تشديد مصري - سوداني على «عدم التهاون» في قضية الأمن المائي

وزيرا الخارجية أكدا تطابق مواقف البلدين

محادثات وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني في القاهرة (الخارجية المصرية)
محادثات وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

تشديد مصري - سوداني على «عدم التهاون» في قضية الأمن المائي

محادثات وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني في القاهرة (الخارجية المصرية)
محادثات وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني في القاهرة (الخارجية المصرية)

شددت مصر والسودان على أن «تحقيق الأمن المائي يمثل مسألة وجودية للبلدين لا يمكن التهاون فيها». وأكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، ونظيره السوداني، علي يوسف أحمد الشريف، الخميس، «تطابق مواقف البلدين بشأن هذه القضية».

التأكيدات المصرية - السودانية تأتي بعد أيام من إعلان إثيوبيا «اكتمال بناء (سد النهضة) بنسبة 100 في المائة»، وقال رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، إن «اكتمال بناء (السد) لن يسبب أي ضرر لمصر والسودان». وأضاف أن «بلاده ستعزز تدفقات مياه النيل إلى مصر والسودان، حال حدوث شُحّ في إمدادات المياه من جراء (السد)».

وأقامت أديس أبابا «سد النهضة» على رافد نهر النيل الرئيسي لإنتاج الكهرباء، وسط اعتراضات من دولتي المصب (مصر والسودان)، وفشلت آخر جولة مفاوضات بين الأطراف الثلاثة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وقبل ساعات أكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن «مصر لن تفرط في حقوقها التاريخية في مياه النيل، وأنها قادرة على حماية هذه الحقوق»، موضحاً: «حاولنا على مدار السنوات الماضية الوصول إلى اتفاق يقنن ويضمن لدول المصب (مصر والسودان) ألا تتأثر بالسلب من مشروع (سد النهضة)، لكن للأسف لم يتجاوب معنا الجانب الإثيوبي، وبالتالي مصر أعلنت في مرحلة ما توقف التفاوض، وتم التقدم إلى مجلس الأمن بذلك، وأعلنَّا بكل وضوح أن مصر ستكون حريصة على حماية حقوقها المائية بكل الوسائل الممكنة».

صورة لـ«سد النهضة» الإثيوبي في وقت سابق (أ.ف.ب)

وتعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات وزارة الري المصرية.

وعلق مدبولي، الأربعاء، على تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي، بأن «مصر لم تتضرر، وسيتم تعويض مصر والسودان إذا حدث أي ضرر في كميات المياه»، قائلاً: «هذا كلام جيد؛ لكن نحتاج بدلاً من أن يكون تصريحاً إلى أن يوضع في صورة اتفاق تلتزم به الدول بعضها مع بعض».

وسبق أن أكد وزير الخارجية المصري، أخيراً، أن «بلاده لديها الحق الكامل في الدفاع عن حقوقها المائية، ولن نقبل بأي ضرر لديها». وأضاف أن بلاده «ليست لديها أي مشكلة مع دول حوض النيل باستثناء إثيوبيا»، موضحاً حينها دعم بلاده «التنمية والمشروعات المائية ما دامت توافقية ولا تتسبب في ضرر لدولتَي المصب (مصر والسودان)».

وأجرى وزير الخارجية المصري ونظيره السوداني محادثات في القاهرة تناولت العلاقات الثنائية. ووفق إفادة للمتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية، تميم خلاف، الخميس، فإن الوزير عبد العاطي قدم التهنئة لنظيره السوداني على تعيينه في منصبه الجديد، وعلى الثقة التي حازها من مجلس السيادة السوداني، مؤكداً «موقف مصر الراسخ من دعم السودان الشقيق في هذا الظرف الدقيق»، ومشدداً على «دعم مؤسساته الوطنية واحترام السيادة السودانية ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية».

آثار الدمار في العاصمة السودانية جراء الحرب (د.ب.أ)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت نحو 13 مليون سوداني إلى الفرار داخلياً وخارجياً، حسب تقديرات المنظمة الدولية للهجرة.

ووفق عبد العاطي فإن «مصر ستظل تقف إلى جوار السودان وشعبه الشقيق خلال الظرف الحرج والمنعطف التاريخي الخطير الذي يمر به»، مشيراً إلى «حرص بلاده على تقديم أوجه الدعم كافة للسودان، سواء على المستوى السياسي أو الإنساني، حيث استضافت القاهرة مؤتمراً للقوى المدنية والسياسية السودانية في يوليو (تموز) الماضي، في إطار الجهود المصرية إلى تحقيق السلام والأمن بالسودان، فضلاً عن الزيارة الناجحة لمجلس السلم والأمن للاتحاد الأفريقي إلى بورتسودان في أكتوبر (تشرين أول) الماضي، في إطار رئاسة مصر للمجلس.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه ممثلي القوى السياسية والمدنية السودانية في القاهرة يوليو الماضي (الرئاسة المصرية)

وتكرر القاهرة دعوتها إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، والتوصل لحل سياسي شامل يحقق ما يصبو إليه الشعب السوداني.

وتستضيف مصر آلاف السودانيين الذين فروا من الحرب الداخلية، وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن «القاهرة استقبلت نحو مليون و200 ألف سوداني»، إلى جانب آلاف من السودانيين الذين يعيشون في مصر منذ سنوات، حسب تصريحات للسفير المصري لدى السودان، هاني صلاح.

ووفق إفادة لـ«الخارجية المصرية» فقد شدد عبد العاطي خلال لقاء يوسف، على «حرص بلاده على توفير كل أوجه الرعاية للإخوة السودانيين، الذين توافدوا على مصر بأعداد كبيرة منذ اندلاع الأزمة في السودان، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية هناك».


مقالات ذات صلة

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

شمال افريقيا السيسي أكد أن المنطقة تمر بظروف صعبة ومصر تعد عامل استقرار مهماً في ظل الأحداث الراهنة (الرئاسة المصرية)

تفاعل مصري مع بكاء السيسي خلال لقائه قادة القوات المسلحة

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع لحظات بكاء وتأثر للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه، الخميس، مع قادة القوات المسلحة المصرية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا تسعى الحكومة لتوفير بيئة عمل مناسبة للأطباء (وزارة الصحة المصرية)

مصر للحد من «فوضى» الاعتداء على الطواقم الطبية

تسعى الحكومة المصرية للحد من «فوضى» الاعتداءات على الطواقم الطبية بالمستشفيات، عبر إقرار قانون «تنظيم المسؤولية الطبية وحماية المريض».

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

الرئيس التونسي يطالب بـ«حلول جذرية» في مستوى انتظارات الشعب

الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
TT

الرئيس التونسي يطالب بـ«حلول جذرية» في مستوى انتظارات الشعب

الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد (أ.ف.ب)

شدّد رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد خلال اللقاء الذي جمعه، أمس الخميس، بقصر قرطاج، برئيس الحكومة، كمال المدوري، على ضرورة مضاعفة الجهود في كل المجالات، واستنباط «حلول جذرية في جميع القطاعات التي تم تدميرها». مؤكداً على أن تكون التشريعات، التي يتم إعدادها، في مستوى تطلّعات الشعب التونسي، وأن يشعر كل مسؤول، مهما كانت درجة مسؤوليته، أنّ تونس تعيش مرحلة تاريخية جديدة، وأن يستحضر في كل وقت معاناة التونسيين، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية.

كما أكد سعيد العمل على اقتراح حلول جذرية، «بعيداً عن الترقيع والرتق»، لأوضاع تحتاج إلى بناء صلب «في مستوى انتظارات الشعب، الذي نهبت ثرواته وتم الاستيلاء على مقدراته، وما زالت بعض الدوائر تسعى إلى عرقلة جهود الدولة لزرع بذور اليأس والإحباط»، حسب نص البلاغ. مشيراً أيضاً إلى أنه «لا مجال للتسامح مع كل مسؤول يُعطّل تقديم الخدمات للمواطنين، ومن يتعمد مثل هذه الممارسات فلا بد أن يتحمل تبعاتها القانونية».

في سياق ذلك، تم التعرض خلال اللقاء إلى وضع حد للحالة التي آلت إليها الأملاك المصادرة، ووضع إطار قانوني جديد، «تعود بموجبه الأملاك للدولة وإلى الشعب التونسي وهي من حقه المشروع، فكثيرة هي العقارات التي تم إهمالها، فتقلصت قيمتها في ترتيب مفضوح للتفويت فيها بأبخس الأثمان، وهو ما يجب التصدي له، ومحاسبة كل من تسبب في هذه الجرائم النكراء»، وفق ما جاء في البلاغ.

والتقى رئيس الجمهورية، أمس الخميس بقصر قرطاج، وزيرة العدل، ليلى جفال، وبحث معها الزمن القضائي الذي يستغرقه البت في العديد من القضايا. وأكد وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية، أنه «لا يُمكن تطهير البلاد إلا بقضاء عادل، فلا يُظلم أحد ولا يفلت من المحاسبة أحد»، مشيراً في هذا السياق، إلى وجود كثير من القضاة الشرفاء، الذين يعون «أهمية وظيفتهم النبيلة في إرساء العدل، ويتساوى أمامهم كلّ المتقاضين، فالعدل أساس العمران وغيابه مؤذن بخرابه».

في سياق آخر، أكّد رئيس الجمهورية إعادة مشروع تنقيح مجلة الشغل، بما يضمن حقّ العمال بإنهاء عقود المناولة، ومع التحسّب في هذا المشروع لكلّ من يستبدل بعمّالٍ آخرين، حتى لا تنطبق عليه الأحكام الجديدة مع ترتيب آثار جزائية على هذه الممارسات.

وشدد الرئيس سعيد في هذا السياق على وضع حدّ لما يسمى العقود المحدودة في الزمن في أسرع الأوقات، «لأن العلاقة الشغلية يجب أن تكون عادلة، ولأن العامل له الحقّ في أجر مجز، وفي حياة مستقرّة مع التحسّب أيضاً في مشروع نصّ القانون للحالات، التي يمكن أن يستغلّها ليغمطوا العمّال حقوقهم».

وخلّص رئيس الجمهورية إلى التأكيد على أن الاستقرار الاجتماعي «لا يمكن أن يتحقّق إلا على أساس العدل».