السودان: انشقاق كبير يهز حزب البشير «المعزول»

الرئيس المخلوع خاطب اجتماع «الشورى» بحضور قادة «المؤتمر الوطني»

الرئيس السوداني السابق عمر البشير (أرشيفية - رويترز)
الرئيس السوداني السابق عمر البشير (أرشيفية - رويترز)
TT

السودان: انشقاق كبير يهز حزب البشير «المعزول»

الرئيس السوداني السابق عمر البشير (أرشيفية - رويترز)
الرئيس السوداني السابق عمر البشير (أرشيفية - رويترز)

ضرب انشقاق كبير حزب المؤتمر الوطني المعزول، الذي أطيح به من الحكم بثورة شعبية في السودان 2018، إثر انتخاب «مجلس الشورى» المختلف حوله، أحمد هارون، المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، رئيساً للحزب، على الرغم من اعتراض التيار الذي يقوده رئيس المكتب القيادي، إبراهيم محمود، وتحذيره من خلافات قد تؤدي إلى انقسام الحزب.

وعلمت «الشرق الأوسط»، من مصادر مقربة من المجموعتين المختلفتين، فضلت حجب اسمها، أن اجتماع «الشورى» عقد الخميس الماضي بمدينة عطبرة بولاية نهر النيل (شمال البلاد)، حضره من القيادات، أحمد هارون، والأمين العام للحركة الإسلامية علي أحمد كرتي، ونائب الرئيس الأسبق، علي عثمان محمد طه، والقيادي أسامة عبد الله، كما شاركت قيادات بالخارج داعمة للاتجاه نفسه في الاجتماع عبر وسائل الإنترنت.

البشير يخاطب الاجتماع

ووفقاً للمصادر، خاطب الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، اجتماع «الشورى» برسالة صوتية، وبارك انتخاب أحمد هارون، وجرى تأمين الاجتماع بعناصر الحركة الإسلامية.

البشير قاد إنقلاباً عام 1989وخاض نظامه حروباً لسنوات عدّة في جنوب السودان ودارفور (أ.ف.ب)

واستبق المكتب القيادي، بقيادة إبراهيم محمود، انعقاد الاجتماع بإصدار بيان الأربعاء الماضي، أعلن فيه عدم الاعتراف به أو بأي قرارات تصدر عنه، وعَدَّ تلك الخطوة مخالفة للنظام الأساسي، مطالباً الأعضاء الذين وجهت اليهم الدعوات بعدم حضوره.

خلافات حول المطلوبين للجنائية

وبدأ الحراك الانشقاقي داخل الحزب الذي تقوده شخصيات نافذة عقب عودة إبراهيم محمود، آخر رئيس مكلف من قبل «مجلس الشورى»، إلى مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة في البلاد، قادماً من تركيا. وقالت مصادر أخرى إن محمود لن يعترف بقرارات «مجلس الشورى»، وسيمضي وحده في تكوين حزب تحت ذات المسمى.

وأوضحت أن دوافع مجموعة محمود هو التخلُّص من التركة الثقيلة من قيادات الحزب المطلوبة لدى المحكمة الجنائية -من بينهم البشير وهارون وعبد الرحيم محمد حسين- والتي تسببت -حسب تعبيرها- في خسائر سياسية كبيرة للحزب، واستمرار وجودها سيكون خصماً في المستقبل على الحزب.

وأشارت إلى أن الصراع بين المجموعتين بدأ في أعقاب عودة إبراهيم محمود مباشرة من تركيا، والذي يحظى بدعم كبير من القياديين نافع علي نافع، ومدير جهاز الأمن والمخابرات الأسبق، محمد عطا المولى.

مظاهرات صاخبة أدت للإطاحة بحكم البشير والمؤتمر الوطني عام 2018 (إ.ب.أ)

وحسب المصادر، سارعت مجموعة أحمد هارون إلى عقد اجتماع «مجلس الشورى»، بدعم من علي كرتي، المسؤول الأول عن إشعال حرب 15 من أبريل (نيسان) 2023، (حسب تقارير ومصادر متنوعة) لإزاحة أي مجموعة أخرى تسعى للسيطرة على الحزب.

كرتي... كرَس الانقسام

ووفقاً للمصادر، فإن كرتي وراء قيام اجتماع «مجلس الشورى» لحسم المجموعة الأخرى، والتمهيد لاستلام أحمد هارون قيادة الحزب، وأن دافعه في ذلك استمرار الحرب تحت مسمى «معركة الكرامة» للعودة إلى الحكم مرة أخرى.

وقالت المصادر إن تحركات إبراهيم محمود أزعجت مجموعة علي كرتي، المعروف بعلاقته الواسعة مع الجيش عبر أذرعه في الاستخبارات العسكرية.

واعتذرت قيادات في المؤتمر الوطني عن الحديث لـ«الشرق الأوسط» للتعليق على هذه المعلومات، دون ذكر الأسباب، من بينهم قيادي تسلم موقعاً بارزاً في الحزب.

علي كرتي الأمين العام لـ«الحركة الإسلامية» في السودان (غيتي)

واستبعد مفكر إسلامي شهير قدرة حزب المؤتمر الوطني ومرجعيته الفكرية، الحركة الإسلامية، على الإصلاح، بسبب ما سمّاه «الإفلاس الفكري الذي تواجهه الحركة، لأنهم مهما اتفقوا أو اختلفوا فهم بحاجة إلى مشروع جديد ولتجديد جذري».

نصيحة مني أركو مناوي

وأشار إلى تصريحات حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، الذي طالبهم فيها بإجراء مراجعات فكرية وتقديم رؤية جديدة، والاعتذار للشعب السوداني عن أخطاء الماضي، بقوله: «هناك واجبات تقع عليهم... عليهم عمل مراجعة وتقديم رؤية للمستقبل، لأن معادلة وجودهم في المستقبل تقتضي القبول بالسودان الواحد الديمقراطي». وتابع: «هذا حديث ظللت أردده لهم عدة سنوات، فالقضايا الأساسية التي يجدون لها حلّاً أدت لفصل الجنوب، وهي قضية المواطنة وإشكالية الشريعة والدولة الحديثة، هم كانوا أكثر حركة مؤهلة لحل هذه القضايا، لكنهم لم يفعلوا، والحل يبدأ بفتح الباب لجيل جديد مؤهل لصياغة مصالحة بين الإسلام والعصر».

حاكم إقليم دارفور رئيس حركة «جيش تحرير السودان» مني أركو مناوي (أ.ف.ب)

وشدّد المفكر -الذي طلب عدم ذكر اسمه- على أهمية تأدية واجبات المراجعة والمستقبل، والرجوع لأصل الحركة التي تدعي أنها حركة توحيدية، وتابع: «هي تدعي أنها حركة توحيدية، لكنها دائماً ظلّت تحافظ على ظاهر وباطن، وحزب وحركة وحكومة».

دعوة لتأسيس حزب عصري

ودعا المفكر الإسلامي البارز الإسلاميين إلى تأسيس حزب حديث، ووضع برنامج يجيب أسئلة الواقع، والتحول لحركة سياسية، وأن يوجهوا طاقتهم الفكرية والاجتماعية أو الدعوية إلى منظمات المجتمع المدني، مثلما فعلت تونس، وقال: «الشيخ حسن الترابي كان يطمح في إذابة الحركة في المجتمع، وليس لقولبة المجتمع في الحركة الإسلامية، وهذا ما دفعه لإلغاء اسمها، وأطلق عليها حركة الإسلام في المجتمع».


مقالات ذات صلة

«شرق السودان» على حافة الفوضى مع انتشار الحركات المسلحة

شمال افريقيا أعضاء جدد في القوات المسلحة السودانية يعرضون مهاراتهم خلال حفل تخرج في مدينة القضارف بشرق البلاد 5 نوفمبر (أ.ف.ب)

«شرق السودان» على حافة الفوضى مع انتشار الحركات المسلحة

طالبت حركة شبابية في شرق السودان بطرد الحركات المسلحة الحليفة للجيش من المنطقة، وتوعدت بإغلاق الإقليم الذي تتخذ الحكومة من عاصمته بورتسودان عاصمة مؤقتة لها.

أحمد يونس (كامبالا)
شمال افريقيا امرأة مريضة تستريح في حضن قريبتها في مستشفى الشهداء التعليمي في الخرطوم بالسودان في 9 نوفمبر 2024 (رويترز)

مقتل 14 في جنوب ولاية الجزيرة السودانية

اتهمت منظمة «مؤتمر الجزيرة» الحقوقية «قوات الدعم السريع» بالسودان، اليوم (الخميس)، بقتل 14 شخصاً وإصابة 30 آخرين بإحدى قرى جنوب ولاية الجزيرة.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا صورة جرى توزيعها في يناير 2024 لنساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

شهادات «مروعة» لناجيات فررن من الحرب في السودان

نشرت «الأمم المتحدة»، الثلاثاء، سلسلة من شهادات «مروعة» لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال بالسودان الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أفريقيا مواطنون يتجمعون للحصول على المياه بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ب)

«الأمم المتحدة»: حلفاء الأطراف المتحاربة بالسودان يسهمون في «المجازر»

اتهمت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، حلفاء القوى المتحاربة في السودان بـ«تمكين المجازر» بالبلاد.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
العالم العربي شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

مصدر مصري مسؤول قال لـ«الشرق الأوسط» إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة ضمن آلية رباعية لتنسيق مساعٍ لحلحلة الأزمة السودانية»

أحمد إمبابي (القاهرة)

تلميح إثيوبيا لـ«عدم خروج قواتها من الصومال» يعمق التوتر في القرن الأفريقي

ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو (رويترز)
ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو (رويترز)
TT

تلميح إثيوبيا لـ«عدم خروج قواتها من الصومال» يعمق التوتر في القرن الأفريقي

ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو (رويترز)
ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو (رويترز)

تزامن تلميح إثيوبيا باحتمال عدم خروج قواتها المشاركة بـ«حفظ السلام» في مقديشو، بعد قرار الصومال باستبعادها رسمياً بنهاية العام، مع نتائج أولية لانتخابات رئاسية في إقليم «أرض الصومال» الانفصالي قد تطيح بالرئيس موسى بيحي عبدي الذي وقع اتفاقاً مطلع العام مع أديس أبابا، ترفضه الحكومة الصومالية، وسط تأكيد مصري جديد بالاستمرار في دعم استقرار ووحدة وسيادة مقديشو.

ذلك التلميح الإثيوبي الذي يأتي غداة تهنئة أديس أبابا لـ«أرض الصومال» على نجاح الانتخابات المرتقب إعلان نتائجها، يراه خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، «يحمل مزيداً من تعميق التوتر بمنطقة القرن الأفريقي، خصوصاً مع تحذير من مقديشو باعتبار بقاء القوات الإثيوبية احتلالاً».

ولفت الخبراء إلى أن حكومة آبي أحمد تحاول أن تتخذ حركة «الشباب» الإرهابية «ذريعة للبقاء»، رغم انتهاء مدتها بعد أقل من شهرين، خصوصاً أن سنوات الوجود الإثيوبي لم تحمل أي نهاية للإرهاب؛ بل أضرت بالجيش الصومالي، الذي تحاول مصر حالياً دعمه وتدريب قواته دون الانجرار لـ«الاستفزازات الإثيوبية» المحتملة مع وجود القوات المصرية.

وتتمسك إثيوبيا بالمُضيّ في اتفاق مبدئي وقعته في يناير (كانون الثاني) 2024 مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي عن مقديشو، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمّن ميناءً تجارياً، وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولةً مستقلة، وسط رفض من مقديشو بوصفه يمس السيادة.

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً يلغي اتفاق إقليم «أرض الصومال» مع أديس أبابا (الرئاسة الصومالية)

وطالب رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري، في أغسطس (آب) الماضي، بـ«انسحاب إثيوبيا من مذكرة التفاهم؛ وإلا لن تكون القوات الإثيوبية جزءاً من بعثة الاتحاد الأفريقي»، وتلا إصرار إثيوبيا على موقفها، توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو في أغسطس الماضي، ومد الصومال بأسلحة ومعدات لمواجهة «الشباب» الإرهابية، وصولاً إلى إعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، رسمياً، استبعاد القوات الإثيوبية من البعثة الأفريقية لحفظ السلام المقررة بدءاً من 2025 حتى 2029، وأرجع ذلك إلى «انتهاكها الصارخ لسيادة واستقلال الصومال».

في المقابل، استمرت إثيوبيا على موقفها الداعم لإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وهنأته وزارة الخارجية الإثيوبية، الجمعة، على «النجاح في إجراء انتخابات سلمية وديمقراطية تعكس نضج الحكم»، وسط نتائج أولية تشير إلى «تقدم كبير لمرشح حزب وطني المعارض، عبد الرحمن عرو (الذي أكد مواصلة الاتفاق مع أديس أبابا شريطة عرضه على البرلمان)»، وفق ما نقلته وسائل إعلام صومالية.

وملمحاً إلى البقاء في الصومال رغم طلب سحب قوات بلاده، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، نبيات غيتاتشو، الخميس، أن «إثيوبيا ستواصل عملياتها الحاسمة لإضعاف حركة (الشباب) بهدف ضمان عدم تشكيلها تهديداً للأمن القومي الإثيوبي، والحفاظ على المكاسب المحققة ضد الإرهاب»، وفق ما نقلته وكالة «فانا» الإثيوبية الرسمية.

ولم تعلق مقديشو على موقف إثيوبيا، غير أن وزير الخارجية الصومالي، أحمد فقي، طالب في وقت سابق، بـ«مغادرة القوات الإثيوبية (المقدرة بنحو 4 آلاف)، الأراضي الصومالية بنهاية تفويضها هذا العام؛ وإلا سيُعدّ بعد ذلك احتلالاً عسكرياً، ويتم التعامل معه بكل الإمكانات المتاحة».

وترى الخبيرة المصرية في الشؤون الأفريقية، أسماء الحسيني، أن «تلك التصريحات والمواقف الإثيوبية تعمق التوترات في منطقة القرن الأفريقي، وتجر المنطقة لتصعيد كبير، وليس أمام أديس أبابا غير الاستجابة لقرار سيادي صادر من الصومال باستبعاد قواتها».

وأكدت أن «إثيوبيا تحاول اتخاذ مواجهة حركة (الشباب) ذريعة للبقاء؛ لكن الحقيقة أن سنوات وجودها من دون فائدة للصومال، واستخدمتها الحركة ذريعة للحشد في مواجهة العدو الخارجي، وبالتالي الانسحاب الإثيوبي قد يعزز فرص الجيش الصومالي في فرض السيطرة أكثر».

وبشأن التحرك الصومالي المتوقع، تعتقد الحسيني أن مقديشو تتحرك منذ فترة لمواجهة تلك التهديدات، وذلك عبر التحالفات، وأبرزها كان مع مصر منذ أغسطس الماضي، وكذا جولات رئاسية أخيراً لدول جوار كجيبوتي وأوغندا وكينيا، لنقل رسالة بشأن التهديدات الإثيوبية وتأمين استقرار المنطقة، لافتة إلى أن الاتحاد الأفريقي المسؤول عن قوات حفظ السلام عليه دور في الضغط على إثيوبيا لتنفيذ طلب مقديشو دون أي مناورات.

وتحذر الحسيني من تكرار إثيوبيا سيناريو غزو الصومال عام 2006، الذي انتهى عام 2009 بانتصار إرادة الشعب الصومالي المتمسك بسيادته ووحدة أراضيه، مؤكدة أنه لا يجوز لأديس أبابا أن تكون حكماً وخصماً، وعليها أن تكف عن سياسة حافة الهاوية وتهديد المنطقة.

عناصر من قوة «حفظ السلام» قبل الشروع في دورية مشتركة بالمناطق الواقعة جنوب شرقي دوساماريب (أرشيفية - رويترز)

ويرى الخبير السوداني في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج، أن «إثيوبيا تريد بهذه التصريحات اللعب على حبال الحاجة المُلحة لحفظ السلام والأمن في الصومال، خوفاً من استجابة مؤسسات الاتحاد الأفريقي لرغبة الصومال في الاستغناء عن خدمات القوات الإثيوبية ضمن بعثة حفظ السلام والأمن في أراضيها».

وأضاف أن «إثيوبيا تدرك أن ثقلها في المنطقة يرتبط في المقام الأول بوجود شرعي لقواتها في الصومال، تجنباً لمخاوفها الخاصة من المآلات المستقبلية لاتفاق التعاون العسكري بين مصر والصومال المبرم بينهما في أغسطس الماضي».

وبتقدير الحاج، فإن «إثيوبيا ستكثف خلال الفترة المقبلة من خطابها الدبلوماسي الغارق في تذكير المجتمع الدولي بأهمية إضعاف حركة النشاط الإرهابي بالمنطقة، استباقاً لأي قرارات أفريقية وأممية تمنح مصر حق الأولوية القصوى للقيام بأدوار عليا في عمليات حفظ السلام والأمن بالمنطقة، بديلاً عن إثيوبيا».

وقرّر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في يونيو (حزيران) الماضي، إرسال بعثة جديدة لحفظ السلم في الصومال، باسم «بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال»، بدءاً من يناير 2025، وتستمر حتى عام 2029.

وكانت «التحديات التي تشهدها منطقة القرن الأفريقي وتصاعد حدة التوتر بها، والأوضاع في الصومال» على قمة جدول محادثات جرت، السبت، بين وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، ومبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي أنيت فيبر، وسط تأكيد مصري على استمرارها في دعم استقرار وسيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية» المصرية.

وبحسب أسماء الحسيني، فإن «مصر تذهب للصومال من أجل السلام وتدريب ودعم الجيش الصومالي، وستستمر في المشاركة بقوات حفظ السلام»، مؤكدة أن «مصر ستبقى على قدر من الحكمة والمواقف الداعمة والمستمرة للصومال دون أي تأثير بأي موقف إثيوبي رافض لوجودها».

ويرى عبد الناصر الحاج أن «مصر لا تزال مراهناتها قائمة على التفاهمات المبرمة مع الصومال؛ وإثيوبيا لا تمتلك مفاتيح أخرى في يدها غير تحفيز المجتمع الدولي لأجل الإبقاء على قواتها ضمن البعثة العسكرية الجديدة المنتظرة في الصومال».