زارت وزيرة الدفاع الإسبانية، مارغريتا روبليس، العاصمة الموريتانية نواكشوط، خلال اليومين الماضيين، وأجرت مباحثات مع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ووزير الدفاع حنن ولد سيدي، ركزت على الوضع الأمني في منطقة الساحل، فيما عبرت الوزيرة الإسبانية عن قلقها من الوضع الأمني الصعب في منطقة الساحل.
وبحسب ما نشر الجيش الموريتاني عبر موقعه الإلكتروني، فقد أوضح وزير الدفاع الموريتاني خلال مباحثات مع نظيرته الإسبانية، أن زيارتها لنواكشوط «تأتي في إطار المشاورات الدورية ولقاءات التبادل بين البلدين».
وضع متدهور
قال وزير الدفاع الموريتاني إن «الوضع الأمني في منطقة الساحل مستمر في التدهور، وانعدام الأمن والاستقرار الاجتماعي والسياسي والتأزم الاقتصادي، مما يعرض الأمن والسلام للخطر على المستوى العالمي والإقليمي والقاري».
كما تحدث الوزير عن «تدفق اللاجئين على الأراضي الموريتانية»، وقال إنه «وصل إلى عتبة حرجة»، مشيراً إلى أن تدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة «يؤدي إلى زيادة تدفق المهاجرين غير الشرعيين، الذين يعبرون البلاد نحو إسبانيا».
وخلص الوزير الموريتاني إلى التأكيد على أن بلاده «حريصة على تعزيز برامج تعاونها مع إسبانيا، وهو ما يتطلب تعزيز جهود بلادنا لضبط وتأمين حدودها البحرية والنهرية»، فيما سبق أن دقت الحكومة الموريتانية ناقوس خطر تزايد أعداد المهاجرين الوافدين عليها، حيث وصل عددهم إلى قرابة نصف مليون مهاجر، وهو ما يمثل نسبة 10 في المائة من سكان البلاد.
قلق إسباني
ونشرت وزارة الدفاع الإسبانية عبر موقعها الإلكتروني برقية أكدت فيها أنها متمسكة بدعم موريتانيا في «جهود ضبط وتأمين الحدود»، وقالت إن الوزيرة الإسبانية «اجتمعت مع رئيس البلاد ونظيرها في لقاءين منفصلين، حيث أكدت الالتزامات في مجال الدفاع، التي تضمنها البيان المشترك الموقع في أغسطس (آب) الماضي، من قبل الرئيسين الإسباني والموريتاني».
وأضافت الوزارة أن روبليس «استعرضت إجراءات التعاون الثنائي في مجال الأمن والدفاع، وزارت كلية الدفاع لمجموعة دول الساحل الخمس في نواكشوط». مشيرة إلى أن «الوضعية الجيوسياسية الدولية، وخطورة التهديدات العابرة للحدود في بعض مناطق العالم، تطرحان تحديات تتطلب مسؤولية جماعية وتعاوناً بين الدول لتحقيق السلام، والعمل من أجل الأمن».
وبحسب المصدر نفسه، فإن الوزيرة روبليس وصفت موريتانيا بأنها «فاعل أساسي للتقدم نحو السلام، والدفاع عن القيم الديمقراطية في منطقة الساحل، حيث الوضع مقلق».
تعاون إسباني - موريتاني
أكدت وزيرة الدفاع الإسبانية خلال مباحثاتها مع المسؤولين الموريتانيين أن الوضع الإقليمي والدولي هو ما يدفع بلادها «للحفاظ على علاقات ثنائية ممتازة وتعاون عسكري قوي مع موريتانيا». وقالت في ختام مباحثاتها مع وزير الدفاع الموريتاني: «تؤكد إسبانيا وموريتانيا التزامهما بنظام دولي أكثر عدالة وحماية حقوق الإنسان، وكذلك تعزيز العلاقات بين البلدين لتحسين القدرات العسكرية والتدريب المتخصص».
وأوضحت وزارة الدفاع الإسبانية في برقيتها أن روبليس «سلطت الضوء على التعاون مع مركز الدراسات العليا للدفاع الوطني في موريتانيا، ومع كلية الدفاع لمجموعة دول الساحل الخمس في نواكشوط». كما تطرقت الوزيرة مع الموريتانيين إلى «الأنشطة الأمنية التعاونية التي تركز على تدريب الوحدات، وضمان الأمن في المنشآت العسكرية، دون إغفال نشر القوات المسلحة الإسبانية في خليج غينيا منذ عام 2010 للقيام بمهام المراقبة والاستقرار».
الصحافي الموريتاني، المقيم في إسبانيا ورئيس المرصد الأطلسي الساحلي محمد الأمين ولد خطاري، قال إن زيارة وزيرة الدفاع الإسبانية لنواكشوط «تأتي ضمن سياق ديناميكية خريطة طريق التعاون والتنسيق، التي أسس لها رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني مع نظيره رئيس حكومة إسبانيا بيدرو سانشيز».
وكان البلدان قد وقعا اتفاقية تعاون وشراكة قبل سنوات، وجددت هذه الاتفاقية في شهر أغسطس (آب) الماضي خلال زيارة سانشيز إلى نواكشوط، وهو ما قال ولد خطاري إنه «أسفر عن وضع إطار استراتيجي للعلاقة الثنائية بين موريتانيا والمملكة الإسبانية على مختلف الصعد التنموية، والأمنية والاقتصادية والسياسية».
وأوضح ولد خطاري أن «إسبانيا دفعت بموريتانيا في قمة حلف (الناتو)، التي احتضنتها مدريد، لتكون شريكاً استراتيجياً وفعالاً، فيما اصطلح عليه الحلف بتعبير (الظهير الجنوبي)»، مؤكداً أن زيارة وزيرة الدفاع «تأتي في سياق هذه الرؤية الاستراتيجية الإسبانية المؤسسة على أهمية التنسيق والتعاون الدائم بين نواكشوط ومدريد في مختلف قضايا الساحل وأوروبا والمحيط المغاربي».
كما أشار الصحافي الموريتاني إلى أن هذه الزيارة «تأتي بعد أيام من زيارة مدير قيادة القوات الفرنسية في أفريقيا، الجنرال باسكال ياني، وزيارة رئيس أركان الجيش الجزائري الجنرال سعيد شنقريحة»، وهو ما علق عليه صحافي إسباني بالقول إنه يشير إلى «نجاح مقاربة موريتانيا، القائمة على الحوار مع كل الأطراف، وخفض التصعيد في منطقة الساحل، وفي المحيط المغاربي».