قبل رحيلها... إدارة بايدن تفرض عقوبات على «حميدتي» وتتهمه بـ«جرائم حرب»

«الخزانة الأميركية» تضع 7 شركات يديرها أقارب قائد «الدعم السريع» على قائمة العقوبات

حميدتي قال في خطاب الاستقلال الأربعاء إن السودان في مفترق طرق (الشرق الأوسط)
حميدتي قال في خطاب الاستقلال الأربعاء إن السودان في مفترق طرق (الشرق الأوسط)
TT

قبل رحيلها... إدارة بايدن تفرض عقوبات على «حميدتي» وتتهمه بـ«جرائم حرب»

حميدتي قال في خطاب الاستقلال الأربعاء إن السودان في مفترق طرق (الشرق الأوسط)
حميدتي قال في خطاب الاستقلال الأربعاء إن السودان في مفترق طرق (الشرق الأوسط)

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، فرضَ عقوبات على محمد حمدان دقلو (حميدتي)، زعيم «الدعم السريع». وأكدت أن قواته «ارتكبت جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية» خلال الصراع المسلح مع الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان؛ ما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من السودانيين، وتشريد 12 مليوناً، وإحداث مجاعة واسعة النطاق.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن «(قوات الدعم السريع) ارتكبت إبادةً جماعيةً في منطقة دارفور بالسودان، وتورَّطت في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي. وقامت بعمليات القتل بدوافع عرقية، وارتكبت أعمال العنف الجنسي بوصفه سلاح حرب، وبصفته القائد العام لها، يتحمل حميدتي المسؤولية القيادية عن الأفعال البغيضة وغير القانونية لقواته».

البرهان وحميدتي يحضران حفل تخريج عسكري للقوات الخاصة في الخرطوم 22 سبتمبر 2021 (غيتي)

وقال بلينكن، في بيان للخارجية الأميركية، إن «قوات الدعم السريع» تحت قيادة حميدتي، «انخرطت في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك العنف الجنسي على نطاق واسع، وإعدام المدنيين العزل والمقاتلين العزل. كما استخدمت حرمان الشعب السوداني من الإغاثة الإنسانية، بوصفه سلاح حرب ضد شعب السودان، منتهكةً بشكل منهجي التزاماتها، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، وإعلان جدة لعام 2023 للالتزام بحماية المدنيين في السودان، ومدونة قواعد السلوك لعام 2024 التي قبلتها جزءاً من التحالف من أجل حماية وتعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان».

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (إ.ب.أ)

وأضاف بيان الخارجية الأميركية، أن «(قوات الدعم السريع)، والميليشيات المتحالفة معها، واصلت شنَّ هجمات ضد المدنيين، وقامت بقتل الرجال والفتيان بشكل منهجي - وحتى الرُّضع - على أساس عرقي، واستهدفت عمداً النساء والفتيات من مجموعات عرقية معينة بالاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي الوحشي، وقتلت الأبرياء الهاربين من الصراع، ومنعت المدنيين المتبقين من الوصول إلى الإمدادات المنقذة للحياة».

ووضعت وزارة الخزانة الأميركية 7 شركات مرتبطة بـ«الدعم السريع» على قائمة العقوبات لقيامها «بتوفير المعدات العسكرية، وتمويل تأجيج الصراع في السودان، وتوفير الأموال والأسلحة لقوات الدعم السريع»؛ ومنها شركة «كابيتال كاب هولدينغ» ومقرها الإمارات، ووضعت مالكها أبو ذر عبد النبي حبيب الله أحمد على قائمة العقوبات. وشركة «الزمرد والياقوت والذهب والمجوهرات» وهي شركة أخرى يديرها أبو ذر عبد النبي أيضاً، وتعمل لصالح «الدعم السريع»، وتدير حسابات مصرفية بملايين الدولارات. وشركة «الجيل القديم للتجارة العامة» ويديرها عبد النبي مع عبد الرحيم حمدان دقلو (شقيق حميدتي)، الذي أدرجته «الخزانة الأميركية» في سبتمبر (أيلول) الماضي على قائمة الإرهابيين بوصفه مسؤولاً عن تمويل الإرهاب في السودان.

مبنى وزارة الخزانة الأميركية في واشنطن (أرشيفية - رويترز)

ووضعت «الخزانة» شركة «كرييتيف بايثون» وهي شركة أخرى يملكها أبو ذر، ومقرها الإمارات على قائمة العقوبات؛ لقيامها «بإخفاء تعاملات حميدتي التجارية لتجنب العقوبات»، وأدرجت المدير الإداري للشركة، الغوني حمدان دقلو موسى (شقيق آخر لحميدتي) على قائمة العقوبات لقيامه بإدارة التعاملات المالية لصالح «حميدتي». وشركة «الخليج المحدودة» وهي مؤسسة مالية خاضعة لسيطرة «الدعم السريع» وتقوم بتمويل عملياتها. وشركة «هورايزون للتجارة العامة» وهي شركة تكنولوجيا معلومات وأمن يديرها شقيق لحميدتي في الإمارات، وشركة «أدفانس سوليوشن».

وقال نائب وزير الخزانة والي أديمو: «تواصل الولايات المتحدة الدعوة إلى إنهاء هذا الصراع الذي يعرِّض حياة المدنيين الأبرياء للخطر. وسنستخدم كل أداة متاحة لمحاسبة المسؤولين عن انتهاك حقوق الإنسان للشعب السوداني».

من معارك جنوب الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

وسبق أن وجَّهت إدارة بايدن اتهامات لـ«قوات الدعم السريع» بارتكاب جرائم تطهير عرقي في غرب دارفور عام 2023.

وناشد الرئيس بايدن الطرفين في سبتمبر الماضي، الانخراط في مفاوضات لإنهاء الحرب ووقف الهجمات التي تضر بالسودانيين، منتقداً قيام القوات المسلحة السودانية و«الدعم السريع» بتعطيل العمليات الإنسانية، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى السودانيين. وتعهد بعدم تخلي بلاده «عن شعب السودان، ومواصلة الضغط من أجل إحلال السلام، ومحاسبة الجهات التي تسعى إلى إطالة العنف».


مقالات ذات صلة

السودان يرحب بالعقوبات ضد حميدتي ويطالب بموقف دولي موحد

شمال افريقيا قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) (رويترز)

السودان يرحب بالعقوبات ضد حميدتي ويطالب بموقف دولي موحد

رحبت الحكومة السودانية بقرار الإدارة الأميركي فرض عقوبات على قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» وطالبت المجتمع الدولي بموقف موحد.

شمال افريقيا سودانيون فارُّون من المعارك في منطقة الجزيرة داخل مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

الجيش السوداني يستعيد السيطرة على بلدات في الجزيرة

شن الجيش السوداني، الأربعاء، هجوماً برياً كبيراً من عدة محاور على أطراف ولاية الجزيرة وسط البلاد، استعاد على أثرها، السيطرة على عدد من البلدات والقرى

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا سودانيون يحاولون الدخول إلى حافلة في بورتسودان (أ.ف.ب)

بلينكن يؤكد ارتكاب «الدعم السريع» إبادة في السودان

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن واشنطن تأكدت أن أعضاء «قوات الدعم السريع» والجماعات المتحالفة معها ارتكبوا إبادة جماعية في السودان.

الولايات المتحدة​ السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد (أ.ف.ب)

أميركا تتهم روسيا بتمويل طرفَي الحرب في السودان

اتهمت الولايات المتحدة، روسيا، بتمويل الطرفين المتحاربين في السودان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا أطفال يحملون حزماً من المساعدات الإنسانية في مدرسة للنازحين بمدينة القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

أزمة بيع مواد الإغاثة تتفاقم في السودان... وتبرؤ حكومي

تفاقمت أزمة بيع المواد الإغاثية في أسواق سودانية، فيما تبرَّأت المفوضية الإنسانية التابعة للحكومة من المسؤولية عن تسريبها.

محمد أمين ياسين (نيروبي) وجدان طلحة (بورتسودان)

تونس تسرّع وثيرة إقفال ملفات «الفساد والتآمر» على أمن البلاد

الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
TT

تونس تسرّع وثيرة إقفال ملفات «الفساد والتآمر» على أمن البلاد

الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)

كثفت السلطات الأمنية والقضائية التونسية تحركاتها لإسدال الستار على الملفات المتراكمة المتعلقة بالأمن، وفي مقدمها «تفكيك مئات الألغام» الموروثة عن العقود والأعوام الماضية، والقضايا المرفوعة منذ مدة طويلة ضد عشرات المتهمين في قضايا ذات صبغة سياسية - أمنية، بينها «الضلوع في الإرهاب»، و«التآمر على أمن الدولة»، و«الفساد الإداري والمالي».

واجتمع الرئيس التونسي قيس سعيد مؤخراً مع رئيس الحكومة كمال المدوري، ووزيرة العدل ليلى جفال، ووزيري الدفاع والداخلية خالد السهيلي وخالد النوري، وطالب بتبسيط إجراءات التقاضي، وإقفال الملفات الأمنية والعدلية في «أقرب الآجال».

وحدة من قوات مكافحة الإرهاب التونسية (الشرق الأوسط)

كما أعلنت صفحات رئاسة الجمهورية والحكومة عن إصدار أوامر للحكومة «للتحرك بسرعة ونجاعة»، وتجنب «طول الإجراءات والتسويف»، وضمان «نجاعة المسؤولين». وشملت القرارات إدارات الأمن الداخلي والخارجي، وملفات محاربة الإرهاب والمخدرات، والتهريب والجريمة المنظمة.

تأجيل يليه تأجيل

حسب بلاغ نشرته صفحة رئاسة الجمهورية، فقد أمر الرئيس التونسي خلال جلسة عمل مع وزيرة العدل بـ«احترام الزمن القضائي في حسم القضايا المعروضة أمام المحاكم... حتى يأخذ كل ذي حق حقه، وفق القانون الذي يتساوى أمامه جميع المتقاضين»، منتقداً «التأجيل الذي يتلوه تأجيل في بعض القضايا المعروضة منذ أكثر من عشرة أعوام»، بما يوحي بقدر من «تمييع دور العدالة والقضاء».

عبير موسي المعتقلة بتهمة التآمر على أمن البلاد (موقع الحزب)

يُذكر أن دوائر الاتهام وقضاة التحقيق أنهوا مؤخراً الإجراءات التمهيدية لإقفال ملفات التحقيق في قضايا عشرات المتهمين بـ«التآمر على أمن الدولة»، و«الضلوع في الإرهاب»، و«الفساد»، بينهم رجال أعمال وسياسيون وبرلمانيون ووزراء، وأمنيون وعسكريون سابقون، وعدد من قادة الأحزاب السياسية، بينهم عبير موسي زعيمة الحزب «الدستوري»، وراشد الغنوشي وعلي العريض، ونور الدين البحيري والعجمي الوريمي، ومنذر الونيسي عن حزب «النهضة»، وعصام الشابي الأمين العام للحزب «الجمهوري»، وغازي الشواشي عن حزب «التيار الديمقراطي» اليساري، ورضا بالحاج وجوهر بن مبارك وشيماء عيسى ورياض الشعيبي عن جبهة «الخلاص» المعارضة، إضافة لرجلي الأعمال المثيرين للجدل والسياسيين المستقلين كمال اللطيف وخيام التركي. علماً بأن متهمين آخرين أحيلوا أمام محاكم أخرى، بعد أن وجهت إليهم اتهامات مختلفة، تصل عقوبتها للإعدام.

عسكريون ضحايا الإرهاب

في أعقاب جلسات عمل جديدة مع وزراء الدفاع والعدل والداخلية، أمر الرئيس التونسي بتسوية وضعيات عائلات ضحايا الإرهاب والعنف من الأمنيين والعسكريين والمدنيين، وتفعيل مؤسسة «فدا»، التي أحدثتها الدولة قبل نحو عامين لهذا الغرض.

راشد الغنوشي المعتقل بتهمة الإرهاب (د.ب.أ)

كما أمر الرئيس سعيد بتسوية ملفات مئات الجرحى، وعائلات شهداء انتفاضة 2010 -2011، خاصة من عرفوا بـ«شهداء الثورة وجرحاها»، وهم بضعة مئات ممن أصيبوا بالرصاص أثناء المواجهات مع قوات الأمن خلال الأسابيع الأخيرة من حكم الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي.

وكانت الحكومات والبرلمانات والمحاكم، ومنظمات المجتمع المدني، قد دخلت منذ عام 2011 في جدال سياسي قانوني حول العدد الحقيقي لمن يمكن وصفهم بـ«شهداء الثورة وجرحاها». كما ظلت عائلات عشرات الأمنيين الذين قتلوا، أو أصيبوا بجراح خطيرة خلال المواجهات مع المسلحين والعصابات الإرهابية منذ 2011 دون سند مالي واجتماعي، إلى أن أحدثت رئاسة الجمهورية قبل عامين مؤسسة «فدا»، وقررت التكفل بكل الحالات الإنسانية مالياً واجتماعياً.

تفكيك الألغام الموروثة

أعلن وزير الدفاع الوطني قبل أيام أمام البرلمان أن القوات المسلحة تابعت طوال عام 2014 تحركاتها لتفكيك الألغام القديمة والجديدة، من بينها «ألغام يدوية الصنع» موروثة عن مرحلة الصراع بين السلطات والمجموعات المسلحة الإرهابية في جبال المحافظات الغربية للبلاد، والتي تسببت مراراً في مقتل أمنيين وعسكريين وتفجير عرباتهم.

ورغم تنويه السلطات الأمنية بنجاحها خلال العشرية الماضية في القضاء على أكثر من 90 في المائة من نشطاء المجموعات المسلحة، التي تنتمي إلى «تنظيم داعش»، و«القاعدة» وغير ذلك، فقد ظلت ألغام تنفجر وتتسبب في سقوط قتلى وجرحى بين الرعاة والسكان والأمنيين خلال عبورهم تلك الجبال.

ولذلك نظمت حملة واسعة خلال الأشهر الماضية أسفرت عن تفجير حوالي 500 لغم، أغلبها يدوية الصنع.

عدد من المتهمين بالتآمر ضد أمن الدولة (الموقع الرسمي لغازي الشواشي)

وأعلنت مصادر أمنية أنه في سياق الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة، تم في محافظة سوسة اعتقال تكفيرييْن، كانا في حالة فرار، بعد أن وجهت إليهما تهمة «الانتماء إلى تنظيم إرهابي»، دون الكشف عن اسم هذا التنظيم.

وأسفرت الحملات الأمنية خلال الأشهر الثلاثة الماضية عن إيقاف عشرات المتهمين في قضايا مماثلة تحال على دوائر مكافحة الإرهاب والفساد، وتبييض الأموال، وتهريب السلع والمهاجرين غير النظاميين. لكن طالبت عدة شخصيات حقوقية مستقلة، وقيادات سياسية، ومنظمات نقابية وحقوقية مواقف بالإفراج عن غالبية الموقوفين، وإحالتهم إن لزم الأمر على القضاء في حالة سراح.