البرلمان الجزائري يقيد نشر النواب «معلومات سرية»

تعديلات تقترح منع تداول بعض إجابات الوزراء مع العالم الخارجي

المجلس الشعبي الوطني الجزائري خلال جلسة لمساءلة الحكومة مطلع عام 2023 (البرلمان)
المجلس الشعبي الوطني الجزائري خلال جلسة لمساءلة الحكومة مطلع عام 2023 (البرلمان)
TT
20

البرلمان الجزائري يقيد نشر النواب «معلومات سرية»

المجلس الشعبي الوطني الجزائري خلال جلسة لمساءلة الحكومة مطلع عام 2023 (البرلمان)
المجلس الشعبي الوطني الجزائري خلال جلسة لمساءلة الحكومة مطلع عام 2023 (البرلمان)

أعلن «المجلس الشعبي الوطني» الجزائري، الأحد، عن تعديلات اقترحتها «لجنة الشؤون القانونية والحريات» به، لإدخالها على النظام الداخلي لغرفة البرلمان الأولى، من شأنها أن تثير حفيظة قطاع من النواب، كونها تتضمن قيوداً على نشر ملاحظاتهم المتعلقة بأعمال الحكومة ومداولات البرلمان المصنفة «سريّة» أو «ذات صلة بأمن الدولة».

وتم إدراج مادة جديدة في «النظام الداخلي»، حسب الوثيقة التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، تفيد بأنه «يمنع على نواب المجلس نشر أو إفشاء أي وثيقة أو معلومة ذات طابع سري، تتعلق بعمل المجلس أو بمداولاته الداخلية أو بأي مسألة تتعلق بأمن الدولة، أو أي أمر آخر يُعدّ سرياً بموجب القوانين المعمول بها».

«انتهاك للواجبات الدستورية»

وأوضحت المادة «152 مكرر» أن «الوثائق والمعلومات السرّية هي تلك التي يتم تصنيفها على هذا النحو من قبل مكتب المجلس أو أي جهة معنية، وفقاً للقوانين المعمول بها، أو التي تم تحديدها بأنها تتعلق بأمن الدولة أو مصالحها العليا»، مبرزة أنه «يعدّ إفشاء أو نشر هذه الوثائق أو المعلومات من قبل أي نائب انتهاكاً لواجباته الدستورية والقانونية، ويعرضه للمساءلة القانونية والعقوبات المقررة في هذا الشأن».

وتنصّ المادة ذاتها على أنه «لا يجوز لأي نائب أن يستخدم هذه الوثائق أو المعلومات السرّية لأغراض شخصية أو لصالح أطراف أو جهات خارج المجلس، ويجب على النائب الحفاظ على سرية المعلومات المستلمة أثناء تأدية مهامه البرلمانية».

وتستند وثيقة التعديل إلى «المادة 87 مكرر 1» من القانون المنظم للعلاقة بين غرفتي البرلمان والحكومة، لتبرير حظر نشر الوثائق «ذات الطابع السرّي»، التي تقول: «يمنع على عضو البرلمان نشر المعلومات والوثائق المتحصل عليها في أي وسيلة إعلامية، خاصة تلك التي من شأنها المسّ بمصالح الدولة أو الإخلال بالنظام العام». وتشير الوثيقة إلى «المعلومات والوثائق التي تكتسي طابعاً سرياً واستراتيجياً، وتتعلق بالدفاع الوطني وأمن الدولة الداخلي والخارجي، والمصالح الحيوية للاقتصاد الوطني، وتلك المتعلقة بوقائع تكون محل إجراء قضائي».

«قطاعات حساسة»

وأفاد عضو بالبرلمان، طلب عدم نشر اسمه، بأن «سبب الحظر الذي يتضمنه النص مرتبط بنشر نواب ردود بعض الوزراء على أسئلتهم، تتضمن معلومات عن قطاعات تقدّر الحكومة أنها حساسة وتفضّل ألا تنشر للرأي العام»، مشيراً إلى «قطاعات الخارجية والداخلية والطاقة والقضاء على سبيل المثال»، مع العلم أن النواب يتحاشون من تلقاء أنفسهم نشر الردود على استفساراتهم المتعلقة بقضايا الدفاع والأمن.

واللافت أن العديد من البرلمانيين ينشرون الأجوبة المكتوبة على أسئلة رفعوها إلى الوزراء، على حساباتهم في منصات التواصل الاجتماعي. وغالباً ما يتم إعادة نشرها على نطاق واسع في المواقع الإلكترونية داخل البلاد وخارجها، وأصبح ذلك مزعجاً للحكومة، حسب النائب نفسه، الذي أكد أن مقترح هذا التعديل عرضه رئيس «المجلس الوطني» إبراهيم بوغالي على النواب، قبل أشهر، لكنه لم يلقَ قبولاً، حسبه، فعاود طرحه عن طريق اللجنة البرلمانية للشؤون القانونية والحريات التي ستعرضه بدورها على الجلسة العامة للتصويت. وحينها يتوقع أن يحتدم النقاش حول النص.



تجاهل مصري لـ«مزاعم» حول تدخل القاهرة في «حرب السودان»

قوات من الجيش السوداني تحتفل باستعادة أماكن حيوية في الخرطوم (القوات المسلحة السودانية)
قوات من الجيش السوداني تحتفل باستعادة أماكن حيوية في الخرطوم (القوات المسلحة السودانية)
TT
20

تجاهل مصري لـ«مزاعم» حول تدخل القاهرة في «حرب السودان»

قوات من الجيش السوداني تحتفل باستعادة أماكن حيوية في الخرطوم (القوات المسلحة السودانية)
قوات من الجيش السوداني تحتفل باستعادة أماكن حيوية في الخرطوم (القوات المسلحة السودانية)

تجاهلت مصر «مزاعم جديدة» ردّدها نائب قائد «قوات الدعم السريع»، عبد الرحيم دقلو (شقيق محمد حمدان دقلو «حميدتي»)، ادّعى فيها أن «طائرات مصرية شنت غارات جوية خلال حرب السودان».

وقال مصدر مصري مسؤول، السبت، إن «القاهرة لن تعلّق على حديث دقلو»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «(الخارجية المصرية) سبق أن نفت مزاعم مماثلة تحدّث بها قائد (الدعم السريع) العام الماضي».

ومع اقتراب عامَيْن على الحرب الداخلية في السودان، حقّق الجيش السوداني تقدماً ميدانياً أخيراً، بإعلانه تحرير العاصمة الخرطوم كاملة من قبضة «الدعم السريع» التي كانت تسيطر عليها منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) 2023.

وفي تصعيد جديد من «الدعم السريع» ضد مصر، زعم شقيق «حميدتي» تدخل القاهرة في الحرب السودانية، و«شن الطيران المصري غارات جوية على سودانيين ومدنيين».

وظهر عبد الرحيم، في مقطع مصوّر، السبت، وسط أنصاره في دارفور (غرب السودان)، يتحدّث عن «لقاء جمعه بمدير المخابرات المصرية السابق، عباس كامل، في وقت سابق في أثناء توليه المسؤولية، عرض فيه رؤية للحكومة المصرية لوقف الحرب»، وزعم عبد الرحيم أنه «رفض التوقيع على الشروط التي تضمنتها تلك الرؤية»، لافتاً إلى أن «القاهرة تريد اتفاق سلام بتصور جاهز للتوقيع».

وفي القاهرة، قال المصدر المصري المسؤول إن «بلاده لن تعلّق على هذه المزاعم»، مشيراً إلى أن «مصر تؤكد دائماً ضرورة وقف الحرب في السودان، وحماية المدنيين، وتدعم جهود الإغاثة الإنسانية للمتضررين منها».

وهذه ليست المرة الأولى التي تزعم فيها «الدعم السريع» شن القاهرة غارات جوية في السودان؛ إذ ادّعى «حميدتي» خلال مقطع فيديو مسجل، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «قصف طائرات مصرية قواته»، إلى جانب «دعم الحكومة المصرية للجيش السوداني بطائرات مسيّرة».

غير أن وزارة الخارجية المصرية نفت تلك المزاعم، داعيةً في إفادة وقتها «المجتمع الدولي، إلى الوقوف على الأدلة التي تثبت حقيقة ما ذكره قائد ميليشيا (الدعم السريع)»، ومؤكدة أن «الاتهامات تأتي في وقت تبذل فيه القاهرة جهوداً مكثفة لوقف الحرب، وحماية المدنيين».

مشاورات سياسية بين وزيرَي خارجية مصر والسودان بالقاهرة في فبراير الماضي (الخارجية المصرية)
مشاورات سياسية بين وزيرَي خارجية مصر والسودان بالقاهرة في فبراير الماضي (الخارجية المصرية)

ودعا عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، إلى «تجاهل تصريحات نائب (الدعم السريع) وعدم منحها أهمية»، وقال إن «حديث عبد الرحيم يأتي في وقت تواجه فيه (الدعم السريع) حالة ضعف بسبب خسائرها الأخيرة»، مشيراً إلى أن ترديد هذه «الادعاءات تؤكد ضعف موقف قواته في الحرب الداخلية».

ويعتقد حليمة أن «قوات (الدعم السريع) تواجه حالة ارتباك كبيرة خلال الفترة الحالية، بسبب تراجعها ميدانياً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حديث عبد الرحيم دقلو عن رفض الرؤية المصرية للسلام، يؤكّد تناقض مواقفه، ويعكس رفض (الميليشيا) لأي حلول للسلام، وتحمّلها مسؤولية الجرائم التي ارتُكبت بحق المدنيين في السودان».

سودانيون في مكتب شؤون اللاجئين بالقاهرة (مكتب مفوضية شؤون اللاجئين)
سودانيون في مكتب شؤون اللاجئين بالقاهرة (مكتب مفوضية شؤون اللاجئين)

بينما يرى سفير مصر السابق لدى السودان، حسام عيسى، أن تصريحات شقيق «حميدتي» عن مصر «تأتي لتبرير هزائمه المتتالية في السودان، كونها تخرج دون أي أدلة على تلك المزاعم»، لافتاً إلى أنه «سلوك معتاد من قيادة (الدعم السريع) مع كل هزيمة لهم، كما فعل من قِبل (حميدتي) بعد هزيمته في جبل (مويه) بولاية سنار (جنوب شرقي السودان)».

وحسب عيسى فإن «قيادة (الدعم السريع) فقدت مصداقيتها لدى عناصرها وداعميها في الخارج، خصوصاً بعد حديث (حميدتي) أنه لن يترك القصر الجمهوري في الخرطوم، وبعدها بأيام، استطاع الجيش السوداني استعادته، ضمن مرافق حيوية أخرى في العاصمة».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الميليشيا تعرّضت لانتقادات دولية متعددة أخيراً، ومنها الأمم المتحدة، بشأن جرائمها بحق المدنيين، إذ إن معظم النازحين في الحرب من المناطق التي كانت تسيطر عليها».

ودفعت الحرب الداخلية في السودان نحو 13 مليون سوداني إلى الفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار، حسب تقديرات الأمم المتحدة، من بينهم مليون و200 ألف شخص اتجهوا إلى مصر، وفق تقديرات رسمية.