انقسام و«خيبة أمل» عربيان يحبطان «وزاري الجامعة»

تأجيل اجتماع طارئ لبحث التطورات في سوريا

مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT
20

انقسام و«خيبة أمل» عربيان يحبطان «وزاري الجامعة»

مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقر جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

أحبط الانقسام و«خيبة الأمل» اجتماعاً طارئاً لوزراء الخارجية العرب، كان من المقرر عقده في القاهرة، الأحد المقبل، لبحث التطورات المتسارعة في سوريا. وأعلنت «الجامعة العربية» تأجيل الاجتماع لوقت لاحق، دون إبداء أسباب أو تحديد الموعد الجديد.

وكانت سوريا تقدمت بطلب لعقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية لبحث تطورات الوضع على الأرض بعد سيطرة الفصائل المسلحة على مدن سورية من بينها حلب وحماة، إثر هجمات بدأت في السابع والعشرين من الشهر الماضي.

لكن سوريا عادت وطلبت إرجاء الاجتماع، بحسب مصدر دبلوماسي عربي مطلع أرجع التأجيل لـ«انقسام عربي بشأن الموقف من التطورات الجارية في سوريا، إضافة إلى خيبة أملهم من نظام الرئيس بشار الأسد».

وقال المصدر الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم ذكر اسمه، إن «هناك أسباباً عدة دفعت لتأجيل الاجتماع، أولها ضعف التمثيل العربي في الاجتماع الوزاري، حيث لم يؤكد الحضور عدد كافٍ من وزراء الخارجية، ما يضعف أي قرارات تصدر عن الاجتماع، ولا يكسبه الزخم المطلوب».

وأضاف المصدر أن «السبب الرئيسي للتأجيل كان تباين وتباعد المواقف العربية بشأن ما يحدث في سوريا، بينما دول تتبنى منطق الحكومة السورية، وأخرى تعارضه»، وأوضح أن «بعض الدول العربية ترى أن سوريا لم تنفذ الخطوات المطلوبة منها، التي تم الاتفاق عليها عند عودتها لـ(الجامعة العربية)».

وأشار المصدر الدبلوماسي العربي المطلع إلى أن «تسارع التطورات على الأرض في سوريا جعل من الصعب عقد الاجتماع الطارئ، لا سيما مع سعي دمشق للحصول على موقف داعم لمنطقها في أنها تحارب الإرهاب»، وقال إن «الدول العربية لا تريد أن تمنح سوريا شيكاً على بياض».

ولفت المصدر إلى أن «سوريا هي مَن طلبت تأجيل الاجتماع بعد مشاورات مع دول عدة كشفت عن التباين والانقسام العربي بشأنها، وأنها ستواجه مطالب عدة في أي اجتماع من هذا النوع».

خيام نازحين سوريين فروا من ريف حلب مطلع ديسمبر 2024 (رويترز)
خيام نازحين سوريين فروا من ريف حلب مطلع ديسمبر 2024 (رويترز)

وكان مجلس وزراء الخارجية العرب أقر في اجتماع طارئ عقد بالقاهرة في 7 مايو (أيار) 2023، استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

وتضمن القرار حينها تشكيل لجنة اتصال وزارية مكونة من المملكة العربية السعودية والأردن والعراق ولبنان ومصر والأمين العام لجامعة الدول العربية، لمتابعة تنفيذ بيان عمّان، والاستمرار في الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل إلى حل شامل للأزمة السورية يعالج جميع تبعاتها، وفق منهجية الخطوة مقابل خطوة، وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، على أن تقدم اللجنة تقارير دورية لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري.

حاولت «الشرق الأوسط» الحصول على تعليق من مؤسسات سورية رسمية بشأن تأجيل الاجتماع؛ لكن لم يتسنَ لها ذلك.

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، عدَّ إرجاء الاجتماع «أمراً مؤسفاً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ما حدث في سوريا خطر عليها وعلى المنطقة ككل، والأمر لن يتوقف عند دمشق»، ورفض هريدي الربط بين العملية السياسية في سوريا وتنفيذها لقرارات «الجامعة العربية»، وما يحدث من هجمات حالياً تنفذها «جماعات إرهابية»، على حد وصفه، كما انتقد انقسام المواقف العربية بشأن سوريا لأنه «يخدم أجندات أميركية وإسرائيلية وتركية تستهدف إسقاط سوريا»، بحسب رأيه.

ويرى الصحافي والمحلل السياسي السوري، حيدر مصطفى، أن «تأجيل الاجتماع الوزاري العربي جاء انتظاراً لنتائج اجتماع بغداد بين وزراء خارجية سوريا والعراق وإيران، وما سوف يتمخض عن الاجتماع المرتقب بالدوحة بين وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا وقطر»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن هناك رغبة في انتظار اتضاح الصورة أكثر على الأرض»، وإن كان الانتظار «ليس في صالح المجموعة العربية»، على حد قوله.

عناصر من الفصائل السورية المسلحة في حماة (أ.ف.ب)
عناصر من الفصائل السورية المسلحة في حماة (أ.ف.ب)

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، العميد السابق لمعهد «البحوث العربية» التابع لجامعة الدول العربية، الدكتور أحمد يوسف أحمد، أن «خطورة الوضع في سوريا كانت تتطلب تحركاً عربياً سريعاً»، وإن كان في الوقت نفسه يشير إلى أن «التحرك الدبلوماسي لن يكون قادراً على تغيير المواقف المتسارعة ميدانياً».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تأجيل الاجتماع يعكس خلافاً واضحاً في المواقف العربية بشأن الموقف من تطورات الوضع في سوريا».

وكانت «الجامعة العربية» أصدرت بياناً نهاية الشهر الماضي، أكدت فيه أنها «تتابع بقلق بالغ التطورات الميدانية في سوريا»، مشيرة إلى «ضرورة احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية».

وأعرب الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، حينها، عن «انزعاجه إزاء التطورات المتلاحقة التي تشهدها سوريا، التي تفتح احتمالات عدة، من بينها حدوث فوضى تستغلها الجماعات الإرهابية لاستئناف أنشطتها»، بحسب البيان. كما أكد البيان نفسه «التزام الأمانة العامة للجامعة العربية بجميع عناصر الموقف السياسي من الوضع في سوريا على النحو الوارد في قرارات مجلس الجامعة بمختلف مستوياته».


مقالات ذات صلة

السعودية: أمن المنطقة يتطلب إقامة دولة فلسطينية مستقلة

الخليج نائب وزير الخارجية السعودي خلال مشاركته في اجتماع جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري (واس)

السعودية: أمن المنطقة يتطلب إقامة دولة فلسطينية مستقلة

جدَّدت السعودية رفضها التام لدعوات تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، ولأي محاولات لفرض حلول لا تحقق تطلعاته المشروعة في تقرير مصيره.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه سلطان عمان هيثم بن طارق في الكرملين بموسكو اليوم (أ.ف.ب) play-circle 00:30

بوتين يعلن خططاً لعقد قمة تجمع روسيا والدول العربية

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم (الثلاثاء)، خططاً تُعدها موسكو لعقد قمة بين روسيا والدول العربية خلال العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم العربي الأمير فيصل بن فرحان خلال استقباله الدكتور بدر عبد العاطي في مقر الخارجية السعودية بالرياض الاثنين (واس)

مشاورات سعودية - مصرية في الرياض

استضافت الرياض الاجتماع الوزاري السابع للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين السعودية ومصر، الذي ناقش التطورات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها.

غازي الحارثي (الرياض)
شمال افريقيا افتتاح مؤتمر «العمل العربي» في القاهرة (وزارة العمل المصرية)

مؤتمر «العمل العربي» في القاهرة يدعو إلى «التكامل» ومواجهة تحديات المنطقة

دعا مؤتمر «العمل العربي» في القاهرة إلى «تعزيز آليات التعاون والتكامل بين الدول العربية لمواجهة تحديات المنطقة».

أحمد إمبابي (القاهرة)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال استقبال وزير الخارجية العراقي فؤاد محمد حسين (وام)

محمد بن زايد يستقبل وزير الخارجية العراقي ويبحث معه القضايا المشتركة

استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وزير الخارجية العراقي فؤاد محمد حسين

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

المغرب وتحالف دول الساحل لتسريع مبادرة «الولوج للمحيط الأطلسي»

الملك محمد السادس خلال لقائه وزراء خارجية بوركينا فاسو ومالي النيجر (أ.ف.ب)
الملك محمد السادس خلال لقائه وزراء خارجية بوركينا فاسو ومالي النيجر (أ.ف.ب)
TT
20

المغرب وتحالف دول الساحل لتسريع مبادرة «الولوج للمحيط الأطلسي»

الملك محمد السادس خلال لقائه وزراء خارجية بوركينا فاسو ومالي النيجر (أ.ف.ب)
الملك محمد السادس خلال لقائه وزراء خارجية بوركينا فاسو ومالي النيجر (أ.ف.ب)

أعلن وزراء خارجية بوركينا فاسو ومالي النيجر إثر لقائهم في الرباط الإثنين العاهل المغربي الملك محمد السادس التزامهم «تسريع» تطبيق مبادرة المملكة لتمكين دولهم من الولوج للمحيط الأطلسي، وفق ما أفادت وكالة الأنباء المغربية.

وقالت الوكالة إن الملك استقبل وزراء خارجية بوركينا فاسو كاراموكو جون ماري تراوري، ومالي عبد الله ديوب، والنيجر باكاري ياوو سانغاري، «في إطار العلاقات القوية والعريقة» التي تجمع بين دولهم والمملكة. وأشاد الوزراء، على وجه الخصوص، بمبادرة المغرب لتمكين دول الساحل الثلاث من الولوج إلى المحيط الأطلسي، «مجدّدين انخراطهم التام والتزامهم من أجل تسريع تفعيلها»، بحسب نفس المصدر.

وكان الملك محمد السادس أعلن عن هذا المشروع في خطاب القاه في العام 2023 وقال فيه «نقترح إطلاق مبادرة على المستوى الدولي تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي»، الذي يمتد على سواحل الصحراء المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.

لكن لم يعلن حتى الآن عن جدول زمني لتنفيذ هذه المبادرة التي يُنتظر أن تتجسّد في شبكة من الطرق والبنى التحتية.

وأعرب الوزراء الثلاثة عن تقديرهم «للمبادرة التي تأتي في وقت تعيش فيه بلداننا نوعا من الحجر السياسي والاقتصادي»، وفق ما قال وزير خارجية بوركينا فاسو كاراموكو جون ماري تراوري لوسائل إعلام مغربية رسمية عقب اللقاء مع الملك.

من جهته، أشار نظيره المالي عبد الله ديوب إلى أهمية «تنويع الولوج إلى البحر» بالنسبة للبلدان الثلاثة. بدوره، اعتبر الوزير النيجيري باكاري ياوو سانغاري المشروع المغربي بمثابة «فرصة لبلداننا (...) المعزولة».

وبوركينا فاسو ومالي النيجر هي بلدان حبيسة شكّلت تحالفا في ما بينها وتحكمها أنظمة عسكرية وصلت إلى السلطة إثر انقلابات بين عامي 2020 و2023 وتقاربت مع روسيا بعد تخليها عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة.

ومؤخرا توترت علاقات هذه الدول مع الجزائر، الغريم الإقليمي للمغرب، حيث أعلنت مطلع أبريل (نيسان) استدعاء سفرائها لدى الجزائر التي اتهمتها بإسقاط طائرة مسيّرة تابعة لجيش باماكو في شمال الأراضي المالية قرب الحدود الجزائرية في نهاية مارس (آذار).