انفجار لغم بمشاركين في رالي للسيارات بليبيا... و4 إصابات

كما كانت الجفرة ساحة للحرب ضدّ الأعداء ستصبح حاضنة للسلام

قبيل انطلاق الرالي الصحراوي في الجفرة الليبية (اللجنة المنظمة)
قبيل انطلاق الرالي الصحراوي في الجفرة الليبية (اللجنة المنظمة)
TT

انفجار لغم بمشاركين في رالي للسيارات بليبيا... و4 إصابات

قبيل انطلاق الرالي الصحراوي في الجفرة الليبية (اللجنة المنظمة)
قبيل انطلاق الرالي الصحراوي في الجفرة الليبية (اللجنة المنظمة)

في أجواء صحراوية وُصفت بأنها خلابة، انطلق «رالي تي تي ودان» بنسخته العاشرة التي احتضنتها مدينة ودان ببلدية الجفرة (وسط ليبيا)، قبل أن يُنهي يومه الأول، مساء الخميس، بانفجار لغم أرضي أسفر عن إصابة 4 من المشاركين.

صدام حفتر وحسن الزادمة خلال انطلاق الرالي (اللجنة المنظمة)

واستهلّت فعاليات الرالي الصحراوي لسباق وعروض سيارات الدفع الرباعي والدراجات النارية، الذي يحظى بمشاركات واسعة من جميع أنحاء ليبيا، بحضور رئيس أركان القوات البرّية بـ«الجيش الوطني» الفريق صدام حفتر، وآمر «اللواء 128 المعزّز» اللواء حسن الزادمة.

وبينما كان يتجمّع المئات من عشاق السيارات الصحراوية والدراجات النارية لمتابعة فعاليات الرالي، الذي يستمر 3 أيام وينتهي السبت؛ وقع الانفجار الذي أرجعه ديوان رئاسة الوزراء في المنطقة الجنوبية إلى لغم من مخلّفات الحرب ضد تنظيم «داعش» في الجفرة.

وعلى وَقْع انقسام سياسي، سارع بعضٌ إلى القول إنّ السيارة التي انفجر فيها اللغم اقتربت من «تحصينات عناصر (فاغنر) الروس في قاعدة الجفرة التابعة لـ(الجيش الوطني) بقيادة المشير خليفة حفتر»، لكنّ مصادر مقرَّبة من «الرالي» نفت ذلك.

وأوضح مجلس الوزراء في المنطقة الجنوبية أنّ الحادث الذي وصفه بـ«المؤسف»، وقع «نتيجة ازدحام المتسابقين عند البوابة الرئيسية لـ(رالي ودان)؛ مما أدّى إلى انحراف المركبة نحو طريق صحراوي آخر يبعد نحو 20 كيلومتراً عن الميدان»، مشيراً إلى أنّ الحادث أسفر عن إصابة 4 من المشاركين في الرالي؛ «حالتهم الصحية جيّدة بعد تلقيهم العلاج في مستشفى ودان العام».

وإذ لفت المجلس إلى تواصله مع الجهات المتخصّصة في ودان، أوضح أنّ الحادث «لن يؤثر في فعاليات الرالي التي تسير بشكل طبيعي، فمكان وقوعه بعيد عن مضمار المنافسات».

جانب من الرالي الصحراوي في الجفرة الليبية (اللجنة المنظمة)

بدوره، تَذكّر نائب رئيس الحكومة المكلّفة من مجلس النواب، سالم الزادمة، جانباً من التاريخ الذي شهدته الجفرة، وقال مع انطلاق الرالي: «قبل نحو 100 عام، اتحد (المجاهدون) الليبيون قلباً واحداً في أرضها، عندما استجابت القبائل للنداء وتجمّعت فيها مثل البنيان المرصوص لدحر الغزاة والمستعمرين في معركة (قارة عافية) في 30 و31 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1928».

ورأى أن «(رالي ودان) أكثر من حدث رياضي؛ إنه رسالة محبة لشباب العالم، ودعوة لكل الليبيين بأنّ الجفرة، بوسطيتها الجغرافية التي تربط ليبيا شرقاً وغرباً وجنوباً، تُجدّد النداء للالتقاء على أرضها من أجل الحوار حول إنهاء الانقسام والتوصّل إلى توافق».

وختم حديثه: «كما كانت الجفرة ساحة للحرب ضدّ الأعداء، ستصبح حاضنة للسلام».

وحضر الحفل الافتتاحي الذي أُقيم بـ«ميدان الشهيد» وسط المدينة، ممثلون عن البرلمان ومجلس حكماء وأعيان الجفرة والمؤسّسات الرسمية والعسكرية والأمنية، بالإضافة إلى حضور جماهيري من أهالي مدن بلديات الجفرة ودان وهون وسوكنة وزلة.

جانب من الانفجار الذي أحدثه اللغم (صورة متداولة عبر حسابات شخصيات على صلة بالرالي)

وتحدّث عضو اللجنة الدائمة للرالي، علي الشيخ، عن مشاركة واسعة من مختلف مناطق ليبيا، من بينها: بنغازي، ومصراتة، والخمس، وطرابلس الكبرى، وزليطن، والعجيلات، والزاوية، وصرمان، وصبراتة، ونالوت، ومسلاتة، وترهونة، وسبها.

وكان قد جرى تداول أنباء عن وقوع قتلى من المشاركين إثر الانفجار، لكن وكالة الأنباء الرسمية، «وال»، نفت ذلك على لسان من سمّتهم «مصادر من اللجنة المنظمة للرالي».


مقالات ذات صلة

دعم غربي متزايد لإجراء الانتخابات البلدية الليبية

شمال افريقيا السايح خلال اجتماع مع أجهزة أمن المنطقة الغربية (مفوضية الانتخابات)

دعم غربي متزايد لإجراء الانتخابات البلدية الليبية

وسط دعم أميركي وأوروبي لإجراء المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية في ليبيا، حثّت هولندا على نزاهة عملية الاقتراع.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى يلتقي بمكتبه عبد الحميد الدبيبة (المصرف)

تكرر تأخر الرواتب... كابوس «ينغّص حياة» الليبيين

تجددت أزمة تأخّر صرف الرواتب في ليبيا، بينما وعد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، بحل الأزمة المتعلقة بصرف راتب شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا صورة أرشيفية للقاء تكالة مع القائمة بالبعثة الأممية (البعثة)

تصاعد أزمة «الدولة» الليبي بعد إعلان تكالة فوزه

تصاعدت أزمة النزاع على رئاسة المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، اليوم الثلاثاء، بعد إعلان رئيسه السابق محمد تكالة فوزه مجدداً برئاسته، وسط اعتراض خالد المشري.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا احتجاج سابق لمرضي ضمور العضلات أمام مقر الحكومة بطرابلس (رابطة مرضى ضمور العضلات في ليبيا)

ليبيا: ضحايا «ضمور العضلات» يشكون التجاهل وبطء العلاج

يطالب مرضى ضمور العضلات في ليبيا بإنشاء مستشفى متخصص لخدمتهم، ووحدات رعاية بالمستشفيات الكبرى في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تكرر تأخر الرواتب... كابوس «ينغّص حياة» الليبيين

محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى يلتقي بمكتبه عبد الحميد الدبيبة (المصرف)
محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى يلتقي بمكتبه عبد الحميد الدبيبة (المصرف)
TT

تكرر تأخر الرواتب... كابوس «ينغّص حياة» الليبيين

محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى يلتقي بمكتبه عبد الحميد الدبيبة (المصرف)
محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى يلتقي بمكتبه عبد الحميد الدبيبة (المصرف)

بعد أن تجددت أزمة تأخّر صرف الرواتب في ليبيا، وعد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية»، بحل الأزمة المتعلقة بصرف راتب شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قبل نهاية الأسبوع.

ويرى سياسيون ليبيون أن هذه الأزمة تتكرر باستمرار في البلاد، وفي هذا السياق أوضح عضو مجلس النواب الليبي، عبد السلام نصية، أنها «مشكلة باتت مزمنة، خصوصاً في السنوات الماضية»، وأرجع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» مسؤولية ظهور هذه الأزمة لعدة عوامل، أبرزها «ارتفاع أعداد العاملين بالدولة؛ مما رفع بند الرواتب التي أصبحت تشكل أكثر من 65 في المائة من دخل البلاد».

الدبيبة وعد بحل الأزمة المتعلقة بصرف راتب شهر أكتوبر الماضي (الشرق الأوسط)

وفي تقريرها لعام 2023، قدرت هيئة الرقابة الإدارية أعداد العاملين بالجهات الممولة من خزانة الدولة بمليونين و99 ألفاً و200 موظف. وحذر التقرير من تضخم عدد العاملين بالجهاز الإداري للدولة، لما له من تأثير مباشر على التنمية والإنتاج، إذ بلغ إجمالي رواتبهم خلال الفترة الممتدة من سنة 2012 إلى 2023 نحو 372 ملياراً و759 مليوناً و500 ألف دينار. (الدولار يساوي 4.86 دينار في السوق الرسمية).

مرتبات عشوائية

أوضح عبد السلام نصية أن «التوسع في التعيينات بالقطاع العام، وأيضاً قرارات زيادة الرواتب العشوائية، لم يقابلهما زيادة في الدخل العام، كما أنهما تمّا في إطار التنافس بين الحكومات والأفراد بهدف كسب الولاءات».

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى هي «الوحدة الوطنية» التي يرأسها الدبيبة، وتتخذ من العاصمة طرابلس غرب البلاد مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان، وتدير المنطقة الشرقية وبعض مناطق الجنوب.

ويرى نصية أن اعتماد البلاد على النفط بوصفه مورداً رئيسياً للدخل يعد «سبباً إضافياً للأزمة»، وقال موضحاً: «بات أي تذبذب في أسعار النفط وكميته المستخرجة ينعكس سلباً على الدخل العام، وبالتبعية تتأثر رواتب العاملين من حيث القيمة، وأيضاً توقيت صرفها».

بات جل الليبيين يجدون صعوبة في شراء مستلزمات حياتهم بسبب تأخر الرواتب (أ.ف.ب)

وأضاف نصية سبباً آخر، يتمثل في «ظهور سياسات غريبة للمالية العامة»، من أهمها ما يسمى بـ«الإفراجات» التي يشوبها الكثير من الفساد، فضلاً عن انهيار ما يعرف بـ«الدورة المستندية» للدخل، من خلال قيام المؤسسة الوطنية للنفط بحجب الإيرادات والتصرف فيها قبل توريدها.

وانتهى نصية إلى أن كل الأسباب السابقة، مع زيادة سعر الصرف نتيجة التوسع في الإنفاق الناتج عن الانقسام المؤسساتي «سيظل من الأسباب التي تؤدي إلى استمرار وتفاقم أزمة الرواتب».

أزمة قديمة

من جانبه، عبر عبد العزيز الحاج (اسم مستعار) عن استيائه من تأخر صرف الرواتب طوال السنوات الماضية، ورأى أن المسؤولين «لا يشعرون بتزايد الأعباء المعيشية» عليه، وعلى زملائه من العاملين بالقطاع الحكومي.

يقول الحاج، وهو من قاطني الجنوب الليبي لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأزمة ليست جديدة، لكنها تضغط على كثير من الأسر، وخصوصاً مَن لا يملكون دخلاً إضافياً».

بدورها، حمَّلت الأكاديمية الليبية، فيروز النعاس، أزمة الرواتب «للصراع والانقسام السياسي والحكومي والمؤسسي الراهن في البلاد». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنه «في ظل أجواء الخصومة ما بين حكومة الدبيبة والبرلمان، فإن هذا الأخير يعتمد الميزانية للحكومة المكلفة من قِبَله برئاسة أسامة حماد، ثم لا يتعامل المصرف المركزي المسؤول عن السياسة النقدية مع تلك الحكومة؛ بسبب عدم حصولها على الشرعية الأممية».

وتساءلت فيروز النعاس عن غياب اللجان والدراسات المتخصصة لتحديد الأولويات التي تحتاج إليها البلاد، معربة عن قناعتها بأن كل «المشاريع التي ينفذها المسؤولون، شرقاً وغرباً، تأتي في إطار المنافسة بينهم في حصد إنجازات تنسب لهم، رغم تمويلها من الخزينة العامة».

واجهة البنك المركزي في طرابلس (رويترز)

ولم يبتعد الناشط السياسي الليبي، حسام القماطي، عن الآراء السابقة، حيث أوضح أن ليبيا هي «الدولة الوحيدة التي يعد فيها صرف الراتب إنجازاً تتباهى الحكومات بتحقيقه». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم معايشة الليبيين لأزمات اقتصادية كثيرة خلال السنوات الأخيرة، فإنهم يشعرون بالاستياء تجاه عجز دولتهم النفطية عن الوفاء بالتزاماتها تجاههم فيما يتعلق بأبسط حقوقهم، أي الراتب يكون مضاعفاً».

وتحدث القماطي عن «سوء التنظيم بين المؤسسات المالية بالبلاد، وسوء الإدارة وكثرة تغيير السياسات، جراء تعاقب الحكومات بعد (ثورة فبراير)، ومعوقات البيروقراطية». وتساءل في هذا السياق عن «عدم انتباه المسؤولين لعدم وجود أموال في حسابات المؤسسة الوطنية للنفط تكفي لتغطية الرواتب، وهذا هو سبب الأزمة الشهر الحالي».

كما تساءل القماطي مستنكراً: «كيف يتم حرمان أغلب الموظفين البسطاء من رواتبهم، التي ربما لا ترتفع عن ألفي دينار، فيما سجلت تقارير المصرف المركزي إنفاق أكثر من ملياري دينار منذ بداية العام الحالي على وزارة الخارجية، التي يذهب أغلبها بوصفه رواتب تصرف بالعملة الأجنبية لموظفي البعثات والسفارات الليبية بالخارج».

أما الناشط السياسي الليبي، بشير الشيخ، فيؤكد من جانبه، أن أزمة تأخر الرواتب عرفها المجتمع الليبي خلال نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، لكنها لم تتكرر كثيراً، مقارنة بالسنوات الأخيرة، وتحديداً مع حدوث الانقسام السياسي والحكومي. وأوضح الشيخ لـ«الشرق الأوسط» أن الكثير من الموظفين يلجأ للاستدانة للتغلب على معضلة تأخر الرواتب، فيما يضطر بعضهم للعمل في وظيفة إضافية بالقطاع الخاص».