الأحزاب السياسية الليبية... اتجاه متزايد لـ«الاندماج» لمواجهة «الهشاشة»

سياسيون يرون أنها ما زالت تفتقد قاعدة شعبية

نائبة المبعوث الأممي ستيفاني خوري في لقاء مع منسقي عدد من الأحزاب والكتل السياسية الليبية (البعثة الأممية)
نائبة المبعوث الأممي ستيفاني خوري في لقاء مع منسقي عدد من الأحزاب والكتل السياسية الليبية (البعثة الأممية)
TT

الأحزاب السياسية الليبية... اتجاه متزايد لـ«الاندماج» لمواجهة «الهشاشة»

نائبة المبعوث الأممي ستيفاني خوري في لقاء مع منسقي عدد من الأحزاب والكتل السياسية الليبية (البعثة الأممية)
نائبة المبعوث الأممي ستيفاني خوري في لقاء مع منسقي عدد من الأحزاب والكتل السياسية الليبية (البعثة الأممية)

وسط تزايد أعداد الأحزاب السياسية في ليبيا خلال العقد الماضي، تباينت آراء سياسيين ورجال أحزاب بشأن دوافع الاتجاه الكبير لهذه الكيانات لـ«الاندماج في تحالفات». وفيما يرى عدد من المتابعين للحياة الحزبية في ليبيا ضرورة ائتلاف هذه الأحزاب فيما بينها لتتمكن من التواصل مع الأطراف السياسية، يعتقد معسكر آخر أن سبب هذا الاتجاه مرده لـ«هشاشة» القاعدة الشعبية للأحزاب.

وعلاوة على ستة تكتلات حزبية خرجت إلى النور منذ 2022، انخرط 14 حزباً سياسياً في تحالف جديد تحت اسم «الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية» خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ورغم أنه لا تتوفر تقديرات موثقة لإجمالي عدد الأحزاب المعتمدة رسمياً من قِبل لجنة حكومية تابعة لحكومة «الوحدة» في غرب البلاد، فإن تقديرات غير رسمية تذهب إلى أنها تقارب 95 حزباً، اندمج الكثير منها ضمن تحالفات.

الدبيبة في لقاء سابق مع عدد من رؤساء الأحزاب بطرابلس (حكومة الوحدة)

ويشير رئيس أحد هذه الائتلافات، وهو رئيس «الحراك الوطني للأحزاب الليبية»، عمار الديب، إلى ضرورة تشكيلها قائلاً إن هدفها «الدفاع عن حق الأحزاب في المشاركة في العملية السياسية، والعمل على حلحلة الانسداد السياسي في بلد يعاني انقساماً منذ عام 2011».

في المقابل، لا يراهن عضو مجلس النواب الليبي، عبد السلام نصية، على ثراء وتطور التجربة الحزبية الناشئة في ليبيا عبر هذه الائتلافات، بل عدّها «انعكاساً لهشاشة الأحزاب المكونة لها، وضعف برامجها وضيق قاعدتها الشعبية»، حسب تعبيره.

وإلى جانب «الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية»، يوجد في ليبيا 6 تحالفات، هي: الحراك الوطني للأحزاب الليبية، ورابطة الأحزاب الليبية، والتجمع الوطني للأحزاب الليبية، وتنسيقية الأحزاب السياسية الليبية، وتجمع الأحزاب الليبية، وشبكة الأحزاب الليبية.

ويشرح نصية وجهة نظره بشأن تلك التحالفات، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قائلاً إن «التكتل الحزبي يكون ضمن ائتلاف حكومي أو تأييداً لقضية معينة لزمن محدد».

واستبعد عضو مجلس النواب الليبي محاكاة تلك التحالفات لتجربة حزب «تحالف القوى الوطنية»، برئاسة السياسي الليبي الراحل محمود جبريل، موضحاً أن الأخير «ضم أحزاباً ذابت في التحالف بقيادة واحدة ومشروع واحد، في حين أن أحزاب هذه التكتلات تحتفظ بشخصيتها وبرامجها ورؤسائها».

وتحالف «القوى الوطنية» هو ائتلاف ليبرالي التوجه، تشكّل بعد ثورة 17 فبراير (شباط) 2011، وخطف الأضواء بعد فوزه في انتخابات (المؤتمر الوطني العام) 2012 أمام منافسيه الإسلاميين.

لكن الديب، رئيس «الحراك الوطني للأحزاب الليبية»، وهو أيضاً رئيس حزب «التجمع الوطني»، يرى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ضرورة وجود «التكتلات السياسية الليبية»، وأرجع ذلك إلى ظروف الانقسام السياسي والأمني التي تعانيها البلاد؛ «إذ تجعل مكوناتها الحزبية أعلى صوتاً في التعامل مع الأجسام السياسية القائمة، بدلاً من التفاوض بشكل فردي ودون تنسيق».

وعلاوة على تواصل التكتلات مع المجلس الرئاسي ومجلسي النواب والدولة، فإن نائب رئيس حزب «الشعب الحر»، الدكتور محمد مخلوف، يشير أيضاً إلى تواصل التكتلات مع المنظمات الدولية مثل البعثة الأممية، منوهاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «مشاركة التكتلات القائمة بآراء استشارية مهمة مع البعثة الأممية».

من لقاء سابق لستيفاني خوري مع عدد من قادة ومنسقي بعض الأحزاب والكتل السياسية (البعثة)

وفي مايو (أيار) الماضي، بحثت المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة، ستيفاني خوري، مع قادة ومنسقي عدد من الأحزاب والكتل السياسية الليبية سبل الدفع بالعملية السياسية قدماً.

بالنسبة لزميل أول بمعهد الدراسات الدولية في جامعة جونز هوبكنز، الليبي حافظ الغويل، فإن التواصل بين التكتلات الحزبية لا يقتصر على البعثة الأممية فحسب، بل «يشمل حكومات غربية وفاعلين سياسيين في أميركا وأوروبا».

وكشف الغويل عن أنه يسّر لقاء بين تكتل أحزاب سياسية للتواصل مع أطراف أميركية، وقال إنه رغم أن تلك الأحزاب «تمتلك مشروعاً سياسياً مقنعاً للغرب»، فإن «غياب قاعدتها الشعبية يجعل من الصعوبة بمكان التعامل معها بجدية»، وفق الغويل.

رئيس مجلس الدولة خالد المشري في لقاء سابق مع وفد من تكتلات وأحزاب ليبية (المجلس الأعلى للدولة)

وإذ انتقد الباحث الليبي «غياب الحاضنة الشعبية لهذه الأحزاب ومواقفها، وبياناتها الدبلوماسية من أحداث تستوجب مواقف واضحة تخاطب رجل الشارع»، فإنه أرجع ذلك إلى غياب «حرية الرأي في المنطقتين الشرقية والغربية بنسبة متفاوتة».

ورغم أهمية دور الأحزاب والتكتلات الحزبية في المشهد الليبي، فإن الناشط والمحلل السياسي إبراهيم بلقاسم، يرى أن «التجربة الحزبية الليبية معقدة بفعل عوامل تاريخية وبنيوية»، مشيراً في الوقت نفسه إلى «تذبذب عمل لجنة شؤون الأحزاب، التي لم تنتظم في اعتماد الأحزاب منذ أعوام».

ودعا بلقاسم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى ضرورة «تطوير البنية التشريعية والقانونية الحاكمة لعمل الأحزاب السياسية ذات التجربة الوليدة في عام 2011».

ولم تعرف ليبيا التجربة الحزبية، سواء في عهد الملك محمد إدريس السنوسي، أو في فترة حكم الرئيس معمر القذافي، التي دامت أكثر من 42 عاماً.


مقالات ذات صلة

هل تُكمل «قافلة الصمود» مسيرتها إلى مصر؟

شمال افريقيا تونسيون يحملون لافتات مؤيدة للفلسطينيين يرحبون بـ«قافلة الصمود» في وقت سابق (أ.ف.ب)

هل تُكمل «قافلة الصمود» مسيرتها إلى مصر؟

قال الناطق الرسمي باسم «قافلة الصمود» إن «القائمين عليها والمشاركين فيها عازمون على مواصلة مسيرتهم حتى بلوغ معبر رفح بعد إتمام الإجراءات القانونية المطلوبة».

هشام المياني (القاهرة )
شمال افريقيا ليبيون يرحبون بالمشاركين في «قافلة الصمود» أثناء مرورها بشوارع طرابلس (أ.ف.ب)

«شرق ليبيا» يرحّب بـ«قافلة الصمود» ويشدد على احترام «الضوابط المصرية»

في حين كانت تعبر «قافلة الصمود» مدينة مصراتة في غرب ليبيا، أبدت سلطات شرق ليبيا ممثلة في وزارة الخارجية بحكومة أسامة حمّاد، ترحيبها بالمبادرة المغربية.

«الشرق الأوسط» (طرابلس)
شمال افريقيا بعض المتهمين بتهريب الوقود والسلاح لـ«الحركات المسلحة» عبر الحدود مع ليبيا (كتيبة سبل السلام)

«الوطني الليبي» يعتقل مُهربين على الحدود مع السودان ومصر

قالت كتيبة تابعة لـ«الجيش الوطني» الليبي إنها «ضبطت شبكة مهربين على الحدود الليبية السودانية المصرية، وهم يهربون كميات كبيرة من الوقود والأسلحة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المجلس الرئاسي مستقبلاً تيتيه ونائبتها خوري (المجلس الرئاسي الليبي)

«الرئاسي» الليبي يسارع لتثبيت «الهدنة» في العاصمة رغم التوترات

تسعى قوات شبه رسمية في طرابلس الليبية إلى تفعيل أمر من المنفي بحظر المظاهر المسلحة كافة في طرابلس، ومنع تحرك الآليات العسكرية داخلها تحت أي ذريعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا «الدعم السريع» تعلن سيطرتها على مناطق قرب الحدود مع ليبيا ومصر

«الدعم السريع» تعلن سيطرتها على مناطق قرب الحدود مع ليبيا ومصر

أعلنت «قوات الدعم السريع» إكمال سيطرتها على مناطق سودانية في المثلث الحدودي مع ليبيا ومصر، بينما قال الجيش السوداني إنه أخلى قواته من المنطقة كترتيب دفاعي

أحمد يونس (كمبالا) وجدان طلحة (بورتسودان)

هل تُكمل «قافلة الصمود» مسيرتها إلى مصر؟

تونسيون يحملون لافتات مؤيدة للفلسطينيين يرحبون بـ«قافلة الصمود» في وقت سابق (أ.ف.ب)
تونسيون يحملون لافتات مؤيدة للفلسطينيين يرحبون بـ«قافلة الصمود» في وقت سابق (أ.ف.ب)
TT

هل تُكمل «قافلة الصمود» مسيرتها إلى مصر؟

تونسيون يحملون لافتات مؤيدة للفلسطينيين يرحبون بـ«قافلة الصمود» في وقت سابق (أ.ف.ب)
تونسيون يحملون لافتات مؤيدة للفلسطينيين يرحبون بـ«قافلة الصمود» في وقت سابق (أ.ف.ب)

في حين أكّدت مصر أن «زيارة الحدود المحاذية لقطاع غزة تتطلب الحصول على تأشيرات دخول للأراضي المصرية وموافقة مسبقة»، قال الناطق الرسمي باسم «قافلة الصمود» المغاربية لـ«الشرق الأوسط» إن «القائمين عليها والمشاركين فيها عازمون على مواصلة مسيرتهم حتى بلوغ معبر رفح بعد إتمام الإجراءات القانونية المطلوبة».

وذكر مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر بالبيان الذي أصدرته وزارة الخارجية لجأت إلى حلّ وسط، أنها لا تمانع دخول القافلة أو أي قوافل؛ لكن هناك اشتراطات يجب اتباعها، وهي الحصول على التأشيرات والموافقات، ومن ثم لن يدخل أحد دون تحقيق تلك الشروط».

وأوضح المصدر أن «السلطات في مصر لن تسمح بأي حال بدخول هذا العدد الكبير الذي وصل إلى آلاف المشاركين، بحسب التقارير الإعلامية، لكن قد تسمح بدخول مجموعة قليلة جدّاً منتقاة، وبعد تحقيق الاشتراطات من أجل السماح لهم بتوصيل الرسالة التي لا تختلف مع الرسالة المصرية، وهي رفض حصار وتجويع الفلسطينيين».

وجاء في بيان صدر، مساء الأربعاء، عن «الخارجية المصرية» أن «مصر ترحب بالمواقف الدولية والإقليمية، الرسمية والشعبية، الداعمة للحقوق الفلسطينية، والرافضة للحصار والتجويع والانتهاكات الإسرائيلية السافرة والممنهجة بحقّ الشعب الفلسطيني بقطاع غزة». وتؤكد في هذا الصدد «استمرارها في العمل على المستويات كافة لإنهاء العدوان على القطاع، والكارثة الإنسانية التي لحقت بأكثر من مليونين من الأشقاء الفلسطينيين».

ليبيون يلوحون بالأعلام وهم يرحبون بالنشطاء المتجهين برّاً إلى غزة بهدف كسر الحصار عن الأراضي الفلسطينية (أ.ف.ب)

وأضاف بيان «الخارجية» أنه «في ظل الطلبات والاستفسارات المتعلقة بزيارة وفود أجنبية للمنطقة الحدودية المحاذية لغزة (مدينة العريش ومعبر رفح) خلال الفترة الأخيرة، وذلك للتعبير عن دعم الحقوق الفلسطينية، تؤكد مصر على ضرورة الحصول على موافقات وتأشيرات دخول مسبقة لإتمام تلك الزيارات، وأن السبيل الوحيد لمواصلة السلطات المصرية النظر في تلك الطلبات، هو من خلال اتباع الضوابط التنظيمية والآلية المتبعة منذ بدء الحرب على غزة».

وقال الناطق الرسمي باسم «قافلة الصمود» المغاربية، نبيل الشنوفي، إن «البيان المصري لم يخص (قافلة الصمود)، بينما تحدث بشكل عام، ونحن نتفق مع ما جاء به وقد سعينا لتحقيق الاشتراطات التي تضمنها».

وأوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنهم «أرسلوا للخارجية المصرية، والتقوا السفير المصري في تونس قبل انطلاق القافلة وسلّموه قائمة بأسماء وأرقام جوازات سفر المشاركين وخلفياتهم، من أجل إصدار الموافقات اللازمة لدخولهم مصر، لأننا لا نهدف أبداً إلى خرق القوانين أو اقتحام الحدود، بل نلتزم بالقانون، وجميعنا مثقفون وأطباء ومحامون وأساتذة جامعات، وليس بيننا أي خارج على القانون».

تونسيون خلال الاستعداد لانطلاق القافلة من وسط العاصمة (أ.ف.ب)

وقال الشنوفي إنهم «يأملون من السلطات في مصر أن تتفهم هدفهم، وهو توصيل رسالة شعبية برفض الحصار والتجويع لأهل غزة، وتسمح لهم بالوصول إلى معبر رفح من أجل ذلك، وإنهم تحت أمر القاهرة في أي مطالب قانونية لتحقيق ذلك»، منوهاً إلى أن «القافلة بلغت مدينة مصراتة الليبية، ولم يحدث من المشاركين فيها أي خروج على القانون طوال الطريق من تونس».

والثلاثاء، أعلنت «قافلة الصمود المغاربية لكسر الحصار على غزة» انتهاء المرحلة الأولى من رحلتها بعد 24 ساعة من انطلاقها والنجاح في اجتياز كامل التراب التونسي.

وبدأت القافلة مرحلتها الثانية بعد دخول الأراضي الليبية منذ يومين، وتضمنت نحو 165 سيارة وحافلة تضم قرابة 2000 شخص شاركوا في الحملة حتى الآن من الجنسيتين التونسية والجزائرية، في مسعى للوصول إلى الحدود الليبية - المصرية، ومنها إلى معبر رفح، الأحد المقبل، بحسب المنظمين.