تونس تسرّع وثيرة إقفال ملفات «الفساد والتآمر» على أمن البلاد

عبر سلسلة اعتقالات ومحاكمات وتفكيك ألغام

الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
TT

تونس تسرّع وثيرة إقفال ملفات «الفساد والتآمر» على أمن البلاد

الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)

كثفت السلطات الأمنية والقضائية التونسية تحركاتها لإسدال الستار على الملفات المتراكمة المتعلقة بالأمن، وفي مقدمها «تفكيك مئات الألغام» الموروثة عن العقود والأعوام الماضية، والقضايا المرفوعة منذ مدة طويلة ضد عشرات المتهمين في قضايا ذات صبغة سياسية - أمنية، بينها «الضلوع في الإرهاب»، و«التآمر على أمن الدولة»، و«الفساد الإداري والمالي».

واجتمع الرئيس التونسي قيس سعيد مؤخراً مع رئيس الحكومة كمال المدوري، ووزيرة العدل ليلى جفال، ووزيري الدفاع والداخلية خالد السهيلي وخالد النوري، وطالب بتبسيط إجراءات التقاضي، وإقفال الملفات الأمنية والعدلية في «أقرب الآجال».

وحدة من قوات مكافحة الإرهاب التونسية (الشرق الأوسط)

كما أعلنت صفحات رئاسة الجمهورية والحكومة عن إصدار أوامر للحكومة «للتحرك بسرعة ونجاعة»، وتجنب «طول الإجراءات والتسويف»، وضمان «نجاعة المسؤولين». وشملت القرارات إدارات الأمن الداخلي والخارجي، وملفات محاربة الإرهاب والمخدرات، والتهريب والجريمة المنظمة.

تأجيل يليه تأجيل

حسب بلاغ نشرته صفحة رئاسة الجمهورية، فقد أمر الرئيس التونسي خلال جلسة عمل مع وزيرة العدل بـ«احترام الزمن القضائي في حسم القضايا المعروضة أمام المحاكم... حتى يأخذ كل ذي حق حقه، وفق القانون الذي يتساوى أمامه جميع المتقاضين»، منتقداً «التأجيل الذي يتلوه تأجيل في بعض القضايا المعروضة منذ أكثر من عشرة أعوام»، بما يوحي بقدر من «تمييع دور العدالة والقضاء».

عبير موسي المعتقلة بتهمة التآمر على أمن البلاد (موقع الحزب)

يُذكر أن دوائر الاتهام وقضاة التحقيق أنهوا مؤخراً الإجراءات التمهيدية لإقفال ملفات التحقيق في قضايا عشرات المتهمين بـ«التآمر على أمن الدولة»، و«الضلوع في الإرهاب»، و«الفساد»، بينهم رجال أعمال وسياسيون وبرلمانيون ووزراء، وأمنيون وعسكريون سابقون، وعدد من قادة الأحزاب السياسية، بينهم عبير موسي زعيمة الحزب «الدستوري»، وراشد الغنوشي وعلي العريض، ونور الدين البحيري والعجمي الوريمي، ومنذر الونيسي عن حزب «النهضة»، وعصام الشابي الأمين العام للحزب «الجمهوري»، وغازي الشواشي عن حزب «التيار الديمقراطي» اليساري، ورضا بالحاج وجوهر بن مبارك وشيماء عيسى ورياض الشعيبي عن جبهة «الخلاص» المعارضة، إضافة لرجلي الأعمال المثيرين للجدل والسياسيين المستقلين كمال اللطيف وخيام التركي. علماً بأن متهمين آخرين أحيلوا أمام محاكم أخرى، بعد أن وجهت إليهم اتهامات مختلفة، تصل عقوبتها للإعدام.

عسكريون ضحايا الإرهاب

في أعقاب جلسات عمل جديدة مع وزراء الدفاع والعدل والداخلية، أمر الرئيس التونسي بتسوية وضعيات عائلات ضحايا الإرهاب والعنف من الأمنيين والعسكريين والمدنيين، وتفعيل مؤسسة «فدا»، التي أحدثتها الدولة قبل نحو عامين لهذا الغرض.

راشد الغنوشي المعتقل بتهمة الإرهاب (د.ب.أ)

كما أمر الرئيس سعيد بتسوية ملفات مئات الجرحى، وعائلات شهداء انتفاضة 2010 -2011، خاصة من عرفوا بـ«شهداء الثورة وجرحاها»، وهم بضعة مئات ممن أصيبوا بالرصاص أثناء المواجهات مع قوات الأمن خلال الأسابيع الأخيرة من حكم الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي.

وكانت الحكومات والبرلمانات والمحاكم، ومنظمات المجتمع المدني، قد دخلت منذ عام 2011 في جدال سياسي قانوني حول العدد الحقيقي لمن يمكن وصفهم بـ«شهداء الثورة وجرحاها». كما ظلت عائلات عشرات الأمنيين الذين قتلوا، أو أصيبوا بجراح خطيرة خلال المواجهات مع المسلحين والعصابات الإرهابية منذ 2011 دون سند مالي واجتماعي، إلى أن أحدثت رئاسة الجمهورية قبل عامين مؤسسة «فدا»، وقررت التكفل بكل الحالات الإنسانية مالياً واجتماعياً.

تفكيك الألغام الموروثة

أعلن وزير الدفاع الوطني قبل أيام أمام البرلمان أن القوات المسلحة تابعت طوال عام 2014 تحركاتها لتفكيك الألغام القديمة والجديدة، من بينها «ألغام يدوية الصنع» موروثة عن مرحلة الصراع بين السلطات والمجموعات المسلحة الإرهابية في جبال المحافظات الغربية للبلاد، والتي تسببت مراراً في مقتل أمنيين وعسكريين وتفجير عرباتهم.

ورغم تنويه السلطات الأمنية بنجاحها خلال العشرية الماضية في القضاء على أكثر من 90 في المائة من نشطاء المجموعات المسلحة، التي تنتمي إلى «تنظيم داعش»، و«القاعدة» وغير ذلك، فقد ظلت ألغام تنفجر وتتسبب في سقوط قتلى وجرحى بين الرعاة والسكان والأمنيين خلال عبورهم تلك الجبال.

ولذلك نظمت حملة واسعة خلال الأشهر الماضية أسفرت عن تفجير حوالي 500 لغم، أغلبها يدوية الصنع.

عدد من المتهمين بالتآمر ضد أمن الدولة (الموقع الرسمي لغازي الشواشي)

وأعلنت مصادر أمنية أنه في سياق الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة، تم في محافظة سوسة اعتقال تكفيرييْن، كانا في حالة فرار، بعد أن وجهت إليهما تهمة «الانتماء إلى تنظيم إرهابي»، دون الكشف عن اسم هذا التنظيم.

وأسفرت الحملات الأمنية خلال الأشهر الثلاثة الماضية عن إيقاف عشرات المتهمين في قضايا مماثلة تحال على دوائر مكافحة الإرهاب والفساد، وتبييض الأموال، وتهريب السلع والمهاجرين غير النظاميين. لكن طالبت عدة شخصيات حقوقية مستقلة، وقيادات سياسية، ومنظمات نقابية وحقوقية مواقف بالإفراج عن غالبية الموقوفين، وإحالتهم إن لزم الأمر على القضاء في حالة سراح.



الكاتب كمال داود يهاجم سلطات الجزائر عبر الصحافة الفرنسية

الكاتب الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)
الكاتب الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)
TT

الكاتب كمال داود يهاجم سلطات الجزائر عبر الصحافة الفرنسية

الكاتب الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)
الكاتب الفرنسي - الجزائري كمال داود (أ.ب)

حمل الكاتب الفرنسي - الجزائري، كمال داود الفائز بجائزة «غونكور» الأدبية لسنة 2024، على الحكومة الجزائرية، وذلك في مقابلة معه نشرتها، الخميس، صحيفة «لوموند» الفرنسية.

واتهم داود، الذي حصل على الجائزة المرموقة عن روايته «حوريات»، قادة الجزائر بإسكات معارضيهم من خلال الترهيب. ولا يمكن نشر «حوريات» في الجزائر؛ إذ يحظر القانون أيّ مؤلَّف يستحضر الحرب الأهلية، التي امتدّت من 1992 إلى 2002، وعُرفت بـ«العشرية السوداء»، وأدّت إلى سقوط نحو 200 ألف قتيل، وفق الأرقام الرسمية.

وقال داود للصحيفة الفرنسية: «لقد قرأت أخيراً عبارة (للكاتب الفرنسي) ألبير كامو مفادها أنّ (المنفى ضروري من أجل الحقيقة. وبوسعنا أن نقلب الصيغة في حالة الجزائر ليصبح الكذب ضرورياً من أجل البقاء فيها». وأعطى داود على ذلك مثلاً عن كاتب لم يذكر اسمه، قال إنه رفض الانضمام إلى الحركة الداعمة للروائي الفرنسي - الجزائري الأصل بوعلام صنصال، الموقوف في الجزائر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بتهمة تهديد أمن الدولة.

وأضاف داود موضحاً: «لا أستطيع الحكم على الآخرين وعلى خياراتهم. أتذكر كاتباً أراد التوقيع على العريضة، فاتّصل بي مجدّداً قائلاً: (لا أستطيع، زوجتي ستغادر إلى الجزائر بعد ساعتين). أنا أتفهّم ذلك». ووصف داود النظام بأنه «قاسٍ»، مضيفاً: «إذا وقّعت، فستدفع الثمن فوراً. ثمة خوف».

كما هاجم داود «الإسلاميين (...) الذين يخصخصون الفضاءات الثقافية في الجزائر، ودور النشر والمكتبات والمدارس. وهؤلاء الإسلاميون مسرورون برؤية كاتب في السجن».

وانتقد أيضاً «الصحافة اليسارية» الفرنسية، قائلاً: «إمّا أن نتحدث إلى هذه الصحافة وفقاً لتوقعاتها الخاصة، مع تحييد اقتناعاتنا الخاصة، أو لا نملك الحق في الكلام». ودأب مؤلف «حوريات» منذ عام 2014 على كتابة مقال في مجلة «لوبوان» الأسبوعية، يهاجم فيه باستمرار اليسار والإسلاميين، وهو ما عرّضه في المقابل لهجمات مضادة. وتابع داود قائلاً لصحيفة «لوموند»: «أتعرض لانتقادات لأنني لست العربي الصالح، العربي الذي يعيش في وضع الضحية الدائمة والمناهض للاستعمار».