الجزائر تحدد خريطة «أولويات» رئاستها لمجلس الأمن الدولي

في مقدمتها أزمة فلسطين والتصدي للإرهاب في أفريقيا

الوفد الجزائري في اجتماعات الجمعية العامة (الخارجية الجزائرية)
الوفد الجزائري في اجتماعات الجمعية العامة (الخارجية الجزائرية)
TT

الجزائر تحدد خريطة «أولويات» رئاستها لمجلس الأمن الدولي

الوفد الجزائري في اجتماعات الجمعية العامة (الخارجية الجزائرية)
الوفد الجزائري في اجتماعات الجمعية العامة (الخارجية الجزائرية)

تترأس الجزائر، بدءاً من اليوم الأربعاء، مجلس الأمن الدولي لمدة شهر، في إطار ولايتها بالمجلس التي تدوم عامين (من نهاية 2023 إلى نهاية 2025).

وأكدت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان بالمناسبة أنها تعتزم توظيف المنصب الدوري، بعد سنة من انتخابها عضواً بمجلس الأمن، لـ«إسماع صوت الدول العربية والأفريقية، والمرافعة لصالح القضايا العادلة». وقالت إنها «ستعطي أولوية خاصة للملفات المتعلقة بالوضع في الشرق الأوسط، لا سيما في فلسطين المحتلة، ومكافحة الإرهاب في أفريقيا».

عمار بن جامع (أ.ف.ب)

وأوضحت الخارجية أن ممثل الجزائر في الأمم المتحدة، عمار بن جامع، سيشرف على تنظيم «النقاش الفصلي الوزاري المفتوح بالمجلس حول الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية»، مشيرة إلى أنه «من المنتظر أن يشارك الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في هذا الحدث».

وترى الجزائر، وفق خارجيتها، أن مجلس الأمن الدولي «أظهر عجزاً عن توفير الحد الأدنى من الحماية للمدنيين الفلسطينيين، بعد مرور قرابة 15 شهراً على العدوان الصهيوني على قطاع غزة»، مبرزة أن «الجهاز الأممي الرئيس المكلف حفظ السلم والأمن الدوليين بقي منقسماً، رغم جهود أعضائه المنتخبين وخاصة الجزائر، لإعادته إلى مسار الحوار وضرورة تحمل مسؤوليته تجاه الإبادة المستمرة في غزة»، مؤكدة أن السفير بن جامع «كثف جهوده لاستصدار قرار يطالب بوقف إطلاق النار الفوري والدائم في غزة، وحققت هذه الجهود النجاح في مارس (آذار) 2024 بعد فشل المجلس في اعتماد عدة مشاريع قرارات أخرى بسبب الفيتو الأميركي».

تدخل الوزير الجزائري في نقاش حول السلام نظّمه مجلس الأمن مطلع 2024 (الخارجية الجزائرية)

وفي تقدير الجزائر، فقد تمكنت خلال النصف الأول من عهدتها بمجلس الأمن، من إعادة طرح مسألة منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتحدة، في إطار السعي إلى تنفيذ «حل الدولتين»، الذي تنادي به الأمم المتحدة لإحلال سلام عادل ودائم في منطقة الشرق الأوسط.

وأشارت الخارجية، في البيان نفسه، إلى أنشطة مدرجة في جدول أعمال المجلس خلال رئاستها له، أهمها اجتماع حول المسار السياسي والوضع الإنساني في سوريا، واجتماع آخر بشأن اليمن، حيث يرتقب أن يقدم المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، وممثلاً عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إحاطة خلال هذه الاجتماعات.

أما عن الاجتماع «رفيع المستوى» حول التصدي للإرهاب في أفريقيا، الذي ترغب الجزائر تنظيمه خلال الشهر، فقد أحال بيان الخارجية إلى ما ذكره الوزير أحمد عطاف، الاثنين الماضي، بهذا الخصوص في مؤتمر صحافي، حينما أكد أنه «سيبحث توسع النشاطات الإرهابية في أفريقيا، والتهديدات التي تشكلها على أمن واستقرار الدول الأفريقية».

الوزير أحمد عطاف (رويترز)

ووفق ما جاء في كلام عطاف، فقد «نالت الجهود، التي بذلتها الجزائر في مجلس الأمن، استحسان ورضى ودعم جل الدول العربية والأفريقية»، لافتاً إلى أنها «كانت باكورة تنسيق مع الأطراف المعنية، ومع الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي». عاداً أن العام الأول من ولايتها بمجلس الأمن «قضته الجزائر في نصرة القضايا العادلة، وعلى رأسها قضيتا فلسطين والصحراء». كما أكد أن بلاده «عكفت على تقوية الصف الأفريقي داخل مجلس الأمن».

وتابع عطاف موضحاً أن ما بقي من ولاية بلاده في مجلس الأمن «ستكرسه لإعلاء قواعد القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية في كل تحركاتها داخل مجلس الأمن، والعمل على إعادة الاعتبار لمنظمة الأمم المتحدة، ولدورها الحيوي في حل النزاعات، وفضها بالسبل التفاوضية السلمية».


مقالات ذات صلة

بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

تحليل إخباري وصول نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكيروف إلى مطار بنينا العام الماضي (الجيش الوطني)

بعد سقوط الأسد... روسيا تركّز على ليبيا لتحقيق طموحاتها الأفريقية

أدى سقوط بشار الأسد في سوريا إلى عرقلة مشاريع روسيا في أفريقيا، وأرغمها على البحث عن نقطة إسناد بديلة بحوض البحر الأبيض المتوسط، متطلعة في هذا السياق إلى ليبيا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري في لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي (أرشيفية الرئاسة الجزائرية)

قمة تجمع المنفي وقيس سعيد وتبون في طرابلس هذا الشهر

مشاورات تستبق القمة الرئاسية، التي من المقرر أن تجمع كلاً من رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيسي تونس والجزائر قيس سعيد وعبد المجيد تبون، لأول مرة في طرابلس

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس ولد الغزواني أصدر قراراً بتعيين قائد جديد للجيش ومسؤولين بالمؤسسة العسكرية (أ.ف.ب)

موريتانيا: تعيين قائد جديد للجيش ومسؤولين بالمؤسسة العسكرية

أصدر الرئيس الموريتاني عدة مراسيم، أحدها يقضي بتعيين اللواء محمد فال ولد الرايس قائداً لأركان الجيوش، خلفاً للفريق مختار بله شعبان الذي أحيل على التقاعد.

«الشرق الأوسط» (نواكشوط)
الاقتصاد منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) (كونا)

في تحول تاريخي... إعادة هيكلة «أوابك» إلى «المنظمة العربية للطاقة»

يشهد قطاع الطاقة العربي نقطة تحول غير مسبوقة مع إعلان إعادة هيكلة «منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول» (أوابك)، وتغيير اسمها إلى «المنظمة العربية للطاقة» …

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا وزير الداخلية الموريتانية خلال شرحه للتعديلات على قانون الأحزاب السياسية (وزارة الداخلية الموريتانية)

موريتانيا تعدّل قانون الأحزاب... والمعارضة ترفضه

أدخلت الحكومة الموريتانية تعديلات على قانون الأحزاب السياسية، تضمنت شروطاً جديدة لتأسيس أي حزب جديد، لكن هذه التعديلات واجهت رفض جهات في المعارضة.

الشيخ محمد (نواكشوط)

مصر تعوّل على الدعم الأوروبي لتعويض تكلفة استضافة اللاجئين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تعوّل على الدعم الأوروبي لتعويض تكلفة استضافة اللاجئين

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا في القاهرة (الرئاسة المصرية)

تعوّل الحكومة المصرية على تعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، لتعويض فاتورة استضافة ملايين اللاجئين على أراضيها، إلى جانب تكلفة التوترات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً التصعيد في البحر الأحمر، وتأثيره على تراجع إيرادات قناة السويس.

ووصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بلاده بـ«خط الدفاع الأول عن أوروبا، لمنع الهجرة غير الشرعية»، خلال استقباله، الخميس، في القاهرة، رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا، مؤكداً أهمية «مواصلة التعاون مع أوروبا في قضايا الهجرة ومكافحة الإرهاب»، حسب «الرئاسة المصرية».

الموقف ذاته أكده السيسي، أيضاً في اتصال هاتفي مع رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، الخميس، مشيراً إلى أن بلاده «تستضيف أكثر من 9 ملايين أجنبي، نتيجة الأزمات التي تشهدها المنطقة».

ويرى خبراء مصريون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن «استضافة القاهرة ملايين اللاجئين وفَّرت حماية لأوروبا من الهجرة غير الشرعية، مما يستلزم ضرورة توفير دعم مناسب للحكومة المصرية، في ضوء الأعباء التي تمثلها استضافة أعداد كبيرة من المهاجرين، على الاقتصاد المصري».

وسبق أن قدّر رئيس الوزراء المصري تكلفة استضافة الأجانب في مصر، بنحو 10 مليارات دولار سنوياً.

ووفق بيان الرئاسة المصرية، فإن السيسي خلال لقائه ميتسولا، أكد «ضرورة دعم الجهود الحثيثة التي تبذلها بلاده لمنع الهجرة غير الشرعية».

كما أشار إلى آثار التوترات التي تشهدها المنطقة على الاقتصاد المصري، وقال إن «بلاده تكبَّدت خسارة، تُقدر بنحو 7 مليارات دولار، من إيرادات قناة السويس، في عام 2024، بسبب الهجمات التي قام بها الحوثيون على السفن التجارية، في باب المندب»، كما تناول «آليات تفعيل الشراكة الاستراتيجية والشاملة مع الاتحاد الأوروبي، في محاورها كافة».

وفي مارس (آذار) الماضي، توافقت مصر والاتحاد الأوروبي على ترفيع العلاقات إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية الشاملة»، ووقّع الجانبان في ختام قمة عُقدت بالقاهرة شارك فيها السيسي، ورئيسة المفوضية الأوروبية، ورؤساء دول وحكومات قبرص وإيطاليا والنمسا واليونان، «إعلاناً مشتركاً» بشأن شراكة استراتيجية شاملة.

وثمَّنت رئيسة البرلمان الأوروبي الدور المصري في حماية استقرار وأمن المنطقة وشعوبها، كما أكدت «حرص الاتحاد الأوروبي على تعزيز التنسيق المستمر مع مصر، في جميع القضايا»، وفق الرئاسة المصرية.

ويقدم الاتحاد الأوروبي حزمة تمويل لمصر، في صورة مساعدات مالية، وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، مطلع يناير (كانون الثاني) الحالي، إن بلاده «تلقَّت شريحة أولى قيمتها مليار يورو، من حزمة تمويل، من الاتحاد الأوروبي، حجمها 7.4 مليار يورو».

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير جمال بيومي، أن «الجانب الأوروبي يقدم مساعدات للقاهرة في صورة منح وليست قروضاً، تقديراً للسياسة المصرية تجاه المهاجرين واللاجئين»، وقال إن «مصر تستضيف ملايين اللاجئين، ولم تكن معبراً لنقل المهاجرين إلى أوروبا، كما فعلت بعض الدول الإقليمية»، عاداً ذلك «محل تقدير أوروبي».

ووفق الحكومة المصرية فإنه «لم تبحر من مصر أي مراكب غير شرعية منذ عام 2016، بفضل إجراءات حاسمة، تقوم بها، لمواجهة الهجرة غير المشروعة».

وأشار بيومي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الاتحاد الأوروبي يقدم تسهيلات كثيرة للحكومة المصرية، غير المنح، من بينها سياسة مبادلة الديون باستثمارات مباشرة»، إلى جانب «تعزيز التبادل التجاري، والتوسع في استثمارات الطاقة والغاز»، وقال إن «مصر تستهدف أن تكون مصدراً أساسياً للطاقة في أوروبا».

ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، إكرام بدر الدين، أن «مصر تقوم بدور مزدوج في ملف المهاجرين واللاجئين»، وقال إن «استضافة القاهرة ملايين الفارين من الصراعات والنزاعات في المنطقة، يوفر ملاذاً آمناً لهم، ويوفر الحماية لأوروبا في الوقت نفسه، أمام أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين»، وإن «استمرار الدعم الأوروبي لمصر ضروري لتحقيق المصالح الأوروبية».

ويتوقف بدر الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مع التقارب السياسي بين مصر والاتحاد الأوروبي تجاه معظم التطورات الإقليمية، مشيراً إلى أن «هناك مصلحة مصرية وأوروبية مشتركة للتهدئة في البحر الأحمر، وتأمين حركة الملاحة».

وخلال لقائه رئيسة البرلمان الأوروبي، ناقش السيسي جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضرورة تطبيق «حل الدولتين»، بوصف ذلك خياراً وحيداً لتحقيق السلام المستدام في المنطقة، إلى جانب الأوضاع في ليبيا والسودان والصومال، وضرورة الحفاظ على وحدة تلك الدول وأمنها.