موريتانيا رداً على طرد مهاجرين: لسنا حارس حدود للأوربيين

حقوقيون استنكروا الإبعاد القسري للاجئين وتعرضهم لمعاملة «غير إنسانية»

حقوقيون استنكروا حملة التهجير التي يتعرض لها المهاجرون الأفارقة في نواكشوط (متداولة)
حقوقيون استنكروا حملة التهجير التي يتعرض لها المهاجرون الأفارقة في نواكشوط (متداولة)
TT
20

موريتانيا رداً على طرد مهاجرين: لسنا حارس حدود للأوربيين

حقوقيون استنكروا حملة التهجير التي يتعرض لها المهاجرون الأفارقة في نواكشوط (متداولة)
حقوقيون استنكروا حملة التهجير التي يتعرض لها المهاجرون الأفارقة في نواكشوط (متداولة)

رداً على دعوات حقوقية في موريتانيا لاحترام حقوق المهاجرين ومعاملتهم بطريقة إنسانية، اتهم وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة الموريتانية، الحسين ولد مدو، بعض المهاجرين الموجودين في موريتانيا بعدم الاهتمام بالحصول على الإقامة القانونية، ضارباً المثل بما حدث سنة 2022، التي دخل فيها إلى موريتانيا 130 ألف مهاجر، لكن لم يطلب الإقامة منهم سوى 7000 فقط، بحسب ما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».

مهاجرون أفارقة بالعاصمة الموريتانية (متداولة)
مهاجرون أفارقة بالعاصمة الموريتانية (متداولة)

وجاءت هذه الدعوات من طرف عدة منظمات حقوقية موريتانية، أبرزها مبادرة انبعاث التيار الانعتاقي «إيرا»، و«الجمعية الموريتانية للمواطنة والتنمية»، وحركة (مواطنون ومواطنات واقفون)، في خضم حملات اعتقالات وترحيل واسعة النطاق، تشنها السلطات الأمنية الموريتانية ضد المهاجرين في وضعية غير قانونية داخل مناطق متفرقة من العاصمة الموريتانية نواكشوط، وهو ما أثار ردود فعل متباينة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأكد ولد مدو خلال مؤتمر صحافي أن موريتانيا منحت كل التسهيلات المطلوبة للمهاجرين لتسوية وضعية إقامتهم، كالإعفاء من رسوم الإقامة، خصوصاً مهاجري الدول التي تربط موريتانيا بها علاقات ثنائية. نافياً ما يتناوله البعض من أن موريتانيا أصبحت «جهاز درك أو حارس حدود للأوربيين».

يعمد جل المهاجرين الأفارقة للاشتغال في نواكشوط لتأمين رحلتهم السرية نحو أوروبا (متداولة)
يعمد جل المهاجرين الأفارقة للاشتغال في نواكشوط لتأمين رحلتهم السرية نحو أوروبا (متداولة)

وأوضح ولد مدو أن ما حدث في الآونة الأخيرة من ترحيل موريتانيا لأشخاص دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية «مبالغ فيه»، معتبراً أن الأمر لا يتجاوز تنفيذ ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية والثنائية في مجال محاربة الهجرة غير النظامية.

لكن المنظمات الحقوقية أعربت في بيان مشترك عن قلقها إزاء عمليات التوقيف والإبعاد القسري، التي تطول مئات المهاجرين، وزعمت أن بعضهم تعرض لمعاملة «غير إنسانية»، وحرموا خلالها من حقوقهم الأساسية، مثل الغذاء والحماية القانونية، قبل ترحيلهم عبر معبري روصو باتجاه السنغال وگوگي باتجاه مالي. وشددت المنظمات على أن موريتانيا ملزمة بالمواثيق الدولية التي وقعت عليها، مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والتي تضمن حقوق المهاجرين بغض النظر عن وضعهم القانوني.

وطالبت الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المهاجرين، وضمان سلامتهم الجسدية والنفسية، واحترام حقوقهم خلال عمليات الإبعاد، إضافة إلى تمكين الراغبين منهم في تسوية أوضاعهم القانونية من الحصول على وثائق إقامة تتيح لهم العيش بكرامة.

ودخلت هذه الحملة اليوم الخميس أسبوعها الثاني في مدينة نواكشوط الوجهة الأولى للمهاجرين غير النظاميين.

ويقدر عدد المهاجرين غير النظاميين في موريتانيا بنصف مليون أجنبي من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، أغلبهم بوضعية غير قانونية، وينتظر أغلبهم فرصة الإبحار على متن زوارق إلى سواحل أرخبيل جزر الكناري بإسبانيا. ويمثل هذا العدد نحو عشرة في المائة من سكان موريتانيا، ما حدا بمدونين على وسائل التواصل الاجتماعي إلى التحذير من انعكاسات وجود الأجانب على التركيبة الديموغرافية للبلاد، فيما حث مدونون على عدم بث خطاب الكراهية ضد الأجانب.



إلى أي حدّ يمكن أن تؤثر التحديات الاقتصادية على إعادة إعمار ليبيا؟

بالقاسم حفتر وأسامة حماد خلف لافتة «مركز المرج» وذلك خلال مباشرة عمليات الإعمار بالمدينة (حكومة الاستقرار)
بالقاسم حفتر وأسامة حماد خلف لافتة «مركز المرج» وذلك خلال مباشرة عمليات الإعمار بالمدينة (حكومة الاستقرار)
TT
20

إلى أي حدّ يمكن أن تؤثر التحديات الاقتصادية على إعادة إعمار ليبيا؟

بالقاسم حفتر وأسامة حماد خلف لافتة «مركز المرج» وذلك خلال مباشرة عمليات الإعمار بالمدينة (حكومة الاستقرار)
بالقاسم حفتر وأسامة حماد خلف لافتة «مركز المرج» وذلك خلال مباشرة عمليات الإعمار بالمدينة (حكومة الاستقرار)

دفعت التحديات الاقتصادية التي تمر منها ليبيا، التي حذَّر منها المصرف المركزي، الأسبوع الماضي، عدداً من السياسيين والمتابعين، إلى التساؤل حول مدى تأثير ذلك على عمليات إعادة الإعمار الجارية في شرق وغرب البلاد.

وكان «المركزي» قد أكد اتساع حجم الإنفاق الحكومي في ليبيا خلال العام الماضي إلى 224 مليار دينار، معلناً اضطراره إلى خفض سعر صرف الدينار أمام العملات الأجنبية.

وتقدم 60 عضواً برلمانياً في بيان برؤيتهم لمعالجة الأزمة، عبر حزمة من الإصلاحات، تصدرها «وقف التنافس السياسي في مشاريع الإعمار بين شرق ليبيا وغربها». وفي هذا السياق، أعرب عضو مجلس النواب، عمار الأبلق، وهو أحد الموقعين على البيان، عن قناعته بضرورة «إيقاف إبرام أي عقود تتعلق بإعادة الإعمار؛ لحين تكشّف حقيقة الوضع المالي والاقتصادي للبلاد؛ ومراقبة سعر النفط في الأسواق العالمية».

البنك المركزي أكد اتساع حجم الإنفاق الحكومي وخفض سعر صرف الدينار أمام العملات الأجنبية (رويترز)
البنك المركزي أكد اتساع حجم الإنفاق الحكومي وخفض سعر صرف الدينار أمام العملات الأجنبية (رويترز)

وقال الأبلق لـ«الشرق الأوسط» إن «أفرقاء الأزمة الليبية في شرقها وغربها تعاقدوا على مشاريع إعادة إعمار داخل مناطق سيطرتهم؛ استهدفت في الأغلب تعزيز نفوذهم السياسي هناك؛ وبالتالي فإنهم يتحملون مسؤولية هذا الإنفاق الموسع»، معتبراً أن الحل يتمثل في «إقرار ميزانية موحدة لعموم ليبيا؛ على أن يتم تخفيض مخصصات الباب الثالث بها المتعلق بالتنمية؛ الذي يتم التنازع عليه بين قيادات الحكومتين لتوظيفها في ملف الإعمار». وأنه من «الأفضل توجيه مبالغ محدودة للبلديات لتنفيذ مشاريع آنية تحتل أولوية، مثل إصلاح الطرق، والبنية التحتية، وبناء المدارس والمستشفيات».

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى في طرابلس، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية مكلفة من البرلمان، وتحظى بدعم قائد «الجيش الوطني» خليفة حفتر، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مدن جنوب البلاد، ويرأسها أسامة حماد.

ومنذ توقف الحرب بين «الجيش الوطني» والقوات التابعة لحكومة طرابلس منتصف عام 2020، لم يتوقف الحديث عن ملف إعادة إعمار ليبيا المجمد منذ إسقاط نظام القذافي عام 2011، إلا أنه اتخذ منحى تصاعدياً بعد إعصار درنة في سبتمبر (أيلول) 2023.

وفيما يتعلق بمشاريع الإعمار الجارية، توقع الأبلق استمرارها، وأرجع ذلك «لتضمينها في ميزانية العام الماضي، وتحويل المصرف المركزي المخصصات المالية للجهة المشرفة على تنفيذها، سواء حكومة الوحدة بالغرب، أو صندوق التنمية وإعادة الإعمار في ليبيا».

صورة تبين حجم الدمار الذي تعرضت له درنة بسبب الإعصار (أ.ف.ب)
صورة تبين حجم الدمار الذي تعرضت له درنة بسبب الإعصار (أ.ف.ب)

ووفقاً لعدد من النواب، فإنه يجري الآن العملُ على استدعاء رؤساء المؤسسة الوطنية للنفط، وديوان المحاسبة والرقابة الإدارية للجلسة البرلمانية التي ستعقد، الثلاثاء المقبل، والتي دعي إليها محافظ المصرف المركزي.

بالمقابل، رأى عضو مجلس النواب، المهدي الأعور، أن تقليص الإنفاق العام يتحقق بتخفيض عدد السفارات والبعثات، التي تمثل عبئاً على الدولة، و«ليس بإيقاف مشاريع إعادة الإعمار، التي سيكون لها مردود إيجابي ينعكس على وضع الليبيين مستقبلاً».

وشدد الأعور على أن مسار الإعمار في ليبيا «يدعم ترسيخ الاستقرار، وعدم العودة للعنف والفوضى الأمنية»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قد لا يكون من الحكمة إيقافه تخوفاً من تراجع سعر الدينار، الذي قد يتحسن إذا باشرنا قرارات ومعالجات اقتصادية سليمة».

وأبدى الأعور تفهمه لما يطرحه مراقبون وخبراء من تحذيرات حول الوضع المالي، معتقداً أن «الحل يتمثل في إنهاء أوجه الصرف غير المبررة؛ كالتوسع في شراء سيارات للوزارات؛ والعمل على مراجعة ملف ضخم كمبادلة النفط بالوقود».

ونوه الأعور إلى ضرورة «توجيه مسار الإعمار إلى المشاريع ذات الأولوية الوطنية؛ ووفقاً لرؤية وتقدير رؤساء المؤسسات المالية، كالمصرف المركزي ومؤسسة النفط»، معتبراً أن تشكيك رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، فيما يتم إنجازه في ملف الإعمار بشرق ليبيا وجنوبها «يأتي في إطار المناكفة والخصومة السياسية».

تسبب إعصار درنة في وفاة المئات وخسارة مالية تقدر بملايين الدولارات (أ.ف.ب)
تسبب إعصار درنة في وفاة المئات وخسارة مالية تقدر بملايين الدولارات (أ.ف.ب)

من جانبه، دعا الباحث بـ«المعهد الملكي للخدمات المتحدة»، جلال حرشاوي، البرلمان، «لتقدير التحديات الراهنة، واتخاذ قرار بإيقاف عقود الإعمار في عموم ليبيا». وقال إن «تكلفة ما أنفق على مشاريع الإعمار في البلاد أقل بكثير مما رصد في بيان المصرف المركزي حول الإنفاق العام».

ومنذ إصدار البرلمان قراراً بإنشاء صندوق التنمية، وإعادة إعمار ليبيا وتعيينه بالقاسم حفتر رئيساً له، دأب الدبيبة على التلميح إلى غياب الرقابة على المشروعات التي ينفذها، بالإضافة إلى إعفاء تعاقداته من الخضوع للأجهزة الرقابية.