تظاهر في تونس العاصمة، اليوم الثلاثاء، العشرات للمطالبة بالإفراج عن عدد كبير من الشخصيات السياسية المعارضة المسجونة، تزامناً مع الذكرى الرابعة عشرة لثورة 2011 وسقوط نظام زين العابدين بن علي، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وبدعوة من «جبهة الخلاص الوطني»، الائتلاف المعارض الرئيسي، الذي يضم «حزب النهضة الإسلامي»، أحد أبرز معارضي الرئيس قيس سعيّد، أعرب المتظاهرون عن غضبهم من «القمع»، الذي اتهموا السلطات بممارسته. وردد المتظاهرون: «حريات...حريات! يا قضاء التعليمات»، و«أوفياء لدماء شهداء» ثورة 2011، فيما انتشر عناصر الشرطة بشكل كبير من حولهم، ورفع المتظاهرون صور المعارضين الموقوفين، من بينهم رئيس الوزراء الأسبق علي العريض، أحد قادة «حركة النهضة»، الملاحق في قضية تتعلق بإرسال شبان تونسيين إلى مناطق النزاع في سوريا، وكذلك الحقوقي جوهر بن مبارك، الملاحق قضائياً بتهمة «التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي».
وتعتبر المعارضة هذه الملاحقات «سياسية بحتة»، و«تصفية حسابات» من قبل القائمين على السلطة لإزاحة الأصوات المعارضة لسياسات الرئيس سعيّد، الذي يملك كل الصلاحيات منذ احتكاره السلطات في يوليو (تموز) 2021. وبموجب مرسوم رئاسي سنة 2021، تم تغيير تاريخ الاحتفال بذكرى الثورة من 14 يناير (كانون الثاني) إلى 17 من ديسمبر (كانون الأول)، وهو اليوم الذي يوافق ذكرى وفاة البائع المتجول محمد البوعزيزي، الذي أضرم النار في نفسه احتجاجاً على مصادرة الشرطة البلدية بضائعه. ورغم هذا التغيير الذي انتقدته فئة عريضة من الشعب التونسي، تواصل المعارضة التظاهر في تاريخ 14 يناير للمطالبة بتحسين وضع الحريات في تونس.
وفي هذا السياق، قالت شيماء عيسى، العضو في «جبهة الخلاص الوطني» لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «14 يناير ليس تاريخاً يسهل محوه. فقد شهد هذا الشارع حدثاً تاريخياً كبيراً»، جمع «شباباً وشيوخاً، على اختلاف حساسياتهم السياسية، من العاصمة ومن كل المناطق».
ونددت المنظمات غير الحكومية التونسية والأجنبية والمعارضة بـ«الانجراف السلطوي» للرئيس سعيّد، من خلال تضييق الخناق على منظمات المجتمع المدني، وكذلك اعتقال النقابيين والناشطين والمحامين والنشطاء. وحسب منظمة «هيومن رايتس ووتش»، يوجد في تونس أكثر من 170 شخصاً موقوفين لأسباب سياسية، أو بسبب ممارسة حقوقهم الأساسية.
بدورها، أكدت «الرابطة التونسية للدّفاع عن حقوق الإنسان»، في بيان بمناسبة إحياء ذكرى 14 يناير 2011، ضرورة إلغاء المراسيم، التي قالت إنها «تمسّ بجوهر الحقوق والحرّيات وأولها المرسوم 54».
ودعت الرابطة إلى تنقية المناخ السياسي، والاحترام التام للحقوق والحريات، منبهةً إلى ما سمته «تضييقاً على منظمات المجتمع المدني، والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والمدوّنين»، وأكدت على ضرورة حماية الفضاء الرّقمي، وضمان حرّية التّعبير على الإنترنت وخصوصيّة الأفراد. كما دعت إلى مراجعة الترسانة القانونيّة لتتلاءم مع المعايير الدّولية، فضلاً عن الدّعوة لتبنّي سياسات شاملة وعادلة، تعالج مشكلات الفقر والبطالة والتفاوت الجهوي، والتّهميش المجتمعي.
وذكّرت «الرّابطة» بموقفها من العدالة الانتقاليّة، التّي عدّتها «أساس المسار الدّيمقراطي، وشرط تحقيق المصالحة الوطنيّة، وبناء الثّقة بين المواطنين والدّولة، بعيداً عن المحاسبة الانتقائيّة»، داعيةً كلّ القوى الوطنيّة والمجتمع المدني إلى توحيد الجهود لمواجهة التّحديات الرّاهنة، والالتزام بالحوار كآليّة أساسية لحلّ الخلافات. كما شدّدت «الرابطة» في بيانها على أنّ «الاحتفال بذكرى الثورة يجب أن يكون دعوة متجدّدة لمواصلة النّضال من أجل دولة مدنيّة ديمقراطيّة، تضمن الحرّية والكرامة والعدالة لكلّ مواطنيها»، مؤكّدة «التزامها بالنّضال من أجل تحقيق غايات الثورة، في إطار مبادئها وقيمها المؤسّسة على ترابط الحقوق وشموليّتها».