويرفضون أي حديث عن هذا الأمر».
يشار إلى أن التسريبات بهذا الشأن ليست الأولى منذ وصول إدارة ترمب إلى البيت الأبيض، إذ سبق أن تحدث تقرير إعلامي أميركي في مارس (آذار) الماضي عن «استعداد مزعوم من جانب ليبيا لاستقبال أعداد من اللاجئين الفلسطينيين»، وهو ما نفته حكومة «الوحدة» آنذاك، مشددةً على «موقف ليبيا الثابت والداعم للقضية الفلسطينية، وحقّ الشعب الفلسطيني في العيش بحرية وكرامة على أرضه».
كما رفضت أحزاب سياسية تهجير أهل غزة إلى ليبيا، حيث استبعد نائب رئيس حزب «الشعب الحرّ» الليبي، محمد حسن مخلوف، «محاولة البيت الأبيض فرض خيار تهجير الفلسطينيين على الليبيين». وقال لـ«الشرق الأوسط» بهذا الخصوص إن ليبيا «تعاني من انقسامات سياسية وتوترات عسكرية وأمنية، كما أنها تقع تحت طائلة الفصل السابع الخاص بمجلس الأمن»، وهذا من منظوره «سبب كافٍ لعدم أهليتها لاستقبال نازحين أو مهجرين».
أما الأمين العام لحزب «البلاد» الليبي، الشاوش أنوير، فألمح إلى أن «حديث واشنطن مؤشر يدعو إلى القلق»، مشيراً إلى أن تهجير الفلسطينيين من غزة إلى ليبيا «لن يقبله الشعب الليبي إطلاقاً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الشعب الليبي «يعدّ القضية الفلسطينية قضيته الأولى».
في غضون ذلك، يرى كبير الباحثين بمعهد واشنطن للأبحاث وسياسات الشرق الأدنى، بين فيشمان، أن الحديث عن «تهجير مليون فلسطيني أمرٌ مبالغ فيه».
وإذ يعتقد فيشمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه التسريبات الإعلامية «لا تأخذ في الاعتبار الموقف الليبي بهذا الشأن»، فإنه يرى أيضاً أن تزامنها مع المظاهرات والاشتباكات التي تشهدها طرابلس «مجرد مصادفة».
وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان؛ الأولى الوحدة «المؤقتة»، ويرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس بالغرب الليبي مقراً لها، والثانية هي «الاستقرار» المدعومة من البرلمان و«الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، وتدير المنطقة الشرقية، وبعض مناطق الجنوب، برئاسة أسامة حماد.