مقتل 49 شخصاً بقصف جوي على العاصمة السودانية

اندلاع معارك بين الشرطة والجيش في غرب البلاد

أشخاص يسيرون بشارع يحمل آثار الدمار في أم درمان يوم 27 أغسطس 2024 (د.ب.أ)
أشخاص يسيرون بشارع يحمل آثار الدمار في أم درمان يوم 27 أغسطس 2024 (د.ب.أ)
TT

مقتل 49 شخصاً بقصف جوي على العاصمة السودانية

أشخاص يسيرون بشارع يحمل آثار الدمار في أم درمان يوم 27 أغسطس 2024 (د.ب.أ)
أشخاص يسيرون بشارع يحمل آثار الدمار في أم درمان يوم 27 أغسطس 2024 (د.ب.أ)

قتل 49 شخصاً وأصيب آخرون، ودُمر أكثر من 160 مسكناً، جراء قصف جوي نفذه طيران الجيش السوداني على منطقة العامرية غرب مدينة أم درمان، وهي منطقة تقع تحت سيطرة «قوات الدعم السريع». وفي الوقت ذاته شهدت مدينة النهود بولاية غرب كردفان اشتباكات عنيفة بين قوات الشرطة من جهة؛ وقوات الاحتياط التابعة للجيش و«المستنفرين» المؤيدين للجيش من الجهة الأخرى، أدت إلى مقتل 3 أشخاص؛ هم: اثنان من قادة قوات الاحتياط التابعة للجيش، وضابط من الشرطة.

وقالت «لجان المقاومة الشعبية» إن الطيران الحربي التابع للجيش السوداني ألقى 11 برميلاً متفجراً على ضاحية العامرية مساء الأحد، ما أدى إلى مقتل 49 شخصاً معظمهم من النساء والشيوخ والأطفال، وأصيب المئات بجراح، وإن القصف الجوي دمر نحو 160 منزلاً، وإن عشرات الضحايا ما زالوا تحت الأنقاض.

ولم يعلق الجيش على تلك الأحداث كالعادة، بينما تداولتها منصات موالية لـ«قوات الدعم السريع» بكثافة، خصوصاً أن المنطقة التي قصفها الطيران تقع تحت سيطرة هذه القوات، فيما قالت منصات موالين للجيش إن ما حدث كان استهدافاً لـ«قوات الدعم السريع».

دبابة مُدمَّرة نتيجة الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في أم درمان (رويترز)

إدانة الغارة الجوية

وأدانت «غرفة طوارئ أحياء العامرية ودار السلام» في غرب مدينة أم درمان الغارة، وعدّتها «جريمة حرب؛ إذ إن تنفيذ طيران الجيش هذه المجازر يعيد إلى الأذهان قصص وروايات القتل والإبادة الجماعية في جنوب السودان ودارفور وجبال النوبة، وجرائم الحرب الحالية في الكومة ومليط والجزيرة وسنار».

ودعت «غرفة الطوارئ» الجهات الإنسانية والصحية إلى التحرك للمنطقة، وتقديم الدعم الطبي العاجل للجرحى والمصابين من المدنيين، وإنقاذ العالقين وسط نيران الحرب في أم درمان. ودعت المجتمع الدولي إلى القيام بدوره، و«فرض حظر طيران شامل لحماية المدنيين، والضغط على الأطراف لوقف الحرب».

وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لمشاهد صادمة لجثث النساء والأطفال المتفحمة، فيما عدّت «مبادرة دارفور للعدالة»، وهي منظمة طوعية، ما حدث في العامرية تعميقاً للأزمة والمأساة الإنسانية، وقالت إن «طيران الجيش استهدف المدنيين بضراوة، وألحق دماراً كبيراً بالأعيان المدنية والصحية، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».

وعقب مطالبة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، خلال زيارته بريطانيا لبحث موضوع حظر الطيران وتحديد مناطق آمنة للمدنيين، أكدت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة، باربرا وودوورد، أن بريطانيا ستقدم مسودة قرار تهدف إلى ضمان امتثال الأطراف المتحاربة لالتزاماتها السابقة بحماية المدنيين، ودعم جهود الوساطة لوقف إطلاق النار تدريجياً.

نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال ولاية كردفان (أ.ف.ب)

غرب كردفان

وفي مدينة النهود بولاية غرب كردفان، دارت اشتباكات عنيفة بين قوات تابعة للشرطة، وقوات تابعة للجيش، أدت إلى مقتل 3؛ هم: ضابط شرطة، واثنان من قادة قوات الاحتياطي «المستنفرين» للقتال مع الجيش ضد «قوات الدعم السريع».

وتسيطر «قوات الدعم السريع» على معظم مناطق ولاية غرب كردفان، باستثناء مدينتي بابنوسة، والنهود التي تحاصرها «قوات الدعم السريع» من جميع الجهات. وقالت مصادر إن سبب المعركة هو اختلاف على سيارة من نوع «لاند كروزر» تتبع شرطة الجمارك، وقد استولى عليها «المستنفرون» بناء على قرار لجنة الأمن تسخير عربات المؤسسات الحكومية في العمليات الحربية.

ووفقاً لمصادر، فإن شرطة الجمارك طالبت باسترداد السيارة، لكن «المستنفرين» رفضوا إعادتها، ونتيجة لذلك، هاجمت قوة مسلحة من شرطة الجمارك اجتماعاً أمنياً، وأطلقت عليه النار من رشاشات متوسطة. وأوضحت المصادر أن بقية أفراد الشرطة تدخلوا لمصلحة زملائهم في شرطة الجمارك، وأن الأوضاع تحولت إلى قتال بين الطرفين.

وقال شهود عيان إن «الأوضاع لا تزال مضطربة في المدينة، فيما فرضت الشرطة حظر التجوال فيها»، وإن «عدداً من المواطنين الذين أصابهم الرعب الناتج عن تبادل إطلاق النار نزحوا من المدينة إلى المناطق القريبة؛ بما في ذلك مدينة غبيش التي تسيطر عليها (قوات الدعم السريع)».


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
الولايات المتحدة​ مسعفون من جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» ومتطوعون في الفريق الوطني للاستجابة للكوارث (أ.ب)

الأمم المتحدة: عمال الإغاثة الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن عدد عمال الإغاثة والرعاية الصحية الذين قُتلوا في 2024 أعلى من أي عام آخر، بحسب «أسوشييتد برس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

تشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

مصر تدعو إلى «حلول سلمية» للنزاعات في القارة السمراء

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
TT

مصر تدعو إلى «حلول سلمية» للنزاعات في القارة السمراء

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

دعت مصر إلى ضرورة التوصل لحلول سلمية ومستدامة بشأن الأزمات والنزاعات القائمة في قارة أفريقيا، وأكدت تعاونها مع الاتحاد الأفريقي بشأن إعادة الإعمار والتنمية.

جاء ذلك خلال كلمة لوزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، السبت، بمناسبة فعاليات النسخة الرابعة لـ«أسبوع التوعية بملف إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات»، الذي ينعقد في أديس أبابا. وقال عبد العاطي إن النسخة الرابعة من «أسبوع إعادة الإعمار» تأتي في وقت «تتزايد فيه التحديات الأمنية والتنموية التي تواجه القارة الأفريقية».

وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال فعاليات النسخة الثانية عشرة من «المنتدى الحضري العالمي» الذي استضافته القاهرة مطلع الشهر الحالي، «ضرورة حشد الجهود الدولية لوقف النزاعات والصراعات والحروب في المنطقة، والتركيز على إعادة الإعمار والبناء والتنمية»، مشيراً إلى «حرص بلاده على تقديم الدعم لدول المنطقة التي تواجه صراعات وحروباً».

ووفق «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، فقد أكد عبد العاطي في كلمته أن رؤية بلاده ارتكزت على التعامل مع التحديات بشكل عاجل وشامل، يراعي الأسباب الجذرية للنزاعات، ويُسهم في تعزيز قدرات ودور المؤسسات الوطنية والإقليمية والقارية على الصمود لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية المعقدة، سعياً نحو التوصل إلى حلول سلمية ومستدامة للأزمات والنزاعات القائمة، وبما يحول دون اندلاعها مجدداً.

كما تحدّث عبد العاطي عن التزام بلاده الثابت، تحت قيادة الرئيس السيسي، بـ«العمل بشكل وثيق مع مفوضية الاتحاد الأفريقي، وكل الأطراف أصحاب المصلحة، لتنفيذ ركائز سياسة الاتحاد الجديدة لإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات».

ووفق الوزير عبد العاطي، فإن مصر تحرص خلال استضافتها لـ«منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة» على تناول تلك الرؤية بشكل مستفيض، وإبراز أهمية الملكية الوطنية والتضامن الأفريقي في تحقيق السلم والأمن المستدامين، فضلاً عن تسليط الضوء على العلاقة الترابطية بين السلم والأمن والتنمية.

وقال بهذا الخصوص: «إن مصر انخرطت بفاعلية في مسار اعتماد سياسة الاتحاد الأفريقي المنقحة لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات في فبراير (شباط) الماضي، تجسيداً لرؤيتها الوطنية؛ إذ تُثمن مصر التعاون والتنسيق المستمرين مع مفوضية الاتحاد الأفريقي للترويج لسياسة الاتحاد لإعادة الإعمار، بما يسهم في رفع مستوى الوعي، وتعزيز انخراط دول القارة والشركاء والمجتمع المدني في تنفيذ أهداف إعادة الإعمار».

وزير النقل المصري خلال تفقده عدداً من المشروعات التي تنفذها شركات مصرية في العراق سبتمر الماضي (النقل المصرية)

وتُشارك مصر في مشروعات إعادة الإعمار بالعراق، وفي هذا السياق، زار نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل المصري، كامل الوزير، بغداد في سبتمبر (أيلول) الماضي، على رأس وفد رسمي، ضم رؤساء 13 شركة متخصصة في مشروعات البنية التحتية والطرق والكباري والسكك الحديدية والموانئ والإسكان، لبحث «المشاركة في تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار بالعراق»، وفق إفادة لوزارة النقل المصرية.

ودعا بدر عبد العاطي، السبت، شركاء القارة الأفريقية إلى الانخراط بفاعلية، خلال أعمال النسخة الرابعة من «أسبوع إعادة الإعمار»، والوفاء بتعهداتهم والتزاماتهم تجاه جهود إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات في أفريقيا، ومواءمة جهودهم في هذا الملف الحيوي مع الجهود الوطنية والإقليمية والقارية الجارية بغية تحقيق آمال وتطلعات أبناء القارة الأفريقية نحو مستقبل عنوانه «السلم والأمن المستدامان».

وكان وزير الخارجية والهجرة المصري قد ذكر في وقت سابق أنه «من بين أولويات السياسة المصرية في أفريقيا، دفع إقامة مشروعات البنية التحتية والتنمية بدول القارة»، لافتاً إلى تنفيذ بلاده «مشروعات ضخمة في عدد من الدول الأفريقية، مثل السد التنزاني، ومشروع توسيع وتجهيز الرصيف الرئيس لميناء جزر القمر».