بوادر تهدئة في العلاقات بين الجزائر وفرنسا

تبون يتحدث عن تواصله مع ماكرون للمرة الأولى منذ بدء الأزمة

الرئيس الجزائري خلال مقابلته الصحافية ليل السبت - الأحد (وسائل التواصل الاجتماعي)
الرئيس الجزائري خلال مقابلته الصحافية ليل السبت - الأحد (وسائل التواصل الاجتماعي)
TT
20

بوادر تهدئة في العلاقات بين الجزائر وفرنسا

الرئيس الجزائري خلال مقابلته الصحافية ليل السبت - الأحد (وسائل التواصل الاجتماعي)
الرئيس الجزائري خلال مقابلته الصحافية ليل السبت - الأحد (وسائل التواصل الاجتماعي)

دخلت العلاقات بين الجزائر وفرنسا في مرحلة تهدئة إثر تصريحات للرئيس عبد المجيد تبون أكد فيها أنه تواصل مع نظيره الرئيس إيمانويل ماكرون، لتجاوز التوترات التي اندلعت الصيف الماضي بسبب خروج باريس عن حيادها من نزاع الصحراء الغربية، ثم أخذ الخلاف شكل كرة ثلج تسببت في إثارة مشكلات قديمة بين البلدين، أهمها قضية الهجرة ومخلفات الاستعمار.

وبث التلفزيون العمومي الجزائري ليل السبت - الأحد مقابلة صحافية مع الرئيس تبون، تناول فيها التوترات مع فرنسا وقضايا عديدة تخص الوضع الداخلي سياسياً واقتصادياً. وأكد تبون للمرة الأولى منذ بداية الأزمة مع باريس وجود مؤشرات على تجاوزها، بعدما بلغت تصعيداً خطيراً لامس القطيعة الدبلوماسية. وقال: «سأقتصر على كلمات كي لا نغرق في هذا الهرج والمرج والفوضى السياسية السائدة في فرنسا حالياً. نحن نتمسك بشيء واحد، وهو الرئيس إيمانويل ماكرون. نحن نعمل معاً. نعم، كان هناك لحظة من سوء الفهم، لكن يبقى هو رئيس الجمهورية الفرنسية. شخصياً، يجب حل جميع القضايا معه أو مع من ينوبه بشكل صحيح، وهو وزير الخارجية».

ويفهم من تصريح تبون أن الجزائر ترفض التعامل مع وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، الذي يتصدر إدارة الأزمة بين البلدين. وبدا هذا الموقف من الرئيس الفرنسي وقدرته على حل المشكلات بين البلدين، مختلفاً عن تصريحات أدلى بها تبون مطلع فبراير (شباط) الماضي، لصحيفة «لوبينيون» الفرنسية، ذكر فيها أن بلاده «تضيّع الوقت مع السيد ماكرون»، وكان يلمّح إلى أنه بات ضعيفاً أمام رموز اليمين الفرنسي المتطرف الذين هيمنوا على المشهد في الخلاف الثنائي من خلال شن حملات سياسية وإعلامية شديدة ضد الجزائر، خصوصاً في قضية الهجرة غير النظامية، ومارسوا ضغطاً شديداً لإلغاء اتفاق يعود إلى 1968 يسير الهجرة العادية بين البلدين.

الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

«مشكلات مفتعلة»

ووصف الرئيس الجزائري الخلاف مع فرنسا بـ«ملف مثير للجدل تم افتعاله من لا شيء، وقد أصبح في يد شخص كفء للغاية ويحظى بثقتي التامة، وهو وزير الشؤون الخارجية أحمد عطاف»، مؤكداً أن الجزائر وفرنسا «دولتان مستقلتان»، حيث تمثل الجزائر «قوة أفريقية وفرنسا قوة أوروبية، ورئيسان يعملان معاً». ويفهم من كلام تبون أن هناك بداية تواصل بين الرئيسين بخلاف الاعتقاد السائد في الأيام الأخيرة؛ إذ تركت «حرب التصريحات والبيانات» من الجانبين، انطباعاً بأن آفاق العلاقات أصبحت مسدودة وأن التصعيد هو البديل المحتمل، خصوصاً بعد أن رفضت الجزائر قائمة تضم 60 جزائرياً تسلمتها من وزارة الداخلية الفرنسية بغرض تسلّمهم، على أساس أنهم «مصدر خطر على النظام العام في فرنسا».

وزادت «قضية سجن الكاتب الجزائري - الفرنسي بوعلام صنصال» من تفاقم التوتر بين البلدين، خصوصاً بعدما صرح ماكرون أن سجنه «لا يشرف الجزائر». والخميس الماضي، التمست النيابة بمحكمة بالعاصمة سجن الروائي السبعيني 10 سنوات مع التنفيذ، بتهم «المساس بوحدة الوطن وإهانة هيئة نظامية والقيام بممارسات من شأنها الإضرار بالاقتصاد الوطني، وحيازة فيديوهات ومنشورات تهدد الأمن والاستقرار الوطني».

ولدى سؤاله عن زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي ورئيس مجلس الشيوخ جيرارد لارشي إلى الأراضي الصحراوية، منذ أيام، أكد تبون أن بلاده «لا تراها استفزازاً». وكانت وزارة الخارجية الجزائرية احتجّت على زيارة داتي، مشيرة إلى أنها «تعكس ازدراءً واضحاً للقانون الدولي من طرف عضو دائم في مجلس الأمن»، فيما أعلن مجلس الأمة الجزائري قطع علاقته مع مجلس الشيوخ.

وأضاف تبون حول الموضوع نفسه: «نحن لسنا سذّجاً، نعرف أن مسألة الحكم الذاتي (المغربي) كانت فرنسية قبل أن يدافع عنها جيراننا في الغرب. فرنسا لم تُخفِ صداقتها مع المغرب، وهذا لا يزعجنا، على عكس ما يُقال. هناك علاقات عمودية بين فرنسا والمغرب. كانت فرنسا والمغرب على وفاق حتى قبل استقلالنا. خيرٌ لهم وهذا لا يزعج الجزائر. نعلم أن فرنسا كانت دائماً إلى جانب المغرب في قضية الصحراء الغربية. ولكن أن يتم ذلك بطريقة علنية يسبب مشكلة. إنه يزعج الأمم المتحدة والقانون الدولي»، في إشارة إلى إعلان «الإليزيه» في نهاية يوليو (تموز) الماضي، انحيازه للطرح المغربي لحل مشكلة الصحراء، والذي أثار استياء الجزائر فسحبت سفيرها من فرنسا ولم تعده إلى اليوم. ويشار إلى أن انحياز إسبانيا إلى المغرب حول المسألة الصحراوية في 2022، خلّف أزمة كبيرة مع الجزائر التي أوقفت التجارة مع جارتها المتوسطية. وقال تبون في المقابلة الصحافية إن العلاقات بين البلدين قد عادت إلى طبيعتها منذ أشهر.

وتناول تبون في ردوده على الأسئلة «مخاوف» الجالية الجزائرية في فرنسا من التوصيفات السلبية التي تطولها خلال الأزمة الحالية، من اليمين المتطرف ووسائل الإعلام التابعة له، فقال: «أقول لمهاجرينا في فرنسا، نحن هنا بجنبكم. لا أحد يستطيع أن يمسهم... ما داموا يحترمون الدولة وقوانين البلد، فلن يحدث لهم شيء. ثم إن الرئيس ماكرون نفسه قال إنه يحترم من يعيشون هناك بسلام وطمأنينة».

رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري (البرلمان)
رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري (البرلمان)

«قانون لتجريم الاستعمار»

وفي سياق الأزمة بين البلدين، أعلن رئيس «المجلس الشعبي الوطني» إبراهيم بوغالي، الأحد، بالعاصمة، عن تنصيب «لجنة خاصة» لصياغة مقترح «قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر» (1830-1962). وتم إطلاق «اللجنة» في ختام اجتماع لمكتب الغرفة البرلمانية الأولى ترأسه بوغالي، ضم رؤساء الكتل الست. وسيحال النص بعد صياغته من طرف النواب أصحاب المسعى، إلى «اللجنة القانونية» لمراجعته وإدخال تعديلات محتملة عليه، قبل عرضه على جلسة عامة للتصويت.

وجاءت هذه المبادرة في إطار «الرد» على الطيف اليميني الفرنسي الذي أثار ماضي فرنسا الاستعماري في الجزائر خلال الأزمة السياسية الحالية، معتبراً أن وجودها في البلد الشمال أفريقي خلال القرنين الـ19 والـ20 «لم يكن تراجيدياً كما يصوره البعض». وقالت مارين لوبين زعيمة كتلة نواب «التجمع الوطني» البرلمان، إن فرنسا «قدمت للجزائر اقتصادياً ومن حيث البنية التحتية، رأس مال كان يجب أن يمكّنها من التطور وأن تصبح مثل النرويج في المغرب العربي».



حديث لمسؤول مصري مع مرضى يُثير انتقادات

وزير الصحة خلال حديثه مع المرضى في المستشفى (وزارة الصحة)
وزير الصحة خلال حديثه مع المرضى في المستشفى (وزارة الصحة)
TT
20

حديث لمسؤول مصري مع مرضى يُثير انتقادات

وزير الصحة خلال حديثه مع المرضى في المستشفى (وزارة الصحة)
وزير الصحة خلال حديثه مع المرضى في المستشفى (وزارة الصحة)

أثار حديث نائب رئيس الوزراء المصري وزير الصحة، خالد عبد الغفار، مع مرضى، خلال زيارته مستشفى حكومياً في مركز «العدوة» بمحافظة المنيا (صعيد مصر) انتقادات واسعة على «السوشيال ميديا»، السبت.

وأظهر مقطع فيديو متداول لوزير الصحة وعدد من المسؤولين خلال تفقد «وحدة الغسيل الكلوي» بمبنى المستشفى المنشأ حديثاً، السبت، شكوى عدد من المرضى من طول فترة الانتظار اليومي، وعدم معاملتهم بـ«طريقة لائقة»، في وقت رد فيه الوزير على شكوى المرضى، بقوله: «عليكم تقديم الشكر للدولة على بناء المبنى وتجهيزه بدلاً من الانتقاد»، قبل أن ينهي حديثه مع المرضى من دون الاستماع لباقي المشاكل ويغادر المستشفى.

ولاقى مقطع الفيديو رواجاً عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي، وسط انتقادات للوزير.

وبينما طالب البعض الوزير بالاعتذار عن تصريحاته مع «التأكيد على أن دور الحكومة مرتبط بخدمة الشعب، وأن ما يفعله المسؤول الرسمي هو من صميم مهام وظيفته». عد آخرون أن المشكلة تكمن في طريقة حديث الوزير مع المواطنين البسطاء والتعامل مع الموقف بصفته «سجالاً سياسياً».

لكن فريقاً ثالثاً رأى أن ما حدث لم يكن به مشكلة من الأساس، وأن الوزير المصري استمع لشكاوى المواطنين بشكل كافٍ.

كما دافع فريق رابع عن المسؤول المصري، مؤكدين تحركه لحل مشكلة المرضى بعد الاستماع إليها خلال الزيارة.

في سياق ذلك، شرح بعض المغردين جانباً من معاناة المرضى الذين يترددون على المستشفى للعلاج، مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعياً للخضوع لجلسات الغسل الكلوي.

وزير الصحة خلال جولته بـ«وحدة الغسيل الكلوي» بالمستشفى (وزارة الصحة)
وزير الصحة خلال جولته بـ«وحدة الغسيل الكلوي» بالمستشفى (وزارة الصحة)

وبحسب بيان وزارة الصحة، عقب تداول الفيديو، فإن الوزير استجاب لشكاوى المرضى التي تمحورت حول طول مدة الانتظار خلال جلسة الغسل الكلوي، فضلاً عن وجود عجز في أعداد الفرق التمريضية بالمستشفى.

ووجَّه الوزير بمضاعفة أعداد التمريض في «وحدة الغسيل الكلوي»، والعمل على خفض فترة انتظار المرضى لتلقي الجلسات.

عضو «لجنة الصحة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، إيرين سعيد، انتقدت رد فعل الوزير خلال الجولة، ووصفت رده بـ«غير الدبلوماسي»، حيث لم يمنح المريض فرصة عرض شكواه ليتم فحصها والتأكد منها.

وأكدت لـ«الشرق الأوسط» ضرورة أن يكون لدى أي مسؤول القدرة على التعامل مع المواطنين والمرضى وفهم مشاكلهم والعمل على حلها، وهو ما لم يحدث في هذه الواقعة.

المسؤول المصري زار المستشفى خلال جولة تفقدية (وزارة الصحة)
المسؤول المصري زار المستشفى خلال جولة تفقدية (وزارة الصحة)

لكن عضو مجلس النواب، سعودي عبد الرحمن، الذي رافق وزير الصحة في الجولة، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الموقف لم يتجاوز المداعبة بين الوزير والمواطنين، ووزير الصحة حرص بعد استماعه لشكوى المرضى على مراجعة الأعداد الموجودة من التمريض والأطباء بالمستشفى لبيان ما إذ كان هناك عجز أم لا، وسبب طول فترة الانتظار في «وحدة الغسيل الكلوي».

وأكد عبد الرحمن أن وزير الصحة طلب الاطلاع بشكل يومي وبتقارير مصورة عما يستجد بـ«وحدة الغسيل الكلوي» وتقليل فترات الانتظار للمرضى للحد الأدنى، عادَّاً أن الأمر جرى تضخيمه بصورة مغايرة لما حدث، خصوصاً أن المبنى الجديد بالمستشفى «لا يزال في إطار العمل التجريبي».